بانغ (بصوت جهوري):
"بالمند، شو! اذهبا لتعقّب حليفه... هذا الأحمق، سأجعله يندم على الظهور!"
في لمح البصر،
انفجرت هالة بالمند حوله، وظهرت عشرون نسخة ضبابية منه، كل واحدة تنفجر في الهواء وتندفع باتجاه مختلف كأشباح متناسخة. أما شو، فقد ذاب جسده تدريجيًا في الهواء، حتى تلاشى كليًّا، لم يعد يُرى أو يُسمع، وكأنه اختفى من الوجود.
نيفيرو تقدّمت خطوة، ثم شقّت الأرض بسوطين طويلين مغطّيين بالأشواك النابضة بالهالة السوداء.
بانغ زأر، وضخم يده فجأة حتى صارت ثلاث مرات حجم جسده، وانطلق الاثنان سويًا كعاصفة برية نحو أنتونيو.
ثلاثة أمتار فقط،
وانفجرت العاصفة.
صوت تمزيق الهواء، اصطدام الحديد، طنين الهالة.
صوطا نيفيرو يشقان الفراغ، ضربات متتالية كالزئبق، لا تكاد ترى لكن تُسمع، وبين كل ومضة وهجوم، تلحقها قبضات بانغ كأنها مطارق نيزكية تهوي من السماء.
أنتونيو تراجع، كأن قدميه لا تلمسان الأرض، يحاول صدّ الضربات، أنفاسه تتسارع، عينيه لا ترمش.
لكن—
شقّة حمراء، خدش صغير، سوط يلامس وجهه، ينزف.
لحظة تشتّت.
قبضة بانغ تهوي عليه—
يتفاداها بصعوبة، لكن من خلفه، أوبيتو يظهر بهيئته الحجرية، يمسكه من الخلف ويثبّته كتمثال!
نيفيرو تتقدم، سوطها يرتجف رغبةً في الدماء، ولكن—
كراك!
الأرض تتجمّد فجأة.
ثلجٌ يتشكّل تحت أقدامهم بسرعة جنونية.
بيلي ظهر، هالته جليدية خالصة، عيناه تلمعان كبلّورات الشتاء.
الهواء تجمّد.
كل من بالمكان شعر بأن الزمن نفسه تباطأ.
قفز الجميع للوراء، لكن أوبيتو تحوّل فورًا إلى تمثال جليدي.
أوبيتو في داخله، بدهشة:
(أفهم الآن... كل ما يلمسه يتحوّل إلىيه يالها من مهارة...)
صواعق من الجليد سقطت على أوبيتو كأنها تنبع من السماء، لكن صوطا نيفيرو كانا بالمرصاد، قطعا الهجوم إلى أشلاء من الثلج المتطاير، وعاد أوبيتو إلى جسده بسرعة.
أنتونيو (بغضب خافت):
"لم أطلب مساعدتك، بيلي... يمكنني إنهاءهم وحدي."
بانغ، ضاحكًا بسخرية:
"هــا؟ كدت تُسحق في ثانية... !"
لكن فجأة...
صوت غريب، ثلاث كلمات تتردد.
أنتونيو: "زا... با... نية."
في ومضة، كان فوق الفرقة، يديه امتدتا فجأة كأنهما أطراف ميتة طويلة، إحدى يديه تلامس رأس أوبيتو.
كراك! تششش!
جسد أوبيتو ينفجر إلى قطع لحم محترقة، يتفكك، يتبخر.
عيون الجميع تتوسّع، المشهد لا يُصدّق
جنونٌ لحظي.
صرخة غير منطوقة انفجرت في أرواح فرقة بانغ.
أوبيتو قد تفكك للتو، جسده تحطم كلوحة زجاج، وأنتونيو ما زال واقفًا، صامتًا، ينبض بعنفٍ شيطاني.
كل الفريق اندفع للهجوم دفعةً واحدة.
مزيج من الغضب والخوف والخزي انفجر في الهواء كعاصفة.
بانغ يصرخ:
"لا تتراجعوا!! هو واحد ونحن كوكبة من النيران!!"
لكن—
شيء ما... غريب.
بيلي لم يتحرك.
جفونه نصف مغمضة، يراقب شيء لا يُرى.
بيلي (بهمس بارد):
"...لقد أخطأت في إيقاع خطوتك."
شو الذي اختفى منذ البداية، ارتكب خطأ بسيطًا:
اهتزاز خافت في الهواء...
نقرة قدم غير متناسقة...
بيلي رفع يده فجأة إلى السماء، ثم أنزلها كقاضٍ يصدر الحكم الأخير.
"سجن الجليد."
بووووم!
الأرض تتجمّد.
أعمدة جليدية ترتفع من الأعماق، تلتفّ حول الميدان كسياج ضخم، تقفل عليهم من كل الجهات.
صوت الثلج وهو يزحف لا يشبه أي شيء، كأن أرواحًا تُحبس تحت الجليد.
شو تحرّك، حاول الإفلات، لكن—
أنتونيو، بهدوئه المعتاد، يمد يده الرهيبة ويلمس الهواء أمامه.
"زا... با... نية."
