الفصل 255

كان آرون ميديرا، معلم الخيمياء في المعبد، متعكر المزاج.

تميز بمكانة خاصة حتى بين جميع المعلمين الموهوبين. اقتصر تدريسه على الطلاب النخبة، لذا كان الطلاب في محاضراته من الممتازين، إما من فصل أوربيس أو من الفصول العامة.

شخصيًا، لم يكن يروق له الفصل الملكي؛ فقد كانوا يعتمدون على الموهبة فحسب، وكَثُرَ بينهم الفتيان المتغطرسون.

بعبارة أدق، لم يكن يكره الفصل الملكي، بل كان يفضل فصل أوربيس لا غير.

أعجبه يأسهم.

أعجبه استعدادهم لفعل أي شيء في سبيل النجاح.

ذلك النوع من اليأس يعمي البصيرة، وإذا قُدِّم لهم عرضٌ مُغرٍ في حالة الذهن المشوَّشة تلك، فإن معظم الطلاب يسقطون في الفخ ببساطة.

مكانٌ يجتذب أفضل مواهب الإمبراطورية، حيث لا يتطلب الأمر سوى مدّ اليد لاصطياد ذوي الإمكانات الأعظم.

مكانٌ يمكن للمرء فيه إجراء تجارب بيولوجية ورؤية نتائجها آنيًا. مكانٌ تتجدد فيه مواد التجارب من تلقاء نفسها.

كان المعبد هو المكان الوحيد الذي يلبي تلك المتطلبات.

لكن ذلك المهد تلاشى فجأة.

ذلك المعتوه من الفصل الملكي، راينهارت، قرر فجأةً أن يفسد كل شيء.

تقنيًا، كان السبب الحقيقي هو الإجراء الجماعي الغريب الذي قام به طلاب ومعلمو فصل أوربيس، ولكن بالرغم من ذلك، بقي راينهارت هو أصل المشكلة.

فالمكان الذي كان يزوده بمواد اختبار طيّعة، من بينهم الإضافاتُ الجديدة الأكثر كفاءة، قد اختفى فجأة.

الشخص الذي أفسد تجربته…

لم يستطع فعل شيء حيال المقاطعة الجماعية لفصل أوربيس، لذا وضع تلك المسألة جانبًا.

فلو مات ذلك الفتى داخل المعبد، لتفاقمت المشكلة وشكلت تهديدًا له، لذا حاول قتله خارج المعبد.

كان واثقًا من أنه لن يُكتشف أمره إن استخدم فنونه المحرَّمة.

يموت الناس بسهولة مدهشة. فمهما بلغت قوة الفارس، من البديهي أنه سيموت فورًا إذا طُعن وهو نائم.

علاوةً على ذلك، ومهما كان متميزًا، فما زال مجرد طالب. وكان يُفترض أن يكون قتله سهلًا.

ولو مات ذلك الفتى، لما وقعت الشكوك عليه، بل على فصل أوربيس، وبالتالي كانت الظروف مثالية، ولما كُشف أمره.

لكن لسببٍ ما، استشعر راينهارت فورًا وجود القاتل الذي زرع آرون الطفيل فيه. وعندما رأى القاتلُ هدفَه يفر مذعورًا، شعر بضرورة التواري عن الأنظار.

بعد أن أحسّ ذلك الفتى بالخطر المحدق به، لم يغادر المعبد مُطلقًا منذ ذلك الحين.

كان بمقدوره قتل راينهارت داخل المعبد لأنه لم يُطرد أسوةً بمعلمي فصل أوربيس. إلا أنه أحجم بشدة عن المجازفة بأي شكل.

لم يكن ثمة داعٍ لذلك.

طالما بقي راينهارت في المعبد، فهو ضمن مرمى يده.

وهو لن يمكث في المعبد للأبد أيضًا.

في اللحظة التي يتسلل فيها خارج المعبد، سيكون مصيره محتومًا.

