بدأ عقلي يكتسب وعيه ببطأ، هذا هو الشعور الذي تشعر به عند الإستيقاظ في الصباح، على الأرجح أن الشمس قد أشرقت بالفعل،
ما سيفعله أي شخص عادي في وضع كهذا، هو فتح عينيه بشكل واضح، لكنني لم أكن في أي مكان قريب من عادي، وفعلت العكس تماما،
حاولت بكل ما أملك من جهد أن أبقي عيني مغلقين، و لقد نجحت في ذلك لبعض الوقت، لكن هذا لم يساعد بشأن الافكار الغير ضرورية التي تجول في رأسي بكل حرية و دون قيود، لم يكن هذا شيء غير عادي بالنسبة لي، لقد عشت معه لوقت طويل، أريد أن أقول أنه شيء إعتدت عليه بالفعل، لكن هذه ليست الحقيقة، كل ما فعلته هو محاولة التكيف وربما التعايش،
يقولون أن الانسان هو سيد أفكاره، و إن كان هذا صحيحا، هذا يتركني بين خيارين، الأول هو أنني مصاب بمرض عقلي، هذا خيار غير وارد للغاية، صحيح أنه ليس لدي أي سيطرة على أفكاري لكن لدي نوع من السيطرة على المشاعر التي أختار إظهارها على وجهي،
لا أظن أن هذا عمل فذ يدعو للفخر، لكني فخور بذلك، لعدة أسباب في الحقيقة، معضمها تافهة بالطبع،
القدرة على السيطرة على المشاعر التي تشاركها مع الأخرين، يعني أنك لن تحرج نفسك أمام أي شخص أخر، صحيح قد تحدت مواقف ستجعلك تشعر بالاحراج لدرجة رغبتك في قتل نفسك، لكن مع هذه القدرة المذهلة يمكنك ببساطة إخفاء تلك المشاعر عن الاخرين و ستحافظ على ما تبقى من كرامتك، ظاهريا فقط بالطبع.
السيطرة على تعابير الوجه هي شكل من أشكال السيطرة على النفس، أو هذا ما أظنه على الأقل. لأنه للأن لم أفتح عيني، لا أظن أن هذا إنجاز يستحق التصفيق، لكن يمكن إعتباره كإتبات لصحتي العقلية.
قد يجادل البعض أن كترة الأفكار غير الضرورية التي أختبرها كل يوم تقريبا تقول العكس عما أظنه بشأن صحتي العقلية، لكن يمكنني أن أجادل أن هذه الأفكار لا تؤتر على قدرتي في إتخاد القرارات.
بما أنه تم إتبات الخيار الأول غير وارد، هذا يتركني مع الخيار التاني الأكتر ترجيحا، وهو أنني لست إنسانا، أنا أعلم أن هذا يبدوا مبتدلا فقط من بدايته، لكني أقول ذلك فقط كإستعارة لأنني لم أجد مصطلحا يناسب حالتي،
على أي حال، سأشرح قليلا،
يقولون أن دورة حياة الإنسان تتمحور حول قدرته على ضبط نفسه و وعيه بذاته و إختياراته.
و بما أن هذه الشروط التلاتة غير متوفرة لدي، خرجت بإستنتاج أنني كائن يشبه البشر في الشكل فقط.
أنا لا أمدح نفسي عندما أقول أنني غير إنساني، أجل يمكن أن يكون لدي قدرة هائلة على ضبط النفس عندما يتعلق الأمر بالأشياء عديمة الأهمية، مثل حقيقة أنني لم أفتح عيني إلى الان، لكن عندما يتعلق الأمر بالأمور التي تحمل أهمية كبيرة قد تأتر على مساري المستقبلي، ينتهي بي الأمر بعدم فعل شيء.
