الفصل 29 : ما بعد الفوضى
وقف شي يانغ هناك، وصدره يعلو ويهبط مع كل نفس ثقيل. مد يده ليلمس الجرح الذي وُقع عليه في مواجهتهما السابقة تذكير بالقوة الخام التي أطلقها سيمان.
كانت الأنقاض من حوله ما تزال تتصاعد منها الأدخنة، والهواء ثقيل بالغبار، وبقايا مدينة كانت مزدهرة سابقًا تحولت إلى ركام. كانت الفوضى شاملة لدرجة أنها كادت أن تكون غير حقيقية. النيران التي ما تزال مشتعلة في بعض المباني البعيدة ألقت توهجًا غريبًا على المشهد. كان عالمًا شهد الرقص المدمر لكائنين كانا أشبه بالقوى الطبيعية منهما بالبشر العاديين. كانت قوة سيمان مدمرة، لكن شي يانغ صمد أمامها بشق الأنفس. ومع ذلك، ها هو واقف، شامخًا، رغم الدمار الذي يحيط به.
توجه نحو سيمان، الذي كان لا يزال واقفًا وسط الخراب، شخص يبدو هادئًا في أعقاب التدمير. المنجل الاسود، سلاحه المفضل، كان مستريحًا بجانبه، يلمع بخفة في الضوء المتلاشِي. كان هناك هدوء في حضوره الآن لم يعد ذلك الكائن المدمر المندفع، بل شخصًا توصل إلى تقبل نهاية المعركة.
أجبر شي يانغ على ابتسامة، رغم أن جسده كان يؤلمه من شدة المعركة. "نعم، سنتقابل مجددًا في مسابقة العالم," قال بصوت ثابت، رغم أنه كان يحمل بعض الإرهاق. "أنت خصم حقيقي، يا رجل. شكرًا على المعركة."
كانت كلماته تحمل احترامًا يتجاوز المجاملة البسيطة. لقد واجه شي يانغ خصومًا لا حصر لهم في مسيرته، لكن سيمان كان شيئًا مختلفًا. كان عاصفة هوجاء لا يمكن التنبؤ بها، وقوة مرعبة. ومع ذلك، وسط كل ذلك، شعر شي يانغ بشعور غريب من التضامن. تفاهم مشترك بين محاربين اختبرا حدود قوتهما ونجيا.
ابتسمت شفتا سيمان بابتسامة خفيفة وهو يلتفت نحو شي يانغ. "أنت لست سيئًا بنفسك," قال، وكان صوته مشبعًا بالمرح. "أتطلع لرؤيتك في المسابقة. دعنا نرى إن كنت تستطيع اللحاق بي."
أومأ شي يانغ، والابتسامة ما زالت تلعب على شفتيه، حتى وهو يلتفت ليغادر. لكن قبل أن يتمكن من أخذ خطوة أخرى.......
من بين بقايا المدينة المحطمة، ظهرت صورة صغيرة. في البداية، ظن شي يانغ أنه كان يهلوس خداعًا للعقل بعد المعركة العنيفة. لكن لا، كان الطفل حقيقيًا. كان جسده الصغير ملفوفًا في سترة حمراء، ووجهه كان يحمل تعبيرًا من الحزن، وعيناه الكبيرتان مليئتان بشيء يشبه الحزن والدهشة معًا.
اقترب الطفل ببطء، خطواته بالكاد تُسمع على الأرض المدمرة. وعندما تحدث، كان صوته حادًا وهادئًا، لكنه حمل ثقلًا لا يُخطئ.
"لقد دمرت العالم كله," قال، وكأن كلماته همسات، كأن قولها بصوت عالٍ سيجعل حقيقة هذه الكلمات لا تُطاق.
استدار سيمان ببطء، وعيناه تضيقان قليلاً وهو يراقب الطفل. للحظة، بدا أن الفوضى المعتادة والإثارة التي كانت ترافق كل حركة له قد تراجعت. لم تكن هناك معركة هنا، ولا حاجة للقوة أو العنف. فقط هذا الطفل هذه المقاطعة غير المتوقعة لما بعد التدمير.
