المكان : غرفة اجتماعات الشعبه الأولى

التاريخ : 27 / 6 /2012

الوقت : 8:00 صباحا

" مزاح سخيف على الأغلب "

هتف المفتش يوكاميتسو في ضيق بعدما انتهى عرض المقطع في غرفة العرض بمقر الشعبة الأولى, ليسترخى في مقعده بعدها ويضيف " بالتأكيد مجرد شخص تأثر بما شاهده في أحد الأفلام لا أكثر , لقد شاهدنا ما هو أسوء"

عقد المفتش جين كفيه أمام وجهه وهو يتأمل الجالسين , كان المفتش قد دعا لاجتماع عاجل لجميع الشاغرين من ضباط ومفتشي الشعبة الأولى , القسم الثاني , لمناقشة الموضوع فهو لم يستطع تجاوزه تحت بند المزاح , كان الموجودون ثمانية من ضمنهم المفتش ,

" إذا هذا ما تراه "

هز المفتش ياكاميتسو رأسه بالإيجاب , نظر جين إلى أكاي الذي قال بعد ثوان من الصمت " أتفق معه"

التفت إلى الجالس بجوارهم والتي كانت إمراة ذات شعر أسود طويل , يتناسب مع بشرتها البيضاء وعيناها السوداوان والتي كانت متناسقة مع البدلة السوداء التي ترتديها , تأملها المفتش للحظات " وأنت يا شيزكو ماذا تعتقدين ؟ "

" أضم صوتي إليهما "

التفت المفتش إلى الضابط تشيبا والذي قال في سرعه " تعرف رأي جيدا أيها المفتش , بالتأكيد هذه مزحه سخيفة"

" بالتأكيد هي كذلك "

التفت جين باتجاه مصدر الصوت والذي كان امرأة شقراء الشعر يلامس شعرها خصرها من طوله والتي انشغلت بالعبث بهاتفها المحمول وهي تضيف " كما أنه حتى لو كان هذا صحيحا فليس بمقدورنا فعل الكثير , طوكيو مدينة ضخمة ومن المستحيل أن ننجح في حماية الجميع بشكل كامل"

" لكن يمكننا أن نحاول يا شيميزو "

هتف بها المفتش جين وهو يحاول إخفاء خيبة أمله من اللامبالاة الطاغيه على الجميع

" من الناحية النظريه ممكن ولكن على الواقع الأمر صعب جدا , مساحة طوكيو إذا ذكرنا المنطقة الحضرية فقط تقارب 600 كلم²؛ تتشكل من 23 منطقة وعدد سكانها يصل إلى أكثر من 12 مليون شخص , إننا أشبه بمن يبحث عن إبرة وسط كومة من القش "

قالها الضابط تاكامورا وهو يعيد تثبيت نظارته على وجهه

" كالعادة لا تتكلم إلا بالأرقام يا تاكامورا "

التفت تاكامورا إلى صاحب العباره والذي جرع كوبا من الماء " أختلف معكم أيها السادة صحيح أن إحتماليه المزاح هي الراجحه ولكن إحتماليه كون الموضوع جديا ليس صفرا لهذا لا أرى ما يمنع من إتخاذ بعض التدابير"

" مالذي تقترحه يا سايتو ؟ "

قالها جين وقد بدا عليه الارتياح من وجود شخص أخر بجانبه يشاركه مخاوفه

" زيادة عدد الأفراد في المناطق ذات الكثافة و في دوريات الأحياء الراجله بالإضافة إلى رفع حالة التأهب لدى جميع الأفراد والتأكيد عليهم بعدم إغفال أو التساهل في شيء مهما بدا تافها أو بسيطا "

" أنت تبالغ كثيرا أيها المفتش "

هتف بها يوكاميتسو وعلامة الدهشة ترتسم على وجهه

" أن تبالغ في الحيطه أفضل من أن نكون أسفين لاحقا , هذا ما أراه "

