في الليل, ذهب فيراك ووالده إلى بيت زعيم القرية. كانت القرية تعج بالحياة، خاصة في هذا الوقت. دخل فيراك ودوران من المدخل الرئيسي, حيث كان هناك رجلان يرتديان الفراء يقفان على جانبي الباب. كان يُسمع صوت الضحك والموسيقى من الخارج وعند الدخول يمكن رؤية الناس يرقصون
على منصة كبيرة نسبيا، بعضهم يبدون مخمورين وبعضهم كانوا يجلسون فقط على الطاولة الكبيرة يأكلون بسلام. نظر فيراك إلى الأمام ورأى طاولة كبيرة في نهاية الغرفة، حيث كان ريتشارد والصبي من عائلة مونرو يجلسان . بجانبهم كان هناك بعض كبار السن. بالإضافة إلى عدد قليل من الفرسان الذين يقفون خلفهم.
والد فيراك، دوران كان من أولئك الأشخاص الذين لا يحبون أن يكونوا في الأضواء تمامًا مثل ابنه، لم يتفاعل الاثنان مع الكثير من الناس، فقط بعض التحيات من عدد قليل من الأفراد.
بينما كانوا يجلسون على الطاولة ويتناولون الطعام لاحظ فيراك شيئًا من طرف عينه، نظر ورأى ذلك الفتى النبيل يحدق بهم. ألقى نظرة على والده ورأى أنه لم يلاحظ ذلك. أعاد نظره إلى الصبي وركز بعمق، مدركًا أنه كان ينظر إلى والده بالتحديد كان رأسه ملينا بالأسئلة لكنه لم يجد لها أي إجابات.
عاد فيراك ووالده إلى المنزل بعد الحفلة. كان جسد فيراك مرهقا من الصيد والضوضاء في الحفلة لدرجة أنه ذهب للنوم دون تناول العشاء، وهو أمر نادر الحدوث.
استيقظ في اليوم التالي ملينا بالطاقة ذهب وتناول الإفطار، ثم غادر المنزل. لا يزال لديه العديد من الأسئلة لكنه كان يعلم أنه لن يتمكن من العثور على إجابات لها، لذا دفعها بعيدا عن ذهنه.
جسد فيراك قد تغير منذ العام الماضي: أصبح الآن في العاشرة من عمره. لقد اصبح لديه عضلات في جميع أنحاء جسده، وزاد طوله. مظهره يوحي بأنه كان في بداية المراهقة, وليس طفلًا في العاشرة من عمره.
تحسنت مهاراته في الصيد أيضا: فقد شاهد وتعلم كيفية صيد السمك من بعض أكثر الرجال مهارة في القرية. فخاخه وطرق صيده قد تحسنت ايضًا. لكن اليوم كان لديه صيد مثير.
جلس فيراك في العشب الكثيف وانتظر فريسته، بعد العديد من المحاولات لصيد هذا الحيوان بالذات، بدأ يفهم سلوكه، كان لدى هذا الخنزير البري حاسة شم ممتازة قادرة على اكتشاف الروائح من على بعد أميال، وسمعه كان حادًا بشكل لا يصدق كان يمكنه سماع أدنى تردد في الصوت, حتى وان كان نفس خفيف ومع ذلك كان لديه ضعف كبير جدا، الا وهو انه لا يستطيع الرؤية.
هذا ما اعتمد عليه فيراك، كان قد غامر بالفعل في عمق الغابة، حيث كان هادئا لدرجة أن صوت الرياح بالكاد كان مسموعا. نثر فيراك بعض اللحم الفاسد لإخفاء رائحته عن الخنزير البري ووضع بعض الطعام على الفخ الحديدي، حتى إذا اقترب الخنزير ينقض عليه بسهولة. انتظر فيراك لفترة
طويلة, يكاد يغفو عندما سمع فجأة خطوات.
