قبل دقائق من سماع نبضات القلب القادمة من شجرة تيفا

عاد الزعيم مو إلى ساحة القتال و كان قد اضطر للإنسحاب مؤقتا ليستعيد طاقته التي تم ختمها،في معركته مع مستخدمي الجليد و البرق، و حين عودته و رغم أنه لم يطل الغياب وجد أن المعركة قد انتهت تقريبا و ما تبقى من هايان ينسحبون إلى الشرق.

" ما الذي حدث في غيابي؟"

ركض أحد أفراد عشيرته إليه ليسأل عن حاله

"سيدي هل أنت بخير، هل استرجعت قوتك؟"

"أعطني تقريرا مختصرا للوضع"

"لم نتكبد خسائر كثيرة ، و الفضل للمغتال الذي استأجرته أقولها بثقة مهما كان ثمنه فهو بالتأكيد يستحق كل فلس منه"

"المغتال؟"

"سيدي أنا لم أرى لهذا المغتال مثيلا؟، لقد كان مثل حاصد الأرواح يظهر من العدم فيقطع الرؤوس ليختفي ثانية، و المرعب في الأمر أنه كان يستهدف مقاتلي عالم الإنصهار دون البقية"

تجمدت ملامح ماو، عندما تذكر ما حدث في معركته مع مقاتلي الجليد و البرق

وسط الضباب الكثيف الناتج عن التقاء النار بالجليد ، كان سيفقد حياته لولا أن تسلل أحدهم من الخلف و قضى على الإثنين في لمح البصر

لكن يبقى التسلل في الضباب لقتل شخص و إنهاء آخر مصاب غير قادر على الحراك أمر، و التجول في ساحة المعركة لإصطياد عشرات المقاتلين من عالم الإنصهار هو أمر آخر.

'يبدوا أننا بيادق في لعبة طرف ثالث'

أدرك الزعيم الحقيقة حين تذكر حديث ابنة هايان على أنهم ضحية مكيدة شاب ما ،لكن و في مكانته و بعد ما آلت إليه الأمور لم يكن ليعترف بذلك

"لنعد أدراجنا، فقد إنتهت معركتنا"

"لا لم تنتهي بعد"

رن صوت عميق في ذهن الزعيم مو، الذي التفت غير مصدق أن هناك من يستخدم سحر التخاطر في هذا العالم، ليجد شابا مع شعر أبيض يبتسم إبتسامة لا تنبئ بالخير

" لماذا أسمع صوتك مباشرة في عقلي، أهذا سحر؟"

فتاة كانت بالقرب منهم و لم يسبق لها أن شاهدت السحر، سألت في ارتباك، ليجيب جين و هو يخدش رأسه

" إنه السحر الوحيد الذي أجد مشكلة فيه، حتى أنني كنت عاجزا عن استخدامه قبل اختراقي لعالم الروح"

اتسعت عيون الزعيم و هو يسمع كلامه

' إنه فعلا في عالم الروح فقط ؟'

من الطبيعي أن يندهش الزعيم مو، فكيف يكون الواقف أمامه ساحرا و مغتالا بهذه القوة في حين أنه فقط في عالم الروح فقط.

لكن ما جعله يجفل فعلا حتى ارتجف جسده هو الكرة الفضية التي تطوف في الهواء حوله، فجأة كل شيء أصبح واضحا و كل الأسئلة التي راودته عثر على إجابتها

"أنت............ لقد بعثت ثانية "

"إنبعاث!"

استغرب جين كلامه، لكن لم يكن الوقت المناسب فهناك خطر يهدد بفنائهم إن لم يتحركوا سريعا، فأشار إلى الفتاة التي تصرخ و تنوح عند شجرة تيفا

" أصمد أرجوك، لا تستسلم"

منظر الفتاة تبكي و تستجدي الشجرة و تناشدها أن لا تستسلم تركهم حائرين، حتى أفراد عشيرتها راحوا يشكون في صحة قواها العقلية

" ما بها، هل أصابها مس من الجنون؟"

*بام، بام،بام*

صوت أشبه بنبضات القلب، لفت إنتباه الجميع و مع استمرار النبض في التسارع أصبح الصوت أقوى و أقوى

" إنه قادم من الشجرة !!"

