"ادخلي." قال بحده.
أومأتُ له، ثم بدأتُ بالمشي نحو البوابة.
لكن، قبل أن أعبر المدخل، سمعتُ صوت كايلب خلفي، وهو يهمس بصوت بالكاد سمعته:
"استعدي لبعض المشاكل."
لكنني فقط تابعتُ المشي، دون أن ألتفت.
لأنني كنتُ أعرف ذلك مسبقًا.
دخلتُ القلعة بصمت، خطواتي ثابتة، لكن رأسي كان يدور قليلاً.
لم يكن ذلك بسبب الإرهاق فقط…
بل بسبب النظرات التي كنتُ أشعر بها تحرق ظهري.
سايلوس كان خلفي مباشرة، لكنه لم يقل كلمة واحدة.
هذا وحده كان كافيًا ليخبرني بكل شيء.
صمتُه لم يكن صمت راحة… بل كان صمت عاصفة تسبق الانفجار.
عندما وصلنا إلى جناحي، فتحتُ الباب، مشيتُ للداخل، ثم توقفتُ عندما سمعتُه يغلق الباب خلفنا بصوت هادئ… لكنه ثقيل.
لم ألتفت إليه، فقط مشيتُ نحو الأريكة، جلستُ ببطء، ثم نظرتُ نحوه بهدوء.
كان لا يزال واقفًا عند الباب، عينيه الحمراوان لم تتركا وجهي للحظة.
كان مزيجًا غريبًا من الغضب، القلق، والسيطرة المكبوتة.
مرر يده عبر شعره الفضي، ثم قال أخيرًا، بصوت هادئ بشكل مخيف:
"هل ستخبريني… أم سأضطر لانتزاع الإجابات منكِ؟"
لم أبتسم، لم أظهر أي رد فعل، فقط أملتُ رأسي قليلًا، كأنني كنتُ أفكر في كلماته.
ثم، بهدوء، قلتُ:
"لا يوجد شيء مهم لأخبرك به."
رأيته يضغط على أسنانه للحظة، قبل أن يقترب ببطء، خطواته ثابتة كأنها كانت تحمل تهديدًا غير منطوق.
"تونه."
كان صوته أكثر هدوءًا الآن… وهذا لم يكن شيئًا جيدًا.
"ذهبتِ مع كايلب إلى هذا المدعو "زين"، كذبَ علي بشأن الموعد، والآن تعودين إليّ وكأن شيئًا لم يحدث؟"
جلس على الطاولة أمامي، يديه متشابكتان، جسده مائل قليلًا نحوي، لكن عيناه…
عيناه كانتا تحاولان اختراقي.
"أنتِ ضعيفة." قال فجأة، نبرته لم تكن ساخرة، بل كانت حقيقية.
"أستطيع رؤية ذلك."
لم أرمش حتى.
"أنا بخير."
"كاذبة."
رأيتُ كيف انحنى أكثر، كيف أصبح وجهه أقرب، كيف كانت نظراته تدرسني وكأنه كان يحاول إيجاد أي شرخ في جمودي.
"أنتِ تتظاهرين بالقوة، لكنني أعرف متى تكونين على وشك الانهيار."
لو كنتُ أملك مشاعري، لكنتُ ربما شعرتُ بشيء في هذه اللحظة.
لكن بدلًا من ذلك، فقط نظرتُ إليه ببرود، ثم قلتُ بلا تعبير:
"إذن، لماذا تهتم؟"
رأيته يتجمد للحظة.
ثم، فجأة، أطلق ضحكة قصيرة، لكنها لم تكن ضحكة حقيقية.
"أوه، أميرتي…"
رفع يده ببطء، لمس طرف ذقني بإصبعه، رفعه قليلًا ليجبرني على النظر في عينيه مباشرة.
"تعرفين لماذا أهتم."
حدقتُ به للحظة طويلة، ثم همستُ بهدوء:
"إذن، تصرف كأنك لا تهتم."
شعرتُ بأصابعه تشدّ قليلاً، لكن ليس بقوة… بل وكأنه كان يحاول التحكم في نفسه.
ثم، فجأة، ابتعد.
وقف، أدار وجهه بعيدًا، وكأن هناك حربًا صغيرة كانت تدور داخله.
