وقف هيونغ فوق أنقاض البرج الأسود، نظراته تخترق الدخان المتصاعد من الجدران المحطمة. المدينة صامتة، كأنها تترقب الخطوة التالية. كان قد سحق زيراس، وانتزع لقب حاكم مدينة الأرواح الضائعة، لكن شيئًا ما لم يكن على ما يرام.
[تحذير! لقد جلست على "عرش الدم".] [اللعنة القديمة قد بدأت بالتفاعل...]
في اللحظة التي لمس فيها العرش، اندفعت أشواك سوداء من القاعدة، تخترق جلده وتلتف حول ذراعيه وساقيه، وكأنها كائنات حية تحاول سحبه إلى قاع الظلام. شعر بطاقة باردة تتدفق إلى جسده، كأنها تعيد تشكيل روحه.
صرخ وهو يقاوم، لكن الظلال التفت حول جسده، وبدأت أصوات همسات تتردد في رأسه.
"...لقد أتيت متأخرًا..." "...هذا العرش ليس لك..." "...إما أن تسيطر... أو تُمزق..."
ثم، فجأة، فتح عينيه داخل عالم مختلف.
كانت السماء هنا شلالات من الدم، والأرض مغطاة بجثث لا تُعد ولا تُحصى، جميعها تحمل آثار تمزقات عنيفة وكأنها قُتلت بوحشية لا توصف. الهواء مشبع برائحة الحديد المحترق، وأصوات العذاب تملأ الأفق.
في منتصف هذا الجحيم، وقف كيان هائل.
كان طوله يتجاوز العشرين مترًا، مغطى بدرع متشقق ينبعث منه دخان أسود، وأعينه الثلاث تتوهج بلون قرمزي، بينما تخرج أنفاسه كعواصف نار مظلمة. كان يحمل سيفًا ضخمًا، يقطر منه الدم وكأنه لم يتوقف عن القتل منذ قرون.
[تم اكتشاف الكيان القديم: "حارس العرش - فالزافار".]
"إن كنت تريد العرش... عليك أن تمرّ من خلالي!"
اندفع فالزافار نحوه بسرعة غير متوقعة لحجمه، وسيفه هبط كنيزك مشتعل. بالكاد قفز هيونغ إلى الخلف، لكن قوة الضربة فجرت الأرض، وأرسلته متدحرجًا على الصخور الحادة. تشققت الأرض من حوله، وكأنها ترفض أن تحمل هذا القتال بين كائنين تجاوزا حدود الموت والحياة.
نهض بسرعة، والدم يسيل من جروحه، لكنه لم يكن لديه وقت للراحة. هاجم مجددًا، مستخدمًا منجله لصد الضربة التالية، لكن تأثير الاصطدام كان كافيًا لشلّ ذراعه للحظات.
[تحذير! الضرر الحاصل: 32%.]
"ليس لدي خيار..." تمتم وهو يرفع يده.
بدأت الظلال من حوله تلتف، وتتشكل إلى أشكال غير مستقرة، قبل أن يصرخ: "انطلقوا، أرواح الهلاك!"
انبثقت أرواح سوداء من الأرض، تندفع نحو فالزافار كعاصفة من العواء والهيجان. كانت الأشباح تنفجر عند ملامسة جسده، مخلفةً آثارًا من اللعنات المتفجرة. لكن الأخير لم يتراجع، بل لوّح بسيفه الضخم، فقطع عشرات الأرواح في لحظة واحدة، صرخاتها تتلاشى مع كل ضربة.
لكن هيونغ لم يكن يخطط للقتال مباشرة. بينما كان الكيان منشغلًا بتدمير الأرواح، اختفى بين الظلال، ليظهر خلفه مباشرة، مُطلقًا أقوى هجماته.
"قبضة الظلام الأبدي!"
