منظور تيان فاي
بدأت أشعر بتغير الفضاء من حولي قبل أن أجد نفسي في غرفه غريبه و لكن مألوفه للغايه
أدركت بهذه اللحظه أني لا أستطيع تحريك جسدي أو التحكم به
كنت أشبه بالمشاهد في هذا المكان
عندها سمعت صوتا حرك العديد من المشاعر بداخلي عند سماعه
كان الصوت لرجل أبيض بشعر أسود قصير و قوام طويل و عريض ... لم يبدو عليه القوه أو ما شابه و لكن من أول لمحه بإمكانك أن تشعر بأن هذا الرجل شخص يحمل منصبا مهما
" **** تعال هنا قليلا "
أجبت مباشره ب " حاضر أبي "
كان الصوت الذي خرج من فمي غير ناضج للغايه و طفولي ...
عند رؤيتي لهذا الرجل أمامي أدركت من أول لحظه بأني عدت لأيام طفولتي على الأرض
و من هذه الأحداث فهذا قبل أن تبدأ المصائب تتوالى على حياتي بقليل
" **** سنذهب للطبيب و بعدها سأشتري لك الأيس كريم ما إذا كنت مؤدبا "
" شكرا أبي " أجبت بصوت يفتقر للحماس و بفتور شديد
كانت هنالك سياره مرسيدس سوداء من الطرازات القديمه تنتظر أمام المنزل
ركب كل من أبي و أنا السياره من الخلف و رحب أبي بالسائق بلطف شديد
بدأ السائق بتشغيل السياره قبل القياده بحذر شديد
بعد نصف ساعه في الطريق وصل كل من أبي و أنا إلى مستشفى كبير للغايه
دخل كل من أبي و أنا المستشفى و أبي يمسك بيدي بإحكام كأي أب يخاف على إبنه
لم ينتظر أي منا قبل أن يأتي أحد موظفي المستشفى و يحيي أبي بإحترام شديد و يقود الطريق
وصل كلانا لمكتب أحد الاطباء .. طرق والدي على الباب قبل الدخول
و عندما دخل رأيت طبيبا في منتصف العمر يبدو بعمر والدي تقريبا و كان بالفعل أحد أصدقاء أبي القدماء
كان الطبيب بشعر أشيب و لحيه قصيره ... كان خالي من العيوب تقريبا سوى عيب واحد فقط إذا صح لي القول
كانت عيناه .. عيناه كالسمكه الميته خاليه من المشاعر ... كانت عيناه مشابهه للغايه بعيناي ... ليس بلونهما بل النظره الموجوده على وجه كلينا
كما لو أنه لا يوجد أي شيء في العالم من الممكن أن يثير إهتمامنا ...
بعد بعض الدردشات القصيره بين الطبيب و أبي سأل أبي " هل بإمكانك إطلاعي على تشخيص إبني ؟ "
نظر الطبيب لأبي ببعض التردد ثم نظر نحوي ببعض الشفقه
أنا الشخص الذي يشهد هذه الحادثه للمره الثانيه أدرك ما هي القنبله التي على وشك أن تنفجر هنا
" كريس أنت صديقي الوحيد منذ أيام المدرسه "
بمجرد أن الطبيب ذلك شحب وجه والدي و بدأت يداه ترتجف قليلا
كانت هذه المره الوحيده طيله حياتي التي رأيت فيها والدي مهزوزا ...