رفع فيراك رأسه قليلاً ورأى خنزيراً برياً بفرو أبيض، مع خطوط بلون أحمر خفيف يمتد على طول هذا الفرو. كان الخنزير البري يشم رائحة اللحم لكن لحسن حظ فيراك, شم رائحة اللحم الفاسد بدلا من ذلك. هذا جعله يستمر في السير حتى وقف مباشرة أمام الفخ. أمسك فيراك أنفاسه لتجنب اكتشافه من قبل الخنزير البري، قائلاً في نفسم 'هيا، انزل رأسك لتأكل' توقف الخنزير البري للحظة, كما لو كان هناك شيء لم يفهمه. نظر إلى الطعام وفحصه عن كثب، كما لو كان يستطيع الرؤية. وبقى في تلك الوضعية لفترة من الوقت.
كان فيراك واقفًا على أطراف أصابعه، يكاد يحبس أنفاسه وهو ينتظر أن يخفض الخنزير البري رأسه قليلاً. كان صبر فيراك ينفد حتى صرخ بصوت عال، "تبا، فقط اخفض رأسك قليلاً!" غطى فمه بسرعة مندهشا عندما سمع الخنزيرالبري ذلك هرب هذا من المكان بسرعة.
تصاعد الغضب داخل فيراك: حاول عدة مرات الإمساك بهذا الخنزير البري، لكنه في كل مرة تمكن من الهروب بطريقة ما، كما لو كان يشعر بالفخ في انتظاره.
خرج فيراك من مخبأه وتبع آثار الخنزير البري بفكرة واحدة في ذهنه: ' هذه المرة, لن أستسلم كما في السابق: لن أعود والخنزير اللعين لا يزال على قيد الحياة بدأ الأمر يشعر بأنه شخصي بينه وبين الخنزير البري وكأنه عداوة استمرت لسنوات بينما كان فيراك يتبع آثار الخنزير. بدا يتوغل أعمق في الغابة أصبحت الأشجار كثيفة لدرجة أن ضوء الشمس كافح لاختراقها.
بدأ فيراك يشعر بالخوف لأنه كان يعلم أنه كلما تعمق في الغابة، زادت فرص مواجهة وحوش خطيرة من الصعب حتى تخيلها.
بعد فترة قصيرة، رأى فيراك الخنزير البري من بعيد، اختبأ في العشب الطويل القريب منتظرًا اللحظة المناسبة للانقضاض على الخنزير قائلا لنفسه ' أخيرا، سافتله هذا الخنزير اللعين, أمل ان تكون جائزة اصطيادك تستحق هذا العناء'. ومع ذلك، كان هناك شيء جعل فيراك يتساءل.
لم يكن الخنزير البري يتحرك, لم يكن يتحرك على الإطلاق ولم يظهر أي علامات على الحياة. كان مثل تمثال خشبي. لم يكن هناك نفس. ولا حتى عضلة واحدة تتحرك. ظهر فيراك من مكان اختبائه وتحرك ببطء نحو الخنزير البري عندما اقترب بما يكفي ليلمسه, رأى أنه لم يكن يتنفس أو يتحرك حتى قليلا، كما لو كان ميتاً. كان فيراك سعيدًا جدًا عندما رأى ذلك: فلن يحتاج إلى قتله لأخذه معه إلى القرية، لأنه كان ميتا بالفعل.
كان فيراك على وشك سحب خنجره لقطع جلد الخنزير البري عندما انشطر جسد الخنزير فجأة وسقط على الأرض. قفز فيراك إلى الوراء خوفا وعيناه مفتوحتان على مصراعيهما. سحب سكينه على الفور وبدأ ينظر حوله
برعب, معتقدًا أن وحشا قد قتل الخنزير البري وأنه سيكون التالي. لكن ما فاجأه أكثر هو عندما سمع صوتا قادمًا من داخل جسم الخنزير البري، بدا وكأنه شيء يُقطع من داخله.