يد سوداء عملاقة خرجت من العدم، وأمسكت برأس فالزافار، ساحبةً إياه بقوة إلى الأرض. صرخ الأخير بغضب، محاولًا المقاومة، لكن قبضتها كانت مميتة.
فالزافار دفع بطاقة انفجارية، مما أدى إلى تشتيت الظلال للحظة، لكنه كان قد تأخر.
بضربة خاطفة من منجله، مزّق هيونغ صدره، تاركًا شرخًا أسود يتوسع بسرعة داخل جسده. طاقة مظلمة غمرت المكان، وكأن شيئًا أقدم من الموت نفسه يتحرر.
فالزافار رفع رأسه، عيناه تتلاشى ببطء. لكنه ابتسم... ابتسامة مشؤومة.
"أنت لا تفهم... اللعنة... بدأت للتو..."
قبل أن يتلاشى، سمع هيونغ صوتًا عميقًا يتردد في عقله، مختلفًا عن أي شيء واجهه من قبل.
[تهانينا! لقد هزمت "حارس العرش - فالزافار".] [تم تفعيل السيطرة الكاملة على عرش الدم.] [لكن... اللعنة القديمة لم تُكسر.]
فتح هيونغ عينيه، ليجد نفسه مجددًا على العرش. لكن هذه المرة، لم يكن العرش يعذبه، بل كان ينبض كأنه جزء منه. ظلال أطول من أي وقت مضى التفت حوله، والأصوات لم تختفِ، بل ازدادت وضوحًا.
"أنت الآن جزء من العرش... ونحن جزء منك..."
شعر بطاقة مرعبة تتدفق في عروقه، قوة جعلته يبتسم للمرة الأولى منذ زمن طويل.
"الآن... أصبحت الحاكم الحقيقي لهذا المكان. لكن بأي ثمن؟"
وفجأة، ظهرت شاشة سوداء جديدة أمامه:
[تهانينا! لقد وصلت إلى المستوى 35.] [تم فتح مهمة جديدة: "صرخة العوالم المفقودة".] [الوصف: اكتشف مصدر اللعنة القديمة، وواجه الحاكم الأصلي للعرش.] لم يكد هيونغ يلتقط أنفاسه حتى ظهرت أمامه شاشة سوداء جديدة، هذه المرة مليئة بالرموز الغامضة، وكأنها كتبت بلغة لم يسبق له رؤيتها.
[تم تفعيل المهمة: "صرخة العوالم المفقودة"] [المهمة: اكتشف مصدر اللعنة القديمة وواجه الحاكم الأصلي للعرش.] [المكافأة: قناع الهلاك الأبدي - مستوى مجهول]
شعر ببرودة تجتاح جسده، ليس بسبب الخوف، بل بسبب الإدراك بأن هذه المهمة لم تكن مجرد اختبار قوة، بل شيئًا أقدم وأعمق من مجرد صراع على العرش.
فجأة، تشققت الأرضية تحته، وانفتحت دوامة سوداء ابتلعته في لحظة. شعر وكأن جسده يتمزق ويعاد تشكيله في آنٍ واحد، قبل أن يجد نفسه واقفًا في مكان لم يكن له وجود في أي عالم يعرفه.
كان محاطًا بأبراج ملتوية، جدرانها تتنفس كأنها كائن حي، والسماء فوقه دوامة من العيون القرمزية التي تحدق فيه بلا توقف. لم يكن هناك ضوء، ومع ذلك، استطاع رؤية كل شيء بوضوح مرعب.
أمام إحدى الأبراج، كان هناك مخلوق لم يكن من الأحياء ولا الأموات. كائن بلا وجه، يرتدي عباءة من الظلال المتحركة، وعيناه محجوبتان بقناع من العظام السوداء. عندما تحدث، لم يكن صوته صادرًا من فمه، بل من داخل عقل هيونغ نفسه.
"لقد وصلت أخيرًا، سيد الضلال."
