151 - من شابه معلمه فما ظلم

في الجهة الشمالية من مجال العشب الروحي و قبيل وصول لونا أخت دو باي القادمة من المستقبل مع نباتاتها.

"كال، أمتأكد من الطريق ؟"

سأل شيرو الذي كان في مؤخرة الفريق و قد بدأ يشعر بالضجر، في طريقهم صادفوا بعض الزومبي لكن خيوط العنكبوت الخاصة بكيرا تكفلت بتقييدهم ليتولى سيف جادو تقطيعهم.

عاد كال مينغ يشرح الأمر مجيبا عن السؤال

"للتحكم في كل هذه الأعداد يجب إبقاءهم ضمن المجال الناتج عن سحرهم المشترك، لو بقيوا في نفس المكان فستزول سيطرتهم و سينتشر الزومبي في كل مكان، إذا كانت البوابة في الجنوب فإن شريكه ستجه حتما نحو الشمال"

بعد الشرح إنتبهوا كيف أن كل الزومبي تتجه نحو الجنوب حيث تجري المعركة، باستثناء تلك التي في الغرب تنتشر بلا وجهة محددة.

"هناك تدفق للمانا بالقرب منا "

أشار تابو إلى شجيرات بالقرب منهم ثم أطلق موجات من درعه الضخم فتشوه الفضاء بسببها و تلاشت الشجيرات.

تغير المنظر أمامهم ليكشف عن ساحر في منتصف العمر يرتدي عباءة رمادية

"لقد تم إكتشافي،يا للمفاجأة ! "

تحدث بنبرة هادئة، و لم يبدوا عليه التوتر بالرغم من أنهم يفوقونه عددا

"هل أزعجناك؟ نحن نعتذر، لكن جثثك تحاصر أصدقاءنا و تحاول إلتهامهم"

"أصدقاءنا !! أتقصد الأوريس بهذه الكلمة...... يا للظرافة "

سخر شيرو، ليرد الساحر بالمثل لكن كرهه للأوريس الواضح في صوته لم يكن ليمر دون أن يلاحظه كال مينغ

"يا رجل ظننتك شخصا محترفا، كل هذه الفوضى لقتل بعض الأوريس، أعني ذلك الأوريس"

إحدى أساليب قراءة عقل الخصم هي أن تطرح كل الإحتمالات و تراقب ردة الفعل، تفاعل الساحر المخضرم بالكاد يمكن ملاحظته لكن ليس مع عيون كال و الذي أومأ لجادو أن دوره قد حان

"صديقي الساحر، يقتلنا الفضول لنعرف الهدف الذي لأجله ملأتم المكان بالزومبي"

"إنه الملـ......"

توقف الساحر عن الكلام و قد أدرك أن هناك شيء ما خاطئ

"ما كان هذا؟، للتو شعرت أنني أتحدث إلى صديق عزيز و لا أمانع إخباره أسراري، أنت هناك هذه خدعة جيدة"

نظراته نحو جادو شرحت أنه فهم لعبتهم، لكن الغريب هو أنه سرعان ما ركز كل إنتباهه على الفتى القصير ذو الشعر الفضي و العيون المغمظة

" أهذا أنت؟،يا لها من مصادفة ما كان اسمك يا ترى؟ .......آه، كيرا"

اتسعت عيون كيرا و تغيرت ملامحه، عادت إليه ذكريات عن أيام طفولته الصعبة،الأيام التي كان فيها سجينا في قفص العبودية يتعرض للإذلال و التعذيب بشكل يومي، الأيام و التي من شدة قساوتها تركت شرخا في روحه و عقله.

الصدمة كانت مفاجئة لدرجة أن جسده كان يرتجف ، رؤية الحارس الشخصي لتاجر الرقيق الذي استعبده و بسببه توفيت والدته، أشعلت جمرة الإنتقام لتستعر لهيبا كفيل بحرق الدنيا بما فيها

"الجميع، إنه فريستي فلا تتدخلوا"

تحت قلنسوة الساحر ارتسمت إبتسامة خبيثة و قد راقه أمر التحدي

"جميل، الفرخ الصغير كبر و يريد أن يبسط جناحيه، حسنا إذا هزمتني فسأخبرك بمكان السيد"

"كيرا ماذا يحدث، ما بك؟"

سأل شيرو ،فلم يسبق له أن رأى كيرا بهذا الشكل، لكن صديقه لم يعطي إجابة.

أما كال الذي يعرف ما قساه في طفولته فهم ما يحدث لم يضيع وقتا و استدعى هيئته الغير إعتيادية،القلم القادر على التحكم في مستقبل و ماضي الهيئات الروحية.

" لا تتدخل "

لم يرق كال مينغ عناد كيرا، لكنه يعرف ما يشعر به فقرر التراجع مؤقتا.

مقاتل ضد ساحر، في معركة من هذا النوع إذا لم يمتلك المقاتل ما يكفي من الخبرة لإدخال الساحر إلى نطاقه فهذا يعني الخسارة المؤكدة و للأسف كيرا كان عاجزا عن الإقتراب من خصمه.

ضرب كيرا الأرض بقدمه لينطلق كالسهم محررا عددا لا يحص من خيوط العنكبوت خاصته إنقضاضه كان سريعا، لكن الساحر راوغ ببراعة و انساب كالزئبق من بين الخيوط التي كان مرنا و سريعا و قد أتقن مهارات دفاعية عالية المستوى يمكن القول أنه تجاوز بها المقاتلين.

