"الأجواء هادئة، يبدوا أن عشيرة المرتزقة خففت من نشاطاتها هذه الأيام"
سأل عجوز و هو يشعل غليونه، كان يقصد بالمرتزقة عشيرة هايان ، فعلى غرار باقي العشائر التي تتكون من نفس العوائل،فهم عبارة عن مجموعة منبوذين من العالم الخارجي لصوص و قتلة فروا من عقوباتهم إلى مركز الأطلال ليشكلوا عشيرة خاصة بهم.
أخذ العجوز نفسا طويلا من الدخان ثم أضاف
"هل تراها الإشاعة صحيحة، و أن هناك فعلا من يقتنصهم في الخفاء"
أجابته فتاة كانت بقربه في حماس
"أجل جدي إنها صحيحة، يقال أن عشيرة هايان قتلوا حبيبته أمام عينيه و قد أقسم أنه لن يترك أحدا منهم على قيد الحياة"
لم يلفت إنتباه فتاة الربيع الثاني عشر من القصة غير جانبها الرومانسي و لذلك تحدثت بعيون تلمع
"غريب، ألم تكن بالأمس أخته ؟ "
"جدي،لا شك أنها حبيبته إنه إنتقام العاشق لحبيبته"
إبتسم العجوز على خيال حفيدته ،قبل أن يلمح مقاتلا يهرول نحوه
"على ذكر سيرتهم "
"أيها العجوز،نحتاجك في معسكر هايان إنها حالة طارئة"
تحدث مقاتل من عشيرة هيان بعيون ضيقة و بصيغة الأمر،فتدخلت حفيدته التي لم يرقها الأمر.
"عليك مناداته بالطبيب، و أيضا أبلغنا بإيجاز عن المرضى و حالتهم"
رفع المقاتل رأسه في غرور و تحدث بفوقية و لولا أنها حفيدة الطبيب لصفعها
"إنها حمى شديدة، خذ ما تحتاجه و اتبعني أيها العجوز "
بعد مسيرة نصف ساعة وصلوا إلى المعسكر و الذي كان إحدى المراكز التي تم بناؤه بالقرب من أراضي الصيد الخاصة بعشيرة هايان.
بمجرد دخولهم صدمهم المظهر، أصبح المكان أشبه بمستشفى حيث لا تنظر إلى ركن فيه إلا وتجد فيه مريضا مستلقي يئن و يتأوه
لم يضيع الطبيب وقتا، و أمسك بيد أول مريض قريب إليه و تفحصه قبل أن تتغير ملامحه
"هذه ليست عدوى،لقد تم تسميمكم"
كلمات الطبيب أذهبت عقل المقاتل، مطاردهم قد تحرك ثانية و هذه المرة سيموتون دون فرصة للدفاع عن أنفسهم حتى
"كيف يعقل هذا؟،كيف تمكن من التسلل بيننا و تسميمنا؟"
أمسك المقاتل بأكتاف الطبيب و هزه بقوة صارخا
"أنت تملك العلاج، يجب أن تجد الدواء و إلا......."
نظراته مالت لاتجاه حفيدته في تهديد واضح، رفعت الفتاة حاجبها غير مصدقة ما يقول.
كما هو متوقع من مجموعة مرتزقة و مطلوبين للعدالة،العنف هو لغتهم الوحيدة، قفز العجوز مرعوبا يدافع عن حفيدته
"ما الذي تفعله، ما علاقة حفيدتي بكل هذا ؟"
استل المقاتل سيفه و شهره في وجه الفتاة
"أعرف أن علاج السموم ليس أمرا سهلا، و ربما تحتاج لحافز"
" إن لم تبعد سيفك عن وجهي فسأقطع يدك"
إنها أرض المقاتلين ، و تهديد الفتاة لم يكن من عدم فحتى و إن خسرت فلن تسقط دون مقاومة
" اهدئي صغيرتي ،لدي بعض الأدوية التي تبطئ من مفعول السم، سأعود للمنزل و أحضرها"
"جدي"
اعترضت الفتاة على الأمرلكن لزمت الصمت، فمن أجل أن لا تتورط عشيرتها في نزاع مع هايان ستبلع هذه الإهانة
منذ تشكيلهم لعشيرة هايان و المناوشات و الإعتداءات لم تنتهي، العشائر الصغيرة عانت الأمرين بسببهم و في كل مرة عليهم خفض رؤوسهم و إلا سيفقدونها.
" لا تقلقي صغيرتي، سأعود فورا"
جلست الفتاة هادئة و هي ترمق صاحب السيف بنظرات ساخطة.