أطلقت تنهدا هادئا،
عندما وصلت أفكاري إلى هذه النقطة، بدأة الذكريات المزعجة بغزو فراغي العقلي، بذلت بعض الجهد لمحاولة دفعها إلى الجزء الخلفي من عقلي، لكن هذا كان بدون فائدة،
ليس وكأنني لا أملك حلولا لمواقف كهذه، كما قلت لقد عشت مع هذا لوقت طويل، في مواقف كهذه أستخدم نعمة النسيان لحل هذه المواقف،
أنا شخص خبير عندما يتعلق الأمر بفن النسيان، بعد كل شيء لقد عشت حياتي كلها أتناسى الأشياء المهمة التي كان يجب أن أعتني بها.
وما فعلته في هذه الحالة هي تغيير موضوع أفكاري، بشكل أكتر دقة، عدت لموضوعي السابق.
أنا إنسان ذو وعي ذاتي كبير، أستطيع أن أجادل أنه لا يوجد في هذا العالم أو أي عالم شخص يعرف ذاته كما أعرف ذاتي، على الأقل أحب أن أظن أن الأمر كذلك، لا أختلط كتيرا مع الناس لتأكيد أفكاري هذه، لكن و للأن هذه هي الحقيقة بالنسبة لي، أو حتى يتم إتباتي على خطأ.
بالمناسبة، وعي الأنسان بذاته هو أن يعترف الإنسان بالمسار الذي الذي يجب عليه المرور منه سواء برغبة أو ضرورة. الوعي الذاتي هو مفهوم يصعب شرحه، لأنه يختلف مع درجة إختلاف الفرد،
هنالك الصنف الأول، الأفراد الذي ينتمون لهذا الصنف، هم بشر عملوا بجدية خلال فترات نموهم الثلاثة: الطفولة و المراهقة و البلوغ، و بشكل طبيعي يكتسبون وعيا ذاتي بمسارهم المستقبلي و يسهل عليهم قبوله لأنهم عملوا بجد من أجله، و أيضا لأنها تكون عادة في شكل رغبات أو أحلام، من سيقول لا لهذا.
هنالك الصنف التاني، الأفراد الذي ينتمون لهذا الصنف، هم بشر أضاعوا الربع الأول من حياته في اللهو بكل أشكاله، وبشكل طبيعي تكون خياراتهم المستقبلية محدودة، ليكتسب هذا النوع من البشر وعي ذاتيا يجب عليهم أن يقبلوا أن خياراتهم الحياتية لم تكن الأفضل، عندها و بداعي الضرورة يجبرون أنفسهم على عيش حياة متواضعة.
البعض يظن أن هذا النوع من الحياة مهين، و الأشخاص الذين قبلو بهكذا حياة لا يستحقون الإحترام، لكن أظن أن العكس صحيح، وعيك بذاتك هو أن تقبل نفسك و الخيارات التي إتخدتها و تمضي قدما بحياتك، هذا النوع من البشر يستحقون الإحترام لأنهم بدل إلقاء اللوم، هم يتطلعون إلى الأمام.
و هذا يقودنا إلى الصنف التالت، الأفراد الذي ينتمون لهذا الصنف، هم أيضا ذوي خيارات مستقبلية محدودة، مع أنه قد يبدوا أنه مشابه للصنف التاني، لكن الأمر مختلف متل الليل و النهار، بشكل حرفي.
ما يفصل هذا الصنف عن الصنف الثاني هو أن هذا الصنف لا يملكون أي وعي ذاتي، يُوهمون أنفسهم أنه يستحقون الأفضل في الحياة و لا يقبلون أن ما يختبرونه من محن و مشقات راجع إلى خيارات حياتهم الفقيرة.
هذا الصنف ينتهي بهم الأمر عادة بالإنتحار أو السجن، في أفضل الحالات. وككل شيء في الحياة، هناك جانب مظلم و سيء، لأن معضم الأفراد من هذا الصنف، يأخدون طريق الجريمة كحل لعجزهم وضعفهم، هم لا يدمرون حياتهم فقط، بل يدمرون حياة الأخرين من حولهم.
