"ماذا علينا أن نفعل؟"

سألت تشوي مع عيون تفيض بالعزم.

"لا يسمى السحر المحرم دون سبب، سنكشف أمره و جياو مين سيكون شاهدنا"

"حتى و إن أثبتنا ذلك، تعرفين أن الملك لن يتخلى عنه بحجة التوازن بين القوى"

لدى السحرة التأثير الأكبر في الحرب فمهما بلغت قوة المقاتل و عدد الأعداء الذين سيسقطهم، فستبقى الأولوية لحفظ حياة الجنود و الشعب، و لا يتم هذا إلا من خلال سحر التعزيز و العلاج و الدفاع.

"بالطبع أعرف بل أنا أعتمد على ذلك، عزل ني بو ساي سيضيق الخناق على الملك و المعارضين سيصرون على استدعاء سي مار، و سي مار لن يأتي دون زوجته"

على وجه هان سول ارتسمت ابتسامة مخيفة و راحت تهمس لنفسها

"يوم تطأ قدم تاي ايلين مملكتنا، سيبدأ العد التنازلي لمن خانوا الوعد"

من جهة تشوي فقد ارتسمت الحيرة على محياها، فهي جاهلة تماما عن ماهية زوجة سي مار و كيف أن الملك الحالي خالف عهد الأسلاف و ضحى بآخر فرد من عائلة تاي.

و في حضور الجاسوس لوي لم تكن لتسأل عن السر خلف ابتسامتها المخيفة و بدل ذلك ذكرتها بالمشكلة الأساسية

"كيف للسيد سي مار أن يأخذ مكان ني بو ساي، و هو مختفي منذ مدة و لا نعرف عنه شيئا"

" لا مشكلة فمعلمتك زي يون مع خطيبها موجودان، و يستطيعان سد الفراغ لحين عودته".

لم تجد تشوي بماذا تجيب، لكنها تعلم جيدا أن أول خطوة في طريق هدفهم هي الآن التخلص من ني بو ساي.

"إذا كانت رغبتكم إتقاذ الأسير فغدا أنسب وقت، فهو مدعو عند أحد أعيان المدينة"

اقترح لوي، الذي يبدوا أن اكتفى أخيرا من الكعكة التي يفترض أنه أحضرها كهدية

"جيد، سنتحرك غدا"

هكذا تم تحديد كل شيء إلا أن عضو فرقة الجوسسة، العين لوي لم يغادر و بدى على ملامحه أنه يريد قول شيء ما

" هل هناك ما تريد أن تقوله؟"

سألت تشوي

"لا أعرف ما حدث بينكم و بين الأسيرة...... لكن القول أنه رجل و ليس فتاة هو في غاية اللؤم"

" لوي.....ارحل"

نبرة سول الحادة جعلته ينحني و يغادر مسرعا.

============

على مساحة عدة أميال مربعة توضع مبنى ضخم ذو تصميم ملفت للإنتباه، إنها المدرسة الجديدة و المتخصصة فقط لتدريب السحرة.

لا تزال المدرسة قيد الإنشاء و عدد كثير من البنائين و العمال في المكان، مع سحر الإختفاء و بحرص تام تسللت الفتاتان إلى القبو الذي أخبرهم عنهم جاسوسهم لوي.

بعد مسيرة بضع أمتار داخل النفق الرطب وصلوا إلى الغرفة المطلوبة،

الغرفة تحت الأرض كانت فسيحة و قد استخدم مالكها بعض الأدوات السحرية ليبقيها مضيئة و ذات تهوية.

كأي مختبر سري احتوت على بعض الأسلحة المهترئة، الأدوات المخبرية و الموارد السحرية، الشيء الوحيد الغريب هو كومة الأقمشة المكدسة في الركن.

وقعت عيون الفتاتين على الأسير المقيد و قد صبغت الدماء ثيابه و شحب وجهه و ساءت حالته.

"جياو مين"

صرخت تشوي و ركضت نحوه لتفعل عليه سحر الشفاء بعد أن فكت قيده، بينما سول التي أضاء بين يدها قوس و سهم أثيريين لم تخفض حذرها و راحت تتفحص كل ركن في المكان

" هذا كان سهلا للغاية..... لا تروقني الأمور عندما تكون بهذه السهولة، فدائما ما ينقلب الأمر بكارثة"

" اهدئي سول، لقد تفحصت المكان و لا أثر لأي فخاخ سحرية"

ببطئ فتح الفتى الأسير عيناه، لوهلة لمعت عيونه فرحا بالنجدة إلا أنه سرعان ما انتابه الفزع

" الفز.......الفزاعة.....احذروا.......الفزاعة"

العيون نظرت إلى أين أشار إصبعه لكنهما لم يستوعبا إلى ماذا يشير و ما يقصد بالفزاعة، فغير قطع القماش بمختلف الألوان المكدسة بالمكان لا يرى شيئا يثير الريبة، لكن ذلك لم يدم طويلا

"تشوي....... أخبرتك أن الأمور لا تروقني إذا كانت أسهل من اللازم"

توترت هان سول أمام المنظر الغريب .

عندما فتشت تشوي الغرفة لم تجد أي خطر، فالفخ السحري لم يكن بالغرفة بل على قيود الفتى مين و في اللحظة التي تحطمت فيها تفعل الفخ لتمتلئ الغرفة بالفزاعات القماشية منتفخة مثل البالونات، و التي سرعان ما سلحت نفسها بالفؤوس و الخناجر التي كانت مرمية في أحد الأركان.

