7 - قارب المتعة العطري العائم

رافقتُ أمير تشي و نحن نسير في الشارع، و بمعنوياتٍ عالية، حدّق في المناظر الطبيعية من حوله، و رغم أنني لم أكن أعرف المنطقة جيدًا، إلا أنني كنتُ قادرًا على العمل كمرشد سياحي، و للوصول إلى نهر تشين هواي، كان علينا المرور عبر شارع تشين هواي الشهير بازدهاره و صخبه، كان الشارع مضاءً بشكل ساطع على كلا الجانبين، و أبواب كل بيوت الدعارة والحانات مفتوحة، و كان هناك السماسرة واقفين عند المداخل، و معهم حسناوات يستخدمن مختلف العبارات المثيرة لجذب الزبائن.

كان كل من في مجموعتنا يتمتع بمظهر حسن، و خاصة أمير "تشي" الذي كان يتمتع بهيبة لا تُضاهى، مما جعلنا زبائن محتملين مميزين، و نتيجة لذلك، اقترب منا عدد من السماسرة و البغايا محاولين إغراءنا بالدخول، عندها لاحظت أن هناك نحو عشرة رجال أو أكثر يرتدون ملابس عادية، يحيطون بنا و يتبعوننا عمداً أو عرضًا، كانوا يُبعدون كل من يحاول الاقتراب منا، و يبدون و كأنهم يحموننا نحن الثلاثة، بدا الرجال عاديين، لكنهم كانوا طوال القامة و أجسادهم قوية، و من خلال ملابسهم الخفيفة، أمكن رؤية عضلاتهم المشدودة، و كانت طريقتهم في المشي لا تترك أثراً على الأرض،

خمّنت أن هؤلاء لا بد أن يكونوا الحراس الشخصيين لأمير تشي، و من الطبيعي أن يكون لأمير ملكي، في أثناء تجواله، من يرافقه لحمايته، بما أن لديه حراسًا، لم أعد قلق بشأن سلامتي. و استرخيت، و المشاهد التي كانت تُحرجني من قبل، لم تعد تُقلقني بعد الآن.

لم نمشِ كثيرًا حتى وصلنا إلى ضفاف نهر تشين هواي، و عند تقاطع النهر العريض على نحو خاص، كانت هناك عشرات القوارب الراسية من بينها، كان هناك قارب كبير يلفت الأنظار، و رغم أنه كان مضاءً بأضواء زاهية، لم تُسمع منه موسيقى أو أصوات ضحك و لعب و شرب كما هو الحال في باقي قوارب المتعة.

و على الضفة، كانت هناك عدة زوارق صغيرة، ناديتُ امرأة فاتنة كانت تقود أحدها:

" يا صاحبة القارب، خذينا إلى قارب المتعة العطري العائم "

ابتسمت المرأة ورفعت رأسها لتردّ قائلة:

" لقد تأخر السادة الشباب، قد يكون القارب ممتلئًا هذه الليلة، ألا يرى السيد أن القارب يعلّق فوانيسه؟ إنه يستعد لرفع المرساة "

نظر إليّ أمير تشي بنظرة عابسة، لكنني قلت بهدوء:

" لقد قمنا بالحجز مسبقًا، شكرًا لكِ على تنبيهكِ، يا صاحبة القارب "

و بمجرد أن سمع الأمير كلماتي، خفّت حدّة توتره، صعدنا نحن الثلاثة إلى القارب، كما صعد الحرّاس إلى قواربهم الخاصة، و بعد أن عبرنا بين متاهة القوارب، وصلنا أخيرًا إلى قارب المتعة المقصود.

بعد أن صعدنا على متن القارب، استقبلتنا بحماس امرأة حسناء، ترتدي ملابس أنيقة و مثيرة، ابتسمت في البداية دون أن تنطق بكلمة، ثم حيّتنا قائلة:

" آياه (1)! أليس هذا السيد تشوانغ يوان؟ عندما سمعت هذه الخادمة أن السيد تشوانغ يوان قد حجز مقصورة، ظننتُ أنه محتال، من منا لا يعلم أن جيانغ دارين لا يحب هذا النوع من الأماكن المليئة بالإغراء؟! "

أبعدتُ عينيّ عن صدرها الممتلئ، و ضحكتُ قائلًا،

" لا بد أن السيدة تمزح، أنا مجرد باحث متواضع في أكاديمية هان لين، عادةً ما لا أملك الموارد المالية لزيارة قارب المتعة العطري العائم، اليوم، أرافق ضيفًا مرموقًا هنا لأشهد على أناقة السيدة بياو شيانغ، يجب على السيدة أن تعتني به جيدًا "

