عند مضيق الهضبة ، ركضت المئات من نباتات الماندراكورا و هي تبكي و تنوح على فقدان أرضها.
كان الدخان قد بلغ عنان السماء، مع إرتفاع ألسنة اللهب التي إلتهمت كل شيء في طريقها.
البرق، النار ، الرياح و حتى الأرض كل قوانين العناصر تم تفعيلها من الجانبين في هجمات لا هوادة فيها.
وصلت إبنة الزعيم مع باقي المقاتلين أخيرا، و قد وقفت على عمود مائي و عيونها الحادة تقدح شررا، لوحت بيديها فخضع الماء لرغباتها و هوى نحو النيران ليطفأها
زعيم عشيرة ماو التفت لإبنة زعيم هايان و قد بدت ملامحه هو الآخر مخيفة من شدة غضبه
"أين والدك اللعين ؟"
جاءه الجواب من القائد الشاب الذي كان قبل دقائق في أرض الصيد حيث كانت البوابة القمرية
"سيدي، إنها قصة يطول شرحها، لكن زعيم هايان رفقة مائتي مقاتل غادروا إلى مجال الوحوش"
لم يكن لدى مو الوقت للإستغراب، فإبنة الزعيم لان كانت تصرخ في إستياء
" الزعيم ماو، ما معنى هذا؟"
"أنا من يجب عليه السؤال، جلبتم شجرة الجحيم لأرضنا و استخدمتم أطفالنا لإطعامها"
"أطفالكم!!"
تيفا، شجرة سوداء اللون أفنانها بلا أوراق متشابكة و لولا تلك النتوءات الصغيرة التي ستصبح بذورا لظننت أنها جذور فوق الأرض تمتد في السماء، أما جذورها الحقيقية و التي هي مصدر قوتها فلا أحد يعرف مدى إنتشارها تحت الأرض.
تيفا شجرة ملعونة تمتص من الأرض خيراتها و لا تبقي خلفها سوى الجفاف و القحط،و عندما يشتد عودها فأي مقاتل يقترب منها فستمتص هالته و دمه حتى الجفاف.
تنتج هذه الشجرة بذورا من نوع خاص، وهي المفضلة لمن عجز عن الإختراق أو الراغب في القوة دون التفكير في الثمن اللازم لدفعه كمستخدمي الظلام مثلا.
و الوحيدون القادرون على الإقتراب منها للإلتقاط هذه البذور هم من لم تتشكل هيئاتهم الروحية بعد، و الأطفال هم الخيار الأمثل لسهولة السيطرة عليهم.
عندما صاحت لان بكلمة أطفالكم، لم يكن ذلك جهلا بنشاطات والدها و عشيرته،بل هو إستغراب كونها تعرف أنهم أحضروا أطفالا من عالم آخر فقط كي لا ينتبه لهم باقي العشائر.
" تجرأتم على خطف حفيدي و ثمنك ذلك سيكون باهضا"
"مستحيل لا أحد منا يجرؤ على الإقتراب من عائلتك"
فهمت لان أخيرا الخدعة، أحدهم اختطف حفيد الزعيم و رماه بين المأسورين و هذا الأحد بالطبع لن يكون غير البلاء الذي حل بهم
"جين، ابن الساقطة ذاك، هو من خطط لكل شيء"
إن كان ما تقوله حقيقة أم كذب ليس مهما، فسيد عشيرة مو لم يعد بمقدوره غض بصره أكثر و هو يرى حالة الأطفال الذي جلبوهم ليضحوا بهم لشجرة الجحيم، لا تاريخه و لا سمعته و لا شرفه يسمح له بذلك
"أغمضنا عيوننا على مخالفاتكم فوصل البلل لذقننا، باقي العشائر قادمون و شجرة تيفا ستحرق اليوم و الخيار يعود لكم إما التراجع أو سنحرقكم معها "
قال الزعيم كلمته و أخرج سيفا مقدسا عريض النصل، مع هذا السلاح الممزوج بطاقته من عالم الإنصهار أصبح بمقدوره تنفيذ هجوم سماوي و قانون النار خاصته صار قادرا على صهر المعادن.
اجتمعت نيران السيف و شكلت كرة نارية ارتفعت في السماء و كأنها شمس ثانية من شدة وهجها، شعر الجميع بالإختناق من لهيبها الذي حرق الهواء و قد أجبرهم سعيرها على التراجع.
*بووووم*
نزلت الكرة صوب شجرة تيفا، فأحدثت إنفجارا مدويا و قذف ضغط رياحها الجميع، لو كانت شجرة عادية لأصبحت رمادا في لحظة، لكنها ليست كذلك.
"أطفؤوا النار،أنقذوا الشجرة"
صاحت إبنة الزعيم بالجميع، و هي تحرك المياه نحو النيران، و كذلك فعل كل من يمتلك قانون الجليد و الأرض.
