الفصل الثالث: ظلال البوابة السوداء
كانت أصداء الخطوات تتردد في الفراغ بينما شق هيونغ طريقه عبر الممرات المظلمة للبوابة السوداء. الهواء كان مشبعًا برائحة الدماء والاحتراق، والجدران السوداء بدت وكأنها تنبض بالحياة، وسطحها كان يتحرك كما لو كانت كائنًا يتنفس ببطء. من بعيد، تصاعدت أصوات وحوش مجهولة، زمجرة قاتمة، وصرخات ألم اختلطت مع صدى الرياح الباردة.
رفع يده اليمنى، محاطًا بهالة سوداء كثيفة تتراقص حول أصابعه كألسنة اللهب المظلمة، وبدأ في استدعاء الأرواح كما فعل في المرات السابقة. لكن هذه المرة، كان الأمر مختلفًا. الدوامات الطيفية التي ظهرت كانت غير مستقرة، تهتز بشكل غريب، وكأنها ترفض الخروج إلى هذا العالم.
"ما الذي يجري؟" تمتم لنفسه وهو يشدد قبضته على الخنجر في يده اليسرى. كانت النصل البارد يمنحه شعورًا بالسيطرة وسط هذه الفوضى غير المفهومة.
فجأة، شقّت صرخة غامضة سكون المكان، اهتزت الجدران، وانبثقت من الأرض شقوق واسعة، يتصاعد منها ضوء قرمزي كثيف. ظهر أمامه ظل كثيف، مختلف عن أي روح استدعاها من قبل. لم يكن مجرد طيف عادي، بل كان كيانًا ذو عيون حمراء متوهجة، وطاقته كانت تضغط على صدر هيونغ وكأنها تريد سحقه. مع كل نفس يأخذه، شعر بثقل رهيب وكأن الجاذبية تضاعفت في هذا المكان.
ظهرت نافذة نظام مفاجئة أمامه:
[تحذير! لقد استدعيت كيانًا من الدرجة المجهولة. هل ترغب في إتمام الاستدعاء؟]
حملق هيونغ في النافذة، يشعر بتردد لم يعهده من قبل. لكنه لم يصل إلى هذا المستوى ليخشى المجهول. ابتسامة مظلمة شقت وجهه، وكأنه يستمتع بهذا الخطر الداهم. بنبرة باردة وشيطانية قال: "نعم."
ارتج المكان بالكامل، وكأن البوابة السوداء نفسها ترفض وجود هذا الكيان. الرياح العاتية هبت داخل الممر، وأصبح الهواء مشحونًا بطاقة خبيثة، مليئًا برائحة الحديد المحترق. فجأة، خرج الكيان من الدوامة الطيفية بالكامل، يتجسد أمامه في هيئة فارس غامض، مغطى بدرع مكسور، وسيف ملوث بهالات سوداء. عيناه الحمراوان تألقتا بشراسة، وكأنهما تتفحصان هيونغ بحثًا عن نقطة ضعف.
فتح الفارس فمه وتردد صوته العميق في المكان:
"لقد أيقظتني... هل ستتحمل العواقب؟"
ضحك هيونغ بصوت منخفض، لكنه كان يحمل في طياته شرًا خالصًا، كأنما استمد طاقته من الجحيم ذاته. رفع رأسه متحديًا، وعيناه المتوهجتان انعكستا على النصل الملوث بدماء أرواح لا تحصى:
"فلنجرب ذلك ونرى... فأنا لم أولد لأخضع، بل لأحكم."
المعركة الكبرى
زمجر الوحش الضخم بصوت هز البوابة بأكملها، ثم اندفع بسرعة مرعبة نحو هيونغ، مخالبه العملاقة تمتد لتمزيقه. لم يكن لدى هيونغ وقت للتفكير، فتحرك بغريزة قاتلة، متجنبًا الضربة بأعجوبة. لكن المخالب مزقت الأرض تحته، تاركة حفرة عميقة سالت منها طاقة سوداء كثيفة.
