"سحرة بشريين بلا هيئات روحية؟؟"
فتحت تشوي فمها في تعجب، بينما تابع ديكل كلامه
" ليس هذا و حسب، لقد كانوا يحتقرون و يكرهون مستخدمي الهيئات الروحية حتى أنهم طاردوهم في كل مكان و أبادوهم فقط لأنهم مختلفون.
في النهاية أحد أعظم سحرة هذه المملكة و الذي كان معترضا على هذا الجنون استعمل تقنية تتحدى السماء لقد نقل المملكة بأسرها إلى بعد آخر يعرف باسم الفراغ، عازلا إياهم عن بقية العالم و قاطعا أي تدفق ممكن للمانا .
مجبرا بذلك أرباب المملكة ،أن يحنوا رؤوسهم و يرضخوا لمطالبه في إيقاف هذه المجازر،لكن للأسف من حاول إنقاذهم كانوا أول من طعنوه في ظهره"
تشوي التي كانت مأسورة بهذه الجزء الغير مذكور من تاريخ شعبها كان بإمكانها توقع ما حدث
" مع اختفاء المانا السحرة أصبحوا عاجزين بلا حول و لا قوة، و مستخدموا الهيئات الروحية استغلوا الفرصة للإنتقام، أو بالأحرى للسيطرة على العرش و طبعا خطتهم لن تنجح إذا لم تبقى المملكة في الفراغ"
" أجل ذلك تماما ما حدث، و أول ضحية وقعت كانت عائلة الساحر نفسه.
نجح الإنقلاب، و مرت مئات السنوات و كنتيجة طبيعية للأرض التي تفيض بأوردة الطاقة و الموارد المتنوعة أصبحت مملكة السحرة تعج بالمقاتلين السماويين، و حتى أصحاب الهيئات السحرية.
لكن الساحر الذي فقد كل شيء انبعث من جديد، حقده و غضبه على من خانوه و طعنوه في الظهر لم يسمح له أن يختفي دون الأخذ بثأر عائلته، عاد ثانية للحياة و مع قوة مختلفة هذه المرة، لقد أصبح هو الآخر مستخدم للهيئة الروحية،لقد أصبح سيد الكرة"
كان لزاما على تشوي المبهورة بهذه القصة من التاريخ المخفي أن تتذكر في هذه اللحظة أول و آخر مرة رأت فيها هيئة الرجل الذي استدعى هيئته الروحية و هو لا يزال في عالم النشوء
لحظة خرجت الكرة من مرآة الأرواح متأرجحة و هي تصدر نغمة موسيقية متكررة
" الكرة الفضية مع نغمتها الموسيقية ** يين** "
همست تشوي
"تلك النغمة السخيفة أصبحت إعلانا لإنتهاء أجال سامعها، الجثث التي تراكمت أيامها فاقت قمم الجبال و الدماء التي نزفت صبغت الأنهار بالأحمر.
رجل، إمرأة، كبيرا كان أو صغيرا............لا أحد نجى من غضبه، شخص واحد أوشك على أن يبيد مملكة بأسرها.
في النهاية و عندما يئس الجميع من النجاة ، وصل بطل من عالم موازي "
" أشتيريا منقذ البشرية"
"أجل هو كذلك لكنه لم ينقذهم من الوحوش الشيطانية التي كانت تجول أرض ألتانيا، بل أنقذهم من الوحش الذي صنعوه"
" سيد الكرة العظيم........"
همست تشوي في ذهول، على عكس لقبه الذي يبدوا مبتذلا و سخيفا فإنه كان وجودا لا يسبر غوره رجل بقوة جيش كامل.
" لحظة، ماذا عن العمالقة؟"
في قصة ديكل لم يأتي ذكر العمالقة، لذلك تشوي التفتت إلى دياني سائلة
"أرض تعج بالخيرات و الأوردة الطاقوية، من الطبيعي أن يتهافت عليها باقي الأجناس و عشيرة العمالقة كانت لها اليد العليا، لكنهم لم يكتفوا بما كسبوه ،العمالقة أقوياء لكن أعدادهم قليلة لتغطي كامل المملكة و لذلك قاموا بفصل المناطق الأثرية التي تحوي كنوزا و أنشؤوا لها بوابات خاصة ليستخدموها حصريا لأنفسهم "
" بوابات الأطلال المخفية "
على عكس مركز الأطلال الذي هو قارة بأكملها، بوابات الأطلال موصولة بجزء صغير من الأرض يحوي كنوزا مختلفة.
"أجل ، جشعهم أدى إلى دمار القارة و تمزيقها إلى أشلاء ، ما لم يحسبوا حسابه أن سيد الكرة سيتجسد ثانية في زمنهم و لن يروقه ما فعلوه بمملكته .
تكرر نفس السيناريو و لم يكن لأسلافي طاقة لمواجهته و أوشكوا على الهلاك لولا توسط مؤسس الأوريس،في النهاية تم نفيهم إلى المجال المقفر، مع قسم بأن لا هم و لا أحفادهم ستطأ أقدامهم خارج المنفى ثانية"
عضت دياني شفتيها في خوف، لا زال جسدها يرتعش بمجر التفكير في ردة فعل سيد الكرة الجديد
" أنا لا أمانع العودة إلى المنفى ، صحيح أنها أرض جرداء و قاسية لكن لم يكن علي الإخلاف بقسم أسلافي، أرجوا فقط أن يغفر لي حماقتي"
عيون دياني اغرورقت بالدموع ، فراحت تشوي تطمئنها
" حتى و لو امتلك جين نفس الهيئة فهو بالتأكيد ليس تجسيدا لسيد الكرة الذي تعرفونه، إنه ليس شخصا متعطش للدماء"
" ها......... و هل يقوم شخص غير متعطش للدماء بتمزيق أذرع عشرة أشخاص، لأن أحدهم قام بصفع أخته"
*طاخ*
تعليق ديكل قابله صفعة من جادو الذي صاح فيه
"أيها الأحمق ألا تعرف متى تصمت؟".