" بالمناسبة ما الذي حدث بشأن الأوراق التي وجدت مع القرص ؟ " سألت شيزوكو في بساطة

" تم تسليمها للمعمل الجنائي لفحصها بالكامل وأتوقع تقريرا مفصلا منهم خلال ساعات "

" هل صحيح أنها كانت فارغة ؟ "

هز جين رأسه بالإيجاب فتبادل الجالسون النظر في حيرة والكل يدير الأمر في رأسه قبل أن يقطعه المفتش جين بقوله " حسنا لنعد إلى موضوعنا , أنا أتفق مع المفتش سايتو في رأيه , هل هناك أحد منكم يعترض على اعتماد خطته ؟"

صمت الجميع فأدار المفتش جين نظراته بينهم وحينما لم يجد منهم أي ردة فعل هز رأسه في ضيق وهو يشير لهم بالانصراف

نهض الجميع وهم يتمتمون عن مدى حذر المفتش جين ومبالغته , وخلال ثوان كانت القاعة قد خلت من الجميع ما عداه , فأدار كرسيه باتجاه النافذة وفي رأسه سؤال واحد : ترى هل سيكفي ما يفعلون ؟ ولماذا يراوده هذا الشعور السيء بأن الأول من شهر يونيو سيحمل لهم كارثه ؟

............................................................................................................................

" إنه يبالغ كثيرا "

هتف المفتش ياكاميتسو بالعبارة بسخط شديد وهو يحاول إشعال سيجارته دون جدوى , قبل أن يلقيها على الأرض ويبحث في جيبه عن واحدة أخرى

" لا تجعل الأمر يقلقك كثيرا "

قالها أكاي وهو يناوله علبة سجائر كانت في جيبه

" ولكن هذا الأمر مثير للضيق , منذ متى ونحن نأخذ هذه الأمور بمثل هذه الجديه "

قالها وهو يعيد العلبه إليه بعد أن أخذ منها سجارة واحدة , أشعلها وراح يستهلكها في سرعه

" بودي لو شاركتك ثقتك هذه "

توقف عن التدخين والتفت إلى أكاي في دهشة " أنت أيضا تعتقد بأن الأمر جدي ! "

مضت لحظات قبل أن يقول " صدقا لا أدري , الموضوع يشي بأنها محاولة سمجه للمزاح ولكن ... "

صمت فأشار إليه يوكاميتسو بالاستمرار فأضاف " ينتابني شعور سيء , شيء ما يخبرني بأنه جاد في كل ما قاله"

" ومالذي تنوي فعله ؟"

داس أكاي على عقب السجارة بحذائه وقال وهو يستدير مغادرا " أعتقد أن المفتش سايتو على حق , بعض الحذر لن يضر أحدا"

قالها وواصل السيرمبتعدا وهو يقاوم ذلك الشعور الذي يعتصر روحه " نحن مقبلون على كارثه "

راح هذا الهتاف يتصاعد داخله بلا توقف حتى أنه تساءل مندهشا " ما الذي جرى لي ؟ , هذه ليست أول مرة نتعرض لمثل هذا الموقف , فلماذا الآن ؟ "

راح يبحث في جيبه حتى أخرج علبة سجائره ولكن لخيبة أمله كانت فارغه فاعتصر العلبة في غل قبل أن يلقيها في أول علبة للقمامه على طريقه

" أحتاج إلى تدخين سيجاره حتى أفكر بشكل أفضل ولكن أعتقد أني أبالغ كثيرا هذه هي العلبة الثانيه اليوم , لا بد لي بالفعل من محاولة الإقلاع أو التخفيف منه , لابد "

***************************************************************************

" لا شيء بها "

هتف المفتش جين في استنكار وهو يضرب براحة يده على مكتبه في قوة في حين لم يبدو التأثر على وجه خبير المعمل الجنائي الشاب والذي اكتفى بأن أصلح وضع نظارته وهو يجيب في برود " كما سمعت أيها المفتش , لا أعرف لما أنت منفعل هكذا ولكن نتيجة الفحص سلبية , هذه أوراق فارغة , صحيح أنها مزخرفة وسميكة بعض الشيء ولكن أؤؤكد لك لم يكتب شيء عليها , فحصناها جيدا لا أثار لأي كتابة بالقلم عليها .

