ألسنة اللهب: الرحلة نحو المجهول
في عالم مضطرب، حيث تتصارع الممالك على النفوذ، كانت مملكة الأطلس تتربع على عرش القوة. محاطة بتوترات متصاعدة بين العائلات النبيلة، كل عائلة تحمل تاريخًا مثقلاً بالمجد والهزائم، وكانت العلاقات بينها كخيوط رفيعة من الحرير، تتأرجح بين الخيانة والتحالف.
في قرية نائية تُدعى سيرينيل، كان هناك شاب يُدعى غلايد. في العشرين من عمره، يعيش حياة بسيطة، تتخللها أحلام بعيدة عن واقع قريته. كل ليلة، يستلقي في سريره الخشبي، يتأمل النجوم، مُخيلًا نفسه ببطولة وفخر بعيد عن كابوس الأيام.
لكن في تلك الليلة، تبدل كل شيء. بينما كان غلايد غارقًا في حلمه، استيقظ فجأة على صوت صراخ مدوٍ. كأن العالم قد انكسر في سكون الليل. قلبه بدأ ينبض بسرعة، بينما اختلطت رائحة غريبة في الهواء، مزيج من الدخان والموت.
توجه نحو النافذة، فتحها بحذر، ليكتشف أن قريته محاطة بألسنة اللهب. النيران تتصاعد من عدة منازل، بينما تحت أضواء اللهب، رأى أشخاصًا يركضون في حالة من الذعر. "ما الذي يحدث؟" همس لنفسه، مرعوبًا.
اندفع غلايد خارجًا، وهو يشعر بالهواء البارد يضرب وجهه. استجمع شجاعته، متوجهًا نحو وسط القرية، حيث كان الناس يتجمعون في حالة من الفوضى العارمة. رأى جيرانه يتشاجرون مع جنود يرتدون دروعًا سوداء، بدت وكأنها ألبسة من كوابيس.
"تراجعوا!" صرخ أحد الجنود، وهو يُشهِر سلاحه في وجه أحد سكان القرية. شعور الخوف اجتاح غلايد، وهو يعتقد، "لا يمكنني البقاء هنا."
بينما كانت الفوضى تشتعل، لمح شخصًا غريب الأطوار يُراقب الموقف من بعيد. كان أكسيل، المرتدي ملابس غريبة تحمل رموزًا قديمة، وعينيه تتلألأ بحماس غريب. أكسيل، من عائلة الأمازيغ، كان معروفًا بقدرته على التحكم في العناصر الطبيعية.
"من أنت؟" سأله غلايد، مشغول البال بما يحدث حوله.
"أنا أكسيل،" أجاب بوضوح، "أنا هنا للبحث عن شخص مهم. لكن علينا المغادرة الآن."
نظر غلايد حوله، رأى العائلات تحترق، والجنود ينهبون الممتلكات. "لا أستطيع أن أتركهم!" قال بصوت عالٍ، وقد استشعر عبء المسؤولية على عاتقه.
"إذا لم نتحرك، سنكون نحن أيضًا ضحايا،" رد أكسيل. "هناك أشياء أكثر خطورة تنتظرنا، ولن تتمكن من مساعدتهم إذا كنت ميتًا."
أخذ غلايد نفسًا عميقًا، محاولًا استيعاب الوضع. لم يكن يعرف أكسيل، لكنه شعر بوجود شعاع من الأمل في عينيه.
"لنذهب،" قال أخيرًا، متخذًا قراره. "لكن يجب أن نتأكد من أننا لا نترك أحدًا وراءنا."
بينما كانوا يبتعدون عن القرية، تجنب غلايد النظر خلفه، لكنه شعر بالصراع داخل نفسه بين الأمل والخوف. شعور غريب كان يسحبه نحو أكسيل، كأنه يحمل شيئًا من القدر.
"ما هي خطتنا الآن؟" سأل غلايد وهو يتبع خطوات أكسيل.
"علينا الوصول إلى العاصمة،" قال أكسيل، وهو ينظر إلى الأفق، حيث كانت الجبال تتعالى في البعد. "هناك أشياء أكبر تنتظرنا. يجب أن نستعد."
بينما كانوا يتحدثون، أشار أكسيل نحو الأفق، حيث كانت عواصم الممالك الأخرى تظهر كظلال باهتة. "عليك أن تعرف أن الحرب ليست فقط ضد هؤلاء الجنود،" تابع أكسيل. "هناك صراعات عميقة بين العائلات النبيلة. الأعداء قد يكونون أقرب مما تعتقد."
غلايد تذكر حديثه مع البارون ألين من عائلة الشجاعة، الذي حذر من وجود خونة بين صفوفهم. "كيف يمكنني أن أكون جزءًا من كل هذا؟" تساءل غلايد، وهو يشعر بأنه مجبر على الانغماس في صراعات لم يكن يعرف عنها شيئًا.
"ستتعلم،" أجاب أكسيل بحزم. "كل شيء مرتبط، وما يحدث في القرى البعيدة له تأثير على العواصم."
"وماذا عن ملك الأمازيغ؟" سأل غلايد بفضول. "هل هو جزء من كل هذا؟"
ابتسم أكسيل، عينيه تتلألأ بالغموض. "ملك الأمازيغ هو أسطورة، لكن هناك من يسعى لاستغلال الأساطير لأغراضهم. ومن المحتمل أن لديك دور تلعبه في كل هذا."
بينما كانوا يتجهون نحو العاصمة، بدأت قلوبهم تخفق بقوة. غلايد شعر بشيء يتغير في نفسه. في أعماق روحه، كان هناك شعور بأن مصيره مرتبط بأحداث أكبر من مجرد نجاته.
"ما الذي يمكنني فعله؟" تساءل غلايد، وعينيه مليئتين بالعزم.
"استعد لتكون جزءًا من التاريخ،" قال أكسيل، وهو يواصل السير نحو المجهول.
---