[منظور إيثان سكارليث]

...فجأة، انهمرت الأمطار بغزارة شديدة من السماء الحمراء القاتمة. كانت قطرات الماء كبيرة وباردة، تضرب أوراق الأشجار المتشابكة والأرض الموحلة بقوة، محدثة صوتًا يشبه قرع الطبول المستمر.

كنت أرتدي المعطف الأسود الذي حصلت عليه، والذي بدا أنه يصد الماء بشكل غريب، لكن وجهي كان لا يزال مغطى بالمياه المتدفقة، تجعل الرؤية أكثر صعوبة وتضيف شعورًا بالبلل والانزعاج.

بدأت أحتضن نفسي، محاولًا الاحتفاظ ببعض الدفء في هذا الجو الكئيب والرطب. كان صوت الرعد يدوي في السماء، عالياً ومخيفًا، يهز الهواء من حولنا، لكن الغيوم السوداء الكثيفة كانت تحجب أي رؤية للبرق، مما جعل الصوت أكثر رعبًا، وكأنه يأتي من فراغ مظلم.

توقفت عن السير فجأة، وتركت جسدي ينتفض تحت وطأة البرد والخوف. "أنا... خائف." تمتمت بصوت خافت، بالكاد أسمع نفسي فوق هدير المطر والرعد. "غابة الكابوس... الرؤيا التي أراها... كل ذلك كان مرعبًا."

شعرت بدموع حارة تنزل من عينيّ، تختلط بماء المطر البارد الذي يغسل وجهي. لم أستطع كبح جماح مشاعري بعد الآن. كل الرعب والضغط الذي تراكم بداخلي بدأ ينفجر.

"كنت دائمًا هكذا..." تابعت بصوت متقطع، والدموع تنهمر بغزارة. "كل يوم يمر علي رعبًا مختلفًا... مطاردة، قتال، مناظر مروعة... حتى أحلامي لم تعد ملاذي الآمن."

تذكرت الرؤيا الأخيرة بوضوح مؤلم. العيون القرمزية المتوهجة، القرون البارزة من بين الضباب الكثيف... كان شيئًا يفوق أي كابوس عشته من قبل. الشعور بالشر المطلق والقوة الهائلة التي شعرت بها في تلك اللحظة كان لا يزال يتردد في روحي.

"لماذا أنا هنا؟" تساءلت بصوت يائس، أرفع وجهي المبلل نحو السماء الحمراء الممطرة. "ماذا فعلت لأستحق كل هذا؟ لماذا يجب أن أعيش في هذا الرعب المستمر؟"

شعرت بالوحدة المطلقة. قط الظلال كان بجانبي، لكنه كان صامتًا، وكأنه لا يستطيع فهم عمق خوفي ويأسي. ربما لم يكن لديه مشاعر مماثلة. ربما كان مجرد مخلوق من هذا العالم المرعب، معتادًا على كل هذا الجنون.

جلست على الأرض الموحلة، ولم أعد أهتم ببرودة الماء الذي يتسرب إلى ملابسي. احتضنت ركبتيّ إلى صدري، ودفنت وجهي بينهما، أبكي بصمت تحت هدير المطر والرعد.

تذكرت حياتي قبل الاستيقاظ، لكن الذكريات كانت باهتة ومشوشة، وكأنها صور قديمة تتلاشى مع مرور الوقت. هل كنت شخصًا سعيدًا؟ هل كان لدي أصدقاء؟ عائلة؟ لم أستطع تذكر أي شيء بوضوح. بدا الأمر وكأنني ولدت في هذا الكابوس، وكأن الرعب هو حالتي الطبيعية.

الشعور بالضياع كان ساحقًا. لم أكن أعرف من أنا حقًا، أو لماذا أنا هنا، أو كيف يمكنني الهروب. كل ما كنت أعرفه هو الخوف المستمر الذي يلتف حولي كظل دائم.

بدأ جسدي يرتجف بعنف، ليس فقط من البرد، بل من موجة جديدة من الخوف اجتاحتني. شعرت وكأن هناك شيئًا يراقبني من بين الأشجار المظلمة، شيء يستغل ضعفي ويستمتع ببؤسي.

رفعت رأسي ببطء، ونظرت حولي بعيون دامعة. كانت الغابة تبدو أكثر رعبًا تحت المطر الغزير. الظلال تتراقص بطريقة مشؤومة، والأصوات أصبحت أكثر حدة وإزعاجًا. شعرت بأن كل شجرة وكل ورقة وكل قطرة مطر كانت جزءًا من هذا الكابوس، تتآمر لجعل حياتي أكثر بؤسًا.

"يجب أن أكون أقوى." تمتمت لنفسي، محاولًا استجماع بعض الشجاعة. "يجب أن أتوقف عن الخوف. يجب أن أجد طريقة للنجاة من هذا المكان."