أنا لم أقابل هذا الصنف من الناس من قبل، ليس و كأنني أريد مقابلتهم على أي حال، لكن حتى بالنسبة لشخص مثلي لا يمكنني سوى أن أحمل مشاعر سلبية تجاههم، ليس لديهم الشجاعة لقبول نتائج خيارات حياتهم أو حتى الشجاعة لإنهاء حياتهم، يعيشون حياتهم مثل الطفيليات يتغدون على إنجازات الأخرين.
و أجل، هذه هي الأصناف التلات لوعي الإنسان بذاته، و إن أخدت نظرة عن قرب ستلاحظ أن هذه هي الأصناف التي تشكل المجتمع البشري، لا يوجد سر هناك.
و.... بالطبع هناك صنف رابع خاص بي،
سأكون صريحا أنا لست إستثناء للقاعة، أنا فقط غششت طريقي عن طريق تأجيل ترقيتي لأصبح إنسانا. أنا كائن ذو وعي ذاتي كبير، لدي الإمكانية ليتم تصنيفي في أي من الأصناف التلات لكن بسبب هذا الوعي إستطعت تأجيل هذا الإختيار لأربع سنوات كاملة،
كما قلت، وعي الإنسان بذاته هو أن يعترف الإنسان بالمسار الذي يجب عليه المرور منه، في هذه السنوات الأربع، كانت لدي مختلف الخيارات منها الجيدة و منها السيءة، لكن كان هناك شيء ما يعيقني يمنعني من إتخاذ القرار، أنا أعرف ما أنا قادر عليه و ما أستطيع أن أصبح عليه، ما لا أعرفه هو ما أريده.
أو ربما هذا مجرد عذر لشيء أخر، أحب أن أظن أن هناك قوة خارجية تمنعني من إتخاد القرار، كنت متيقنا لفترة من الوقت أن هذا غير صحيح لكني أصبحت غير متيقنا بعد الأن.
بقيت مستلقيا فوق السرير المريح من دون أي حركة مع عيني مغمضتين لفترة طويلة.
بعد فترة من الوقت أخرجت تنهدا.
تنهد..
وفكرت في نفسي،
لو كنت فقط أوازن عملي العقلي مع عملي الجسدي، من يعرف ما كنت سأصبح عليه،'
أبعدت هذا من ذهني وعدت لمسار أفكاري،
على أي حال، في فترات حياة الإنسان، كل القرارات المهمة يتم إتخادها بحرص و تفكير مطول، و كيف لهذه الخيارات أن تأتر على مستقبل الفرد ، متل إختيار التخصص الدراسي الذي سوف تتخده على سبيل المثال، هذا الخيار هو خيار مهم يمكن أن يغير حياتك للأفضل أو للأسوء، و مع ذلك نجد بعض الأفراد يأخذون مثل هذا الخيار بإستخفاف، من ضمنهم أنا نفسي.
أنا أعلم صدمة، لكن حالتي مختلفة عن الحالات الإعتيادية التي نراها كل يوم لعدة أسباب.
متل هذه الأفعال لديه إسم معروف للجميع، وهو التهور،
التهور هو أن تتخد خيارات مغيرة للحياة بناء على مشاعر مؤقتة.
الحب و الصداقة هما أحد هذه الأمتلة، إنها لمأسات أن تشاهد شبانا بمستقبل زاهر يأخذون الخيارات الخاطئة بناء على مشاعر عديمة الفائدة.
أستطيع أن أقول أنني أيضا إتخدت خيارات متهورة، لكنني لم أفعلها بناء على المشاعر، أحب أن أظن أن سبب إتخادي لهذه الخيارات هو الغريزة و الجهل، لكن هناك سبب في الحقيقة، كل الخيارات التي إتخدتها كانت من أجل شراء الوقت، ما لا أعرفه هو لماذا.
لماذا إتخدت متل هذه الخيارات؟
لماذا أظن أنني أحتاج إلى الوقت؟
ربما أحببت فكرة عدم القيام بأي شيء، أو ربما أنا مجرد شخص متهور أفكر كتيرا بشأن نفسي.