كانت المضيفة قد لمحت لي شيان منذ زمن، و بما أنها اعتادت على رؤية العديد من الزبائن يأتون و يذهبون، عرفت على الفور أنه زبون ثري نادر الظهور، في لمح البصر، ارتسمت على وجه المرأة ابتسامة مشرقة (2)، و بدأت تتصرف بخضوع (3) لتتقرب منه، ثم سارت أمام أمير تشي و انحنت،

" هذا الضيف الكريم جاء من بعيد، و هذه الخادمة تأخرت في استقباله، آمل أن يسامحني هذا الضيف الكريم، هذا..."

ثم نظرت إليّ باستفهام.

بعد أن فهمت الأمر، قدمت الثنائي على الفور،

"هذا هو السيد الشاب لي و هذا هو السيد الشاب تشين "

بصوتٍ رقيق، همست:

" تفضلوا بالدخول، أيها الضيوف الكرام، مزاج السيدة بياو شيانغ اليوم رائع، إن حالفك الحظ، فقد تكسب رضاها "

قادتنا المضيفة إلى مقصورة فسيحة و أنيقة، ثم اقتادت الحراس إلى مقصورات مجاورة، تاركين لنا بعض المرافقات، كانت المقصورة مزينة بذوق رفيع و مضاءة بمصابيح مشرقة، بجانب النافذة، وُضعت طاولة دائرية كبيرة، و كان الجزء الأكبر من المساحة خاليًا، مخصصًا للعروض الغنائية و الراقصة، في الجهة اليمنى من المقصورة، كان هناك مدخل صغير مغطى بستارة خرز، و من خلفها يمكن للمرء أن يميز غرفة نوم، مما دلّ على أننا كنا في مقصورة من الدرجة الأولى، اصطفت ثماني مرافقات جميلات عند المدخل، عندما دخلنا المقصورة، ساعدونا في خلع عباءاتنا و ملابسنا الخارجية، جلسنا نحن الثلاثة أمام الطاولة و ظهرنا إلى النافذة، مثل الفراشات التي تتجمع حول الزهور، سرعان ما بدأت المرافقات في التدفق للداخل و الخارج، و وضعن مجموعة واسعة من الشاي و المقبلات و المشروبات الكحولية، جلست أجمل المرافقات الثلاث بجانبنا، في الأصل، خططت المضيفة أن تعتني بنا حسناواتان لكل منا، لتكون إحداهن في كل ذراع، لكن رفض السيد الشاب الجميل، تشين، اهتمام الجميلتين و جلس بجانب أمير تشي، كانت المضيفة خبيرة و مطلعة، لذلك لم تُظهر أيّ استغراب، ارتجف قلبي، لا يمكن أن يكون هذا حقيقيًا، أليس كذلك؟ هل يمكن أن يكون السيد الشاب تشين مرافق جميل؟(4)، لقد اشتبهت في هذه الحقيقة في وقت سابق، و لكن عندما رأيت ما حدث، شعرت على الفور بجسدي كله يرتجف باشمئزا، لاحظ السيد الشاب تشين تصرّفي الغريب، فرمقني بنظرة باردة و امتلأت بعينَيه نية قاتلة، و عندما صرف وجهه، تنفست الصعداء، و عزمت بجد على أن أبحث لي عن بعض المبارزين المهرة لحمايتي.

بصفته خصيًا في القصر، لم يكن شياو شون زي حرًا في فعل ما يشاء، و لكن من أين سأجد حراسًا مخلصين؟ لو كانوا أقوياء حقًا، فمن غير المحتمل أن يستمعوا إلى أوامر مجرد باحث متواضع في أكاديمية هان لين.

