الفصل 56 - معركة جماعية
كانت الحلبة مليئة بالطاقة، كل زاوية فيها كانت تشع بالحماس بينما كان صوت المعلّق ذي الأجنحة الذهبية يتردد في أرجاء الكولوسيوم الضخم.
"المباراة الأولى: كوكب تيان ضد كوكب زوراد! معركة جماعية – 2 ضد 3!"
انفجرت الحشود بهتافات مدوّية، موجة غير قابلة للتوقف من الإثارة اجتاحت المدرجات. كانت الطاقة مكثفة.
"معركة جماعية؟! هذا جنون!"
"زوراد لا يلعبون... سيقضون عليهم!"
جلس سيمَان، جسده مشدود، عيناه ضيقتان، وأصابعه ممسكة بحافة المقعد بقوة حتى أغمقها. صوته، المنخفض والمشحون بالغضب، لم يقطع الصمت من حوله.
"قتال من البداية؟ كان يجب عليهم التأجيل... هذه خطة سحق."
أما والده، فظل كما هو دائماً، صورة للبرود والسيطرة، عيناه حادتان وثابتتان. دون أن ينظر إلى سيمَان، نطق بصوته الهادئ، لكنه كان حاداً كالسكين.
"راقب... نحن على وشك أن نشهد شيئاً غير عادي."
داخل الحلبة، برز الثلاثي من زوراد بحضورهم القوي. كانت قوتهم وضخامتها وشراستهم تتناثر حولهم.
كان باروك، أكبرهم حجماً، في المقدمة. جسده يحترق بنار داخلية، وهالة دمار تنبعث منه.
"مرحباً بكم في الغابة..." كان صوت باروك منخفضاً، هامساً في تهكم. "... حيث ينجو فقط المفترسون."
كان غارم، الثاني في المجموعة، يقف خلف باروك. كانت عيناه تتوهجان بشهوة بدائية. ثم هناك رولغ، العضو الثالث، الذي كان مغطى بالوشوم المعقدة التي تتحرك وتلتوي على جلده.
ولكن عندما خرج لوكاس من الظلال، بدا أن الحلبة بأسرها حبست أنفاسها. كانت الأرض تحت قدميه تهتز كما لو أنها تعترف بوزن وجوده. دفعت قوة ضخمة وغير مرئية الهواء نفسه، وتمكن الجمهور من الإحساس بها كان الضغط كأن الكون اختار هذه اللحظة ليقف في مكانه.
[هيبة الطاغية – مفعلّة]
انتشرت هالة خانقة من لوكاس، وزن ساحق يهوي على الحلبة بقوة لا هوادة فيها. تراجعت هتافات الجمهور، وبدأت تبرز موجة من القلق في المدرجات.
"من هذا؟!" صرخ صوت من الصفوف الخلفية، وكان الخوف يتسلل إلى نبرته. "جسدي يرتجف... وأنا جالس في الصف الأخير!"
"هو ليس مجرد من رتبة A... هناك شيء غريب فيه!"
بجانب لوكاس، وقفت دارلين. كان شعرها يطفو في الهواء بلا وزن، ودماء السيادة كانت تجري في عروقها.
حبس سيمَان أنفاسه وهمس لنفسه.
"لقد تغيرت... هل دماؤها تتفاعل؟"
تردد صوت المعلّق ذي الأجنحة الذهبية مرة أخرى، أمر حاد يقطع التوتر.
[المعركة تبدأ!]
انطلق الثلاثي من زوراد، مهاجمين كالموجة العاتية. لكن لوكاس كان أسرع. انتشر جناحيه السوداوين، مجتازين الهوء. كان يختفي في الحركة، كخط من الطاقة المظلمة وهو يقذف نفسه إلى المعركة.
كان باروك هو الأول للهجوم، قبضته الملتهبة تهوي نحو لوكاس. لكن لوكاس قد اختفى. اختفى عن الأنظار. انفجر الهواء خلف باروك، لكن لوكاس كان قد تحرك بالفعل.
"مبدل اليدين – التبديل الزاوي!"
في لحظة، تحولت يده إلى رمح دوار، قوس من الطاقة السوداء يمزق الهواء. استخدم الزخم ليطلق ركلة جانبية قاسية، مما أرسل باروك يطير في الهواء، وجسده يصطدم بحافة الحلبة بانفجار مدوٍ.
تنفس الجمهور في صدمة، شهقة جماعية امتزجت في تعبير مندهش.
"مستحيل! هل هذه مهارة تشكيل؟!" صرخ صوت.
"يداه تحولت بالكامل!"
انتقلت دارلين في اللحظة التالية. كان جسدها يتألق بالقوة الملكية، ومدت ذراعها، أصابعها تنسج في الهواء.
"شباك الدماء!" صاحت.
أطلقت خيوط حمراء من الطاقة حول ساقي غارم، مربوطة به، والسم يتسرب إلى عروقه. ارتجف جسده بعنف، لكنه ظل يقاوم، وعيناه تتوهجان بالغضب.