لكن الأمور كانت تأخذ منحىً غريبًا بعض الشيء.

الطالبة الأخرى التي كانت برفقة راينهارت آنذاك… عندما لاحظ مغادرتها للمعبد، عدّها فرصةً سانحةً لا ينبغي تفويتها.

كان ينوي تعقبها سرًا، وإخضاعها، واستخدامها رهينةً لجرّ راينهارت خارج المعبد.

فحتى وإن كانت من الفصل الملكي، فهي ليست سوى طالبة في السنة الأولى على أقصى تقدير. واعتقد أن الأمر لن يمثل مشكلةً طالما باغتَها.

لم تكن ثمة حاجة ليكشف عن نفسه، إذ بمقدوره ببساطة استخدامَ مضيفي الطفيليات.

ولكن، أين سارت الأمور على نحو خاطئ؟

كانت تدرك جيدًا أن أحدهم يتعقبها، بل وبدا أنها ترغب في ذلك حقًا.

تبين أن تلك الفتاة كانت أعتى وحشٍ سُجِّل في تاريخ المعبد على الإطلاق، وإن لم يكن يعرف التفاصيل حقًا.

تمثّل خطؤه في إهماله جمع المعلومات عن طلاب تخصصات الاشتباك القريب لأنه ساحر.

لحسن الحظ، كانت فنونه المحرَّمة مجهولةً تمامًا للعالم خارج النظام الأسود.

ما كانوا ليجدوه اعتمادًا على ذلك فقط. فالأدلة قد مُحيت بالفعل، في نهاية المطاف.

لقد كانت تعويذةً محرمةً استخدمها النظام الأسود لقتل الناس سرًا.

كل ذلك الغضب والسُّخط جعله يتململ قلقًا.

كيف له أن يتوقع أن طالبةً في السنة الأولى من الفصل الملكي تبدو وكأن لها عيونًا في قفاها؟!

وعليه، شرع يبحث عن طريقةٍ أكثر حسمًا وتفصيلًا لقتل راينهارت.

لكن…

"حشرة يمكنها السيطرة على الناس؟"

"أجل، هل يمكن لأحد أن يصنع شيئًا كهذا بالخيمياء؟"

الفتاة التي أمسكت بمضيفه المرة السابقة، أتت بالفعل إلى قصره تجرُّ خلفها طالبة أخرى.

يا لها من مصادفة!

بُهِتَ آرون ميديرا لأن الأمور تسير على ما يرام لمصلحته إلى هذا الحد.

لم يكن آرون يعرف إيلين حتى ذلك الحين، لكنه كان يعرف بالفعل طالبة تخصص السحر، هارييت دي سانت أووان.

كان مهتمًا بهارييت أكثر بكثير من إيلين.

لقد كانت أعظم عبقرية سحرية في تاريخ عائلة دي سانت أووان الشهيرة. لا، بل ربما كانت أعظم عبقريةٍ على مستوى القارة بأسرها.

فلم يسبق أن ظهر شخصٌ بموهبة 'السحر' من قبل.

ومع أنها بدت غير مدركةٍ لذلك بنفسها، إلا أنها كانت الشخص الذي حاز أكبر قدر من الاهتمام لدى معارفه.

بالطبع، لم يكن آرون ميديرا يشاركه ذلك الاهتمام.

فالموهوبون بالفطرة دائمًا ما يتّسمون بالغطرسة.

كان يفضل عديمي الموهبة الذين يقاتلون لبلوغ القوة — مثل أولئك في فصل أوربيس. كان يعتقد أن قسوة وشراسة أولئك الذين يصارعون ليصبحوا أقوى تجعلهم عُرضة للإغراء.

لهذا السبب، كانت هارييت دي سانت أووان، التي وُلدت بقوة عظيمة وجهلت ما ينقصها، تبدو في نظره مجرد إنسانة تفتقر لأي يأسٍ يدفعها للتحسين.