*وووش*

سهام سول انطلقت لتخترق أقرب فزاعة إليها، لكن ذلك لم يشكل فرقا كبيرا مع الدمية .

تصاعد الهواء خارجا من الثقب الذي أحدثته السهام و أصبحت الفزاعة نحيلة لكن ذلك لم يوقفها من أن تلوح بالخنجر في وجهها

تراجعت سول خطوة للخلف و بتلويحة من يدها رسمت نصلا هوائيا من قانون الرياح قادر على قطع أي شيء، بإستثناء هذه الفزاعات المنفوخة التي تفادت الهجوم و كأنها بالونات تعبث بها الرياح

"اللعنة، لا سهامي و لا نصل الرياح تنفع معها، تشوي فلتحرقيها"

" مستحيل، نحن في مكان مغلق مليئ بالمواد المتفجرة سنشوى أحياء ، لكن أعتقد أن في جعبتي ما قد ينفع"

لي تشوي أوضحت أنها لن تستسلم بسهولة، رفعت يديها لتظهر عشرات الدوائر السحرية من فئة الجليد.

انخفضت درجة الحرارة و تشكلت عدة أعمدة مدببة لتغرق الغرفة في الأشواك الجليدية.

الهجوم الجليدي هو الحل الوحيد لتفادي حدوث أي تفاعل كيميائي يؤدي للإنفجار، إلا أنه لم يكن كافي فالهجوم المكثف لم يقضي سوى على الثلث

فرغم بطئ حركتها إلا أنها و مع أقل تغير في حركة الهواء عرفت الفزاعات اتجاه الهجوم و تجنبته في آخر لحظة.

استمرت الفزاعات القماشية في التقدم و هي تلوح بعشوائية بخناجرها، لإفتقارها الدقة و السرعة كان بالإمكان تفادي الهجمات، لكن مع تفوقها العددي و جيان مين الذي أصبح حملا كونه منهار جسديا و بالكاد يستطيع الحراك، وجدوا أنفسهم محاصرين

" ارحلوا و اتركوني...... قبل فوات الأوان"

طلب مين بصوته الهامس لم يلقى أذنا صاغيا، فكل ما تفعله سول هو اللعن و الصراخ في غضب

"اللعنة،حركاتها مطابقة لمهارة الدفاع البطيء.... جين كان يتركني عاجزة عندما يستخدمها.....لحظة أعتقد أنه لدي فكرة، تشوي أحرقيهم"

" لكن....."

"فقط إفعلي ما أقول"

من الدوائر السحرية خرجت ثلاث طيور قرمزية ريشها من نار، حلقت بخفة بين الفزاعات القماشية و تحولها إلى رماد.

لكن سرعان ما خرجت النار عن السيطرة و أخذت في ازدياد

" سول..... سنشوى على هذه الحال"

"لا عليك، فالنار لا تشتعل بلا هواء"

سهمين عملاقين معززان بقانون الرياح أطلقتهما هيئة سيدة القوس لكنهما لم يصيبا أي هدف محدد، هما فقط بقيا معلقان في مكانهما و الرياح تلف حولهما و تدور بسرعة لترسم مخروطا هوائيا.

بطريقة لا تصدق و بدلا أن تتسب الرياح في زيادة الللهيب إمتصتالزوبعتان المتعاكستان كل الهواء من الغرفة و انطفأت النيران

"كيف فعلت ذلك؟، كيف لك أن تطفئ النار باستخدام الرياح"

"إنه قمع هوائي بإمكانه أن يمتص كل الهواء من الغرفة ... إكتشفت ذلك صدفة و أنا أفكر بطريقة لمواجهة الدفاع البطيء الخاص بجين"

الحماس كان يملئ سول حتى أنها لم تتبين خطأها

" جين!!، لقد ذكرته مرتين من يكون؟"

" جيان، قصدت هان جيان......."

توقفت سول عن الحديث، لأنها اكتشفت تناقضا في حديثها، الدفاع البطيء هو ذروة مهارة ورقة الخريف، و هي مهارة يصعب على أبرع المقاتلين إتقانها

" جيان ساحر، و ليس بمقاتل!"

نظرت سول إلى تشوي التي نطقت بأفكارها و هي الأخرى في حيرة من أمرها.

"علينا المغادرة بسرعة"

حديث جياو مين أعاد لهما تركيزهما، لا يزال عليهم التسلل للخروج قبل عودة صاحب القبو.

"إلى أين أنتم ذاهبون؟، أتريدون أن يقول الناس عني أنني لست مضيافا"

الصوت الأجش لصاحب الظل الذي اعترض طريق الشبان جعل شعر أبدانهم تنتصب.

*كراك*

تصدعت الأرض و نمت كروم بسرعة جنونية لتلتف حول أجسادهم و تقيد حركتهم.

مع شعر أسود طويل و وجه خالي من التجاعيد، الساحر العجوز الذي يبدوا أصغر من سنه بكثير و بمظهر رجلفي عقده الرابع، كشف عن إبتسامة تجمد الدماء في العروق.

2020/01/08 · 784 مشاهدة · 1160 كلمة
magicien
نادي الروايات - 2024