تصلب هيونغ في مكانه، ورفع منجله بحذر. "من أنت؟ وما هذا المكان؟"
ضحك الكائن بصوت لم يكن بشريًا، بل خليطًا من أصوات لا تُحصى، وكأنه صدى لعذاب الأرواح الضائعة.
"هذا هو عالم العرش الأول... المكان الذي خُتم فيه الحاكم الحقيقي منذ الأزل. لقد استوليت على عرشه، والآن عليك مواجهة ظله."
قبل أن يتمكن هيونغ من الرد، اهتزت الأرض من تحته، وخرجت يد عملاقة من العدم، تمزج بين اللحم والظلال، لتضربه بقوة جعلته يتحطم عبر عدة أبراج. شعر بالألم يمزق جسده، لكنه لم يكن لديه وقت للتراجع.
[تحذير! كيان غير معروف يقترب.]
نهض بسرعة، فقط ليرى جسدًا هائلًا يخرج من الفراغ. كان طوله يفوق الثلاثين مترًا، وملامحه غير مستقرة، وكأنه يتغير بين أشكال لا نهائية. كل جزء منه كان يصرخ بأصوات مختلفة، وكأن الأرواح التي ابتلعها تحاول الهروب بلا جدوى.
[تم اكتشاف الكيان: "ظل الحاكم الأول"]
زمجر الظل بصوت جعل الفراغ نفسه يرتجف، ثم اندفع نحو هيونغ بسرعة مرعبة. بالكاد تمكن من تفادي الضربة الأولى، لكنه لم يملك الفرصة للرد، إذ أطلق الظل موجة من الطاقة السوداء اجتاحت كل شيء في طريقها.
"سحقًا... إن لم أكن الأسرع، سينتهي بي الأمر ممزقًا قبل أن أبدأ القتال!"
رفع هيونغ يده، وصرخ: "نهضوا، أسياد العتمة!"
من بين الأبراج المتهاوية، خرجت أرواح قديمة، محاربون سقطوا منذ آلاف السنين، جميعهم بلا وجوه، لكنهم يحملون سيوفًا مشبعة بلعنات لا توصف. اندفعوا جميعًا نحو الظل، وبدأت المعركة التي لم يكن لها مثيل.
تصاعدت موجات من الدمار، الظلال تقاتل بعضها بعضًا، والأبراج تتحطم تحت وطأة الضربات. كلما قطع هيونغ جزءًا من الظل، كان ينمو مجددًا، كأن قتله مستحيل.
فجأة، شعر بشيء يتغير داخله. كانت عيناه تشتعلان بطاقة لم يعرفها من قبل، وظهر أمامه إشعار جديد:
[القوة الحقيقية لعرش الدم بدأت بالتحرر...] [تم فتح مهارة جديدة: "لعنة الملك الساقط"]
ابتسم هيونغ ببرود. "حان الوقت لإنهاء هذا الجنون." ثم رفع منجله، واستعد لإطلاق أقوى ضربة له حتى الآن... ارتفعت الطاقة السوداء حول هيونغ كدوامةٍ من الدمار، وارتجف المكان بأكمله وكأن العرش نفسه يعارض هذه القوة المتحررة. أمسك بمنجله بإحكام، وعيناه المتوهجتان انعكستا على جسد ظل الحاكم الأول، الذي توقف للحظة وكأنه أدرك التهديد القادم.
[تم تفعيل مهارة "لعنة الملك الساقط"]
انتشرت تشققات مظلمة عبر الهواء، وكأن الواقع نفسه بدأ ينهار. ضغط هيونغ على الأرض بقدمه، فانطلقت منه موجة قاتمة اجتاحت كل شيء في طريقها، تمحو الأبراج والمخلوقات التي تسكنها دون أن تترك أثرًا.