لم يجرِ تجاربه تحت ستار منح الآخرين القوة لأنه شرير؛ بل على العكس، كان يعتبر تجاربه بمثابة هدايا حقيقية.

لم يكن يمنح أي شيء لمن لا يتملّكهم اليأس. لذلك، ورغم كونها موهبةً فذّة، لم يكن مهتمًا بهارييت دي سانت أووان.

كانت مذهلة ببساطة.

كيف قُدِّرَ لمثل هذه المصادفة أن تحدث؟

هل قُدِّم له على طبقٍ من فضة طُعمان رفيعا المستوى، مثاليان لاستدراج راينهارت خارج المعبد، بهذا الشكل؟

قالتا إنهما حضرتا بناءً على توصية من السيد موسترانج، معلم الفصل الملكي.

كانت إيلين هناك بعد أن سألت هنا وهناك دون جدوى، محاوِلةً كشف حقيقة الطُفيل الذي خرج من جسد المضيف.

لم تكن لديها أدنى فكرة أنها في مكانٍ ما كان يجب أن تطأه قدمُها قطّ.

هاتان الطالبتان، اللتان جهِلتا تمامًا أنه كان يُربِّي مئات تلك الطفيليات في القبو، بدتا مجرد فتاتين بريئتين ترغبان في إشباع فضولهما فحسب.

هما الطالبتان اللتان قررتا طواعيةً التورط في محاولة اغتيال راينهارت.

لا بد أن هاتين الفتاتين ثمينتان جدًا لدى راينهارت، ولذا ستشكلان بالتأكيد طُعمًا ممتازًا.

أما متعةُ سحقِ مواهب الفصل الملكي المتغطرسة والناشئة فكانت مكافأة إضافية.

"همم… بينما أؤمن بأنه لا شيء في هذا المجال يَعزُب عن علمي، لابد لي من القول بأن الخيميائيين هم ذلك النوع من الناس الذي يهوى التجريب حتى وإن لاح لهم مجرد بصيص أملٍ في النجاح."

لكنّ فعل ذلك كان صعبًا في الوقت الراهن.

فلو اختفت هاتان الطالبتان، اللتان حضرتا بتوصية من السيد موسترانج، في تلك اللحظة، لازداد احتمال توجيه الشكوك إليه فورًا.

"أعتقد أنني سمعت عن البعض ممن يستخدمون مثل هذه الأشياء…"

"ح-حقًا؟ هل أنت متأكد؟"

"…"

تبدّلَت ملامح هارييت فجأة عند ذكر دليلٍ قد يحمل معنىً مهمًا. كما اتسعت عينا إيلين قليلًا.

"سيستغرقني بعض الوقت لمراجعة كافة البيانات، لذا سأرسل رسالة إلى الفصل الملكي حالما أنتهي."

"شكرًا لك! شكرًا جزيلًا أيها المعلم!"

صرفهما في الوقت الحالي، إذ إن المساس بهما الآن كان ليقترب من الحماقة.

"بما أنكما تجشمتما عناء المجيء إلى هنا، ما رأيكما في فنجان شاي؟"

سكب بعض الشاي الدافئ في فنجانين للطالبتين البريئتين.

كان سيصرفهما، لكنه احتاج لبعض التأمين.

الخيمياء علمٌ يمكن أن يعمل بالسحر أو بدونه.

في هذه الحالة، لا علاقة للسحر به.

بعبارةٍ أخرى، لن يجدي تبديد السحر نفعًا مع ما يفعله.

كان آرون ميديرا بصدد تسميم الاثنتين.

استخدم سُمًا بطيءَ المفعول، لا تظهر أعراضه إلا بعد مضي أكثر من شهر. ستتدهور وظائف جهازهما القلبي الوعائي تدريجيًا، وفي النهاية يتوقف قلباهما عن النبض.

وبدون الترياق، ستسقطان ببساطة جثتين هامدتين ذات يوم.

وقد جرى التحقق بالفعل من عدم وجود طريقة أخرى لمعالجة هذا السم، فحتى السحر المقدس لن يجدي نفعًا.