"تبا! ما هذا السم؟!" كيف.! غارم، جسده يقشعر بينما السم ينتشر في عروقه.
لكن رولغ كان قد تحرك بالفعل. ضرب قبضته في الأرض بقوة فتحت الأرض تحت قدميه. تمزقت الهالة في الهواء، فأرسل كل شيء في طريقها طائراً.
[تحطيم الميدان – رتبة S]
انشطرت الأرض تحت قدمي دارلين، وتم دفعها إلى الوراء، وجسدها ينطلق في الهواء. أما لوكاس، فقد أُرسل هو الآخر إلى الجدار البعيد.
"دارلين!"
"تم." أجابت بهدوء وهي تعود لوضعها في الهواء.
كان جسدها يتوهج بالقوة الأثيرية، ومع صرخة، أطلقت أقوى مهاراتها.
"انحنِ للسيادة!"
انفجر ضغط لا يرحم إلى الخارج، مما أجبر الجميع في الحلبة على التراجع، غير قادرين على تحمل وزن قوتها. حتى الثلاثي من زوراد تراجعوا خطوة إلى الوراء، وكانت أعينهم تتسع في مفاجأة.
سكت الجمهور، وهمسات تنتشر في المدرجات.
"خطوة إلى الوراء... لكن ضد من؟!" همس أحدهم، مذهولًا.
استعد الثلاثي من زوراد، مهاراتهم ظهرت في لحظة، في ومضة من الضوء الساطع.
"وضع الاحتراق الكامل!" زأر باروك، و النيران حوله.
"هجوم الوحش!" زأر غارم، جسده يتضخم، عضلاته تنمو إلى أحجام وحشية، وعيناه تتوهجان بالغضب الوحشي.
"أسد العظام!" أمر رولغ، ومن تحت الأرض، قفز أسد ضخم من طاقة مظلمة، عيناه تتوهجان بالجوع الشرير.
لم يتردد لوكاس ودارلين. "دارلين، غطيني!" أمر لوكاس، وصوته مليء بالعزم البارد.
بينما دارلين ترتفع في السماء، طاقتها تتناثر مع النية القاتلة، أطلق لوكاس قوته كاملة.
[هيبة الطاغية + مبدل اليدين + إدمان الدماء]
في طرفة عين، تحولت إحدى يدي لوكاس إلى فأس مزدوجة الحواف ضخمة، شفرتها كانت كتلة متلوية من الطاقة الحية. أما الأخرى، فصارت درعًا من العظام المعكوسة، مظلمة وشائكة.
دون تردد، انطلق لوكاس للأمام، كخط من الظلام يقطع من خلال النيران والفوضى من حوله.
هو من ضرب أولاً. دفاع باروك الناري لم يكن يكافئ للهجوم اللامتناهي من لوكاس. أثر الضربة أرسل اهتزازات في الحلبة، لكن لوكاس امتصّ الضربة وقام بالردّ بضربة قوية في بطنه. انفجر الدم من فم باروك، والقوة الهائلة للضربة جعلته يتنفس بصعوبة.
"مستحيل!" صرخ الجمهور، أصواتهم مزيج من الإعجاب والرعب.
لكن لوكاس لم يكن قد انتهى.
من الأعلى، أطلقت دارلين سمّها مرة أخرى. "سم الوحش – تفعيل كامل!" صاحت!.
تشنج جسم غارم، عضلاته تتقلص بينما كان السم يكتسح عروقه. عيناه تدحرجتا إلى الوراء، وجسده يرتجف من الألم.
"هذه ليست معركة... إنها سيطرة كاملة!" تنفس أحد المتفرجين في صدمة.
لكن بعدها، تغيرت الأرض. انفجر أسد عظام رولغ تحت لوكاس، رافعًا إياه في الهواء. تبعه رولغ، قبضته تصطدم بصدر لوكاس بقوة مدمرة.
سقط صمت مدوٍ على الحلبة. كان صوت الاصطدام قويًا لدرجة أن المدرجات اهتزت.
لكن بعدها... ابتسم لوكاس. تنقط الدماء من شفتيه، لكن في عينيه كان لا يوجد خوف، فقط استمتاع بارد.
"لكن... أنا أتعلم."
[المتعلم – تحليل أقصى]
بتمام الدقة، أعاد لوكاس نفس الضربة. نفس الزاوية، نفس العمق. طار جسم رولغ ، طاقته تحطمت.
توقف الجمهور في صمت مدهوش، غير قادرين على فهم ما حدث.
صوت سيمَان ارتجف من الصدمة.
"مستحيل... كيف استطاع تكرارها بهذه الدقة؟"
والده، ببرود وحساب كما العادة، همس تحت أنفاسه.
"المهارات تتطور أمام أعيننا. ذلك الفتى... إنه استثنائي."
كانت الحلبة على حافة الفوضى.
—