زمجر الظل بقوة، وانطلقت منه مخالب هائلة، كل واحدة تتلوى كالأفاعي العملاقة، تُقطر منها مادة لزجة سوداء، تتآكل الأرض بمجرد لمسها. اندفعت المخالب نحو هيونغ بسرعة خاطفة، لكنه تحرك كالبرق، متفاديًا بصعوبة، بينما إحدى المخالب تمزق جزءًا من كتفه، لينفجر الدم الأسود بغزارة.
تجاهل الألم، ودار في الهواء مثل شبحٍ مسعور، موجهًا منجله نحو جذع الظل. مع كل ضربة، كانت شظايا من اللحم المتحول تتطاير في الهواء، تصرخ بأصوات تشبه عويل الضحايا المدفونة في أعماق الجحيم. لكن الظل لم يتراجع، بل زأر بعنف، واندفع نحوه بكتلة متحولة من الأذرع المسننة، كل واحدة منها تحمل مئات الأفواه التي تلتهم كل شيء في طريقها.
[تحذير! الكيان يستخدم "وليمة الأرواح"]
لم يكن هناك مهرب. وجد هيونغ نفسه محاصرًا وسط دوامة من الفوضى، الأذرع تمزق جسده، وأسنانه تغرز في لحمه، مما جعل الألم يتفجر داخله كأنه يحترق من الداخل. لكنه لم يصرخ. لم يكن الألم سوى وقود آخر لغضبه المتفجر.
"سحقًا لكم جميعًا!"
رفع يده، واستدعى كل الأرواح المحيطة به، لتندمج مع قوته. فجأة، انطلقت من جسده طاقة سوداء كثيفة، مزقت الأذرع التي كانت تمسك به، لتتناثر أجزاء الظل في كل اتجاه، تتلوى وتتقلص كأنها تحاول النجاة.
في لحظة، تجمعت الظلال حوله، مكونة درعًا كثيفًا ينبض بوميض قاتم. تقدم ببطء، وعيناه تشعان بشيء أشد قتامة من أي ظلام. حدق في الوحش الذي بدأ بالتراجع، لأول مرة منذ آلاف السنين، شعر الكيان بالخوف.
همس هيونغ بصوت بارد، لكنه محمل بالدماء والموت:
"النهاية قد حانت."
اندفع نحوه بسرعة غير بشرية، مارًّا عبر نسخ الوحش المتعددة كأنها مجرد سراب. قبل أن يتمكن الحاكم الأول من تفادي الضربة، كان منجل هيونغ قد اخترق مركزه، مشعًا بطاقة مرعبة لم يسبق أن ظهرت من قبل.
[تم تفعيل القدرة النهائية: "هلاك العرش"]
انفجرت الطاقة السوداء، مُحدثة دوامة مدمرة ابتلعت كل شيء. صرخ الظل صرخة أخيرة، لكن هذه المرة لم تكن مجرد صوت، بل كانت عواءً محملاً بكل أرواح العذاب التي استهلكها على مر العصور، والآن، جاء وقت الانتقام.
انفجر جسده إلى أشلاء، الدماء السوداء لطخت الأرض، تآكلت الأبراج تحت تأثير اللعنة، وتحولت بقاياه إلى رماد.
سقط هيونغ على ركبتيه، يلهث، بينما ظهرت أمامه شاشة سوداء جديدة:
[تم القضاء على الحاكم الأول.] [تم فتح مستوى جديد من القوة.] [لقد وصلت إلى المستوى 31.]
لكن قبل أن يتمكن من الاحتفال بنصره، ظهر أمامه كيان جديد. كان جسده مغطى بدرع فضي داكن، وأعينه تتوهج بضوء أزرق متجمد. كان يحمل سيفًا طويلًا، يقطر منه دم لونه غير معروف.
تحدث بصوت خالٍ من المشاعر:
"لقد هزمتَ الحاكم الأول... لكن هل أنت مستعد لمواجهة ما يأتي بعده؟"
شعر هيونغ ببرودة تجتاح جسده. لم يكن هذا سوى بداية معركة أكثر دموية...