11 - ما بين الصمت والابتسامات

إييوليان بوف

عندما رآني نوي في حديقة المنزل، توجه بإتجاهي.

لم يسعني إلا أن أتتبع ملامح شكله، التي تكملها الملابس التي يرتديها. رقبته النحيلة، ترتفع من ياقة عباءته مثل عمود من الرخام، وتؤدي إلى خط فكي ينبئ عن طبيعة لطيفة وروح يمسها الإحساس.

أكتافه، ضيقة وغير مثقلة بالأعباء، تنحدر بسهولة، تنسدل العباءة عليهما مثل الظل الذي يداعب الأرض. صدره لا يروي قصة معارك وأعباء، بل قصة قوة هادئة، حيث يستقر قماش سترته عليه كما لو كان جلدًا ثانيًا أكثر نعومة.

يضيق خصر بنطاله، متبعًا الانحناء الدقيق لجذعه، ويحكم الحزام دون قيود، مما يسمح للتدفق الطبيعي لشكله بالتحدث عن النعمة بدلاً من القوة. صدره، المتواضع في صعوده وهبوطه، غير مزين بتباهى العضلات الواضحة، لكنه يتطلب حضورًا متواضعًا وجذابًا في نفس الوقت.

تحت حاشية عباءته، لا يوجد عرض لعضلات البطن المحددة، فقط نعومة الحياة التي عاشها بالكامل، شهادة على القلب الذي يقدر الفرح والاعتدال على صرامة الانضباط. ساقاه، المغطاة بسراويل أنيقة، تحمله بسلاسة تتحدث عن رشاقة الراقص وليس وقفة المحارب.

ووركيه، على الرغم من عدم تحديدهما بشكل حاد، يوفران أساسًا لمكانته، وهو إبراز دقيق يضيف إلى الانسجام العام لمظهره. في كل جانب، تبدو ملابس نوح امتدادًا لنفسه، وهي قصة من القماش والجلد تحكي عن شخصية معقدة ودقيقة.

و قفت من مقعدي و قابلت عينيه.

'لقد أصبحنا بنفس الطول'

فكرت في نفسي.

"سأخدها منك بأنني أبدوا وسيما."

قال بإبتسامة كبيرة على وجهه.

'يبدوا أنني كنت أحدق'

"إذن؟"

سألني مجددا، يبدوا أنها لن يترك الموضوع دون إجابة.

"تبدوا الملابس لائقة عليك."

هذا أفضل ما يمكنني قوله دون إحراج نفسي.

"شكرا."

يبدوا أنه راض بإجابتي.

'كيف يمكنه أن يكون راضيا بها، أنا نفسي لست راضية بها'.

"هل كنت تنتظرين لوقت طويل."

سألني مجددا بنبرة إعتذارية.

"لا، لم أنتظر طويلا."

لقد كذبت، لقد كنت جالسة هنا لوقت طويل، تحديدا من اللحظة التي صعد فيها إلى الطابق الثاني لتغيير ملابسه.

كان لدي الكتير من التفكير لفعله، مع أنه لم ينفع في شيء، بإستثناء زيادة إرتباكي.

"حسنا هذا جيد."

قال بإبتسامة. يبدوا أنه يبتسم كتيرا مؤخرا، لم أحوال أن أبتسم مجددا بعد ما حدت في السلالم.

'يبدوا أن الإبتسام لم يعد من إختصاصي.'

"هل هناك شيء تريدين فعله بشيء خاص اليوم."

لقد كنت مصدومة من سؤاله، ما الذي يعنيه، هل نحن حقا ذاهبون في موعد.

في الوقت الحالي أبعدت هذا من ذهني و أجبت على سؤاله.

"لا شيء بشكل خاص."

'اللعنة'

لقد قلت ذلك بنبرة باردة من دون أن أتحكم في نبرة صوتي.

"حسنا، في الوقت الحالي، فلنأخد الطريق الرئيسي، تجاه قلعة لورد البلدة، إن كان هناك شيء متير للإهتمام، حينها سنرى."

أخدت نفسا عميقا لتهدئة أعصابي.

يبدو أنه لم يلاحظ نبرة صوتي.

"حسنا."

وافقت دون تفكير كتير.

'حسنا، قودي الطريق."

مهلا لحظة، هل يريد أن نذهب على الأرجل. منزل لورد البلدة بعيد حوالي ساعة.

لم أستطع المساعدة إلا بالسؤال.

"هل سنذهب على الأقدام."

أعطاني إبتسامة لطيفة.

و قال بصوت جدي.

"حسنا، انا أريد أن أحصل على التجربة الكاملة، إن لم تمانعي بالطبع."

اللعنة، في رأسه إننا نخرج في موعد، حسنا لقد كان واضحا، لقد قال بالحرف الواحد، "هل تريدين الخروج معي"، و أنا وافقت من دون أن أفكر حتى.

"أنا لا أمانع."

أعطاني إبتسامة أخرى وقال،

"شكرا."

هل كانت هذه إبتسامته الرابعة لي، أنا لا أعلم بعد الأن،.

لم أعرف كيف أفكر بشأن ذلك، بالكاد تحدت معي لسنتين، و فجأة دون سابق إنذار يطلب مني الخروج في موعد، ما الذي سوف نفعله، ما الذي سوف نتحدت عنه حتى.

لذا بدلا من التفكير أوقفت عملية تفكيري و فعلت كما قال.

سأقود الطريق، أتمنى فقط أن لا أتعبه، جسده ضعيف، هو بالكاد يخرج من المنزل.