لم يكن أمامه خيار سوى استدعاء أقوى أرواحه. رفع يده عالياً، وبدأت الأرض تهتز تحت تأثير استدعائه الأعظم. تشققت الصخور من حوله، وانبثقت هالة سوداء كثيفة غطت المكان. من وسط الظلام، خرج كيان عملاق - فارس حجري ضخم، جسده مغطى بطبقات صخرية مشققة، وعيناه تحترقان بضوء قرمزي قاتم.
ضرب الفارس العملاق الأرض بسيفه الحجري الضخم، مما تسبب في موجة صادمة هزت المكان بأكمله. الوحش الضخم أدرك التهديد الحقيقي أخيرًا، فزمجر بصوت مدوٍّ قبل أن يندفع نحو الفارس العملاق.
التقى العملاقان في صدام كارثي، حيث اصطدمت مخالب الوحش بسيف الفارس الحجري، مُحدثة شرارات قاتمة وتناثر الصخور من حولهما. بلكمة ساحقة، ضرب الفارس الحجري صدر الوحش، مما تسبب في تحطيم جزء من جلده الأسود السميك، وانطلقت منه دماء سوداء كالقطران.
لكن الوحش لم يكن ليسقط بسهولة. صرخ بألم، ثم طعن بمخالبه العملاقة صدر الفارس الحجري، مما أدى إلى انشقاق بعض طبقاته الصخرية. غير أن الفارس لم يتراجع، بل أمسك بذراع الوحش بقوة ساحقة، ثم رفعه عن الأرض قبل أن يسحقه على الصخور بشدة مدمرة.
تشققت الأرض بالكامل تحت الضربة، وانتشر غبار كثيف في الأرجاء. لكن الوحش لم يستسلم بعد، إذ أطلق زئيرًا مدويًا، مولدًا انفجار طاقة تسبب في إبعاد الفارس الحجري لعدة أمتار. في تلك اللحظة، اندفع هيونغ نحو الوحش، مستغلًا الفرصة، وسيفه المشبع بالهالة السوداء يتوهج بوميض قاتم.
في لحظة خاطفة، شق سيف هيونغ صدر الوحش، فاندفعت الدماء السوداء بغزارة، واختنق المكان برائحة الموت. تراجع الوحش مترنحًا، قبل أن يسقط أخيرًا وسط بحيرة من دمائه القاتمة.
وقف هيونغ فوق الجثة، ونظر إلى ساحة المعركة من حوله. جثث الوحوش متناثرة في كل مكان، أشلاء ممزقة ودماء تغطي الأرضية السوداء. ابتسم بخبث، ثم رفع يده، وأطلق هالة سوداء كثيفة غمرت المكان. بدأ كل شيء يهتز بعنف، وتشقق سطح الأرض تحت تأثير الطاقة الهائلة.
من وسط الشقوق المتفجرة، بدأت أرواح الوحوش تنهض واحدة تلو الأخرى، محاطة بدوامات طيفية داكنة. ظلال متوهجة باللون الأحمر، عيون تتلألأ بالشر، وأصوات أنين تتردد في الفراغ. لقد استدعى هيونغ جيشًا من الأرواح الملعونة.
ظهرت نافذة نظام سوداء أمامه:
[تهانينا! لقد تم رفع مستواك إلى 25.]
ثانيةً، ظهرت نافذة جديدة:
[لقد تم استخراج روح جديدة. ماذا تريد أن تسميها؟]
نظر هيونغ إلى الظل الذي يركع أمامه، ابتسامة شرسة على شفتيه، قبل أن يتمتم: "سأطلق عليك... "قاتل الظلال الأبدي"."
بينما أغلق النافذة، شعر بطاقة الروح الجديدة تتدفق في جسده، وكأن الظلام قد أصبح جزءًا من كيانه ذاته. ومع أول خطوة خطاها، أدرك أن هذا لم يكن سوى بداية عهد جديد... عهد الظلال والدماء.
نظر إلى جيش الأرواح الذي شكله، ثم قال بصوت بارد: "لدي عالم كامل لأخضعه... وهذه مجرد البداية."
انتهى الفصل بلحظة صمت مرعبة، حيث وقف هيونغ وسط الظلام، وعيناه تتوهجان كأنهما نافذتان إلى الجحيم.