يبدأ الإنسان في رحلة مليئة بالآمال. في لحظة ساحرة، تتجلى أمامه فرصة تبدو ككنز ثمين، تجلب له الفرح والبهجة. ولكن مع مرور الوقت، تبدأ خيوط الحقيقة في الانكشاف، لتسقط الأقنعة وتظهر العواقب الخفية. حينها، يكتشف أن هذا الشيء الذي أسعده في البداية قد يحمل في طياته آلاماً وندماً يفوقان فرحته. ويتمنى لو لم يكن قد حصل عليه.
---
قبل سبع سنوات، في عام 2632، تملكني شعور من الدهشة عندما بدأت الكلمات تتردد في ذهني.
"[لقد أصبحت مستيقظًا.]"
"[لقد أصبحت مستيقظًا.]"
"[لقد أصبحت مستيقظًا.]"
"ماذا؟ أنا حقًا أصبحت مستيقظًا؟" تملكني شعور من الفرح والفخر، بينما كانت الضحكة تنفجر من صدري. "ههههههههههههههههه، في عمري هذا، أكون أصغر فرد من إمبراطورية سكارليث الذي يصبح مستيقظًا في عمر التاسعة فقط!"
لقد تحقق حلمي أخيرًا. "إذاً، ما هي السمات التي أمتلكها؟" أشتعل الحماس في صدري لرؤيتها.
سرعان ما ظهرت المعلومات أمامي، وكأنها تعلن عن هويتي الجديدة:
"[الأسم: إيثان سكارليث]"
"[السمات: سيف الشيطان، الرؤيا،؟؟؟]"
"[العيوب: التشويه.]"
"هاه؟ سيف الشيطان؟ يبدو قويًا جدًا!" تملكني الإعجاب، لكن فضولي دفعني للتساؤل عن السمة الأخرى.
"والرؤيا؟ وما هي السمة [؟؟؟]؟" همست، بينما كنت أقرأ التفاصيل التي تظهر أمامي.
"[السمة: سيف الشيطان]"
"[وصف السمة: سيف غير قابل للكسر، مقوى بعزيمة لا تُقهر.]"
"[رتبة السمة:؟؟؟]"
"[السمة: الرؤيا]"
"[وصف السمة: جميع الرؤيا التي تراها في أحلامك تصبح حقيقية، ولكنها غير واضحة.]"
"[رتبة السمة:؟؟؟]"
"[السمة:؟؟؟]"
"[وصف السمة:؟؟؟]"
"[رتبة السمة:؟؟؟]"
"ما هذا؟ يبدو أنني محظوظ جدًا!" ضحكت بفرح، بينما كان الحماس يتصاعد في داخلي. "كنت أعلم أنني موهوب، لدي سمات قوية حقًا. لكن لماذا هناك الكثير من [؟؟؟]؟"
"لا يهم. هل أمتلك عيبا؟" تساءلت بقلق، وتذكرت ما أخبرتني به أختي الكبرى، إيميليا، عن العيوب. "لقد قالت إن العيوب هي تأثير جانبي لأولئك الذين يمتلكون سمات إضافية، ويمكنهم الحصول على سمات أكثر من المستيقظين الآخرين."
تملكني شعور من القلق، وبدأت أسأل نفسي: "هل هذا يعني أنني مميز؟ هذا رائع، رائع حقًا!" لكن تلك الأفكار سرعان ما تلاشت عندما نظرت مجددًا إلى المعلومات.
"إذاً، ما هو عيبي؟" همست، بينما اتسعت عيناي بصدمة عندما رأيت:
"[العيوب: التشويه]"
"[صفة العيب: تجعل جميع من يراك يرغبون في التخلص منك وقتلك بشدة.]"
"هاه؟" تملكني الذعر. "كيف يمكن أن يحدث هذا؟" كانت الكلمات تتردد في عقلي، وكأنها جرس إنذار. "هل سأكون مطاردًا من الجميع؟"
أن تكون محبوبًا من الجميع وفي يوم وليلة تتبدل حياتك رأسًا على عقب، لتصبح أكثر شخص مكروه، تُرى شيطانًا بينما أنت لست كذلك، كان كابوسًا لم أكن أستطيع تصوره.
