نزلت باتريس السلم ودخلت للمطبخ وبدأت بتحضير الغداء سمعت صوتاً قادماً من خلفها :

" لماذا تصنعين الطعام ؟ ، فانتِ متعبة ساقوم بطلب البيتزا "

ردت عليه بهدوء :

" لا عليك هذا واجبي والان هيا لناكل "

وضعت الطعام على الطاولة وهو ذهب ليغسل يداه جلس على الكرسي تذوق بعضاً منه لترتسم ابتسامة خفيفة على ثغره نطق باعجاب :

" لم اتذوق طعاماً اشهى من هذا ، يبدو انك لن تغادري المطبخ اليوم فانا اريد بعضاً من الحلوى "

حاولت الابتسامة ان تتسلل الى شفتيها ولكن القتها بعيداً وقالت بطاعة :

" حسنا لوكاس كما تحب "

اكملت باتريس طعامها وارادت ان تذهب بالطبق لتضعه في المطبخ ولكن صوته اوقفها :

" باتريس اقتربي قليلاً "

اقتربت منه بدون التفوه باي حرف وما هي الا لحظات ويديه تلامس خديها رفعهما قليلا ونطق وهو يضحك :

" ابتسامتك جميلة وستكون كذلك عندما تخرج من قلبك "

ارجعت نفسها للوراء وقالت بجمود :

" لا قلب لي ولا اعرف ما هي الابتسامة وكيف ارسمها ولا اريد ذلك ! فانا كل ما ابتغيه هو موتي "

اجاب وهو يضع يده على فمه ليخبئ ضحكته :

" ولكن وجهك الذي زين بلون الطماطم يقول عكس ذلك "

لم تستطع الرد عليه وانما هرعت الى غرفتها ، اغلقت الباب بسرعة نبضات قلب ممتزجة بالقلق اطلقت تنهيدة راحة ولكن ما هذا الذي بيدها نظرت لترى طبقها يبدو ان خجلها قد جعلها تنسى ما الذي قامت لاجله وضعته على الطاولة القريبة من سريرها وخرجت لشرفتها استنشقت الهواء بقوة واطلقته بخفة وضعت يدها على قلبها وتلك الرياح تتلاعب بخصلات شعرها نطقت بتوتر :

" هل سيعيد إلي ما فقدته !هل سيكون ثغري قادراً على صنع الابتسامة بكل ثقة ؟ "

امواج التساؤلات تلاطم ساحل تفكيرها ، هل ستسترجع دفئ قلبها ام ان البرودة ستظل ملكة عليه ؟


.....لوكاس.....

اللعنة على هذه النفوس الدنيئة ؛التي تسلب كل مافي الانسان من مشاعر لتلقي به على قارعة الفراغ بلا أي هدف مجرداً من كل الاحاسيس ، كل شيء بها جميل فكيف جرت الى ذلك الجحيم ؟ يجب ان ابدا بتلك الاسئلة لاعلم عنها كل شيء فهل ساكون قادرا على انتشالها من بين الجليد ؟ هل ساذيب كل تلك الذكريات القبيحة من امامها ؟! طرق على الباب انتزعني من قوقعة افكاري نهضت بتثاقل وانا اتافف عن مقاطعة مؤتمر اسئلتي ، فتحت الباب لاراها امامي قالت بخجل :

" هل استطيع الدخول؟"

قلت بنبرة باردة:

" تفضلي "

جلسنا في غرفة المعيشة قالت بارتباك :

" انا اعتذر عن ذلك وسوف ابوح لك بكل شيء"

نطقت ببرودة :

" لست انا من سيقبل اعتذارك بل باتريس"

نهضت وقالت وهي تصعد على السلالم :

" سوف اذهب لاعتذر لها "

لحقت بها فانا لا اعلم ما الذي سيحدث لباتريس عندما تراها طرقت الباب بخفة وقالت بصوت هادئ مفعم بالنعومة :

" باتريس هذه انا تونيا اريد ان اقول لك شيئا "

لم يصدر اي صوت من باتريس ، يبدو انها ترفض التحدث لها ولكن جاء صوت طفولي جميل قالت :

" تفضلي "

دخلت تونيا وانا بعدها جلست باتريس على السرير قالت تونيا والقلق باد على كل جسدها :

" اعتذرلما تفوهت به فانا لم اكن اعلم انه يؤلم ان انطق اسمه امامك "

نطقت باستغراب :

" من هو ؟"

نظرت لي باتريس واجابت:

" سيدي الاول"

اتسعت عيناي واحسست بشيء غريب يسري بين اضلعي نطقت بحذر:

" ومن هو؟"

نطقت اسمه ببطء قائلة :

"كوبير "

ذلك الاسم كان كفيلاً بقتلي بصمت ، الزمن توقف بي ولاشيء يدور بداخلي سوى اسمه القذر وتلك الذكرى حين سلب زهرتي من بين بستاني قلت وقد انتفض جسدي باكمله :

" هل هو سيدك الاول ؟"

اومئت براسها بالم هرعت اليها امسكت كتفها ولم اشعر اني اوجعها قلت بهستيرية :

" هل شاهدتي هناك سينيثا ؟ فتاة بشعر اسود طويل ومقلتان سندسيتان "

لم تجب علي وانما قالت وهي تحاول الافلات من قبضتي :

" لوكاس ، انك تؤلمني "

ذهبت تلك الذكريات التي غطت عيناي وقلت بتوتر :

" انا اعتذر لم اقصد "

اردت الانصراف ولكنها قالت بسكون :

" هل تقصد فتاة تمتلك غمازة قرب فمها وايضا مجموعة من الشامات في مرفقها "