نظر أبي للطبيب و رد " ليو أنا أعلم بهذا و لم أكن لأتي لك لو لم أثق بك تماما "
" إذا سأكون صريحا معك إبنك يعاني من مرض غريب "
" مرض غريب ؟ "
" الأصح أن لا أطلق عليه مرض بل حاله غريبه للغايه ... إبن يمكن تشخيصه الان بالإكتئاب الحاد "
" إكتئاب حاد ؟ ليو هل هذه مزحه ؟ "
" للأسف لا .. حاله إبنك غريبه للغايه على ما يبدو أنه لديه ضرر منذ الولاد بجهازه الحوفي بدماغه
(limbic system)
و الذي يمنعه من الشعور بالشعور بأي مشاعر أو التعبير عنها طيله حياته "
عندما سمع والدي التفسير كان الأمر كما لو أنه فقد الحياه كان صامتا للغايه و لكن بعدها تحدث " أتعلم ما هو سبب هذا الضرر ؟ "
" لا و لكن هذه الإصابات ليست شائعه على الإطلاق و نظرا أن فقط جهازه الحوفي المسؤول عن المشاعر بالدماغ هو المتضرر فعلى الأرجح هو ولد بهذه الطريقه "
" شكرا لك ليو " قال والدي للطبيب و بعدها نظر نحوي ببعض الأسى و الشفقه التي لم أعلم معناها في ذلك الوقت و قال لي " **** هيا لنذهب و نشتري الأيس كريم لقد وعدتك بذلك "
أومأت له بخفه و أنا أنهض من كرسي و أغادر
بقي والدي مع الطبيب لبعض الوقت داخل الغرفه .. و لسبب ما كانت هذه المره الأولى في حياتي التي أسترق السمع على أحد محادثات أبي
" كريس هنالك أمر يجب أن أخبرك به عن إبنك "
" ما هو ؟ "
" أنا قلت بأنه ضرر فقط للتغطيه على الحقيقه أمام الطفل و لكن الواقع مختلف تماما "
" ما الذي تقصده ؟ "
" الأمر في الواقع أن نشاط دماغه كله غريب .. مثل هذه الصور هنا لنشاط دماغه ... تلاحظ هنا بأن نشاط الجهاز الحوفي منخفض للغايه و قريب من الإنعدام و لكن نشاط المناطق الأخرى في دماغه عالي للغايه بشكل غريب ... على الأقل ضعف الشخص الطبيعي "
" و ما الذي يعنيه هذا ؟ "
" هذا يعني أن إبنك عبقري بشكل غير طبيعي و لكن لا أعلم ما إذا كان هذا نعمه أو نقمه لأن يكون جهازه الحوفي بهذا الشكل .. سأخبرك من الان يجب عليك تربيه هذا الطفل بشكل صحيح و إلا العواقب ستكون وخيمه نظرا لمعدل ذكائه العالي و إنعدام مشاعره... في الواقع في مثل هذه الحالات يجب أن أقوم بتبليغ الحكومه مباشره ليضعوا عينا عليه لأنه و من هذه اللحظه مواطن شديد الخطوره كالقنبله الموقوته إذا ما إنحرف عن الطريق الصحيح ... و لكن نظرا لصداقتنا لم أقم بتسجيل أي شيء عن نشاط دماغه العالي و أنهيت التقرير بكونها إصابه للدماغ فقط لاغير ... أرجوك كريس لا تجعلني أندم على هذا في المستقبل "
نظر كريس للطبيب ليوم بعمق قبل أن ينحني و الدموع في عينييه " شكرا شكرا لك ليو أنا سعيد أنك صديقي "
" لا عليك كريس فقط حاول أن لا تجعلني أندم "
......