دون أن تفعل شيء غير الإنتظار مضت الدقائق و كأنها ساعات، حتى جاء صوت كسر حاجز الصمت
"اللعنة، في كل مرة يبقى أحدهم حيا، يا لحظي السيء؟"
من خلفهم جاء صوت عميق حملت نبرته نية قتل صارخة،جعلت مقاتل هايان يتردد في الإلتفات و في اللحظة التي فعل كانت قبضة صاحب الشعر الثلجي تطبق على حنجرته
" أيها اللقيـ............."
في لمح البصر رقبة المقاتل كانت في محطمة في يده، ليرمي الجثة جانبا و يلتفت إلى الفتاة و واضح أن مساعدتهم لأعداءه لم ترق له.
في منزل الطبيب كان العجوز كالمجنون يخزن كل قارورة مضادة لسموم في حقيبته، و لم يوقفه سوى صوت حفيدته و هي تناديه
"جدي"
فرحة العجوز بعودة حفيدته لم تكتمل ب رؤية من برفقتها
" لا شك انك سمعت بقسم الدم الذي قطعته على نفسي، فإلى أين كنت ذاهبا "
" إنه واجبي كطبيب هو معالجة المرضى حتى الأوغاد منهم"
" جيد إذا أنت تفهمني، معالجة المرضى والمسمومين ليسوا بمرضى، المهم سبب قدومي إليك هو....."
قلب الطبيب كان ينبض بجنون، و لم يستشر خيرا فمهما كان طلب هذا الفتى فستكون النهاية مأساوية عليه و على حفيدته
" رائحة الطعام زكية للغاية، أليس هذا طبق الرامن مع بيض الطيور الزرقاء"
لعاب جين كان خارج السيطرة، و الفتاة وجدت نفسها تلقائيا تقدم له صحنا عملاقا،و الذي سقط عليه كالوحش الكاسر
" أرجوا في المرة القادمة أن لا تتدخل، و إلا سيكون ل كانت الآخر رقم في لائحتي"
" عفوا سيدي، أتفهم حزنك لفقدان حبيبتك لكن........عليك أن تتوقف، من واجهتهم لحد الساعة هم فقط الأقل رتبة، مقر هايان الرئيسي يحوي بينه العشرات من عالم الإنصهار ، و زعيمهم....."
" و زعيمهم هو في السماء الأولية "
الفتاة التي لم تشأ أن يموت هذا الغريب بسبب سعيه إلى الإنتقام، قدمت نصيحة بنية صادقة، لتتفاجأ أن الفتى الغامض يعرف مسبقا بقوة عدوه و مدى نفوذه
وضع جين الصحن من يده و على وجه إبتسامة شخص لا يستطيع الإنتظار لملاقاتهم
" الناس تبالغ في تقييم عوالم السماء الأولية و العميقة، فخصمي المستقبلي هو شخص قادر على تمريغ أنوف أصحابها في التراب قبل أن تسقط نقطة عرق واحدة من جسده"
مع عيون تفيض بالحماس و هالة تنبض بنية القتل جعلت الطبيب و حفيدته يرتعشون أضاف
" مواجهة زعيمهم ستكون أفضل تدريب ، و إلا ذلك الحين سأتسلى بصيدهم"
' ما الذي يهذي به هذا الفتى !، استخدام مقاتل سماوي للتدريب'
صحيح أن كلام جين أربك العجوز، لكن ما حيره أكثر هو ذلك الإحساس الغريب الذي اجتاحه بأن الفتى المغادر بخطوات واثقة قادر فعلا على تنفيذه، لكن في النهاية أحكم عقله على مشاعره و التفت لحفيدته قائلا
" إنه طفل يسعى لهلاكه، يا للخسارة"
* نا نا نا نا نا*
استدار العجوز مع وجه شاحب لحظة سماع النغمة الموسيقية ليرى لمحة عن جين قبل أن يختفي في الغابة
"هل سمعت ذلك؟، هل رأيت ذلك؟"
" عما تتحدث جدي"
جاء المساء و لم يستطع العجوز أن يخرج تلك النغمة من رأسه، كان يتصرف كالمجنون و قد قلب مكتبة منزله رأسا على عقب و هو يفتش عن كتاب ما
"جدي، جدي "
" ليس الآن صغيرتي، ليس الآن"
مع عيون دامعة و صوت متقطع قالت الفتاة
"جدي............ذلك الفتى لقد مات، لقد قتلوه و علقوا جثته في ساحة المدينة "
توقف العجوز عن التنقيب في كتبه و التفت إليها عاجزا عن تصديق ما سمعه
" مستحيل هل كنت مخطئا؟، لكني رأيت الكرة بعيني و سمعت صوتها ، هل كنت أتوهم "