إذا لم تسر الأمور كما خطط لها، يمكنه استخدام الترياق كذريعة لاستدراج راينهارت للخروج.

كان ذلك نوعًا من التأمين.

"آه، نعم… شكرًا لك."

أحاطت هارييت الفنجان بيديها بحذر.

اشربيه.

ارتسمت ابتسامة باهتة على وجه آرون ميديرا عند تفكيره بأنه سيحصل على جثة ذلك المعتوه المتغطرس الذي دمّر كل تجاربه، فقط بانتظار شهرٍ واحد.

فهو نفسه يملك الترياق، في نهاية المطاف، لذا أمكنه تذوق الشاي المسموم بأريحية.

كان سُمًّا عديم الطعم والرائحة، لا يمكن كشفه.

أما إيلين، فلم تلمس الشاي قط. بدا الأمر وكأنها لم تُغرَ بشربه أصلًا.

كانت هارييت على وشك الشرب من فنجانها، لكنها أمالت رأسها قليلًا ثم وضعته جانبًا.

"بالمناسبة، لديّ سؤالٌ أود أن أطرحه عليك."

لمحَ آرون ميديرا قرطًا أخضر برّاقًا يتدلى من أذن هارييت.

لم يكن ارتداء المجوهرات محظورًا في المعبد، ولكن بالنسبة لشيءٍ ترتديه السيدة الشابة من دوقية دي سانت أووان، بدا تصميم القرطين متواضعًا بعض الشيء.

وضعت هارييت فنجانها جانبًا بشكلٍ كامل.

"لماذا لا تسألنا عن سبب فضولنا حيال شيء كهذا؟"

شعرت هارييت بالانزعاج.

أبدى الآخرون جميعًا فضولهم بشأن اهتمامهما بمثل هذه الأمور. حتى هي نفسها تساءلت عن الأمر في البداية.

عندما سمعت إيلين تسأل عن تلك الأمور أول مرة، تساءلت هي الأخرى ما الداعي بحق الجحيم لمعرفة شيء كهذا. لقد كان سؤالًا مثيرًا للقلق وشاذًا.

انطبق الأمر ذاته على أعضاء نادي أبحاث السحر، وكذلك على السيد موسترانج.

سألهم جميعًا عن سبب فضولهما حيال الطفيليات التي يمكنها التحكم بالبشر.

لكن آرون ميديرا لم يُبدِ أي فضول، وهذا تحديدًا ما أثار انزعاجها.

إلا أن ذلك، بحد ذاته، لم يكن مشكلةً كبيرة. اكتفى آرون ميديرا بابتسامةٍ وادعة ردًا على سؤال هارييت.

"السحرة، وخاصة الطلاب، لديهم فضولٌ بطبعهم حيال طيفٍ واسعٍ من الأمور، في نهاية المطاف. ستُدهَشين بكمّ الأسئلة الشاذة التي سمعتها منذ بداية مسيرتي المهنية. أنا معتادٌ ببساطة على الإجابة عن الأسئلة الغريبة في هذه المرحلة."

"أوه، فهمت."

بدت إجابة آرون ميديرا منطقية.

لاحظ أن الطفلتين الصغيرتين أمامه لم تلمسا فنجانيهما البتة، وأنهما تبديان حذرًا تجاهه.

لم تكونا مجرد طفلتين موهوبتين، بل امتلكتا بصيرةً ثاقبةً أيضًا.

أدرك أن محاولة إجبارهما على شرب الشاي ستأتي بنتائج عكسية. ألقت هارييت نظرة حول مكتب القصر.

"وهذا المكان… كيف أصفه…؟ إنه غريب."

واصلت هارييت تفحص المكان حولها بهدوء.

لم تكن مجرد متجولة بنظرها؛ بل بدا أنها كانت تحاول استشعار المكان ذاته.