مرر يده في شعره مجددًا، ثم قال بصوت منخفض:
"أخبريني بكل شيء، الآن."
رأيتُ أنه لم يكن مستعدًا لسماع أكاذيب أو أعذار، لذا فقط زفرتُ بهدوء، وبدأتُ بالتحدث.
أخبرته عن زين، عن التجارب، عن الترددات الطاقية التي وجدها، عن ارتباط رافاييل بي… وعن محاولته لفصل وعيه عني.
لم أذكر شيئًا عن الصداع، أو الضعف، أو الدوار الذي كنتُ أشعر به منذ التجربة.
عندما انتهيتُ، لم يكن سايلوس قد تحرك من مكانه، لكنه كان هادئًا بشكل غير طبيعي.
ثم، بعد لحظة طويلة، قال ببطء:
"إذن… لقد كاد يمزق وعيكِ إلى نصفين."
لم أرد، لكنه لم يكن بحاجة إلى إجابتي.
رأيتُ كيف شدّ قبضته بجانبه، كيف ظهر ذلك الوميض الخطر في عينيه.
ثم، فجأة…ضحك.
لكنها لم تكن ضحكة مرحة.
بل كانت… ضحكة شخص يفكر في ارتكاب جريمة.
"حسنًا، حسنًا…" تمتم بصوت منخفض، وهو يهزّ رأسه قليلاً.
ثم التفت إليّ، نظراته كانت قاتمة، لكنها كانت تحمل شيئًا آخر…
قرارًا.
"هذا الطبيب… زين." قال ببطء.
"إن حاول شيئًا كهذا مجددًا، سأقتله."
لم أندهش، لم أشعر بأي شيء.
فقط أملتُ رأسي قليلًا، ثم قلتُ بصوت خافت:
"سأذهب إليه مجددًا غدًا."
توقفتُ، ثم أضفتُ، بلا تعبير:
"مع كايلب."
مرّت لحظة ثقيلة.
ثم…
تحطم كأس زجاجي على الأرض.
نظرتُ إلى الزجاج المحطم عند قدميّ، عاكسةً وجهي بلا تعبير.
تنهدتُ ببطء، ثم رفعتُ عيني نحو سايلوس، الذي كان لا يزال واقفًا في مكانه، يحدق بي بنظرة لم تكن غاضبة فقط… بل ممتلئة بشيء أكثر قتامة.
"أنتَ تبالغ." قلتُ بهدوء، لكن صوتي كان فارغًا، مثل كل شيء آخر داخلي.
رأيتُ كيف تقلص فكه قليلًا، كيف قبض يده مجددًا، ثم قال بصوت خافت لكنه مشحون:
"أنا أبالغ؟"
تقدّم نحوي خطوة، ثم خطوة أخرى، حتى أصبح قريبًا بما يكفي ليجعل الهواء من حولي ثقيلًا.
"كاد ذلك الطبيب يقتلكِ."
أملتُ رأسي قليلًا. "لم يقتلني."
"لكنه كاد يفعل."
لم أرد.
"وأنتِ، كما هي عادتكِ، لا تهتمين."
"أنا كنتُ أعرف العواقب." قلتُ ببساطة.
رأيته يضحك ضحكة قصيرة، لكنها لم تكن مرحة.
"أوه، بالطبع." قال بصوت متهكم، وهو يمرر يده في شعره بحدة.
"لأنكِ دائمًا تعرفين كل شيء، أليس كذلك، أميرتي؟"
"ليس كل شيء." تمتمتُ، ثم نظرتُ إليه مباشرة.
"لكني أعرف شيئًا واحدًا… وهو أنني بحاجة إلى هذه التجربة."
مرّت لحظة صمت مشحونة.
ثم…انفجر أخيرًا.
"وتحتاجين إلى كايلب ليكون بجانبكِ أيضًا، صحيح؟"
رأيتُ كيف شدّ فكه، كيف كان يحاول السيطرة على نفسه، لكنني كنتُ أعرفه جيدًا…
سايلوس لم يكن جيدًا في إخفاء غضبه.
"لا علاقة لكايلب بهذا." قلتُ بهدوء، لكنني كنتُ أعرف أن كلماتي لن تهدئه.
"أوه، لا علاقة له؟" قال سايلوس، وهو يضحك ضحكة قصيرة أخرى.