------------
الفراغ، هذا البعد المخفي عن الأنظار المئات من الجزر الصغيرة المتباعدة كلها تلتف حول الجزيرة الضخمة في الوسط و كأنها أقمار تدور حول الكوكب الأم، هذه الأراضي الصغيرة احتوت على قصور و معابد أثرية و حتى مباني قديمة.
كلمة جزيرة لم تكن وصفا مناسبا لأي من هذه الأراضي، فالجزر تتواجد وسط البحر أما هنا و على امتداد مرأى البصر سواءا رفعت نظرك إلى الأعلى أو الأسفل فلا يمكنك رؤية سوى اللون الأبيض،و أيضا الجزيرة التي تتوسطهم هي تقارب قارة الجبل الأبيض حجما.
و بالرغم من هذا فسماء هذه الأراضي زرقاء و ليس بيضاء.
في الجزء الجنوبي الغربي من أكبر جزيرة في الفراغ و المعروفة باسم مركز الأطلال نزل عمود من الضوء الأخضر معلنا عن وصول وافد جديد.
أخذ جين نفسا عميقا مستشعرا الفروقات الموجودة بالمكان، كان الهواء المشبع بالطاقة ثقيلا، تماما مثل الموجود في المنصات الهوائية لمملكة الجزر و الذي تستخدم للتدريب بدلا عن الكريستالات، ليس هذا و حسب الهواء ممزوج بنوع آخر من الموارد مما جعل كل المسام في جسده تمتصها بسرعة جنونية
" اللعنة، لم أحسب حساب هذا على هذا المنوال سيتمزق مجالي الروحي خلال ساعة"
المعروف عن المتدربين أن في بداياتهم تكون أجسادهم و مجالهم الروحي متعطشا للطاقة حيث يمتصها دون قيد أو شرط، لكن الإمتصاص السريع و المبالغ فيه له نتائج عكسية.
أخذ جين نفسا عميقا، تذكر أن من بين الكتب التي سرقها من المكتبة هناك مهارة عن تجميع الطاقة بهدف تشكيل هجوم قوي بعد إطلاقها مرة واحدة، بتنفيذ هذه المهارة فعلى الأقل سيتمكن من التحرك براحة خلال هذه الساعة
" و الآن، أي طريق تراهم قد سلكوا"
التفت جين يمينا و يسارا قبل أن يلمح أحدهم و هو يحمل في يده سوارا للزينة
"هذا غريب يبدوا أن مالكه طفلة، ماذا تفعل طفلة في هذا الجزء من الأطلال"
"هذه لأختي أين عثرت عليها؟"
" آه.... أرعبتني يا هذا"
صاح الرجل ممسكا بقلبه ثم أشار إلى طريق وسط الغابة
"هناك، لحظة ماذا يفعل متدرب لم يخترق عالم الروح هنا؟"
تجاهله جين و ركض و سط الأشجار، أسوء ما في الأمر أنه كان عاجزا عن استعمال السحر لمحاولة إستبصار مكانهم، لحسن الحظ أن أخته كانت ذكية و تركت أدلة خلفها.
لمع شيء عند مفترق الطرق
"خاتم، أحسنت مي "
في الجهة المقابلة عربة عليها قفص يجرها الخيل توقفت عند مضيق بين هضبتين،التفت سائق العربة البدين مع إبتسامة كشفت عن أسنان صفراء و أشار إلى الضباب الكثيف أمامهم
"يا أطفال أترون ظل الشجرة من وسط الضباب، إنها شجرة تيفا و هي منزلكم الجديد"
وسط القفص ارتجفت أجساد سبعة أطفال لم يتجاوز أكبرهم التاسعة مع عيون فاقدة الأمل باستثناء فتاة مع شعر و عيون بنية رمقت السائق بنظرة جريئة .
" هاي يا صغيرة، إلى ماذا تنظرين ؟"
"كف عن تضييع الوقت، و أرسل الإشارة لن نبقى هنا للأبد "
مقاتل الظلام صاحب الهالة السوداء تحت عينيه، عجل السائق الذي أخرج من جراب جلدي نبتة على شكل فجل مع وجه بشري
بنقرة إصبع، استيقظت الماندراكورا مع بكاء يصم الأذان، صراخ النبتة الروحية أيقظ نبتة أخرى و التي أخرجت رأسها من التراب و بدأت هي الأخرى في العويل و بدورها أيقضت بنات جنسها ليفعلوا مثلها
بعد ثواني إمتلأت الهضبة بأصوات البكاء المزعج ، أي شخص سيجرأ على التوغل أكثر إلى الأمام سينتهي به المطاف فاقدا لحاسة السمع.
"اللعنة ألم يكن بإمكانهم اختيار إشارة أقل إزعاجا ، حتى من هذه المسافة تكاد طبلة أذني أن تتمزق"
تذمر الظلامي غالقا أذنيه
"هذا ما يجعله مكانا مثاليا لأعمال عشيرة هايان القذرة، لا أحد يتحمل صوت بكاءها"
ما هي إلا دقائق حتى ظهر ثلاث رجال في الأفق و هبت رياح اكتسحت كامل الهضبة، حاملتا نوعا من غبار الطلع، ببطئ أخذت نباتات الماندراكورا في الهدوء و العودة إلى سباتها بعد استنشاقه.
مقاتل قانوني كان يمتطي الرياح هبط ببطئ أمامهم، كان طويل قامة و ذو هالة نبيلة، أمال رأسه متفحصا مع عيونه الضيقة الأطفال