"لا أستطيع استشعار أي طاقةٍ آتية من خطوط القوة."

"خطوط القوة؟ ماذا تقصدين؟"

دأب راينهارت على أمر هارييت بفعل أمورٍ سخيفة.

ملاحظة المترجم: بمعنى أنه يأمرها بإستمرار بفعل أمورٍ سخيفة.

"لمَ لا تجربين دراسة سحر الأبعاد؟ وحالما تبدئين، حاولي تفعيل السحر باستخدام مانا خارجية بدلًا من الداخلية."

لم تنجح في أيٍ من ذلك بعد، لكنها كانت تخطو في سبيل تحقيقه.

المانا الطبيعية... كانت لا تزال بعيدةً كل البعد عن استخدام السحر بها، لكنها اعتادت بشدة استشعار وتحليل المانا الموجودة في الجو. بالطبع، بوسع السحرة الآخرين فعل ذلك أيضًا، لكن هارييت، التي انصب تركيزها على ذلك، كانت أشد حساسيةً بكثير.

المانا كلية الوجود، لكن تركيزها يتفاوت من مكانٍ لآخر. حتى في الحيز نفسه، يمكن أن يختلف تركيزها. وبدت القدرة على التحكم بمثل هذه المانا غير المنتظمة التركيز احتمالًا مشكوكًا فيه إلى حدٍ ما.

ورغم أنها لم تبلغ هدفها الحقيقي بعد، إلا أن ما اكتسبته من بحثها كان كافيًا لتستشعر غرابة المكان.

لم تستطع استشعار مانا خطوط القوة تحت القصر البتة.

كان الإحساس أشبه بوجود فجوةٍ هائلة في وسط محيطٍ شاسع.

لم تكن تعلم ما يوجد أسفل القصر، لكنها استطاعت أن تدرك وجود حاجزٍ بُني خصيصًا لحجب ما بالأسفل.

"أعلم أن الحواجز المُعَدَّة لإخفاء الأشياء لها تأثيراتٌ مشابهة."

كان هناك حيزٌ تحت القصر مُحصَّنٌ بسحرٍ ليمنع الغرباء من الاطّلاع على ما بداخله بالوسائل السحرية.

"السحرة، والخيميائيون على وجه الخصوص، حساسون لمثل هذه الأمور. ليس مستغربًا أن أكون قد أقمتُ شيئًا كهذا. فأنا خيميائي، بعد كل شيء."

كان آرون ميديرا خيميائيًا.

كانت حجةً مشروعة أن الخيميائيين يهتمون بالأمن اهتمامًا خاصًا. فهم لا يرغبون، بعد كل شيء، أن يطّلع الآخرون على مختبراتهم.

أدركت هارييت ذلك أيضًا، ولكن كان ثمة شيء آخر أثار ريبتها.

حجمه…

لقد كان كبيرًا جدًا ببساطة.

ورغم أنه قيل إنه خيميائيٌّ ممتاز، إلا أن امتلاكه مختبرًا تحت القصر يمتد لستة طوابق تحت الأرض بدا مفرطًا بعض الشيء.

"هذا مزعجٌ حقًا. قلتُما إنكما ترغبان في طرح بعض الأسئلة، ولكن هل هو مجرد خيالي، أم أن هذا استجوابٌ؟"

لم يُخْفِ آرون ميديرا امتعاضه.

سمح لهاتين الاثنتين بالدخول بدافع الفضول، لكنهما فجأة بدأتا تلاحظان شيئًا غريبًا وتُلقيان بالشكوك حوله.

لم يستطع السماح للأمر بالاستمرار أكثر من هذا.

كان لابد أن يجعلهما تغادران.

كان بمقدوره الإمساك بهما قسرًا واستخدامهما طُعمًا في الحال، لكن ذلك من شأنه أن يدمر تمامًا الأساس الذي أرْساه في المعبد.

كان يحاول فقط استدراج ذلك الفتى عديم الجدوى، لكن الأمور اتخذت منحىً معقدًا.