بعد تلك الليلة، استيقظت في صباح اليوم التالي وكأنني أحمل في ذهني علامة من عالم آخر. كانت السماء رمادية، والأجواء ملبدة بالغيوم، وكأنها تعكس ما كان يعتمل في صدري. لكن ما حدث بعد ذلك أثار في نفسي شعورًا عميقًا، كأنه نذير شؤم.
في تلك اللحظة، غفوت مرة أخرى، ووجدت نفسي في عالم آخر، عالم مليء بالضباب والغموض. رأيت نفسي في مكان موحش، حيث كان هناك عرش أسود عملاق يبرز وسط ظلام دامس. كان العرش مزخرفًا بتفاصيل غريبة، وكأنه مصنوع من كوابيس لا تنتهي.
عندما اقتربت، شعرت بشيء ثقيل في صدري، وكأن شيئًا ثمينًا قد انتُزع مني. فوق العرش، كانت معلقة خمسة رؤوس بشرية، مرتبة بشكل دائري، وكأنها تُعرض كجوائز فظيعة. لم أستطع تمييز ملامحهم، فقد كانت مشوهة بالدماء، وكأن كل رأس يحمل قصة مأساوية، بينما كنت أشعر بأنني أُنتزعت من جزء من إنسانيتي.
اجتاحني شعور حزين، كالسيل الجارف، وكأنني كنت أرى أصداء من ماضٍ بعيد، يحمل ذكريات مفقودة. كنت أشعر بفراغ عميق، وكأن تلك الأرواح التي عانت تعكس شيئًا كان لي، شيئًا فقدته دون أن أعي.
كنت أريد أن يعود كل شيء كما كان، أن أستعيد تلك الأيام البسيطة، حيث كنت مجرد طفل يحلم بمغامرات عظيمة. لم أعد أريد أن أكون مستيقظًا، لم أعد أريد هذه القدرات التي جلبت لي الشقاء. كل ما كنت أتمناه هو أن أعود كما كنت، لكن لا جدوى من المحاولة. كلما حاولت، شعرت بأنني أغرق أعمق في هذا الكابوس.
تسللت إلى ذهني فكرة مؤلمة: السبب وراء بقائي حيًا هو اسم عائلتي، إمبراطورية سكارليث. كل فرد فيها يحمل في قلبه رغبة عميقة في قتلي، في التخلص مني كما يتخلص المرء من عثرة في طريقه. لكنهم لم يفعلوا، لأن قتلي سيشوه سمعتهم، سيجعلهم عرضة للعار والفضيحة. لذلك، أبقوا حياتي معلقة كخيط رفيع، لا أدري متى سينقطع.
شعور بالوحدة اجتاحني، كأنني أعيش في قفص ذهبي، محاط بالثروات والسلطة، لكنني في الحقيقة كنت أسيرًا. كل نظرة من أفراد عائلتي كانت تحمل كراهية خفية، وكل همسة في الأروقة كانت تذكرني بأنني لا أنتمي إليهم.
"لماذا؟" تساءلت، والدموع تكاد تنفجر من عيني. "لماذا أُعاقب على شيء لم أختره؟"
كانت الأفكار تتسابق في ذهني، مسارًا من الألم والقلق. كنت أشعر وكأنني غريب في بيتي، وكأنني مجرد ظل لم يكن له وجود. كلما تذكرت تلك الرؤوس التي رأيتها في الرؤية، تملكني شعور بالخوف من مصيري، من الكارثة التي قد تنتظرني.
---
غزت الشياطين عالم البشر قبل أكثر من 500 سنة، مما تسبب في ظهور مخلوقات الكوابيس التي جلبت الدمار لعالمنا. كان كل وحش أقوى من الآخر، وقد رُتبت تلك المخلوقات في طبقات من الرعب، كأنها تعكس عصورًا من الإحباط.
[خامل، مستذئب، طاغوت، ساقط، فاسد، عظيم، جبار، كابوس، ملعون، طاغية.]
لكن البشر لم يستسلموا لمصيرهم. على الرغم من الفوضى والرعب، قرروا أن يقاوموا. "نحن لن نكون ضحايا!" كانت هذه الكلمات تتردد في كل زاوية من زوايا العالم، تملأ القلوب بالأمل. ومن بين هؤلاء، كان جاستين سكارليث، مؤسس إمبراطورية سكارليث، والرجل الذي وصل إلى مرحلة شبه سامي. كان أول بشري يصل إلى هذا المستوى من القوة، وكأنما أصبح رمزًا للتحدي في وجه الظلام.