ثم اقترب أكثر، عينيه الحمراوان تحترقان بشيء أكثر من مجرد غضب.
"إذن، لماذا تختاريه هو دائمًا عندما تحتاجين إلى شيء؟"
لم أجب.
"لماذا أنتِ بخير بتركه يعتني بكِ،لكن عندما يكون الأمر معي،تتصرفين وكأن وجودي لايهم؟"
كان هناك شيء في صوته.
شيء لم أسمعه منذ مدة طويلة.
لكنني لم أمتلك القدرة على التعامل مع هذا الآن.
"لأن الأمر ليس بهذه البساطة." قلتُ بهدوء.
رأيته يدرسني للحظة، ثم زفر ببطء، وكأن شيئًا داخله قد بدأ يهدأ… لكنه لم يختفِ بالكامل.
ثم، فجأة، رفع يده ولمس وجهي بخفة، كأن لمسته كانت اختبارًا أكثر من كونها عاطفة حقيقية.
"أنتِ ضعيفة الآن." قال بصوت أكثر نعومة، لكن نبرته لم تكن أقل خطورة.
"وأنا لن أسمح لكِ بالذهاب معه مجددًا."
رفعتُ حاجبي قليلًا. "لن تسمح؟"
"سأذهب معكِ أنا."
شعرتُ كيف أن كلماته لم تكن مجرد اقتراح.
بل كانت قرارًا نهائيًا.
"ولن أترككِ وحدكِ بعد الآن." تابع، وعيناه لا تزالان مثبتتين على وجهي.
رغم أنني لم أكن أملك مشاعري الآن…إلا أن شيئًا داخلي تحرك.
لم أقل شيئًا عندما رفعني فجأة بين ذراعيه، كما لو أنني لم أكن أثقل من مجرد ريشة.
مشيتُ معه بلا مقاومة، رأيتُ كيف ألقى نظرة نحو الخادمة الواقفة عند الباب، ثم قال بلهجة هادئة لكنها تحمل أمرًا لا يقبل
الرفض:"أحضري دلوًا كبيرًا من الماء، حالًا."
الخادمة لم تجادل، فقط انحنت واختفت بسرعة.
أما أنا فقط أغلقتُ عيني للحظة، بينما كنتُ أشعر بجسدي يستسلم للتعب أكثر فأكثر.
بعد لحظات، عادت الخادمة ومعها دلو مملوء بالماء النقي.
سايلوس جلس بجانبي على الفراش، ثم رفع قدميّ ببطء، وغمرهما في الماء.
في اللحظة التي لامست فيها الماء، شعرتُ…بشيء مختلف.
كأن شيئًا ما عاد إلى مكانه الصحيح.
شعرتُ بالطاقة تعود إليّ تدريجيًا، شعرتُ بالدوار يتلاشى ببطء، شعرتُ…
بأنني قادرة على التنفس مجددًا.
مرّت لحظة من الصمت، ثم نظرتُ إلى سايلوس، الذي كان يراقب وجهي بصمت، يبحث عن أي إشارة للتحسن.
أملتُ رأسي قليلًا، ثم قلتُ بصوت منخفض:
"شكرًا لك."كان شكري مصطنعًا قليلًا، لكنني كنتُ أعرف أنه لن يهتم بذلك.
وفعلًا، رأيتُ كيف ابتسم بخفة، ثم قال بنبرة هادئة لكنها تحمل تلك السخرية المعتادة:
"واو، شرف عظيم لي أن أسمع منكِ 'شكرًا'."
لم أعلق، فقط نظرتُ إليه بلا تعبير.
لكن قلبي…نبض للحظة....ليس بسبب الكلمات. بل بسبب طريقة نظره إليّ.
وكأنني ما زلتُ أنا…حتى عندما لم أكن كذلك.
عندما تأكد من أنني استعدتُ طاقتي، أبعد الدلو، ثم ساعدني على الغوص تحت الأغطية.
لم يتركني فورًا، بل فقط جلس بجانبي للحظة، ثم انحنى للأمام…وقبّل جبهتي.
"أميرتي المتعبة." همس، وصوته كان أخف مما توقعت.
لم أتحرك. لم أعلق.......لكنني شعرتُ بذلك النبض مرة أخرى.