برفقة الخادمات الجميلات، كنا نرتشف النبيذ ببطء، ننتظر وصول السيدة بياو شيانغ، كانت الخادمات متوترات، و من ذا الذي يلومهن؟ فالأمير تشي، كونه زبونًا دائمًا في بيوت الدعارة، كان يحدّق دوماً بشهوة و يتحرش بالخادمة الجالسة إلى جانبه، أما السيد الشاب تشين، فقد كان باردًا متجهمًا، يتجاهل تمامًا الخادمة المرافقة له، و كان بين الحين و الآخر يرمق خادمة الأمير تشي بنظرات حادة متوحشة أما أنا، فقد كنت دافئًا في تعاملي، ألتزم بآداب الضيافة، و لكنني أبقيت مسافة محترمة، مما جعل الخادمة تشعر بالضياع و الارتباك (5)،

و في خضم هذا التوتر، انفتح باب المقصورة بهدوء، و دخلت امرأة فاتنة بخطى ناعمة، كانت بلا مساحيق تجميل، و لكن ملامح وجهها بدت كأجمل منظر يمكن أن تراه العيون، بشرتها المتلألئة كالكريستال، ناعمة تحمرّ قليلاً كأنها خرجت لتوّها من حمام دافئ، و شعرها الأسود المنساب كالشلال يلتقط الضوء حوله، و عيناها اللامعتان كنجمتين في سماء الليل، تبثّان حكمة و قدرة على التمييز بين الخير و الشر، كانت ترتدي ثوبًا مريحًا فضفاضًا، و كان قوامها، على الرغم من نحافته، رشيقًا و متناسقًا على النحو الذي تشتهر به نساء تشو الجنوبية، و إذا نظرنا إلى مظهرها و طبعها، فرغم جمالها، كان هذا النوع من الجمال شائعًا، أما ما كان نادرًا فهو امتلاكها سحرًا طبيعيًا.

دخلت هذه المرأة المقصورة بهدوء، وجلست أمامنا نحن الثلاثة. نظرت إلينا بعينيها الجميلتين، و قالت،

" هذه هي المرة الأولى التي يأتي فيها الضيوف الثلاثة الكرام لرؤية بياو شيانغ، لكنني أتيت متأخرًا و جعلت الضيوف الثلاثة ينتظرون "

اخترق صوتها عميقًا في الروح و العظام، مما أثار شعورًا بفرح غامر، احمر وجهي أنا و السيد الشاب تشين، حتى وجه أمير تشي أظهر تعبيرًا غريبًا، توقفت عينا الشابة لفترة وجيزة على أمير تشي بينما تابعت،

" سمعت بياو شيانغ أن أمير تشي بطل نادرًا ما يُرى، و هو شخصية شامخة، يقدّر الجمال (6)، لماذا تبدو خجولًا جدًا اليوم؟ "

على الرغم من أنني لم أتفاجأ من أن بياو شيانغ تمكنت من التأكد من هوية لي شيان، إلا أنني أردت أن أرى كيف سيكون رد فعله،

تفاجأ لي شيان في البداية، لكنه ابتسم ببرود و أجاب:

" يا إلهي! أنتِ امرأة ذكية حقًا، هل سبق لكِ أن قابلتِ هذا الأمير؟ "

و حين رأت بياو شيانغ أن لي شيان لم يُخفِ هويته، ارتسمت نظرة إعجاب في عينيها، و أجابت:

" على الرغم من أن سمو الأمير الإمبراطوري يرتدي زي تشو الجنوبية، إلا أنك لا تبدو تحب ارتداء الحرير، في قدميك، ترتدي زوجًا من الأحذية المطرزة التي تفضلها نخب يونغ العظمى، بالإضافة إلى ذلك، يتمتع سموك الإمبراطوري بسلوك مهيب و أناقة لا تخفى على أحد، سمعت هذه الخادمة مؤخرًا أن سموك الإمبراطوري، أمير تشي، قد زار جيان يي، سأندهش إذا لم يأتِ سموك للزيارة، أما السيد جيانغ، فهو رفيق ذو شخصية راقية لا تتكرر، و لولا أنه جاء برفقة سموك، لما حظيت بياو شيانغ بشرف لقائه على الإطلاق "

عندما سمعتُ كلماتها، احمرّ وجهي، كنتُ قد تلقيتُ دعوةً من بياو شيانغ لزيارة قارب المتعة العطري العائم، لكن لعدم امتلاكي المال، رفضتُ الدعوة، في البداية، بدا السيد الشاب تشين و كأنه يرمق أمير تشي بنظرات امتعاض، لكنه الآن نظر إليّ بابتسامة باهتة، و كأنه سعيد برفضي دعوة بياو شيانغ سابقًا، قلتُ على عجل:

" السيدة ليو تمزح، هذا المسؤول المتواضع لا يملك موارد مالية، كيف لي أن أمتلك المؤهلات اللازمة لزيارة هذا المكان؟ "

