الحد الشمالي من مركز الأطلال، تعتبر هذه المنطقة الوافرة بالغطاء النباتي هي مساكن عائلات العشائر.
حتى و إن كان كل السكان من المقاتلين ، فإن النساء الحوامل و الرضع لن يتحملوا العيش وسط الهواء الطاقوي الثقيل و الذي سيتحول إلى سم في أجسادهم في هذه الفترة.
هنا يأتي دور أزهار عباد الشمس العملاق ذات البتلات الصفراء و التي تخفف من حدة الهواء الثقيل، و المنتشرة في المكان.
عشيرة هايان، و هي عشيرة مستحدثة تتألف من المرتزقة و الفارين من العالم الخارجي لا تمتلك مكانا في هذه المنطقة و بالرغم من أن قوتها و تعدادها يفوق معظم العشائر لكن دون الحصول على مكان في الحد الشمالي ليؤسسوا عائلات و ينجبوا أولادا فمصيرهم هو الفناء.
اليوم و في خيمة عشيرة لي تاو أقدم العشائر اجتمع زعماء العشائر و الذين استحقوا مكانتهم عن جدارة فمعظمهم من أواخر عالم الإنصهار .
لنقاش طلب هايان في الحصول على أرض في الحد الشمالي، لكن النقاش أخذ مجرى مختلف للمساءلة عن الفوضى التي تسببوا فيها
"لماذا هذا الهمجي هنا؟ "
آخر الواصلين و المعروف بإسم الزعيم مو أشار بإصبعه إلى رجل في منتصف العمر كسى الشيب لحيته و شعره البني ، كان المعني في بداية عالم السماء الأولية و قد فاض جسده بالطاقة،حتى ظهرت هالته للعيان دون قصده، إنه زعيم عشيرة هايان.
الفرق بين عالم السماء و الإنصهار كان كبيرا، لدرجة أن هذا السماوي بإمكانه هزيمة كل الحاضرين هنا ، لكن هذا ليس العالم الخارجي هؤلاء الشيوخ ورثوا عن أسلافهم ترسانة من الأسلحة المقدسة و الروحية، ترعب أقوى الممالك و ليس فقط عشيرة من ثمانمائة مقاتل.
و لهذا كان على هايان كتم غيضه و الإبتسام في وجه من نعته بالهمجي
"الزعيم مو، و السادة الحضور أعترف أن أحد أتباعي ارتكب خطأ لا يغتفر بإغلاقه البوابة الشمسية و أنا على إستعداد لتعويض خسائركم فأرجوا أن أجد في قلوبكم بعض المسامحة"
" المسامحة، إن كنت تبحث عن الغفران فلما لا تخبرنا السبب الذي دفع تابعك لإغلاق البوابة ؟"
"أجل، ما الذي تفعلونه خلف الوادي بالضبط؟"
إنظم شيخ آخر ليساند الزعيم مو، أما السيد هايان فبكل بساطة تجنب الإجابة
" لو وافقتم على منحنا مكانا وسطكم فسنريكم أعمالنا، بل و سنشاركها معكم إذا شئتم"
"مشاركتنا ماذا، الخراب و الدمار! "
أجاب مو ساخر و أضاف
"ما يقارب مائة شخص من طائفتك ذبح على يد آخر وافد من العالم الآخر، و هذا الوافد هو مجرد طفل "
"لقد تولينا أمر ذلك الطفل "
" هذا ليس سؤالي و لا مقصدي ؟، طفل واحد يعلن حربا على عشيرة بأكملها، أتظن أن شخصا عاديا يمتلك الجرأة لفعل هذا، من يكون هذا الفتى ، ما هي خلفيته وما هذه الأعمال التي دفعت ذلك الفتى لإعلان الحرب عليكم "
"من الأفضل أن تهتم بشؤون عشيرتك و سأهتم أنا بشؤون جماعتي"
استدار زعيم هايان مغادرا، و كالعادة الإجتماع كان يمضي إلى نقاش عقيم، و لا يلوح في الأفق أي إشارة على التفاهم .
لم يتوقع هايان الكثير،لكن بما أن العشائر لم تقم بأي إجراء ضده ، و الإجتماع لم يكن فخا فهذا يعني أنهم يخططون لشيء ما.
' إذا عرفوا حقيقة الأطفال المختطفين، فسيتحالفون مع سكان العالم الخارجي للقضاء عليه'
على أساس هذه الفكرة أدرك الزعيم أنه في اليوم الذي ستفتح فيها البوابة الشمسية ثانية ستكون نهاية عشيرته
"اللعنة ، حتى مع الرمح فيستحيل إغلاقها ثانية"
الرمح الذي يتحدث عنه الزعيم، هو سلاح روح مادي
من العادة تعتبر الأسلحة الروحية عديمة الفائدة بسبب تأثيرها السلبي على الهيئة و يتم تجميعها فقط لتباع إلى الأغنياء من العامة،لكن هذا الرمح كان مختلفا فمع قانونه الغامض منح القدرة على التحكم في الأبعاد، و حتى غلق بوابة قديمة كالبوابة الشمسية.