شو يظهر فجأة، ثم ينفجر إلى قطعٍ من اللحم!
لم يُرَ حتى موته... جسد متفتّت يتساقط داخل قفص من الجليد.
لكن فجأة...
صوت من خارج السجن!
قوي، هادئ، يحمل وزن التاريخ:
"العكس... المحتوم."
تشقق الجليد!
الثلج يبدأ بالذوبان بطريقة معاكسة للطبيعة، كما لو أن الزمن انقلب.
ظهر رجل طويل، بشرته داكنة، ووشم نمر على وجهه، هالة متموجة كأن جسده يحتضن عاصفة مدارية.
"مارك."
قائد فرقة الفهود الإفريقية، أحد أخطر أفراد التصنيف (أ).
عيونه تحمل نظرة من رأى الموت ألف مرة وعاد ليحاربه.
مارك (بابتسامة هادئة):
"لقد وصل... نجم السُّود."
لكن... قبل أن ينهي كلمته...
زا... با... نية.
ذراعا أنتونيو تمتدان كالثعابين، تلمسان مارك.
جسده يتفكك مباشرة إلى غبار من اللحم!
بلا صراخ... بلا مقاومة... كأنه لم يكن موجودًا قط.
بالمند، ينظر إلى الفوضى من حوله، يضحك بخفة ممزوجة باليأس:
"أعتقد أننا خسرنا، بانغ... نحن أقوى فرقة هنا... ومع ذلك، لم نفعل شيئًا.
وعلى الجهة الشرقية؟ لا إشارات للتفوّق...
أشعر أن السيد موريس يواجه وحشًا لا يُمكن تسميته."
بانغ، قبضته ترتجف لكنها لم تنخفض:
"لا... لا تستسلم!
علينا أن نفرقهم... نُمزقهم عن بعضهم.
متّحدين، هم جدار.
لكن إذا عزلناهم... يمكننا سحقهم، واحدًا تلو الآخر!"
نيفيرو (بصوت حاد وابتسامة قاتلة)
: "اتركوا صاحب الجليد لي... سأسقطه مهما كلف الأمر."
في ومضة— لمع البرق. لم يكن برقًا حقيقيًا، بل كانت نيفيرو، انطلقت بسرعة تفوق الصوت، صوت الانطلاقة وحده يشبه الرصاصة تُطلق من مدفع. سحبت سوطيها، وامتدّا في الهواء كثعبانين من الجحيم، كل واحد ينبض بالهالة القاتلة. بيلي لم يتراجع. رفع ذراعيه، وارتفعت خلفه قبة جليدية ضخمة تحميه، بينما برّد الأجواء حتى أصبح الهواء يلسع الجلد كالسكاكين. بوووووووم! سوط نيفيرو يصطدم بالجليد، صوت الانفجار يصمّ الآذان. لكن لا أحد يتراجع. موجة ضربات تبدأ. عشرات، مئات، آلاف! نيفيرو تتحرك كأفعى لا تُمسك، سياطها تلتف، تنقض، تلتف من جديد. بيلي يصدّها كلها، يجمد الهواء، يبني جدرانًا من الجليد، يقطع الاتجاهات، يرسل شفرات ثلجية تتطاير كالسكاكين نحو وجه نيفيرو. لكن نيفيرو... تبتسم فقط. "ما هذا... كم أحب هذا الشعور!" تشابك لا يُصدّق. الاثنان يدوران حول بعض، لا يتجاوز بينهما أكثر من خطوة. كأنهما راقصان على إيقاع الموت. كل ضربة = انفجار. كل تفادي = عاصفة. سياط تصرخ. جليد ينفجر. أجساد تتحرك بسرعة لا تُرى. العالم من حولهم يتحطم تدريجياً. ثم— صوت تمزق السماء. من فوق، سقطت كرتان ضخمتان من الجليد، قطرهما سبعة... عشرة أمتار! كأن السماء نفسها أرادت سحق نيفيرو. لكنها لا تهرب. تقف مكانها، تدور كسوط حي، ثم بووووم! تطلق سوطيها في شكل موجة قاطعة ترتفع عموديًا نحو الكرات الجليدية. قطعتهما في لحظة! لكن الثلج لا ينتهي. بيلي، بعيون مجنونة، يصيح: "لن ترتاحي لحظة!" من خلف الثلج المتناثر، يظهر، يداه ممدودتان، يرسل عشرة أنصال من الجليد دفعة واحدة، تتبع نيفيرو كأرواح ملعونة. نيفيرو تسقط، لكن بخفة قاتلة، كأنها ريشة تهبط على الأرض، ثم تقفز من جديد، تكسر الأرضية بأسواطها، وتهاجم، تهاجم، تهاجم. يصطدمان بجدار ناطحة سحاب محطمة، ثم يسقطان معًا إلى داخلها. كل طابق ينهار تحت قوتهما، يُحطمان الخرسانة، الزجاج، الحديد. أمواج من الجليد تتصادم مع أسواط سوداء مشعّة، كل موجة تشبه الإعصار، كل سوط كأنه شبح من الجحيم. هذا لم يكن قتالًا فقط... كان لوحة مرعبة من الفن والدم.