ليست لدي كل الأجوبة و لم أتمكن من الحصول عليها على أي حال، لم أحاول حتى، حياتي كانت مجرد رحلة لا نهاية لها من كسب الوقت، لكن سرعان ما تغير ذلك، كما كل الأشياء في الحياة.
يواجه كل شخص على الأقل حدثًا يغير حياته ويدفعه إلى أن يكون أفضل، وأن يغير نفسه، وأن يرقى إلى مستوى التوقعات منه. لقد كنت أحد الأشخاص الذين مرو بتجربة كهذه، لقد اعتقدت أن هذه هي لحظتي، ولا يمكن أن تسوء الأمور أكثر من ذلك. هذه هي نقطة التغيير في حياتي. أنا يجب أن أفعل شيئا.
لم أفعل أي شيء، لقد حاولت، أقنعت نفسي أنني حاولت، لكن في الحقيقة محاولتي لم تكن محاولات على الإطلاق، لفترة طويلة لم أعرف كيف أشعر، لأنه و لأول رأيت نفسي على حقيقتها وتعلمت ما كنت أتجاهله لفترة طويلة،
يقولون أن الطريقة التي تفعل بها أي شيء هي الطريقة التي تفعل بها كل شيء.
لقد كرهت نفسي لأنني لم أقدر أو أحاول أن أفعل أي شيء، لم يمكن أن تسوء الأمور أكتر مما كانت عليه، كل يوم أنظر حولي و ما أراه هو كيف يتغير الأشخاص حولي بسرعة، يستمدون القوة من أصعب المواقف و يمضون قدما،
لكن أنا...
صرير..
سمعت صوت صرير خافت، حينها لاحظت أنني أضغط أسناني بقوة دون وعي،
مجددا و من دون أن أدرك، تحولت أفكاري لإتجاه غير مرغوب فيه، كما قلت أنا شخص خبير عندما يتعلق الأمر بفن النسيان، لذلك عرفت ما هي خطوتي التالية، حاولت دفع هذه الذكريات...المؤلمة للجزء الخلفي من عقلي، هذه المرة لم ينجح الأمر كما توقعت،
أطلقت ضحكة خافتة،
يبدو أنني لست جيدا كما أدعي.'
أعدت الكرّة مرة أخرى على أمل التخلص مما يزعجني، لكن دون جدوى،
لا يمكنك الحصول على كل شيء في الحياة على ما يبدوا،'
أطلقت لعنة خافتة تحت أنفاسي، وفكرت،
سأقولها مجددا أن أكره حقيقة أنه ليس لدي سيطرة على أفكاري، أعلم أن هذا ليس شيئا بإمكان أي شخص القيام به، و مع ذلك أنا لست فخورا بهذه الحقيقة.
وبعد بضع جولات من تعذيب نفسي بنفسي،
أطلقت تنهدا تقيلا، أطول واحد إلى الأن،
حينها فقط إضطررت لفتح عيني.
......................
مرحبا Loreem هنا، سوف أترجم هذه الرواية من الأن فصاعدا، أتمنى أن تحبوا ترجمتي و إن كان هنا أي أخطاء، المرجوا الإشارة إليها في التعليقات.
بخصوص هذه الرواية، فهي تبدأ برتم بطيئ، لكن أظن أنه ضروري لفهم العالم و الشخصيات، لذلك أعطوها الفرصة التي تستحقها.
الرواية تحتوي على شخصيتين رئيسيتين، ذكر و أنثى، كلا الشخصيتين جيدتين كتابيا، لكن لن نحصل على منظور الشخصية الأنتوية حتى الفصل العاشر، حيت الأحداث تبدأ و نحصل على نظرة أولية على طبيعة العلاقات في الرواية و كذلك العالم، و لكن بشكل مصغر. تعريف العالم لن يبدأ حتى بعد الفصل 20، و أظن أنه يستحق الإنتظار.
ختاما، أتمنى فقط أن تعطوا للرواية الفرصة التي تستحقها، فهي جيدة كما هي و مع كل فصل تصبح أفضل و أفضل.
و شكرا.