كانت هذه اللحظه نقطه تحول كبيره بحياتي و منذ تلك اللحظه كان والدي قريبا مني للغايه يقوم بالإشرافى على تعليمي بنفسه و طعامي بنفسه ... حتى أتى ذلك اليوم
كان هنالك صوت عال للغايه في منتصف الليل حتى إستيقظت و ذهبت للتأكد من الذي يحدث
رأيت أبي يتجادل مع إمرأه شابه في نهايه العشرينات من عمرها جميله للغايه بشعر طويل أشقر كانت هذه المرأه هي أمي
كنت في هذه اللحظه أبلغ الثامنه من عمري بالفعل و لتكون هذه المرأه أمي من الواضح للغايه أنها تزوجت أبي بعمر صغير للغايه
" كريس .. طلقني "
" لماذا انجيلي ؟ و إبننا ؟ "
" كريس كريس كريس أنت لا تزال لا تفهم المشكله و تذكر ذلك الطفل المتخلف ؟ ذلك الطفل هو السبب مريض نفسي يشبه الروبوتات يعيش معنا تحت نفس السقف هذه المشكله الأساسيه يا كريس و لازلت تذكره ؟ "
صدم كريس من الكلام الذي كانت أنجيلي تنطقه و لسبب ما أمسك صدره بألم شديد للغايه و لكنه سيطر على نفسه و نظر لها و قال " لكنه إبنك من لحمك و دمك "
" سأنجب غيره لا أزال شابه و بإمكاني إنجاب طفل أخر أما أنت فلا .. لذلك طلقني الان "
إشتد الألم بصدر كريس و لم يستطع سوى الجلوس على الكرسي و لكن الكلمات التاليه من انجيلي جعلته يشك بقرارات حياته كلها
" و سأخبرك من الان من الأفضل أن تقسم نصف أملاكك لي و إلا سأخذ الحضانه و أجعل طفلك يعيش بالجحيم "
لم يستطع كريس بعد هذا السيطره على نفسه و أراد قتل هذه المرأه أمامه
و لكن بطريقه ما لمح قدما صغيره بجانب الباب .. عندما رأى تلك القدم و ذلك الزوج من الجوارب علم بالشخص الذي يقف خلف الباب و سيطر على نفسه
هدأ كريس بثواني معدوده بعدها و نظر لأنجيلي بعينيها مباشره و قال " لك ذلك .. حتى لو لم يحب أحد طفلي فأنا سأقف إلى جانبه .. حتى أموت سأقف إلى جانبه لا يهمني المال الذي ستأخذينه لسببين يا انجيلي أتعلمين ما هما ؟ "
" ماذا ؟ "
" الأول أنك عاهره قذره لولا خطأيي بذلك الوقت و جعلتك تحملين لم أكن لأنظر لك حتى و لذلك مهما كان الرقم الذي ستحصلين عليه ستنفقينه كله خلال وقت محدود و تعودين لإيجاد رجل أخر تتذللين له "
" أنت .. كيف تجرأ ؟ كيف تجرأ ؟ " و لكنها لم تعد تتحدث لأنها علمت أن ما يقوله هو الحقيقه
" أما السبب الثاني يا أنجيلي هو الأهم ... إبني يستحق كل المال الذي سأنفقه عليه للتخلص من أفه مثلك تحوم حوله أنتي لا تستحقين تربيته "
كانت هذه الكلمات الجارحه من كرييس كالقنبله لأنجيلي و شعرت بالغضب الشديد من هذه الكلمات و لكن أمامها فقط قبل أن ترد أمسك كريس القلم من الطاوله و وقع ورقه الطلاق على الطاوله
عند رؤيه هذا لم تعد تهتم بالذي سيحدث بعدها
بالنسبه لها فالحصول على نصف ثروه هذا الرجل أمامها يكفيها للعيش ببذخ شديد لسنوات عديده
كان هذا الرجل غنيا قذر أفنى حياته كلها و هو يبني إسمه و الان بثانيه واحده نصف ما يملك أصبح لها
.............
شاهد تيان فاي المشهد نفسه للمره الثانيه و لكن دون أن يدري أمسك صدره بيده الصغيره و بدأت بعض الدموع بالتجمع في عينييه
كانت هذه المره الأولى التي يشعر بأي شيء و الشعور لم يكن جميلا على الإطلاق كان مؤلم ... مؤلم جدا
و لكن باللحظه التاليه إختفت الدموع و إرتخت قبضته و لم يعد يشعر بأي شيء
لم يفهم تيان فاي بالماضي ما حدث هنا و لكن في هذه اللحظه كان تيان فاي البالغ يدرك ما الذي حدث بدقه ...
كان هنالك مشاعر واضحه قد ظهرت عليه و لكن لأنها كانت مؤلمه للغايه و حزينه قرر عقله اللاواعي بأن مثل هذه الأمور لا يجب أن تحصل مجددا لذلك و بدوره قام بكبت جهازه الحوفي الذي كان قد بدأ بالتعافي للتو
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ., . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
هل أعجبكم الفصل ؟ و لا تنسوا التعليق برأيكم عنه و عن الأحداث ... و سؤال الفصل 88 هو .. هل تغيرت رؤيتكم لتيان فاي ؟؟