" ربما استخدم حبرا سريا في الكتابة "

لاحت ابتسامة ساخرة على حافة فم الخبير " خيال لا بأس به أيها المفتش ولكن قل لي كيف كتب على الورقة من الأساس؟ , مهما كان سن القلم رفيعا إلا أنه وعند الكتابة سيترك أثرا ولو كان بسيطا , وهو مالم نجده على الأوراق "

أسقط في يد المفتش والذي لم يجد ردا فواصل الخبير وابتسامته تزداد " ولكي تطمئن لم نهمل هذا الخيار , لقد عرضنا الورق إلى الحرارة والأشعة الفوق البنفسجية وحتى مركبات اليود والنتيجة كانت سلبية , وأستطيع القول بثقة أنه لا وجود لأي كتابة على هذه الورقة "

قلب المفتش كفيه في حيرة " ولكن هذا لا يعقل, لا يمكن أي يكون قد أرسلها عبثا, هناك شيء خطأ "

" في الحقيقة لا أدري لما تولي الموضوع كل هذا الإهتمام أيها المفتش ؟ هذا مزاح لا شك فيه , أتعرف أنه و أثناء فحصنا للمظروف وجدنا داخله صورة صغيرة لإحدى علب ملح الطعام , هل تتخيل ؟ صورة لعلبة ملح ! , هو يسعى للعبث وأنت تضيع الوقت والجهد في هذه المزحة"

نطق الجزء الأخير بنوع من اللوم , نظر إليه المفتش في صمت , هو نفسه لا يدري لماذا ؟, لماذا يشعر بهذا القلق الكبير من ما يجري , صحيح أن كل شيء يشير باتجاه المزاح ولكنه غير قادر على الإقتناع, أتراه نوعا من الغريزة التي نمت خلال سنوات خدمته الطويلة؟ ولكنه في النهاية مفتش شرطة وعمله يعتمد على الحقائق المجردة فقط "

تنهد المفتش وأشار للخبير بالإنصراف ولم يكذب الأخير خبرا وسرعان ما كان يغلق باب الحجرة وراءه وهو يتمتم " سمعت أنه مفتش شديد البراعة ولكن ما أراه أمامي يدل على العكس , يبدو بأن للعمر أحكامه " قال المقطع الأخير بتهكم واضح وقدماه تقودانه بعيدا عن الحجرة , في حين راحت عينا المفتش تتأملان ساعة الحائط - والتي أشارت إلى الساعة الرابعة مساء من اليوم السابع والعشرين من الشهر - قبل أن يغمضهما ويسترخي في مقعده

" أربعة أيام وبضع ساعات "

تمتم بها المفتش وهو يميل برأسه باتجاه النافذه متأملا من خلالها الحديقة الصغيرة الذي يطل مكتبه عليها والتي لطالما ساعده منظرها على الاسترخاء

" يبدو بأنني في حاجة إلى الراحة بالفعل , حسنا إذا مر كل شيء بسلام فلا مانع من بضعة أيام كإجازة "

نطق بها غير عالم وأنه في تلك اللحظة وعلى مقعد في الحديقة المقابلة جلس ذلك الشخص والذي راحت عيناه تتأملان مبنى الشرطة

" لقد اقتربنا كثيرا, أمل أن تكونوا قادرين على الرقص يا أعزائي فالحفل سيكون صاخبا بشدة "

قالها في حين راحت ابتسامته الساخرة تتسع أكثر فأكثر

نهاية الفصل السادس

2019/04/20 · 418 مشاهدة · 1384 كلمة
abalmaghrabi@
نادي الروايات - 2024