الأرض مغطاة بالدم، وبيلي وأنتونيو ساقطان جنبًا إلى جنب بعد قتال شرس. السكون يسود المكان، عدا أنينٍ ضعيف يتسلل من فم أنتونيو.]

‎السماء رمادية… لا شمس، لا طيور… فقط صمت ثقيل، كأن العالم توقف احترامًا لنهاية شيء لا يُروى بالكلمات.

‎ينظر أنتونيو إلى جسد أخيه الملطخ بالدماء، نصف وجهه ممزق، وعيناه شبه مطفأتين.

‎أنتونيو (بهمس مكسور): "لا… لا تسبقني يا بيلي… وعدنا… أن نموت معًا…"

‎تتلاشى الأصوات من حوله… ويرجع وعيه إلى الوراء، كأن الموت بنفسه يقوده في رحلة تعذيب أخيرة قبل الرحيل.

‎---

‎– ذاكرة أنتونيو | مظلمة، صامتة إلا من صرخات الأطفال]

‎أرضية اسمنتية باردة، جدران رطبة… أجساد نحيلة تسحب السلاسل الثقيلة. كان أنتونيو واقفًا، طفلًا بنصف وجه مغطى بالكدمات. بجانبه بيلي، يصغر منه بعام، لكنه أكثر انكسارًا… عيونه لا تبكي، لأنها جفّت.

‎قائد العصابة وهو يضحك:

‎"اليوم مات أحد أطفالكم… تَعوّدوا، فغدًا ربما أنت."

‎أنتونيو يتقدم… يخفي بيلي وراء ظهره، ويهمس:

‎أنتونيو: "أنا من سيُضرب اليوم، اتركه هو…"

‎لكن لم يكن هناك رحمة. الجلد، الحرق، القسوة كانت طقوسًا يومية. وكل ليلة، يعود الأخوان زاحفَين إلى الزاوية ذاتها… يتعانقان كي يدفئ أحدهما الآخر.

‎بيلي (بصوت مخنوق ذات ليلة):

‎"أنتونيو… إذا متّ قبلي… لا تتأخر… اتبعني، لا أريد أن أكون وحدي هناك أيضًا."

‎أنتونيو (بصوت محشو بالدموع):

‎"سنبقى معًا، في الجحيم أو فوق الأرض… لا فرق."

‎مرت الأيام، كوابيس لا تنتهي، حتى ظهرت عائلة أودجين… لم يكن إنقاذًا، بل انتقالًا إلى قفص آخر… قفص أنيق، لكنه قفص.

‎رجل من أودجين:

‎"كل ما تحتاجان إليه… الطاعة. كونوا كلابًا مخلصة، وسنُبقيكما على قيد الحياة."

‎وهكذا أصبحا آلات. قَتَلَة. أدوات. لكنهما لم ينسيا لحظة واحدة من تلك الزاوية الباردة في القبو، حيث وُلد وعدهما.

‎---

‎[عودة إلى الحاضر – جسد أنتونيو يرتجف، الدم يسيل من فمه، يرتعش كطفل مهجور]

‎يسحب نفسه ببطء نحو أخيه. أظافره تمزق الأرض، صدره يعلو ويهبط بصعوبة كأنه يغرق.

‎أنتونيو (بصوت مختنق، بالكاد مفهوم):

‎"بيلي… نحن… لم نهرب أبدًا، فقط غرقنا أعمق."

‎يرفع يده المرتعشة، يلمس شعر أخيه الملطخ.

‎أنتونيو:

‎"سامحني… وعدتُك أن أحميك… لكني لم أكن سوى ظل ضعيف… نَفَسي الأخير… لك."

‎بيلي، رغم أنه لا يرد، تدمع عينه… قطرة دمعة، أخيرة، تسقط على خدّه… كأنّ روحه تنتظر أخاه ليكتمل الرحيل.

‎أنتونيو يبتسم بمرارة، وعيونه تغرق بالسواد:

‎"على الأقل… هذه المرة… نموت… معًا."

‎تغيب أنفاسه، وجسده يبرد، لكنه يبقى ملتصقًا بجسد أخيه.