و بمجرد أن صنع لنفسه مسافة حتى استدعى تشكيلا برقيا لطيور السنونو و التي إنهالت على الفتى من كل صوب بهجمات متتابعة

*آآآه*

إنتفض جسد كيرا بقوة و تشنجت عضلاته بفعل الكهرباء ليطلق معها صرخات مدوية و يقع أرضا في النهاية

"أحمق لا تترك عواطفك تسيطر عليك و دعنا نساعدك"

صرخ تابو و قد تقدم خطوة للأمام

"لا تتدخل، إنها معركتي"

وقف كيرا على رجليه ثانية، اتخذ وضعية قتالية و أشار لخصمه أن يستعد

"لا تقلق، لن أسمح لهم بالتدخل "

"حقا، ها ها ها يا لك من ......"

قبل أن يكمل جملته كان عليه أن يتفادى القبضة الموجهة نحو وجهه، و يتراجع خطوة إلى الخلف هجوم كيرا لم ينتهي بعد، ففي اللحظة التي فتح فيها قبضته أطلق عدة خيوط من يده لكنها لم تكن مرنة بل صلبة مثل الإبر

" أيها اللقيط "

لعن الساحر و هو يسحب الإبرة التي انغرزت في حاجبه، لو لم يكن حذرا لفقد عينه

" هناك أخرى عند خدك"

أشار كيرا إلى خده ساخرا، إلا أن الساحر المخضرم سرعان ما استعاد هدوءه و رد قائلا

"ليس سيئا، لكنها نهايتك...... أعني نهايتكم جميعا"

سحب الساحر الإبرة من وجهه،و رفع يده إلى السماء صارخا بإسم تعويذة قوية جمعت بين عنصري النار و الرياح

*إعصار الجحيم*

قفز الجميع متراجعا و شدوا على أسلحتهم ليستلوها، لكن لا شيء حدث و لم ينجم عن صراخ الساحر إلا أن أتعب حنجرته

"ما الذي يحدث؟ "

اتسعت عيون الساحر في استغراب، لا يزال يستشعر المانا تسري في جسده لكن سحره لم يتفعل، احتاج لثواني قبل أن يدرك أين يكمن الخطأ

' خاتم التعاويذ '

التعريف المبسط للسحر هو استخدام الدوائر السحرية مع ذكر الترنيمة المناسبة لتسخير المانا

من أجل تنفيذ أي سحر كان فيجب اجتماع هذه العناصر الثلاثة معا (المانا، الدائرة السحرية و الترنيمة) و من غير المعقول أن يجلس الساحر لرسم الدوائر أو يقف بلا دفاع يتلوا ترنيمته و التي هي أطول و أصعب من ترنيمات القوانين الخاصة بالمقاتلين.

من أجل ذلك وجد خاتم التعاويذ، و الذي يمتلك نفس المبدأ مع اللفافات السحرية

حيث يقوم الساحر بتخزين كل الدوائر السحرية و ترتيل كل الترنيمات الخاصة بها، فلا يبقى أمامه آلا أن يستدعيها بعبارة مختصرة في وقت الحاجة و يقوم بتفعيلها.

كان الساحر لا يزال ينظر لإصبعه غير مصدق ما يراه، لقد اختفى خاتم التعاويذ من إصبعه

سريعا، هم بإستخراج آخر من مكعبه، لكن هذا الأخير كان قد اختفى هو الآخر

" ما الذي يحدث، أين اختفت أشيائي؟ "

لدى كيرا موهبة أخرى لا يعرفها غير معلمه، إنه لص بارع قادر على سرقة الكحل من العيون

في الماضي تعرض كيرا إلى الكثير من التنمر و بعضهم كان يطلبون منه النقود، و أين عساه يجد يتيم مثله المال ليمنحه هبة للآخرين، و لأن الحاجة أم الإختراع وجد الفتى خلا لمشكلة.

فبسبب صغر حجمه و قلة حضوره و خفة يده، كان يمنحهم المال ثم يعود ليسرقه منهم ثانية، و رغم شكهم في الأمر إلا أنهم و لا مرة تمكنوا من إكتشافه

" مذهل، حتى أنني لم أشعر بك و أنت تسرقه، يا لها من موهبة"

" سيدي جين، لقد أخبرتك عن الأمر لأنك سألتني عن الأشياء التي أتقنها، لكن ما فائدة هذا في التدريب"

"ما فائدته،ها ها ها....... عليك إكتشاف ذلك بنفسك، فقط تذكر كلامي، خفة يدك هي سلاح قاتل"

ساحر بلا خاتم كفارس بلا حصان، لقد جعلت الخواتم من السحرة أشخاصا كسالى، فكثيرون من توقفوا عن حفظ الترنيمات و تعلم تشكيل الدوائر بحجة انها تأتي جاهزة مسبقا، لكن ماذا سيصنعون لو وقعوا في ظرف مشابه.

' اللعنة.......... علي الهرب'

عقله فكر في ذلك، لكنه جسده كان سبق و أصبح أسيرا لخيوط كيرا و الذي سحبه بلا رحمة إلى عنده تاركا جسده ينسلخ على الأرض

* يا برق السموات، فلتسمع ندائي و ...*

صمت الساحر فور إحساسه بفقدان إتصاله بالمانا، انخفض بصره ليرى إبرة خيطية مغروزة بدقة في نقطة دانتيان

الحيوية و ختمت طاقته.

' الوغد كان يخطط لهذا من البداية '

أدرك الساحر أن الفتى قصير القامة، لم يسيطر عليه غضبه كما اعتقد، و أن كل تلك الهجمات المتهورة و الواضحة ما هي إلا جزء من خطته من البداية.

" اللعنة، كل يوم يمر يصبح مثل المعلم أكثر فأكثر"

" معك حق ، حتى أنه تصدر منه نية قتل مشابهة"

2019/07/15 · 1,133 مشاهدة · 1254 كلمة
magicien
نادي الروايات - 2024