عندما استعاد غلايد وعيه، كان جسده مثقلاً بالألم. لم تكن الغرفة التي أفاق فيها مألوفة، لكنها كانت تنبض بالدفء. السقف كان من القش، والجدران مصنوعة من طين قديم، تتناثر عليها رسومات بدائية. جلس على السرير بصعوبة، ممسكًا رأسه الذي ينبض بشدة.
كان الشيخ واقفًا قربه، يضع يده على كتفه، ويقول بصوت مليء بالقلق: "استرح يا بني، لا حاجة للإجهاد الآن. لقد أنقذت القرية، لكنك كدت تهلك."
رفع غلايد نظره نحو الشيخ، ملامح الارتباك ترتسم على وجهه. "ماذا حدث؟" سأل بصوت متعب.
تنهد الشيخ وقال: "استخدمت قوة غريبة، طاقة رهيبة دمرت قطاع الطرق. لكن جسدك لم يتحملها، كنت على وشك الموت."
صمت غلايد للحظة، وتذكر تلك اللحظة المدمرة. تذكر الجوهرة، وتذكر الألم والنزيف. مد يده نحو صدره، لكنه لم يشعر بشيء غير طبيعي. حاول أن يسأل الشيخ عن الجوهرة، لكنه أدرك أن الرجل لا يعلم شيئًا. قرر الاحتفاظ بالأمر لنفسه، على الأقل حتى يفهم ما يجري.
مر يومان، غلايد لا يزال يتعافى، لكن وجوه أهل القرية كانت ممتنة له. قدموا له الطعام والعناية، وكان الشيخ يراقبه عن كثب، وكأنه يحاول فك شيفرة هذا الزائر الغامض.
في ليلة مقمرة، وبينما كان غلايد يتأمل السماء خارج الكوخ، اقترب منه الشيخ بهدوء. جلس بجانبه وقال: "الحرب قادمة يا بني. قطاع الطرق هؤلاء مجرد بداية. سمعت شائعات أن مملكة الرمال الذهبية قد تتعرض للهجوم قريبًا. القرى مثلنا ستكون في خطر أكبر."
صمت غلايد، لكن قلبه امتلأ بالقلق. كان يعلم أن شيئًا كبيرًا يجري، وأنه بطريقة ما، جزء من هذا كله.
في مكان آخر: مملكة الرمال الذهبية
كان الملك نامير يجلس في قاعة العرش، محاطًا بمستشاريه. الأجواء مشحونة بالتوتر، فقد وصلت أخبار جديدة عن تحالف أعداء جديد يتجه نحو المملكة.
"لا يمكننا الانتظار أكثر!" قال أحد القادة العسكريين. "علينا التحرك الآن، وإلا ستُسحق مملكتنا."
لكن نامير كان صامتًا، عينيه تحدقان في الخريطة أمامه. كان يعلم أن أي خطوة خاطئة قد تكلفهم كل شيء.
"أرسلوا الجواسيس إلى مملكة الفجر الغامض،" قال بصرامة. "نحتاج إلى معلومات دقيقة. ولا تُظهِروا أي ضعف. الشعب يعتمد علينا."
في اليوم التالي، بدأ غلايد بمساعدة أهل القرية في إصلاح ما دمره قطاع الطرق. كان جسده لا يزال مرهقًا، لكن شعوره بالمسؤولية دفعه للاستمرار. وبينما كان يعمل بجانب الشيخ، لاحظت عينيه شيئًا غريبًا في الأفق.
رجل غريب يتقدم نحو القرية، يرتدي عباءة سوداء تخفي معظم ملامحه. كان طويل القامة، مشيته بطيئة لكنها مهيبة. توقفت كل الأنشطة في القرية عندما وصل.
"من أنت؟" سأل الشيخ، ونبرة الحذر واضحة في صوته.
رفع الرجل رأسه قليلًا، لتكشف العباءة عن وجه شاحب وعيون رمادية باردة. "جئت للبحث عن شخص. رجل يحمل طاقة خاصة."
شعر غلايد بارتباك كبير، لكنه لم يتحرك. كان يعلم أن هذا الزائر يبحث عنه.
"لا يوجد أحد كهذا هنا،" قال الشيخ بحزم.
لكن الرجل ابتسم ابتسامة باردة وقال: "سنرى."
رفع الرجل يده، وبدأت طاقة داكنة تتجمع حوله. كانت الأرض تهتز بشكل طفيف، وكأنها تستجيب لأمره.
في تلك اللحظة، شعر غلايد بالجوهرة في صدره تبدأ في التوهج مرة أخرى. الألم الذي حاول نسيانه عاد ليغمره، وكأنها تستجيب لوجود هذا الرجل.
اندفعت الطاقة الحمراء من داخله فجأة، لكنه بالكاد استطاع الوقوف. كان يعلم أنه إذا استخدم هذه القوة مرة أخرى، فقد لا ينجو.
لكن الرجل الغامض تقدم خطوة أخرى وقال: "أنت من
كنت أبحث عنه. أخيرًا وجدتك."