يقع منزلنا في الحزء الخارجي من البلدة، و منزل لورد البلدة، يقع في وسط البلدة المليء بالحيوية، لدينا طريق طويل لنقطعه.

أخدنا طريقنا بإتجاه الشمال الشرقي، نحو مدخل مركز البلدة الكبير.

************

بشكل مفاجئ لدى نوي مشية سريعة، لقد وصلنا في نصف الوقت إلى قلب ساحة البلدة، ييدوا أنه متحمس لهذا ...الموعد بشكل كبير.

ألقيت نظرة خاطفة إليه، و أعطاني إبتسامة كبيرة و لم يقل أي شيء.

'يبدوا أنه سعيد بنفسه'

أعدت تركيزي إلى ما كان أمامي.

كان قلب ساحة البلدة مليئا بالحياة، الهواء مليء بمختلف الروائح الغريبة، و تطغى عليها رائحة الزهور المختلفة التي تزين الأكشاك، و الأسوء من ذلك هي رائحة البشر، أستطيع أن أشمها بسبب حواسي المتزايدة.

حاولت تشتيت إنتباهي بعيدا عنها، و أركز على رائحة الزهور.

في الماضي لطالما أحببت القدوم إلى هنا أنا و نوي، لكن الوضع إختلف الأن، لا أستطيع حتى التركيز بشكل مستقيم.

نظرت تجاه نوي، كانت تصرفاته غريبة، بدا و كأن هذه أول مرة له هنا، حتى بعض الباعة ظنوا أنه شخص أجنبي لذلك حاولوا خداعه بصفقات غير عادلة.

كان ينظر إلى كل شيء، و كأنه يريد تجربة كل شيء، بدا متحمسا لكل التفاصيل الصغيرة، كان مهتما بشكل خاص إلى الرجل الأعمى ذي الأعين المخدوشة.

قال بصوت منخفض بالكاد سمعته همساته.

"الحياة صعبة بالتأكيد."

لم أستطع إلا أن أبتسم من بيانه، لطالما كان نوي شخصا طيبة القلب.

فجأة إلتفت لي و أصبح تعبيره تعبيرا ذنب و إعتذار.

قال.

"أنا أسف، لقد نسيت بشأن..."

قطعته في منتصف جملته.

"لا داعي للإعتذار، يجب علي أن أتكيف، يمكنني أن أعتبر هذا جزء من تدريبي."

أعطاني تلك النظرة و كأنه ينظر إلى فتاة صغيرة إرتكبت خطئا كبيرا.

لم أستطع إلا أن أتسائل ما الذي يفكر به، و هو أيضا لم يترك الأمر لنفسه.

"أنا أستمتع بوقتي، يجب أن تستمتعي أنتي بوقتك أيضا، لقد قلت أنه ليس لديك شيء لفعله اليوم، ما يفعله الناس في عطلهم إما البقاء في المنزل مع عائلتهم أو الخروج لقضاء وقت ممتع...."

أعطاني نظرة تأنيب و أضاف،

"الأن فلنخرج من هنا بسرعة....."

هو يريدني أن أستمتع بوقتي، أنا لا أعلم كيف يمكنني فعل ذلك.

"و ذكرني أن أمر على متجر للزهور في طريق عودتنا."

هل يريد أن يشتري لي وردة، لكن لما يخبرني بهذا، أليس من المفترض أن تكون متل هذه الهدايا مفاجأة.

أحيانا أنسى أن مهاراته الإجتماعية لا تكاد تعادل الصفر. لم أستطع إلا أن أضحك من هذا الموقف المضحك.

توجهنا عميقا في قلب ساحة البلدة، في كل مكان حولنا يتداول القرويون في ملابس متنوعة، وجوههم مليئة بالإتارة، في مرحلة ما نوي أمسك يدي كي لا نفتق في هذه الساحة لأن كل زاوية مليئة بالنشاط. إستدار تجاهي و قال.

"تحملي."

ما الذي هناك لأتحمله، في اللحظة التي أمسكت بها يديه يداي، عقلي أصبح فارغا كل الروائح من حولي إختفت، كل ما أستطيع التفكير فيه هو ما الذي إختلف، لقد إعتدنا التجول في هذه الساحة و يدينا متشابكتين لكن لما أشعر بالإختلاف الأن، هل هذا ما تفعله قوة الزمن للناس، تغيرهم و تغير قلوبهم، لم أتجرأ على إستكشاف المشاعر المشتعلة داخلي، لذلك سألت نوي سؤالا لتغيير موضوع محادتتي مع نفسي.

"ما الذي تريده من قصر اللورد الإقطاعي."

نظر إلي بنبرة إعتذارية.

"أنا أسف، سوف أستعير فقط بعض الكتب التي أحتاجها."

لماذا يعتذر.

لقد تابع.

"لكن لا تقلقي، سوف أرسلهم مع حمال، و بعدها يمكننا أن نكون نحن الإتنين فقط."

قال ذلك بإبتسامة تأسر القلب.

لعنت تحت أنفاسي.

'اللعنة، أنا لست مستعدة لهذا.'

أستطيع أن أشعر بخدي يتحولان إلى اللون الزهري.

حاولت السيطرة على مشاعري المتصاعدة، لكن بدون الكتير من النجاح.

بعد فترة من الوقت و صلنا إلى الجدران الخارجية لقلعة لورد البلدة.

2024/06/30 · 18 مشاهدة · 1136 كلمة
Loreem
نادي الروايات - 2025