ثم، بهدوء، وقف، نظر إليّ للمرة الأخيرة، ثم استدار وغادر الغرفة، تاركًا إياي وحدي٫ حتى ارتاح…
لأستغرق بالنوم فورا.....
الغرفه المقدسه
استيقظتُ فجأة.
لكنني لم أكن في سريري.
لم أكن في قلعة سايلوس.
بل كنتُ…في مكان آخر بالكامل.
فتحتُ عيني ببطء، وجدتُ نفسي مستلقية على سطح ماء شفاف، لكنه لم يكن ماءً عاديًا.
كان كأنه امتداد ناعم، سائل لكنه يحمل ثباتًا غريبًا.
رفعتُ رأسي قليلًا، وعيني تجولان في الغرفة.
كانت واسعه جدا وبيضاء بالكامل، لكن ليس بياض الجدران العادية…
بل كان البياض يشبه انعكاس الضوء داخل المياه العميقة.
حاولتُ النهوض، لكن الماء الذي تحت جسدي تحرك بلطف، كأنه كان يحاول إبقائي مستلقية.
رفعتُ نظري للأعلى، ورأيتُ شيئًا جعلني أتجمد للحظات.
السقف كان شفافًا بالكامل… وخلفه، كان هناك محيط لا نهائي.
رأيتُ أسماكًا بأحجام ضخمة، بألوان زاهية تسبح ببطء، بعضها كانت تمتلك أجنحة مائية شفافة، وبعضها كان يشبه تنانين البحر الأسطورية.
مرّت عدة دقائق قبل أن أستوعب ما يحدث.
"أوه، أخيرًا استيقظتِ."
تجمدتُ للحظة، ثم أدرتُ رأسي ببطء نحو مصدر الصوت.
كان هناك ممر طويل متصل بالغرفة، وخطوات خفيفة كانت تتردد عبره…
ثم ظهر.
رافاييل.
كان يسير نحوي، بشعره الأرجواني الطويل المتمايل خلفه، مرتديًا زِيّه الملكي المزين بالشذرات المائية التي تعكس الضوء، وكأنه لم يكن كائنًا من هذا العالم.
عندما اقترب أكثر، رأيتُ كيف كان وجهه مشرقًا… لكنه لم يكن مشرقًا بسبب السعادة فقط.
بل كان هناك دراما واضحة في ملامحه.
رفع يديه للأعلى بحركة مسرحية، وقال بنبرة مملوءة بالمبالغة:
"أوه، كم عانيتُ لأصل إليكِ، كم تألمتُ، كم بكيتُ في زوايا البحر المظلمة، أبحث عن طيفكِ في الأحلام، وأنتِ هناك، تلهين نفسكِ برجل آخر؟!"
رمقته بلا تعبير، ثم قلتُ ببساطة:
"أين أنا؟"
توقف فجأة، ثم وضع يده على صدره، وكأنه تلقى طعنة في قلبه.
"هكذا تستقبلينني بعد كل هذا العناء؟ لا 'رافاييل، كيف حالك؟' لا 'رافاييل، هل كنتَ بخير بعد أن هربتُ مع سايلوس وتركتكَ خلفي؟'"
رأيتُ كيف انحنى للأمام قليلًا، ثم تمتم بصوت خافت لكني سمعته بوضوح:
"يا إلهي، البشر قساة للغاية."
زفرتُ ببطء.
"رافاييل."
رفع رأسه فورًا، عيناه الأرجوانيتان تتلألآن ببهجة مصطنعة.
"نعم، عزيزتي؟"
"أين أنا؟"
هذه المرة، لم يتظاهر بالدراما، بل فقط ابتسم ابتسامة صغيرة، وكأنه كان يستمتع بهذه اللحظة.
ثم فتح ذراعيه قليلًا، وأشار من حوله بحركة ملكية واضحة.
"أنتِ في مكانكِ الأصلي."
حدقتُ به للحظة، لكنه لم يكن يمزح.
"الغرفة المقدسة."
......
مرحبا 🍀🍀
شنو رأيكم بتصرفات سايلوس مع تونه؟
كيف شايفين العلاقة بينهم بعد المشهد؟ هل فيها احتمال تصالح أو مزيد من التوتر؟
لو مكانكم، شنو راح تسوون لو كنتوا مكان تونه؟
شنو أكتر لحظة شدت انتباهكم بالمشهد؟