نعم انا اذكر تلك المجموعة التي تميزها عن الاخرين ، وكأنها كوكب صغيرة تضم بعضها قلت بجنون :

" اجل هي ! هل هي بخير ؟"

نطقت باتريس وقد اغمضت عيناها :

" اجل فهي حصلت على مكانة مميز لديه"

ما الذي تهذي به؟ مكانة مميز ؟ تجمدت الدماء في عروقي لم اعد اعلم ما الذي يحصل بداخلي ولكن هذه كانت بداية احتراقي ، فلتلك لم تكن الا كبريتة بدأت بالاشتعال بين اضلعي اردفت :

"فهي زوجته بعد كل شيء، وقد انجبت له طفلاً"

صرخت بقوة امسكت ما امامي واطحت به ارضاً ليتكسر الى اجزاء ظلام يحيط بي ووسوسة مجنونة تصفع اذناي ، يستحيل ما تقوله انها تهلوس فقط اما ان هذا مجرد كابوس مزعج مرة اخرى؟

ولك عندما امسكت بيدي تونيا اعادتني للواقع ، يبدو انه الحقيقة ! ابتعد عنها وهرعت الى غرفتي علي اجد اي شيء التجئ به ! علني اخبئ ضعفي عجزني عن حماية اغلا ما املك ، اقسم ان رايته ساجعله يتمنى الجحيم لاني لن اقتله بكل سهولة بل ساجعل يتمنى ان يموت على يدي

.....باتريس.....

لم اتوقع ان تكون ردة فعل لوكاس بهذا الشكل ! ولكن سينيثا ماذا تقرب له ؟ ، أحساس غريب اجتاح اضلعي قلت بقوة لتونيا :

" اعتذر ولكن هل استطيع ان اكون مفردي ؟"

استأذنت مني وانصرفت نهضت وشيء يتغلغل بداخلي، دخلت الحمام ونظرت للمراة لارى اشباحهم حولي بحثت عن اي شيء بتلك الدروج لاشاهد ذلك المقص امسكته ويدي ترتجف ، حدقت في شعري بالمراة وامسكته وهنا بدأت قصه ببطء لاتخلص من كل تلك الذكريات وكأنهم موصولون به وما إن انتهيت حتى اصبحت خصلاته لا تتعدا كتفاي علم ثغري كيفية الابتسامة ، هل هي ابتسامة نصر ! ام ان الدمعة التي رافقتها دمعة حزن ؟ انفجر صمام قلبي الذي اغلقته منذ زمن لتمتزج مشاعر حاولت كتمها وتمزيقها لينكسر ذلك الصندوق الصغير الذي خبئت كل شيء بداخله من احاسيس وردود فعل وكلمات ابتلعتها مع غصتي ،قوة عظمة جرت في جسدي ويبدو ان جذور شجرة الامل مازال هناك ولكن تريد بعض دموع التقاؤل، انطلق ضوء من داخلي هل هذه بداية تغيري؟ نعم فانا من اريد ذلك ! اريد انتزاع كل القذراة من وسط فؤادي خرجت منطلقة الى لوكاس طرقت الباب بقوة لم يقل اي شيء لادخل وجدته يجلس على الكرسي وهموم الدنيا تدور حوله نظر لي بغضب ونطق :

" من سمح لكِ بالدخول "

يبدو انه لم يلاحظ نطقت بشجاعة لا اعلم من اين التقطتها ؟ هل هي شجاعة لوكاس التي رمى بها ؟:

"ساحدثك بكل شيء عن سينيثا فانا قد قابلتها عدة مرات "

اقترب مني وقال بانفعال :

" اريد راس ذلك اللقيط ! اريد ان احطمه بين يداي "

امسكت يده رغم الخوف الذي اسرني إلا انني كسرت قيوده نطقت باطمئنان :

" سينيثا لم تكن مجرد فتاة عادية رغم انها تبدي السعادة لغيرها إلا انها تحارب ذلك المستنقع ، فانا كلما اجلس برفقتها تبث في اضلعي الامل ولكن بين بؤرتيها يوجد اليأس سجيناً تظهر القوة وتقيد الخوف بين قلبها لا ادري كيف قبلت كوبير زوجاً لها يبدو انها تسعى خلف شيء ما فهي دائما ما تقول انه سيأتي احد وينتشلها من هذا الوحل لذا هي تتحلى بالصبر حتى يأتي"

لا ادري هل انا اشعره بالطمأنينة بقولي تلك الكلمات ام انني ساحصل على نتائج عكسية ،امسك يدي بحنان ونطق بفرح :

" إذا هي تنتظر قدومي ، يجب ان اعثر عليها في اسرع وقت ، لا اعلم ان كانت ستغفر لي ام لا ولكني ساحاول ايجادها "

قلت وانا انظر لعيناه :

" ماذا هي بالنسبة لك "

نطق بحب :

" حياتي وكل ما املك "

وخزة خفيفة ألمت نبضي، ابتسمت له لتتسع عيناه قال بتفاجئ:

"باتريس ماذا حدث لك؟ لماذا قصصت شعركِ وايضا هذه الابتسامة ! متى حدث ذلك ؟"

قلت بثق :

" اريد ان اغير نفسي ، لذا الليلة سيكون هناك حوار بيني وبينك ،اريد ان افرغ ما بداخلي لاحد فجسدي لم يعد يستطيع تحمل كل ما يحتويه "

حملني من ذراعاي كالطفل الصغير وقال بأبتسامة مشرقة تعج بالأمل :

" لا تقلقي فانا ساكون ذلك البئر الذي ستلقين به كل ما تكرهين "

2017/10/16 · 344 مشاهدة · 1312 كلمة
wafaamahmoud
نادي الروايات - 2024