وقفت بياو شيانغ و اقتربت مني بهدوء، جلست بجانبي، و أمسكت بذراعي و قالت:

" حقًا... لا تقل لي إن اللورد تشوانغ يوان يعتقد أننا، نساء أحياء المتعة، لا نملك أدنى مشاعر صادقة؟ ألا تستطيع بياو شيانغ أن تُحب موهبة تشوانغ يوان و تُعطيه قلبها؟ "

كدتُ أضحك، إن لم تكن بياو شيانغ تُحب المال، فمن غير المُحتمل أن تكون المحظية الأولى في جيان يي، كنتُ أعرف أن العديد من كبار شخصيات جيان يي كانوا ضيوف شرف بياو شيانغ، لكنني سمعتُ أيضًا أن بياو شيانغ كانت امرأةً غير عادية، إن لم تكن ثريًا، فلا يُمكنك أن تأمل في الوصول إليها، و في الوقت نفسه، حتى لو كنتَ ثريًا أو قويًا، فقد لا تتمكن من الوصول إليها، كان عم الملك، أمير هان (7)، تشاو دي لونغ، ضيفًا على قارب المتعة العطري العائم، حاول المبيت، لم يكن أحد يعلم أن بياو شيانغ تكرهه، و بغض النظر عن الطريقة التي حاول بها تشاو دي لونغ التودد، فقد رفضت السماح له بالبقاء، و أخيرًا، حاول تشاو دي لونغ استخدام سلطته و نفوذه لفرض الأمر، و لكن يا للهول، فضلت بياو شيانغ الموت على الخضوع، و لأنه لم يستطع استخدام القوة، لم يكن أمام تشاو دي لونغ سوى المغادرة مذلولًا، حاول لاحقًا تضييق الخناق على ليو بياو شيانغ، لكنه لم يستطع بسبب مكانتها بين ضيوفها رفيعي المقام.

لاحقًا، سألها الناس عن سبب رفضها استقبال أمير هان، فرغم تجاوزه الخمسين، كان وسيمًا و ذو طاقة تفوق طاقة أي شخص عادي، ضحكت ليو بياو شيانغ ببرود و قالت:

" على الرغم من أن هذه الخادمة ليست أكثر من مومس متواضعة، إلا أنني أفهم معنى الولاء و التقوى و الإحسان و الصلاح، لقد قاد تشاو دي لونغ جيشًا إلى معركة ذات مرة، و لكن بسبب جبنه، خسر المعركة. قاتل مرؤوسوه بشدة من أجل حماية حياته، لكنه رد على هذا اللطف بالحقد (8)، و اتهم مرؤوسيه بعصيان الأوامر و التأثير سلبًا على المعركة، تم إعدام هؤلاء المرؤوسين بقطع الرأس، من في تشو الجنوبية لا يعرف عن هذه الحادثة؟ إنه فقط بسبب مكانته و قوته لا أحد يجرؤ على إدانته، هذه الخادمة، على الرغم من كونها مومسًا متواضعًا، لا يزال يحتقر هذا النوع من الأشرار الجبناء "

بعد انتشار هذه الكلمات على نطاق واسع، احتقر الجميع أمير هان و نظروا إلى بياو شيانغ بعين الرضا، بعد ذلك بوقت قصير، مات أمير هان بسبب الاكتئاب، نتيجةً لهذه الحادثة، ذاع صيت ليو بياو شيانغ في العالم، و من هنا، أصبحت محظية جيان يي الأولى، في الواقع، لم يكن الأمر أن أي محظية أخرى تتفوق عليها، بل كان الأمر أن لا أحد يُضاهيها في امتلاكها قلبًا نزيهًا و شهامةً حقيقية.

عندما سمعتُ بهذه الحكاية، أُعجبتُ بها بشدة، لكن بسبب العوائق المالية، لم أجرؤ على زيارتها، لو كنتُ أعلم أنها لن تأخذ مالي، لذهبتُ منذ زمن، عندما رأى السيد الشاب تشين سلوكي المُتأثر، رمقني بنظرة احتقار، تلك النظرة الباردة انتشلتني من شرودي على الفور، و أعادتني إلى ذاكرتي أنني هنا برفقة أمير تشي، سحبتُ ذراعي و قلتُ باحترام:

" شكرًا لكِ يا بياو شيانغ على تقديركِ لي "

نظرت إليّ ليو بياوشيانغ بغضب قبل أن تقف و تتحرك للجلوس بجانب أمير تشي، أذهلنا هذا التعبير الغاضب، و إن كان جميلاً في الوقت نفسه، بعد ذلك، لم تُلقِ ليو بياو شيانغ نظرةً ثانيةً عليّ، بل بدأت تتحدث بحرية مع أمير تشي، و أحيانًا مع السيد الشاب تشين أيضًا، كانت أساليبها بارعة، تبدو ودودة و مألوفة، لكنها لم تكن مُفرطة في الجرأة، حتى السيد الشاب تشين، الذي عادةً ما يكون منعزلاً، كانت ترتسم على وجهه ابتسامة خفيفة.