"كنت أعرف أن التعامل مع مستخدمي الظلام سيجلب المشاكل بقدر الفوائد فهم عاجزين حتى تنفيذ أبسط الإتفاقيات"
تنهد الزعيم، فلو اتبعوا التعليمات و التزموا بخطف الأطفال من الفقراء لما كان في هذا الموقف، و مخططاته بعيدة المدى كلها ستبوء بالفشل.
"سيدي"
قام دينو الذي كان ينتظره منذ مدة خارجا بضم قبضتيه محييا،ثم أضاف قائلا
"أيها الزعيم، أنت على علم بالبوابة القمرية التي ظهرت في إحدى مقاطعاتنا"
أشار إلى فتى الأوريس و أضاف
"السيد ريد يمتلك حجر القمر و لو إستخدمنا الرمح الروحي لتوسيع مدخل البوابة الصغرى فسنتمكن من الولوج إلى مجال العشب الروحي"
عيون هايان لمعت بشدة و قد انفرجت أساريره حتى أنه أمسك بأكتاف فتى الأوريس و هزه في غبطة
"أيها الفتى أنت منقذي، ستكون لك أكبر نسبة من الفوائد و لك الحق في إختيار أي عشبة روحية نحصل عليها مهما بلغ سنها"
جسد الزعيم كان يرتجف من الحماسة، كيف لا و قد دق الحظ باب منزله جالبا مع كنوزا لا يمكن تقدير ثمنها و موارد طاقوية لا يسبر غورها
الزعيم استخدم موارد باهضة من أجل الإختراق للعالم السماوي، يعتبر هذا نجاحا باهرا في زمن أصبح فيه السماويين حلما بعيد المنال، لكن هذا الإختراق القسري نتج عنه إضطراب في هيئته الروحية و قد تتطور المسألة إلى مشكلة صحية، و مع العشبة الروحية مناسبة سيعود للإرتقاء نحو عالم السماء العميقة و عندها سيصبح فعلا زعيما لا يقهر.
لن يخشى الوافدين من العالم الخارجي، و سيأخذ له مكانا في الحد الشمالي بالقوة، و هذه فقد بداية طموحه.
"في هذه الحالة، علينا التحضير سريعا و إبقاء الأمر طي الكتمان فيكفي أني مظطر لإقتسام الفوائد معكم"
بالرغم من وقوفه أمام الزعيم ريد تحدث بكل صراحة، و لقد جعل الأمر واضحا أنه ليس شخصا محبا للمشاركة و نبرته كان فيها بعض الندم، لكن ذلك لم يزعج هايان، على العكس لقد راقه كلام الفتى و رأى فيه إنعكاسا لأيام صباه.
"ها ها ها، أنت تروقني لكن الجشع قد يتسبب في هلاك صاحبه ، إذا شئت فسأمنحك مركزا مرموقا في عشيرتي"
"لا شكرا ، لا رغبة لي في تقييد حريتي"
لم ينزعج هايان من رفض الدعوة، و هز رأسه بهدوء مشيرا لأنه يتفهم الأمر، هناك الكثير من المقاتلين الذين يرفضون الإستقرار و يفضلون حياة المغامرة .
هايان هذا كان مزيجا غريبا فمن يرى مدى تفهمه و وقاره لن يصدق أنه في العالم الآخر هو مجرم خطير سافك للدماء و أعداءه لا يعدون على الأصابع.
بالرغم من هذا فهو بارع في تسيير شؤون عشيرته، يحاول بإستمرار ضم المواهب إليه و يكافئ بسخاء المقاتلين كل على قدر مساهمته، كما أنه شخص يلتزم بكلمته و ويوفي بوعده.
بالنسبة لهايان فإختطاف الأطفال و التحالف مع الظلاميين و غيرها من فضائع الأمور هي مجرد عمل.
من أجل رحلة مجال العشب الروحي سيتم إختيار أقوى المقاتلين لهذه الرحلة، حتى أن خمسة من عالم الإنتصار سينضمون إلى البعثة، صحيح أنهم بصدد إلتقاط بعض الأعشاب، لكن لا يمكن إطلاقا الإستهان بقوة عشبة روحية فاقت المئة سنة فهي تمتلك من القوة ما يوازي وحش شيطاني من الرتبة الخامسة و حتى السادسة ربما.
التحضيرات ستستغرق بضعة أيام حتى موعد إستقرار البوابة القمرية، في هذه الفترة فتى الأوريس ريد كان ضيف العشيرة و قد أحسنوا إستقباله.
" أنت فعلا أحمر البشرة، لكن هذا لا ينقص من وسامتك "
الصوت الجميل الذي تغزل به جعله يبتسم، لكن ذلك لم يكن إعجابا بالإطراء
' جيد............. لنبدأ المرحلة الثانية'