لكن، عندها، فتحت إيلين، التي التزمت الصمت حتى تلك اللحظة، فمها.

"هل يختفي الهومونكولوس عند إلقاء تبديد السحر عليه؟"

"…… يا لكُما من طفلتين وقحتين! حسناً، سأجيب. الهومونكولوس مخلوقات مصنوعة من السحر، لذا إن أُلقي عليها تبديد السحر، فإنها تختفي."

"…إذن، إن كان نوع الهومونكولوس الذي نتحدث عنه يسيطر على إنسان، فماذا سيحدث لذلك الإنسان إذا أُلغي تأثيره بـتبديد السحر؟"

"……"

أحسّ آرون بقشعريرةٍ باردة تسري في ظهره.

عمّ كانت تلك الفتاة تتحدث بحق السماء؟

"حسنًا… مع أنني لا أعرف التفاصيل، إما أن يختفي الهومونكولوس الطفيلي من جسد المضيف، أو أن يموت المضيف نفسه."

عرف آرون ميديرا أن الخيار الثاني هو الصحيح. فالإصابة بالهومونكولوس دائمة؛ متى مات الهومونكولوس، مات مضيفُه معه.

لا، بل بمجرد أن يصاب شخص بالهومونكولوس ويُسيطَر عليه، فهو يُعد ميتًا بالفعل.

"لمَ تسألين أمرًا كهذا؟"

"سننشر حقلًا مضادًا للسحر في جميع أنحاء هذا القصر بدءًا من هذه اللحظة،" قالت إيلين بهدوء.

"……ماذا؟!"

"إن كان أي شخصٍ في هذا القصر مُسيطرًا عليه بهومونكولوس، فسيسقط ميتًا. وإن لم يحدث شيء، فسأعتذر أنا. وإذا رغبتَ في معاقبتنا وإلزامنا بدفع تعويضٍ عن الأضرار بالممتلكات، فسنفعل."

حقلٌ مضاد للسحر…

إنه حاجزٌ سحري يفوق تأثيره بكثير تأثير تبديد السحر واسع النطاق، وهو يقمع أي استخدامٍ للسحر بالكامل.

طالبةٌ قادرة على إلقاء تعويذةٍ بهذا المستوى الرفيع؟

اتسعت حدقتا آرون ميديرا.

لعلّ هارييت دي سانت أووان هي بالفعل أعظم عبقريةٍ في تاريخ السحر.

كانت تلك مشكلةً خطيرة.

هاتان الطفلتان كانتا على وشك فعل شيءٍ جنونيٍّ لدرجة لا تصدق بناءً على مجرد تخمينات.

لو قامتا بنشر الحقل المضاد للسحر، بطبيعة الحال، سيتحول العديد من العبيد الذين يحتجزهم في هذا القصر إلى جثثٍ هامدة. هدأَت ملامحه مجددًا.

"حقًا لا يوجد سوى أناسٍ مزعجين في الفصل الملكي."

لم ترُق له أيٌّ منهما.

سيخسر كل شيءٍ في نهاية المطاف إن استمر على سلبيته هذه.

كان لابد له من اللجوء إلى إجراءاتٍ متطرفة لمنع ذلك من الحدوث.

"موتي."

-وهَج!

انطلقت كرةٌ نارية من عصا آرون ميديرا، ولكنْ سرعان ما اعترضها درعُ هارييت الواقي.

"حقًا لم أتوقع… أن تكون أنت الفاعل حقًا."

"لقد أخبرتُكِ يا هارييت."

رمق آرون ميديرا السيفَ الفضي الذي استدعته إيلين فجأةً في يدها اليمنى.

"التهديدُ يجدي نفعًا أكثر بكثير من الاستجواب."

"أجل…"

لقد شكّت هاتان الاثنتان بآرون ميديرا منذ البداية.

2025/04/18 · 6 مشاهدة · 2273 كلمة
Bar
نادي الروايات - 2025