كانت ليو بياو شيانغ امرأةً فاتنة الجمال، بعد أن شربت بضعة أكواب من النبيذ، وقفت و نادت، من الخارج، دخلت امرأةٌ ترتدي ثوبًا أخضر، تحمل آلاتٍ موسيقيةً متنوعة، و بدأت بالعزف، وسط الموسيقى، بدأت بياو شيانغ بالرقص، هذا النوع من الرقص العاطفي، كما لو كانت تُشعل طاقة حياتها، جعلني في حالة سُكر تام، عندما تأملت وجهها بعناية، أدركت أنها قد استثمرت كل شيء في الرقصة، لقد تأثرت حقًا، عندما توقفت، رأيتها تنظر إليّ، عندما التقت أعيننا، لمحتُ لمحةً من البهجة في نظرتها، اقتربت و جلست ببطء بجانب أمير تشي، هذا النوع من الجمال الهادئ جعلني أرغب في اصطحابها إلى الفراش فورًا.

في هذه اللحظة، دخلت المضيفة المقصورة، و بابتسامة على وجهها، همست:

" لقد تأخر الوقت، هل يمكن لجيانغ دارين و تشين دارين أن يأتيا إلى المقصورة المجاورة للراحة؟ إذا رأيت أي خادمة تُعجبك، فلا تتردد في دعوتها "

شعرتُ ببعض التوتر، نهضتُ مسرعًا و ودّعتُ أمير تشي، راجيًا له أن ينعم بليلة هانئة، تجمد السيد الشاب تشين للحظة، ثم وقف فجأةً و غادر، فسارعت للحاق به.

بعد أن ودعتُ الخدم، استلقيتُ على سريرٍ بملابسي في مقصورة مريحةٍ و إن كانت صغيرة، انطلق خيالي جامحًا، ممتلئًا بصورةٍ جميلةٍ لليو بياو شيانغ، استمعتُ إلى خرير الماء خارج نافذتي، و بدأتُ أغفو ببطء، و بينما كنتُ نصفَ نائم، شعرتُ فجأةً بيدِ أحدهم تخلع ملابسي!

شعرتُ بالخوف، ظننتُ أن أمير تشي يهاجمني، فتحتُ عينيّ بسرعة، و بينما كنتُ على وشك الصراخ، لاحظتُ وجهًا رائعًا أمامي (9)، كانت ليو بياو شيانغ، ارتخى جسدي و لم أعد أستطيع الصراخ، عندما رأتني ليو بياوشيانغ مستيقظًا، ابتسمتْ بلطف، بحركاتٍ رقيقة، خلعت ملابسها، كاشفةً عن جسدها اليشميّ الأنيق و الدقيق، مددتُ يدي ببطء، ممسكًا بها بين ذراعيّ، ما زلتُ مترددًا بعض الشيء، تلعثمتُ،

" أمير تشي... "

ضحكت ليو بياو شيانغ و أجابت:

" ألم تكن تعلم؟ ذلك السيد الشاب تشين في الحقيقة امرأة، قبل أن أتمكن حتى من خلع ملابسي، لم تستطع الانتظار و اقتحمت الغرفة، فغادرت المكان على الفور و تركتهما وحدهما، سيدي العظيم تشوانغ يوان، ماذا تنتظر؟ "

رغم أنني تعلمتُ تقنيات جنسية، إلا أنني لم ألمس امرأةً قط في حياتي، و لم أكن أعرف ماذا أفعل، فهمت ليو بياو شيانغ الأمر، فعانقتني بدورها، و ساعدتني على خلع ملابسي، شعرتُ بجسدي يتشابك مع جسد امرأة ناعم و دافئ، انغمستُ تمامًا في نشوة الحب.