‎[قبل دقيقتين من نهاية القتال في الجهة الغربية]

‎المكان سفح تلة تطل على مبنى المنظمة – الليل صامت، والسماء ملبدة]

‎كان تشاي واقفًا بصمت، الريح تعبث بشعره الأسود الطويل، عباءته تتمايل بهدوء. أمامه، تقف المنظمة، شامخة، غامضة، كأنها تسخر من كل من اقترب منها.

‎عينيه لا ترمشان. كان يحدّق إلى الأعلى، إلى أعلى النافذة في الطابق الأخير حيث يوجد أكاي، الرجل الذي لطالما بقي خلف الستار.

‎تشاي (بهمسٍ ساخر):

‎"كم من الوقت اختبأت هناك يا أكاي؟ كم من الأرواح ماتت كي تبقى أنت حيًا؟"

‎أخرج الهاتف ببطء… بحث عن اسم بان، ثم ضغط الاتصال. مرت ثانيتان. ثلاث. ثم جاء الصوت، مشبعًا بالحياة.

‎بان (بصوتٍ ثقيل، محموم):

‎"تشاي؟ أخيرًا… أين أنت؟"

‎تشاي (بهدوء):

‎"وصلت. أنا أمام المنظمة الآن."

‎صمت قصير. تشاي أكمل:

‎"أنسحب. أخبر بيلي وأنتونيو. لا يمكنني الاتصال بهم. الخط مقطوع لديهم، وأشعر… أن شيئًا خاطئًا يحدث هناك."

‎ضحكة مكتومة خرجت من الجانب الآخر.

‎بان:

‎"تريدني أن أنسحب؟ الآن؟… هل تعرف من أقف أمامه؟ خصمٌ انتظرته أكثر مما انتظرت رؤيتك. تشاي… قلبي لا ينبض عادة. لكن الآن؟ إنه يحترق."

‎تشاي (بحدة باردة):

‎"بان، هذه ليست مسألة قتال. ."

‎بان (بصوت حازم، كأنه ينهي القضية):

‎"بالنسبة لك… ربما. أما أنا؟ فأعيش لحظتي."

‎صوت الاتصال ينقطع. تشاي لا يتنهد. فقط ينظر إلى الهاتف، ثم يعيده إلى جيبه.

‎تشاي (بصوت خافت):

‎"كنت أعلم أنك ستقول ذلك… أيها الأحمق. عجوز مختل"

‎رفع رأسه مجددًا. دقائق قليلة تفصله عن بوابة المنظمة، لكن بدلاً من المشي… اختفى. لا صوت، لا أثر، لا موجة طاقة. كأنه لم يكن يومًا هناك.

‎---

‎[ مقر المنظمة، الطابق الرابع – غرفة التحكم]

‎شاشات، أضواء خافتة، رجال بوجوهٍ متوترة خلف أجهزة المراقبة.

‎رجل الأمن (يحدق في الشاشة ثم يصرخ):

‎"سيدي! شيء ما… شيء غريب!"

‎أكاي كان واقفًا خلفهم، بصمت مريب. لم يتحرك.

‎أكاي (دون أن يلتفت):

‎"قل."

‎رجل الأمن (يرتعش):

‎"كل شيء يعمل… كل الحساسات، جميع الكاميرات… لكنها لم ترصده. دخل إلى المنظمة دون أن تكتشفه الأجهزة، وظهر فقط عندما لمس عتبة الطابق الأول!"

‎سكون…

‎أكاي يحدّق إلى الشاشة التي تُظهر ممرًا فارغًا، ثم يقول في نفسه:

‎"تشاي أوجين… ما زلت تدهشني حتى الآن."

‎ببطء، دون استعجال، يرتدي معطفه، يضع القفاز في يده اليمنى فقط، ثم يفتح الباب.

‎أكاي (بصوت بارد وهو يغادر):

‎"أخبر الحراس بعدم التدخل… هذا أمر شخصي."

2025/08/01 · 3 مشاهدة · 784 كلمة
onitchannn
نادي الروايات - 2025