استفاق غلايد ببطء، وكأنه قد استعاد وعيه بعد غياب طويل. كان الصوت الوحيد الذي يحيط به هو همس الرياح، بينما تسرّب ضوء الشمس الخافت من نافذة صغيرة إلى الغرفة البسيطة. فتح عينيه ببطء، ليجد نفسه مستلقيًا على سرير خشبي قديم، محاطًا بجدران مغطاة بنقوش قديمة. كان في غرفة ضيقة، وبرز أمامه وجه شيخ مسنّ، يتميز بتجاعيد عميقة تحت عينيه وكأنها تحمل قصصًا من الأزمنة الغابرة.
"لقد وجدناك مغمى عليك في الصحراء،" قال الشيخ بصوت عميق وهادئ. "نقلناك إلى قريتنا لتستريح. نحن هنا في أمان، لكن عليك أن تكون حذرًا، فالصحراء تخفي الكثير من المخاطر."
جلس غلايد ببطء، متفحصًا نفسه. كان يشعر بشيء غريب، وكأن جسده قد عُدّل. لم يكن هناك ألم، ولكن هناك إحساس غير مريح تحت قميصه. همهم بقلق وسحب قميصه ليكتشف أثرًا عميقًا على جلده. كان هناك شيئًا غريبًا يلمع تحت الجلد، وكأنه جوهرة حمراء متأصلة في صدره. شكلها كان غير منتظم، كأنها قطعة من لهب متجمد، خطوطها الحادة تلتف حول نفسها كما لو كانت تعيش حياة خاصة بها.
تلمس الجوهرة بحذر، لكنه لم يستطع تحديد طبيعتها أو سبب وجودها في جسده. ورغم أن الشيخ لم يكن يعلم بوجود الجوهرة، إلا أنه كان يلاحظ أن هناك شيئًا غير عادي في غلايد. كان ينظر إليه بتوجس، وكأنه يحاول فهم تلك الطاقة الغامضة التي تشع منه.
"آمل أن تكون بخير،" قال الشيخ. "لقد عالجناك، وقدمي لك بعض الطعام. من الأفضل أن تستعيد قواك قبل التفكير في العودة إلى الصحراء."
بعد برهة، جلب الشيخ بعض الخبز والماء، وضعهما أمام غلايد. تناول الطعام بشغف، فقد كان جائعًا بشكل لا يوصف. خلال هذه اللحظات، بدأ الشيخ يتحدث عن قريتهم، عن الحياة اليومية فيها، وكيف يعيشون بعيدًا عن صراعات الممالك.
"نحن هنا في خطر دائم،" قال الشيخ بحزن. "الحرب تقترب، وقطاع الطرق أصبحوا أكثر شراسة. قبل أيام، هاجموا قرية قريبة، وسرقوا كل ما استطاعوا. نحن هنا نعيش في أمان نسبي، لكن ذلك قد يتغير في أي لحظة."
أشعل حديث الشيخ قلقًا في قلب غلايد، فتذكر كيف خرج من قريته بحثًا عن مغامرة، ولكن ما وجده كان أكثر من مجرد استكشاف. في تلك اللحظة، دوّت أصوات صرخات من بعيد، مما جعل قلبه ينقبض. كان هناك رجال مسلحون، قطاع طرق، يهاجمون القرية بلا رحمة. صرخات النساء والأطفال في كل مكان جعلت غلايد يستشعر الفوضى تقترب.
في خضم الفوضى، شعر غلايد بشيء يتجلى بداخله. كأن الجوهرة التي تحملها في صدره بدأت تضيء، وتحولت تلك الطاقة الهادئة إلى طاقة غامرة. في لحظة من الذعر، انتبه إلى ما كان يحدث. لم يكن لديه وقت للتفكير، فقد استجاب جسده بشكل غريزي.
في تلك اللحظة، هبّ غلايد واقفًا، وعينيه متسعتين من الدهشة. مدّ يده نحو الجوهرة، وفجأة، تدفقت تيارات من الطاقة الحمراء من صدره. كتل ضخمة من الطاقة شكلت هالة حوله، وتسببت في اهتزاز المكان.
لكن فجأة، تحولت الطاقة إلى طوفان من الدمار. انطلقت ضربة هائلة من الطاقة، تسببت في اهتزاز الأرض من تحت أقدامه، وأحدثت انفجارًا هائلًا هزّ المكان وأطاح بالعديد من قطاع الطرق وكأنهم ريشًا في عاصفة. ومع ذلك، كانت تلك القوة أكبر مما كان يتوقع، وبدأ يشعر بالألم الشديد يتصاعد في جسده.
بينما كانت طاقة الجوهرة تغمره، بدأ غلايد يعاني من نزيف حاد من أنفه وفمه، وازداد ضعفًا. لم يستطع السيطرة على تلك القوة، وأحس بظلام يحيط برؤيته. كانت الآلام تتزايد، وعندما زادت تلك الضغوطات عليه، بدأ يصرخ بصوتٍ مرعب يتردد في الأرجاء. في تلك اللحظة، لم يكن غلايد، بل أصبح شيئًا آخر، شيئًا مشوهًا ومشوهًا سقط على الأرض وبدأ يفقد وعيه.
شاهد الشيخ بدهشة وهو يرى كيف أن الشاب الذي أنقذوه تحول إلى قوة غامضة. لم يكن غلايد قد اختار هذه القوة، لكنها ظهرت فجأة في وقت الحاجة. وبالكاد استطاع الشيخ الاقتراب منه، وصرخ في فزع، "ماذا يحدث؟!"
ومع تدفق الطاقة من جسده، كان غلايد يغيب عن الوعي شيئًا فشيئًا، وكأن الجوهرة كانت تستنزف قواه. ومع بزوغ الفجر، أدرك الشيخ أنه لا بد من إنقاذه، وأن هناك شيئًا أكبر بكثير في طريقهما.
بينما كان غلايد يفقد وعيه، شعر بأن شيئًا غامضًا يحدث. كانت الأصوات تتلاشى، والصورة أمامه تتشوش، وكأنه يُسحب إلى عوالم أخرى. وبالرغم من حالته، كان في أعماق عقله يدرك أنه يجب عليه القتال من أجل
البقاء.