تزايد الخوف داخل فيراك وهو يمسك بسكينه بإحكام. يقترب من جثة الخنزير. مع كل خطوة خطاها, كان الخوف ينمو بداخله. لاحظ أن هناك أشكالا تتحرك داخله .
وقف مباشرة أمام جسده. يتفحص الخنزير المقطوع. فجأة رأي شيئًا أبيض يخرج من جسده البري. في البداية، الشكل الذي ظهر بدا وكأنه كرة بيضاء لكن سرعان ما اتضح أنه كان لها ذراعان وساقان، يشبه إنسانا صغرا ولكنه أبيض بالكامل.
ظهرت العديد من هذه الكائنات البيضاء التي لا يزيد ارتفاعها عن 20 سنتيمترا، حوالي 15 منها في المجموع. على الرغم من انهم خرجوا من جسد مليء بالدم، كانت أجسادهم بيضاء كالثلج. ومع ذلك، ما أرعب فيراك حقًا هو عندما التفتت هذه المخلوقات إلى جسد الخنزير البري، وبدأت تأكله.
لم تستطع ساقا فيراك حمله من هول المنظر أمامه. المخلوقات البيضاء الصغيرة التي قد يظن المرء للوهلة الأولى أنها كائنات لطيفة ومسالمة كانت الآن تلتهم جسد خنزير بري نيئا. انقضت على لحم الخنزير البري كما لو لم يأكلوا منذ أسابيع: لم يتبق سوى العظام من جسده، الكائنات البيضاء قد استهلكت جسد الخنزير البري, لكنها احتفظت بقلبه ورئتيه. حملوا هذه الأعضاء وبدأوا يتوغلون في عمق الغابة، كما لو كانوا عائدين إلى المنزل بكنوز أو شيء من هذا القبيل.
كان عقل فيراك لا يزال يركض بالأفكار مما رآه كانت عيناه مفتوحتين على مصراعيهما، وكانت يديه ترتجفان من الخوف لدرجة أنه لم يستطع الإمساك بالسكين بشكل صحيح.
جمع فيراك كل شجاعته وقوته العقلية ووقف على قدميه، أول شيء لاحظه كان عظم الخنزير البري: لم يكن هناك قطرة دم واحدة أو حتى قطعة لحم صغيرة متبقية عليها، كما لو كانت بقايا حيوان نسّي هنا لآلاف السنين.
كان عقل فيراك مليئًا بالأسئلة حول هذه المخلوقات. كان معروفًا بحبه للقراءة: لم يكن هناك كتاب في منزله لم يقرأه على الأقل عدة مرات. الكتابان اللذان قرأهما أكثر من غيرهما هما "دليل السحر" و"تاريخ قارة أزفورت، على وجه الخصوص، كان قد قرأ تاريخ قارة أزفورث" عدة مرات. ناقش الكتاب تاريخ قارة أزفورت, مشتملا على كل شيء من الأعراق والمخلوقات الموجودة في القارة إلى الحروب والأحداث الهامة التي وقعت هناك. هذا الكتاب قد كُتب من قبل العديد من العلماء المشهورين في القارة، والمسافرين الذين قدموا الكثير من المعلومات فيه.
ومع ذلك، لم يكن هناك أي وصف للمخلوقات البيضاء الصغيرة أو حتى أي مخلوقات مشابهة. كان فيراك شخص شجاع في كثير من الأوقات، ولم يكن هناك شيء يخيفه، في القرية على الأقل . لم يكن هناك طريق واضح للعودة للقرية، حتى انه لم يجد الطريق الذي اتى منه، لم يكن لديه حل آخر سوى السير في اي طريق، لعلى وعسى ان يجد مخرجا.
بعد ذلك، سلك فيراك طريق ما، ظنن منه انه قد يؤدي إلى القرية او على الأقل خارج هذه الغابة. ولكن لم يكن يعلم انه يتوغل أعمق في الغابة.
_______
رأيكم في الفصل