لكن الكلمات بدت جوفاء، وكأنها مجرد أمنيات عاجزة في وجه هذا الرعب الهائل. كنت أشعر بالضعف واليأس أكثر من أي وقت مضى.

قط الظلال اقترب مني ببطء، وجلس بجانبي على الأرض الموحلة.

لم يلمسني، لكن وجوده كان يوفر نوعًا من الراحة الغريبة. ربما لم يكن يفهم مشاعري، لكنه كان هنا. لم يتركني وحدي.

نظرت إليه، وعيناي دامعتان. "أنا آسف." قلت بصوت خافت. "أنا فقط... لم أعد أستطع تحمل كل هذا."

هز قط الظلال رأسه ببطء، ثم أصدر صوتًا خافتًا يشبه الخرخرة. لم أستطع تحديد ما إذا كان يحاول تهدئتي أو أنه كان مجرد تعبير عن وجوده.

استمر المطر في الهطول بغزارة، والرعد يدوي في السماء. شعرت بالبرد يتغلغل في عظامي، لكنني لم أعد أهتم. كنت غارقًا في يأسي وخوفي.

في تلك اللحظة، شعرت بشيء غريب. قوة خافتة تنبعث من قط الظلال. بدأت تتوهج ببطء، والنور الأحمر الخافت ينبعث من عينيه. شعرت بطاقة دافئة تنتشر من جسده، وتغلفني بنوع من الحماية المؤقتة.

نظرت إليه بذهول. "ماذا... تفعل؟".

لم يجب قط الظلال، لكن توهجه ازداد قليلاً. شعرت بشيء من الخوف يتلاشى، وحل محله شعور طفيف بالراحة. ربما لم يكن يفهم خوفي، لكنه كان يحاول مساعدتي بطريقته الخاصة.

بقيت جالسًا تحت المطر الغزير، أحتضن نفسي، بينما يوفر لي قط الظلال بعض الدفء الخافت. كان الرعد لا يزال يدوي، لكن صوته بدا أقل ترويعًا الآن. ربما لم أكن وحدي تمامًا في هذا الكابوس. ربما كان هناك بصيص من الأمل، حتى في أحلك الظلام.

لكن الطريق أمامي كان لا يزال طويلًا ومرعبًا، وكنت أعرف أنني سأواجه المزيد من الرعب قبل أن أجد أي راحة حقيقية.

...

...

...بينما كنت جالسًا تحت المطر الغزير، أحاول استجماع شجاعتي بعد لحظة الضعف التي انتابتني، شعرت بشيء غريب في الهواء. لم يكن مجرد برودة المطر أو رطوبة الغابة. كان هناك شعور بالضغط، وكأن الغلاف الجوي نفسه يزداد كثافة.

نظرت حولي ببطء، لكن الظلام والمطر الكثيف حجبا عني الرؤية الواضحة. قط الظلال كان لا يزال بجانبي، توهجه الخافت مستمرًا، لكنني شعرت بتوتر خفي في جسده الصغير.

فجأة، سمعت صوت هسهسة عميق ومقزز يقترب بسرعة. كان الصوت مألوفًا ويثير أسوأ ذكرياتي. قبل أن أتمكن من الرد، ظهر من بين الأشجار المظلمة العنكبوت الجبار برأسه البشري المشوه.

كان يتحرك بسرعة مذهلة، وأطرافه الطويلة تنزلق على الأرض الموحلة دون إصدار صوت تقريبًا. كانت عيناه المجوفتان مثبتتين علينا، وشعرت بنظرة ثابتة وشريرة تخترق روحي. كانت رائحته النتنة، مزيج من الموت والعفن، تملأ الهواء.

كان يبدو غاضبًا، ربما بسبب مقاطعة وجبته أو بسبب وجودنا في منطقته. لم يكن لدي شك في أنه كان ينوي قتلنا.

تراجعت بسرعة، وسيف الشيطان جاهزًا في يدي. قط الظلال زمجر بصوت منخفض واستعد للهجوم، لكنني شعرت بأن هذا لن يكون كافيًا. كنا قريبين جدًا من الموت.

في تلك اللحظة، اشتد هدير الرعد، لكن هذه المرة كان مختلفًا. لم يكن مجرد صوت عالٍ، بل كان اهتزازًا عميقًا يتردد في عظامي، وكأن شيئًا ضخمًا يقترب من السماء.

ثم بدأ المطر يتوقف فجأة، وكأن يدًا خفية أوقفت تدفقه. فتحت عينيّ على اتساعهما، محاولًا استيعاب هذا التغير المفاجئ. الغيوم السوداء الكثيفة بدأت تتلاشى ببطء، وكأنها تنسحب أمام قوة أعظم.

وما ظهر من بين الغيوم الممزقة جعل قلبي يتوقف عن النبض للحظة.

كانت السماء لا تزال حمراء قاتمة، لكن من بين الغيوم المتفرقة، ظهرت تلك الفتاة.