بينما كنتُ أشعر بالنعاس و التعب، استراحت ليو بياو شيانغ للحظة قبل أن تنهض، لفّت ملابسها حولها، و استدعت خادمتين إلى المقصورة، بلمسات رقيقة، ساعدتني الخادمتان على الاغتسال و تغيير ملابسي، استيقظتُ للحظة، لكنني كنتُ ناعسًا جدًا لدرجة أنني لم أستطع تحريك إصبعي، عندما استيقظتُ أخيرًا، كنتُ مستلقيًا على السرير النظيف مرتديًا بيجامة سوداء، حدّقتُ في ليو بياو شيانغ و هي نائمة بعمق بجانبي، احمرّ وجهي فجأةً و لم أستطع التفوه بكلمة واحدة، فتحت ليو بياو شيانغ عينيها، و ضحكت بخفة و تساءلت:

" هل سيدي تشوانغ يوان حزينٌ على فقدان عذريتك لهذه المحظية؟ "

وجهي و أذني حمراء، اقترحت،

" هل تتزوجيني؟ "

في البداية، بدت ليو بياو شيانغ وكأنها تضحك عليّ ساخرةً قبل أن تدرك فجأةً أنني كنتُ جادًا، تنهدت قائلةً:

" لا، لا نستطيع "

" ماذا؟ هل يتطلب مالًا؟ كم؟ سأجد طريقة "

توسلتُ بقلق.

ضمّت ليو بياو شيانغ شفتيها و ابتسمت،

" ليس الأمر كذلك، لقد كسبتُ منذ زمنٍ ما يكفي من المال لشراء حريتي "

فسألتها في حالة من الإحباط:

" إذن ترفض الزواج مني لأنني لا أستحق ذلك؟ "

أجاب ليو بياو شيانغ بدهشة:

" أنت أكاديميّ هان لين، حتى لو أصبحتُ عشيقتك، سيضرّ ذلك بمسيرتك المهنية، أتريديني حقًا أن أتزوجك؟ "

شرحتُ بلا مبالاة:

" هذا ليس مهمًا، إذا لزم الأمر، يُمكنني الاستقالة من منصبي، لستُ مهتمًا جدًا بأن أكون مسؤولًا، لقد جمعتُ بعض المدخرات على مدار السنوات القليلة الماضية، و يمكنني شراء بضع مئات من المو (10) من الأراضي الزراعية، أخشى فقط أنكِ لن تكونِ معتادةً على هذا النوع من نمط الحياة الفقير، و لكن المُستقيم "

كشفت عن ابتسامة لا أستطيع وصفها بالكلمات، فأجابت:

" أعلم أنك صادق، و لست مترددًا، لقد رأيتُ الكثير من الناس، كنتُ آمل في البداية أن أعود إلى حياتي الطبيعية، و لكن عندما كسبتُ ما يكفي من المال لاستعادة حريتي، أدركتُ فجأةً أنه لا يوجد من أستطيع الزواج منه، أكره حتى النظر إلى وجوه هؤلاء الفاسقين الشهوانيين، لو كان شخصًا نزيهًا، لكرهته لكونه مملًا، مع أن هناك العديد ممن أُعجب بهم من كل قلبي، إلا أنني لو تزوجتهم، لتخلوا عني عندما أصبح عجوزًا، لا يسعني إلا أن أشعر بالخوف، أوه، عندما التقيتُ بك اليوم و رأيتُ مدى تقديرك الصادق لرقصي، عرفتُ أنك فهمتَ أنني كرّست نفسي لمهنتي، لهذا السبب أتيتُ شخصيًا لمرافقتك، أنا محظوظة لأنك رجل نبيل يعاملني بصدق، و مع ذلك، لن ينفع ذلك. أنا، بياو شيانغ، تافهة و لا أستطيع لعب الأدوار التقليدية كمساندة الزوج و تربية الأبناء (11)، أنا مثل السنونو في جيانغ نان، أعشق صخب المدينة، أعشق حريتي، و لا أرغب في أن أقع في فخ آخر، يا جيانغ لانغ (12) قد أحظى برجال كثر بعدك، لكن تذكر أنك أكثر من أحب في قلبي، لا تنفر من بياو شيانغ و لا تتجنبها، و تعالَ لرؤيتي من حين لآخر "

خفق قلبي ألمًا، شعرتُ من كلماتها أنها تتحدث بصدق دون أيّ نية لخداعي، لا يوجد رجل قادر على الاحتفاظ بامرأة غير عادية كهذه إلى الأبد، أمسكتُ بيديها الرقيقتين، و أجبتُ:

" بياو شيانغ مشهورة في العاصمة، مع أن جيانغ تشي مجرد مسؤول بسيط، فإن تكرار زياراتي سيُثير ضجة، عندما نفترق اليوم، و إن لم يكن فراقًا أبديًا، فسيكون من الصعب علينا أن نلتقي مجددًا، بياو شيانغ، بياو شيانغ... إن نسياننا لأنفسنا في هذه الأنهار و البحيرات يفوق كل شيء، إذا التقينا مجددًا في المستقبل، آمل فقط ألا تعاملينني كغريب "

ارتجف جسد ليو بياو شيانغ الرقيق، لقد فهمت معنى كلام هذا الشاب، لن يلتقي بها سرًا، لو لم يكونا زوجًا و زوجة، لما عاد ليجدها لكنها كانت راضية، في هذا العالم المليء بالعواطف الزائفة، وجدت الحب الحقيقي.

عندما خرجتُ من المقصورة و رأيت أمير تشي الراضي و السيد الشاب تشين المحمر، قلت باحترام،

" صاحب السمو الإمبراطوري، يجب أن نعود إلى مركز البريد للراحة "

ابتسم أمير تشي ونظر إليّ و سألني:

" ماذا عنك؟ هل نجحت الليلة الماضية؟ "

شعرتُ بالقلق، هل كان يعلم أنني كنت مع بياو شيانغ؟ ابتسمتُ بلا مبالاة، متعمدًا التصرف بغموض، نظر إليّ أمير تشي بريبة، بدا و كأنني استمتعتُ بوقتي الليلة الماضية، و ربما كان الأمر نفسه ينطبق على حراسه الشخصيين، بعد أن وطأنا الأرض، لم أستطع إلا أن أنظر إلى الوراء، كان قارب المتعة العطري العائم في غاية الهدوء، هناك دُفن حبي الأول.

بعد مرافقة أمير تشي، عدتُ سريعًا إلى المنزل، رأيتُ على الطاولة ملاحظةً كُتب عليها:

" لقد أطلقتَ العنان لخيالك الليلة الماضية، لكنك لم تُدرك أن الآخرين يراقبونك كما يراقب النمر فريسته، لا يُمكن لأحدٍ أن يفهم تمامًا نوايا أمير تشي، لقد اعتنيتُ بمن أرسله لمراقبتك "

ارتجفت يدي، كان شياو شون زي وفيًا حقًا، لكنني لم أكن أعرف كيف امتلكتُ من الفضيلة ما يكفي ليُعاملني بهذه الطريقة الطيبة.

في الوقت نفسه، داخل مكتب البريد، بدا أمير تشي بملامح ثقيلة متجهمة ، تحت المنصة، وقف حارسٌ قد ارتسم عليه الحرج، استجوبه أمير تشي ببرود:

" تقول إنك لم تكن تراقب جيانغ تشي؟ فكيف حدث هذا؟ "

أجاب الحارس و وجهه ممتقع من الذعر:

" سموك، ألتمس عفوك، كان هذا التابع في الأصل ينفذ الأوامر و كان يراقب جيانغ تشي من المقصورة المقابلة عبر الممر، لا أعلم كيف، لكني غفوت فجأة "

ازداد تعبير أمير تشي كآبة، لكنه لم يلوم الحارس، و سمح له بالمغادرة.

جلس بجانبه السيد الشاب تشين، و قال بصوت خافت:

" لقد تحققتُ بالفعل، لقد ضُرب في نقاط ضعفه، أن يتمكن شخص من إصابة نقاطه الحيوية في مساحة ضيقة كهذه دون أن يُكتشف... فهذا يعني أن مهارته في الفنون القتالية تفوق مهارتي "

لم يقتنع أمير تشي، فقال،

" لكن من الواضح أن جيانغ تشي لا يجيد فنون القتال، هل بلغ حقًا مرتبة 'العودة إلى الحالة الطبيعية؟' (13) "

عبست السيدة الشابة تشين، و فكرت قليلًا قبل أن ترد:

" في عالم اليوم، ثلاثة أشخاص فقط بلغوا تلك المرتبة من التدريب – معلمي، راهب الشفقة الحقيقية من معبد شاو لين، و سيد طائفة الشيطان، جينغ وو جي، هذا جيانغ تشي شابٌّ جدًا، لا أعتقد أنه وصل إلى هذه المرحلة "

قال أمير تشي و هو ينظر بتأمل:

" أخي الأكبر الثاني و ليانغ وان نصحاني بمراقبة جيانغ تشي، لم أكن أرى داعٍ لذلك في البداية (14)، لكن مما شهدناه، أشعر أن هذا الشخص لا يُسبر غوره (15)، ما حدث الليلة الماضية زاد من صعوبة التوصل إلى أي استنتاجات، لا يُمكن الاستهانة بنخب تشو الجنوبية، من حسن الحظ أنه يبدو متريثًا (16)، و يبدو أنه لن يُصبح عقبةً في طريقنا "

أخفضت السيدة الشابة تشين رأسها و قالت:

" إذا شعرت أنه يسبب لك مشكلة، فيمكنني مساعدتك "

هزّ لي شيان رأسه، و أجاب:

" كيف لنا أن نقدم على قتل شخص كهذا بتسرع؟ قد لا ننجح بالضرورة "

و بينما كان يتحدث، لمع بريقٌ ساطعٌ في عينيه.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هوامش - المصطلحات الصينية:

(1)

哎呀، آياه - العجب أو الصدمة أو الإعجاب

(2)

眉开眼笑، mei kai yan xiao - مصطلح، حرفيًا. حواجب مرفوعة من البهجة، عيون تضحك؛ تشرق من الفرح، كلها ابتسامات

(3)

曲意逢迎، qu yi feng ying - التصرف بخضوع من أجل التودد إلى الذات

(4)

娈童، luan tong – الصبي الجميل المرافق، و كانت تُستخدم تاريخيًا للإشارة إلى الغلمان أو الصبية الذين يُرافقون رجالًا أكبر سنًا لأغراض جنسية أو عاطفية، خاصة في السياقات الإمبراطورية أو النخبوية في الصين القديمة.

(5)

手足无措، shou zu wu cuo - مصطلح، حرفيًا في حيرة من أمره لمعرفة ما يجب فعله؛ مرتبك

(6)

怜香惜玉، lian xiang xi yu - مصطلح، أن يكون لديك مشاعر رقيقة و وقائية تجاه الجنس اللطيف؛ أن تكون مقدرًا للجمال

(7)

韩، هان - لقب، شخصية مختلفة عن هان الشمالية (北汉)

(8)

恩将仇报، en jiang chou bao - مصطلح، حرفيًا: عض اليد التي تطعمك؛ رد الجميل بالحقد

(9)

如花似玉، ru hua si yu - رقيقة كالزهرة، مصقولة كاليشم الثمين؛ رائعة

(10)

مو، وحدة قياس الأرض الصينية تساوي واحدًا على خمسة عشر هكتارًا

(11)

相夫教子، xiang fu jiao zi - مصطلح، حرفيًا مساندة الزوج و تربية الأطفال بشكل أساسي، و هي تُستخدم في السياق الصيني التقليدي لوصف دور المرأة المثالي في الأسرة، أي أن تكون داعمة لزوجها و مربية صالحة لأبنائها.

(12)

郎، لانغ - رجل نبيل، شاب، زوج؛ ليو بياو شيانغ تخاطب جيانغ تشي في الأساس باعتباره عشيقها

(13)

العودة إلى الذات الحقيقية، fan pu gui zhen - العودة إلى الذات الحقيقية؛ استعادة الحالة الطبيعية

(14)

不以为然، bu yi wei ran - مصطلح، حرفيًا عدم القبول على أنه صحيح؛ الاعتراض، عدم الموافقة

(15)

深不可测، shen bu ke ce - مصطلح، حرفيًا: عميق و غير قابل للقياس؛ أعماق لا يمكن سبر أغوارها، غير مفهومة، غامضة و من المستحيل التنبؤ بها.

(16)

韬光养晦، tao guang yang hui - مصطلح، حرفيًا إخفاء نقاط القوة و انتظار الوقت المناسب؛ إخفاء نور المرء تحت المكيال

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مرحبًا أصدقائي الأعزاء،

معكم Serena، مترجمة الرواية.

في الفترة الماضية، مررت بامتحانات صعبة أثرت قليلًا على حالتي النفسية، لذا اضطررت لأخذ استراحة من الترجمة لمدة أسبوع.

و أتمنى أن ينال الفصل إعجابكم، لا تبخلوا عليّ بآرائكم، فهي دائمًا ما تمنحني دفعة للاستمرار.

2025/05/30 · 7 مشاهدة · 3786 كلمة
Serena
نادي الروايات - 2025