"مرحبًا، سافور..." كان صوت سيمان هادئًا، وكأنه يتحدث إلى صديق قديم بدلًا من طفل. كانت نظرته تتنقل حول الخراب الذي كان يومًا ما مدينة مزدهرة، وأعطى نفسه لحظة من المفاجأة الحقيقية. لم يتصور مدى اكتمال الدمار. المباني، الشوارع، حتى الهواء كان يحمل ثقل ما حدث. كان العالم، الذي كان يومًا ما حيًا ومزدهرًا، الآن مجرد قشرة ميتة صامتة، هادئة، ومكسورة.
كانت تعبيرات سافور الآن مليئة بشيء أكثر من الحزن فقط. كانت عيناه تحملان شعورًا لم يستطع سيمان تحديده شيء بين الشفقة والإلحاح. "أعطني بعضًا من طاقتك الروحية لشفاء هذا العالم. أحتاجها لإصلاح ما دمرته."
نظر سيمان إلى الطفل، وطلبه معلقًا في الهواء بينهما مثل ثقلٍ ثقيل. كان أول رد فعل له هو الرفض. بعد كل شيء، كان التدمير جزءًا من المعركة. كان ضروريًا. لكن هناك شيء في عيني سافور جعله يتوقف. ربما كان وزن كلمات الطفل.
دون أن ينبس بكلمة، أغلق سيمان عينيه. شعر بالطاقة بداخله القوة الروحية الشاسعة، التي تكاد تكون غير محدودة، التي جمعها على مر السنين. كانت بئرًا امتلأت من خلال العديد من المعارك، ومن جوهر التدمير ذاته. وللحظة، تردد. كم من هذه الطاقة يمكنه أن يفرج عنها؟ كان يشعر بحدودها، الحد الفاصل بين شفاء العالم واستنزاف نفسه بشكل مفرط.
لكن بعد ذلك، فتح عينيه واتخذ قراره. تنهد ببطء، وشعر بمسؤولية ثقيلة عليه. بحركة واحدة، أطلق موجة هائلة من الطاقة الروحية، موجة اندفعت عبر الهواء. اندفعت الطاقة نحو سافور، ضوء ذهبي يلمع ضد السماء المظلمة. كانت القوة كافية لشفاء جزء صغير من الدمار المباني التي كانت قد تحطمت تم ترميمها جزئيًا، الشقوق في الأرض تمت معالجتها، النيران التي كانت تشتعل سابقًا انطفأت.
لكن حتى في الوقت الذي كان فيه سيمان يفرج عن طاقته في العالم، كان يشعر بحدودها. لم تكن كافية. ليس حتى بالقرب من الكفاية.
امتص سافور الطاقة، وجسده الصغير يضيء بضوء ذهبي خفيف. وفجأة، كما ظهر، اختفى الطفل، زائلًا في الفضاء، تاركًا سيمان وحيدًا مرة أخرى وسط الأنقاض.
وقف سيمان ساكنًا لحظة طويلة، يحدق في المكان الذي كان فيه سافور. كان قلبه مثقلًا، مزيجًا غريبًا من الراحة والندم يدور داخله. كانت الطاقة التي منحها بالكاد كافية لإلغاء بعض الأضرار، لكنها كانت بداية. العالم الذي قاتل فيه، العالم الذي مزقه، ما زال مكسورًا. الأنقاض من حوله لن تُشفى بين عشية وضحاها. لم يكن هناك حل سهل للتدمير الذي تسبب فيه.
---
---
---
كان لوكاس جالسًا على كرسي، ظهره إلى الثلاجة، يحدق في محتوياتها الفارغة. كان جبينه مجعدًا وهو يمرر يده على الأرفف. "لا أراها في الثلاجة!" تمتم لنفسه، وكان خيبة الأمل تلوح في صوته..
"هل اكلت الجبن الذي كان في الثلاجة يا أندريه!!!"