عندما رآهم الزعيم مو مستميتين في إطفاء النيران، نهرهم في غضب قائلا
"إن لم تتركوا النار تلتهمها، فلا تلومونني إن قضيت عليكم معها"
كان صوته كهزيم الرعد و قد تراجع بعض المتدربون، لكن في الوقت ذاته كان من بين عشيرة هايان من قرر القتال.
"أتعتقد أن عشيرتنا تخلوا من الرجال و أنك الوحيد من عالم الإنصهار"
"هذه هايان و ليست عشيرتك، لتعطي الأوامر فيها"
إثنان من عالم الإنصهار اعترض طريق الزعيم ماو، حمل أحدهما مطردا لمع حده بسبب البرق الذي إكتساه، أما الثاني فشكلت هالته مقاتلا ضخم البنية مناقضا لجسده القصير النحيل
تطايرت الشرارات مع تلاحم المطرد و السيف، صد مو كل الهجمات لكنه تراجع للخلف و هو يرى المقاتل الثاني يدمج قانونه مع هيئته ليتحول إلى عملاق جليدي مع صقيع جمد حتى الهواء
' هناك شيء خاطئ بخصوصه '
قوة نيران الزعيم مو ناتجة عن استخدامه سلاح مقدس، لكن سيد الجليد هذا كان من صنف المقاتلين و لا يستخدم أسلحة و بالرغم من أنه أقل منه مستوى ، فجليده كان يطغى على نيرانه و يقمعها
" تجرؤ على أن تشيح بنظرك أمامي"
صرخ حامل المطرد مهاجما.
كان المطرد الطويل يتحرك بخفة و سرعة و أخذ يتموج مع كل حركة قام بها، و كأن عصاه ليست من فولاذ.
صد مو الهجمة بسيفه و تراجع عدة خطوات،قبل أن تنزل عليه الرماح الجليدية كالأمطار
" عمود النار "
تفاعل مو بسرعة و غرز سيفه بالأرض لترتفع أعمدة نارية شكلت جدارا أذاب كل رماح الجليد
" العجوز ليس هينا، ستطول المعركة "
علق مقاتل الجليد و قد برزت عروق جسده و انتشرت كأنها شبكة عنكبوت،و مركز الشبكة في منطقة الصدر حيث زرع بذرة شجرة تيفا.
إستخدام البذور يرفع من طاقة المقاتلين، لكن ثمن ذلك هو أن يصبحوا مصاصي دماء يقتاتون على دماء أو طاقة الآخرين، و إن لم يتمكنوا من إرواء عطش البذرة فستتغذى على دماء حاملها، و المحظوظ فقط من يبقى حيا إذا إنتزعها بالقوة.
يفترض آن البذرة و بعد أن تصل إلى درجة التشبع ستسقط من تلقاء نفسها، و من الصعب معرفة كمية الدماء التي ستستهلكها لتصل إلى التشبع.
بسبب هذا الشروط اللامعقولة لم يستخدم عشيرة هان البذور، لكن الآن إختلف الوضع فهم في حالة حرب فالمخاطرة تصبح ممكنة فستجري دماء المقاتلين أنهارا ، و هنا ستستخدم البذرة كي تضمن أن لا تكون دماءك جزءا من هذا النهر الأحمر.
تقدم مقاتل الجليد خطوة إلى الأمام ليبدأ الهجوم المشترك،هذه المرة هو من سيقوم بقمع الزعيم مو، في حين سيتصيد زميله فرصة القضاء عليه
ذوبان الجليد أمام النار جعل الضباب يغطي المكان، من بعيد كان يسمع فقط صوت تصادم السيف مع القبضات الجليدية، و رؤية إنفجارات نارية من حين لآخر
في النهاية وقع مقاتل الجليد على ركبته و الدماء تتدفق من صدره، الإصابة كانت عميقة حتى أنه لم يتمكن من الوقوف
" تعتقد أن بإمكانك إيقافي مع الإستعانة بقوة زائفة"
سخر ماو، و رفع سيفه بنية قطع رأسه لكنه تجمد في مكانه
" مستحيل"
أدرك الزعيم متأخرا أن أن الجليد لم يوقف نيرانه و حسب بل تمكن من جسده، نظر غريزيا إلى أسفل بطنه ليجد أن إبرة جليدية رقيقة قد غرزت بدقة مانعة تدفق طاقته.
" إنها نهايتك"
من خلفه بمع نصل المطرد مع صوت أزيز البرق معلنا نهاية المعركة
*سبلاش*
إنفجرت الدماء و تطايرت كالشلال بعد أن قطع النصل الحاد رقبة المقاتل بسرعة الصوت.
عيون ماو المتسعة حدقت في السماء
" أنا...............لا أزال حيا !"
لم يفهم ماو ما الذي حدث ،في لحظة انقلبت الموازين، رأس صاحب المطرد كان يتدحرج أمامه، حتى صاحب هيئة المقاتل الجليدي، كان مذبوحا مع جرح في الرقبة لم يكن بسيفه.
إنتزع الزعيم الإبرة الجليدية من بطنه و إلتفت باحثا عن منقذه لكن لا أحد كان هناك.