كان الفرق بين كل مستوى كالفرق بين السماء والأرض، مما جعل من الصعب على الآخرين تحقيق هذا الإنجاز. مستويات المستيقظين كانت مقسمة بدقة:
مستيقظ، مبتدئ، صاعد، خبير، محترف، قديس، قديس حقيقي، شبه سامي، سامي، سامي حقيقي.
---
بعد 7 سنوات، في سنة 2639.
كنت جالسًا فوق جبل صغير، أتأمل السماء السوداء الموحشة، تتراقص فيها الغيوم كأشباح في ظلام دامس. كانت أفكاري تائهة، تتجول بين ذكريات مؤلمة ورؤى غامضة تشبه كوابيس لا تنتهي. تذكرت الرؤيا الأخيرة التي زارتني، حيث وجدت نفسي في فراغ مظلم لا نهاية له، تعبره أصوات غريبة تتردد في أذني، تنطق بثلاث كلمات متكررة:
"المنسي من الظلال، المنسي من الظلال، المنسي من الظلال."
"ههه.. أنا حقًا أتمنى أن أكون منسيًا بدلاً من أن أكون مستهدفًا من الجميع." كانت تلك الكلمات تتردد في ذهني، كأنها تعبر عن أمنيتي العميقة للهروب من هذا الكابوس الذي أعيش فيه. الجميع يريد قتلي، جميعهم يسعون لنهاية حياتي، وكل ذلك بسبب عيبي المعروف بـ "التشويه".
"اللعنة، لماذا يحدث لي كل هذا؟" تساءلت، والخيبة تتسلل إلى قلبي. لقد غادرت قصر عائلتي منذ سبعة أيام، هاربًا من كابوسهم. حتى الطعام الذي كانوا يقدمونه لي، رغم رخصه وسوء جودته، كان أفضل من أكل لحم الوحوش.
كان علي أن أواجه تحديات يومية، حيث كانت الوحوش من المستوى الخامل تعترض طريقي. ومع ذلك، لم أكن أستطيع مواجهتها إلا باستخدام بعض الحيل للبقاء على قيد الحياة. كانت تلك الوحوش مجرد بداية، ومع كل يوم، كنت أشعر بأنني أقترب من حافة الهاوية.
"من الجيد أنني لم أواجه وحوشًا أقوى من الخامل، لازلت ضعيفًا جدًا لأقاتل وحوشًا أكثر قوة." كانت هذه الأفكار تتراقص في ذهني، لكن في أعماقي، كانت هناك رغبة قوية للعودة إلى القصر، حتى لو كان ذلك يعني مواجهة الكراهية والريبة مرة أخرى.
"أريد العودة إلى القصر حقًا. على الأقل، هو المكان الذي شعرت فيه بالأمان، حتى وإن كان ذلك الأمان مزيفًا."
كانت الرياح تعصف بوجهي كأنها تعبر عن صراعي الداخلي. كنت أنظر إلى الأفق البعيد، حيث تلاشت الألوان في سواد الليل، وكأن العالم من حولي قد تحول إلى لوحة قاتمة. أفكاري كانت تتصارع، لكنني كنت مصممًا على العودة إلى القصر. ذلك المكان الذي يحمل ذكريات الأمان، حتى لو كانت تلك الذكريات مشوبة بالخداع.
نهضت من مكاني وبدأت أتحرك، خطواتي تتردد في صمت الغابة المحيطة. بعد ساعات من المشي، بدأ التعب يتسلل إلى جسدي، فقررت أن أستقر في مكان بعيد عن الأنظار. جلست على صخرة كبيرة، محاطًا بالأشجار الكثيفة، وأخذت أسترجع أنفاسي. لكنني لم أكن وحدي. همسات غامضة بدأت تتردد في الأرجاء، كأنها تتحدث عني.
شعور غريب تملكني، كأنني مراقب. لم يكن لدي وقت للتفكير في مصدر هذا الشعور، إذ فجأة، انطلقت صرخات مروّعة من بين الأشجار، تنذر بالخطر. قبل أن أتمكن من فهم ما يحدث، انقض عليّ وحش مرعب.