كانت تحلق على ظهر طائر جبار ضخم، أكبر بكثير من أي طائر رأيته في حياتي. كان يمتلك جسدًا مغطى بريش أسود حاد كالشفرات، وأجنحة جلدية عملاقة تمتد لعشرات الأمتار، تخفق ببطء وقوة، محدثة دوامات من الهواء الأحمر. كان رأسه يشبه رأس نسر ضخم، لكن بمنقار أسود طويل ومعقوف ينتهي بأسنان حادة. وكانت عيناه صفراوين متوهجتين، تنظران إلى الأسفل بهيمنة مطلقة.

وعلى ظهر هذا الطائر الجبار، كانت تقف هي.

شعرها الأبيض الطويل ينساب مع الريح كأنه نهر فضيّ، يلمع تحت نور الشمس الحمراء المشؤوم. كانت ترتدي زيًا داكنًا مصممًا بدقة، رموز محفورة في القماش نفسه تتوهج بخفوت، وكأنها تتحرك حين لا أنظر إليها مباشرة.

عيناها... حمراء متوهجة، مثل جمرتين متقدتين في ليل لا نهاية له. كانت تنظر إلى الأسفل بثقة تامة، وكأنها تملك السماء نفسها.

قرونها... منحنية، داكنة... لكنها تتوهج من الأطراف بتدرجات حمراء كأنها مشبعة بسحر من نوع لا أفهمه... بل لا أريد أن أفهمه.

كانت تبدو وكأنها امتداد لجمالها الشيطاني.

وفي يدها... كان السيف.

طوله يقترب من طول جسدها، لكنه لم يُثقلها. بدا وكأنه امتداد لجسدها. كان سيفًا حيًا... ينبض... يهمس. أحجاره الحمراء متوهجة بضوء خافت لكنه قوي، يشع بقوة سحرية لا يمكن إنكارها.

كانت تنظر إلينا مباشرة. شعرت بنظرتها تخترقني، تتجاهل تمامًا العنكبوت الجبار الذي كان على وشك الانقضاض علينا. شعرت وكأنها ترى شيئًا أبعد، شيئًا أكثر أهمية.

كانت هالتها مرعبة، تمامًا كما شعرت في رؤياي. كانت هناك قوة كامنة تشع منها، قوة تفوق أي شيء واجهته في غابة الكابوس.

شعرت بالضعف والعجز أمام هذا الكائن السماوي الشيطاني.

العنكبوت الجبار توقف للحظة، وكأنه شعر بوجود قوة أخرى في المنطقة. رأسه البشري المشوه التفت نحو السماء الحمراء، وعيناه المجوفتان تحدقان بالفتاة على ظهر الطائر.

كان هناك توتر واضح في الهواء. شعرت وكأن قوتين عظيمتين على وشك الاصطدام.

الفتاة بدأت تهبط ببطء، والطائر الجبار يحرك أجنحته بهدوء وثقة. كانت تقترب، والعنكبوت الجبار كان لا يزال يقف بيننا وبينها، وكأنه حارس غير متوقع.

كانت تنظر إليّ مباشرة، وعيناها الحمراوان تتوهجان بحدة. شعرت وكأنها تعرفني، وكأنها تتوقع وجودي هنا.

ثم، فتحت فمها وتحدثت. لم يكن صوتها عاليًا، لكنه كان واضحًا وقويًا، يتردد في الهواء وكأنه صدى من عالم آخر.

"أنت...

كانت الكلمة الوحيدة التي نطقتها، لكنها كانت تحمل وزنًا هائلاً. شعرت وكأنها تحمل اتهامًا وسؤالًا في نفس الوقت. كانت تنظر إليّ وكأنها تتذكر شيئًا، وكأنها تربطني بشيء ما.

العنكبوت الجبار أصدر صوت هسهسة غاضب، وبدأ يتحرك نحونا مرة أخرى، لكن نظرات الفتاة كانت لا تزال مثبتة عليّ.

شعرت بالخوف والارتباك. لماذا تنظر إليّ هكذا؟ هل تعرفني؟ ماذا يعني كل هذا؟

كانت تقترب أكثر، والطائر الجبار يحوم فوقنا، يحجب ضوء الشمس الحمراء المشؤوم. كنت محاصرًا بين وحشين مرعبين، ولا أعرف ما هو مصيري.

في تلك اللحظة، كل ما كنت أعرفه هو أن رؤياي قد تحققت بشكل مرعب، وأنني أواجه خطرًا أكبر مما تخيلت. ونظرات تلك الفتاة ذات العيون القرمزية كانت تخبرني بأن هذا لم يكن مجرد لقاء عابر. كان هناك شيء أعمق، شيء أكثر رعبًا يحدث هنا.

وانتهى كل شيء في نظراتها الحمراوين المتوهجتين.

2025/05/12 · 14 مشاهدة · 1465 كلمة
Vicker
نادي الروايات - 2025