جذع تيفا المحروق كان يصعد و ينخفض، تماما وفق إيقاع النبضات، و بعدها مباشرة و مع صوت

*كراك*

ظهر شق عمودي على الجذع مصبوغ باللون الأحمر الدموي ، و من الشق برزت أصابع خشبية طويلة أحكمت قبضتها على لحاء الشجرة، تبعتها أصابع اليد الثانية و شدت قبضتها على الجهة المقابلة

كلتا اليدين الخشبيتين جذبت في إتجاه معاكس ليتحطم لحاء الشجرة إلى أشلاء و تصنع مكانا لها خارج تيفا

"أخي لا تفعل،الوقت لا يزال مبكرا"

"أخي!!! "

كل الحاضرين بلا استثناء كانوا مشدودين و مذهولين بما يحدث، و حديث لان و مناداتها بأخي لهذا الشيء الذي يسكن تيفا أو هو جزء منها فلا أحد على يقين بماهيته ، زادهم تشويشا

*طاخ*

مع سقوط قطعة أخرى من اللحاء الخشبي تغير شكل تيفا و قد تحولت كما يبدوا للعيان إلى وحش شجري أو بالأحرى إلى مخلوق أسطوري إنه *الترانت*

لم يكن لهذا الترانت رأس كما يفترض أن يكون ،و يبدوا أن هذا هو الجزء الذي تحول إلى رماد بفعل هجمات النيران المتتالية و التي أحرقت الجزء العلوي من الجذع و كذا كل أغصانه.

رفع الترانت جسده مرتكزا على ذراعيه، ليسحب جذوره المتعمقة في الأرض و التي تجمعت و تحولت إلى قدمين،

و حتى و هو بدون رأس يبدوا أنه يستطيع التمييز بين عدوه من حليفه، و الحليف هنا لا نقصد به عشيرة هايان، بل الفتاة التي تبكي بجواره و قد قام بكل لطف بإبعادها جانبا لينقض على البقية هادفا إمتصاص دماءهم.

الترانت رفع كلتا يديه إلى السماء،فامتدت أصابعه الخشبية و أخذت تطول لعشرات الأمتار و تتحرك في سرعة مرعبة

*آآآه*

ارتفع الصراخ و قد إخترقت الأغصان سبعة مقاتلين دفعة واحدة، و امتصت دماءهم و هالاتهم كالمضخة ،قذف ترانت الجثث المتيبسة و التفت باحثا عن المزيد.

مع كل مقاتل امتصته كانت هالة شجرة تيفا التي تحولت إلى ترانت تزداد قوة و زخما، طاقتها اكتسحت المكان و أجبرت الجميع على التراجع في رعب، تيفا كانت بالفعل تستحق إسمها كشجرة من الجحيم

"كل هذا من تخطيطك، كنت تعلم بهذا و سحبتنا في هذه الفوضى؟"

كان الزعيم محقا في إعتقاده و لن يلومه أحد إذا غضب، لكن نبرته كانت أقل حدة مما يجب أن تكون و تحدث مع جين و كأن هذا الطفل يوازيه مكانة، و هذا ترك من سمعه حائرا

"آجلا أم عاجلا كنتم ستواجهونه، بجلبكم هنا أنا قدمت لكم خدمة و فرصة للقضاء عليه قبل أن تكتمل قوته، يجدر بكم شكري"

هز الزعيم مو رأسه و هو يقول في نفسه أن لا فائدة ترجى من محادثته ،إنه سيد الكرة و في كل مرة يظهر فيها ستحل الكوارث، إنها ببساطة طبيعته.

"إحذروا من أغصانه ، ابقوا مسافة عند الهجوم "

"استخدموا الهجمات البعيدة المدى"

قبل أن يغمدوا سيوفهم و يخفضوا هيئاتهم عادوا إلى القتال ثانية و هذه المرة مع وحش شجري

ألقوا عليه بكل ما يملكون لكن بلا فائدة بعد تحوله إلى ترانت أصبح أكثر مناعة حتى النيران لم تؤثر عليه كثيرا، و بالرغم من ذلك استمروا في إمطاره بوابل من الهجمات المتنوعة و ذلك جعله فقط هائجا أكثر فلوح بذراعه و قذف أكثر من خمسة أشخاص دفعة واحدة و البقية عصفت بهم أغصانه التي تموجت كالسياط.

كان الترانت قويا بشكل مرعب، بالرغم من أنه واضح أنها لم تنضج بعد حتى أن لحاءها و أجزاء منها يتداعى .

الزعيم مو و هو يرى ما يحدث فكر أن الفتى على حق و لو أنهم تأخروا لكانت العواقب أكبر جعل ذلك حانقا بعض الشيء، لكن كرامته منعته من البوح بذلك و سأل مستفسرا

"إذا سيد الكرة، ما هي خطتك ؟"

رفع جين حاجبه استغرابا من اللقب الغريب، لكنه تجاهل ذلك و أجاب

"هو يريد الدم فلما لا تدعه يمتص بقدر ما يشاء"

"ماذا!؟"

2019/05/22 · 1,212 مشاهدة · 1059 كلمة
magicien
نادي الروايات - 2024