كان ضخمًا، يمتلك جسدًا عضليًا مغطى بفرو كثيف يميل إلى الرمادي الداكن، وأعينه تتلألأ كالجمر المتقد، تنبض بالحقد. كانت مخالبه طويلة وحادة، تتلألأ تحت ضوء القمر، وصوته كان كزئير عاصفة، يقطع سكون الليل.
في قلبي، صرخت "اللعنة!" لكن الوقت كان قد فات. انقض الوحش عليّ، وكأنما يتوق إلى إنهاء حياتي. حاولت التحرك، لكن الخوف شلّني. لكن في اللحظة الأخيرة، استجمعت شجاعتي وذكرت نفسي بسيفي.
بسرعة، استدعيت سيف الشيطان الذي كان ينتظرني. ظهر أمامي ككائن حي، طويلاً وحادًا، ولونه أسود كليل الظلام، يشع بريقًا غامضًا تحت ضوء القمر. شعرت بقوة السيف تتدفق في عروقي، وامتلأت بالإرادة.
انقضضت على الوحش، ووجهت ضربة بسيفي نحو قلبه، لكن الوحش كان سريعًا، انحرف بلطف وتجنب الضربة. بدأت المعركة، وكلاهما يقاتل من أجل البقاء. زأر الوحش بشراسة، واندفع نحوي، مخالبهم تتجه نحو صدري. تجنبت الضربة بصعوبة، لكن الهجوم التالي كان أسرع. استخدمت السيف لصد الضربة، لكن قوة الوحش كانت تعصرني.
تبادلت الضربات مع الوحش، وكل واحدة كانت تحديًا حقيقيًا. كنت أراقب كل حركة من الوحش بعناية، فهو يراوغ ويستخدم سرعته لتفادي هجماتي، بينما كنت أبحث عن ثغرة.
مرت دقائق، لكنني شعرت وكأنها ساعات. الوحش يزداد شراسة، وأدركت أنني أحتاج إلى استراتيجية. في لحظة، تمكن الوحش من إصابتي بمخالبه، وشعرت بالألم يشتعل في ذراعي، لكنني لم أستسلم. استجمعت قواي وركضت بعيدًا قليلاً لأعيد ترتيب أفكاري.
استنشقت الهواء بعمق، ثم عدت للقتال، السيف يتلألأ بيدي. هاجمت الوحش مجددًا، ووجهت ضربة قوية نحو قلبه، لكنه فرّ من أمامي بسرعة، وأطلق زئيرًا مدويًا، كأنه يستفزني للقتال.
استمرت المعركة بلا هوادة. كانت ضرباتي تلتقي بمخالبه، وصوت احتكاك السيف بجلده يملأ الأجواء. كان علي أن أكون أكثر حذرًا، فقد كنت أدرك أن كل لحظة قد تكون فاصلة بين الحياة والموت.
في لحظة حاسمة، رأيت فرصة. استجمعت كل قوتي، وانطلقت نحو الوحش في اندفاع مدهش. وجهت ضربة هائلة نحو جانبه، وأصبت الوحش في موقع حساس. أصدر زئيرًا مكتومًا، وشعرت بقوة السيف تتدفق في عروقي.
لكن الوحش لم يكن مستعدًا للاستسلام. تراجع قليلاً، ثم انطلق نحوي في هجوم مضاد. كنت أتحرك بسرعة، أصد ضرباته بقوة، لكن الوحش كان يملك قوة هائلة، مما جعل المعركة أكثر شراسة.
أصبحت المعركة أكثر تعقيدًا، حيث كنت أتجنب الضربات وأرد عليها في نفس الوقت. في إحدى اللحظات، تمكن الوحش من دفع السيف بعيدًا، وأطلق زئيرًا مروعًا كأنه يستعد للافتراس. لكنني لم أستسلم.
في لحظة حاسمة، استجمعت قواي، ووجهت ضربة أخيرة نحو قلب الوحش. كانت ضربة ساحقة، وعندما لامس السيف جسده، انفجر في موجة من الطاقة.
سقط الوحش على الأرض، بينما كانت أنفاسه تتلاشى. وقفت هناك، أنفاسي تتردد في أذني، بينما كنت أستعيد قواي. شعرت بالانتصار، حين سمعت صوت التعويذة:
"[لقد قتلت وحشًا خاملاً]"
"[لقد حصلت على أربع شظايا إضافية]"
يتبع...