الفصل الأول: لقاء في السماء
في سماء باريس، حيث كانت السُفن الهوائية تمخر عباب السُحب البيضاء، ونسيم ما بعد الظهيرة يداعب الأشرعة المعدنية، كانت هناك سفينة ضخمة تنزلق بهدوء فوق المدينة. بداخلها، جلس شاب ذو شعر أبيض وعيون بنفسجية يحدق من النافذة بدهشة وفضول. اسمه: نوي أرشيفيست.
نوي لم يكن شابًا عاديًا. كان مصاص دماء، وقد أُرسل من قِبل معلمه لاسترداد كتاب أسطوري يعرف بـ"كتاب فنيتاس"، المرتبط بمصاص دماء من سلالة القمر الأزرق.
عندما دخل مقصورة الركاب، لم يكن يتوقع أن الرحلة ستنقلب إلى فوضى.
فجأة، بدأت فتاة مصاصة دماء في الانهيار. كانت تتلوى من الألم، شفتيها تتمتمان بكلمات غير مفهومة، وعيناها الزجاجيتان امتلأتا بجنون. الناس بدأوا بالصراخ، وعم الذعر أرجاء السفينة. نوي، الذي لم يكن يعرفها، أحس بغريزة قوية تدفعه لمساعدتها.
لكنه لم يكن الأسرع.
شخص غريب اقتحم المشهد فجأة: شاب ذو معطف أزرق طويل، وشعر أسود داكن، وعينان بلون المحيط الملبد بالعاصفة. كان يحمل في يده كتابًا ساطعًا بلون الفيروز الغامق.
"أنا فنيتاس!" صرخ بثقة.
فتح الكتاب، وتمتم بتعويذة، لتغمر الفتاة هالة من النور. بدأت عيناها تستعيدان صفاءهما، واختفى الألم من ملامحها تدريجيًا.
الجميع صُدم. من هذا؟ ساحر؟ طبيب؟ عدو؟!
نوي حدّق به بانبهار… لكن شيئًا ما لم يكن طبيعيًا في هذا الشخص. لم يكن مجرد منقذ. كانت نظراته تحمل مزيجًا من الألم والسخرية، وكأنه رجل يلاحق ماضيًا لا يمكنه الفرار منه.
لكن فنيتاس لم يكن خائفًا من الإعلان عن نفسه:
"أنا إنسان. نعم، بشري. ومع ذلك، ورثت اسم مصاص دماء مكروه… فنيتاس من سلالة القمر الأزرق. جئت لأشفي مصاصي الدماء، لا لأقتلهم."
صمت دام ثوانٍ، ثم انفجرت المعركة.
جنود مصاصو دماء دخلوا السفينة ليقبضوا على الفتاة، واعتبروا فنيتاس تهديدًا.
نوي تدخل. استعمل قوته، وأوقف أحد الجنود، ثم قال:
"أريد أن أعرف من أنت. أنت وكتابك ذاك."
فنيتاس ابتسم ابتسامة غامضة، ونظر لنوي وكأنه يعرفه منذ زمن:
"تريد أن تفهمني؟ إذن اتبعني، وسأريك عالمًا لا يُرى بالعين المجردة."
**
في اللحظة التي وضع فيها فنيتاس يده على كتف نوي، كان هناك شيء غريب… شيء غير مريح، وكأن مصير الاثنين قد ارتبط منذ تلك اللحظة، سواء أرادا ذلك أم لا.
وبينما كانت السفينة تهبط على باريس، بدأت الرحلة الحقيقية...
رحلة الكتاب الملعون، وأسرار مصاصي الدماء، والماضي الذي لا يرحم.
كتابه :YASSEN
ملاحظه