في أحد فنادق جزيرة الأسلاف

"انظروا قد وصل سيدي و مالكي و ولي نعمتي"

كانت نظرات هان سول حادة، و صوتها يفيض بالغضب و هي تتحدث من خلال سوار الإتصال المعزز بسحر الصوت و الصورة.

" سول أنا...."

لم يجد دو باي ، الطرف الآخر من جهة الإتصال فرصة لتبرير نفسه، و صمت خافضا رأسه.

"سنتحدث لاحقا... و سألزمك بكلماتك لبقية حياتك".

هان سول قطعت الإتصال في النهاية، و نظرت إلى صديقتها الساحرة، قائلة

" تشوي.....أتصدقين ما فعلهلقد قاتل أميرا لأجلي، و أعلن حبه لي على الملأ..... يا له من رومانسي"

ملامحها الغاضبة و نبرتها المعاتبة كلها اختفت في لحظة، كانت إبتسامتها مشرقة و وجهها يشع من السعادة تغيرت مئة و ثمانين درجة حتى تبدو لناظرها كشخص آخر تماما.

"إذا كنت بهذه الحماسة و قد أسعدتك تصرفاته، فلماذا تدعين العكس و تصعبين الأمر عليه"

"لا تزالين ساذجة، المرأة الذكية تعرف كيف تلعب بأوراقها كي لا ينظر رجلها لفتاة غيرها"

كلمة ساذجة جعلت العروق تظهر على جبين تشوي، فردت بسخرية عمدا لتغيضها

"نحن نتحدث عن دو هنا، فأي إمرأة ستنظر إليه"

"لئيمة...... لم تتزوجي بعد من الملك، و بالفعل أصبحت تتكبرين علينا"

ليست تشوي من تستطيع إغاضة سول، في ثانية قلبت الأمر عليها و تركتها مع وجه أحمر و هي تصرخ

" أنا فقط إحدى المرشحات..... و لست خطيبته"

رمقتها سول بنظرة ماكرة، مستمتعة بإغاضتها

" هل أفهم من كلامك أنك لن ترافقينا لمملكة الأوريس لاحقا"

" أنا لم أقل ذلك"

"ها..... أنت لست بريئة في النهاية"

*طاك، طاك*

صوت طرق الباب أنقذ تشوي من مضايقات هان سول .

من خلف الباب ظهر شاب نحيل مع قالب حلوى ، وضعها على الطاولة و رفع يده مشيرا إلى الخاتم في إصبعه و الذي نقش عليه شعار عين بداخلها شمس و بكل فخر ضرب صدره قائلا

* حتى يسطع نور الشمس، و يبدد .......*

'كيرا....... ، اللعنة عليك يا مهووس المرادفات'

مهما بلغ كره سول للشعار السخيف فهي مجبرة على إتمامه، فهذا الفتى هو واحد من مجموعة العين و لن يخبرهم شيئا إن لم يتموا الشعار

* حتى يسطع نور الشمس، و يبدد الظلمات*

بعد حادثة الزومبي و هجوم الجماعة المتطرفة المعروفة باسم أتباع التطهير، كان لزاما أخذ التدابير اللازمة.

هكذا كال مينغ رفقة عملاء الأوريس،جاؤوا بفكرة تأسيس العيون،جواسيس من مختلف الفئات و الأجناس تراقب و ترى كل صغيرة و كبيرة

" إسمي لوي، سعيد بلقائكم ، و هذه هدية تعارف"

مع إنحناءة بسيطة عرف الجاسوس عن نفسه،و هو يشير إلى كعكة الفراولة.

ربما ليؤكد أنه كعكته ليست سامة أو أنه فقط كان جائعا، لوي أخذ لنفسه قطعة من هديته ليحشرها في فمه،و من ثم أخذ في شرح الأوضاع دون تضييع للوقت

"كما تعلمون جميعا، فإن الساحر العظيم ني بو ساي أعلن عن رغبته في تأسيس مدرسة سحر لكل الأجناس في جزيرة الأسلاف ، كوسيلة لتوطيد العلاقة مع الأوريس و حلفائهم، بصفتي أحد أشهر المعماريين فقد كلفت بمهمة البناء و ......"

توقف لوي عن الحديث برهة ليلعق ماالتصق من الكعكة على أصابعه و بعدها تغيرت ملامحه

"المدرسة هي مجرد ستار ..... ني بو ساي يجري تجارب سرية على السحر المحرم"

"ما الذي تهذي به، أنت تتحدث عن أحد ركائز مملكتنا"

صرخت لي تشوي في وجه الشاب في غيظ، كساحرة فلديها إحترام شديد لني بو ساي، حتى أنها فيما مضى كانت تحلم أن تتلمذ على يديه .

ليو لم يتأثر بردة فعله، بدى و أنه قد توقعها فأخرج من مكعبه قرصا بني اللون، و قام بتشغيله

"أتعتقدين أنني سأجرؤ على قول كلام كهذا بلا دليل، يمكنك أن تري بنفسك"

قرص الإنعكاس الزمني، أداة سحرية تقوم بتسجيل كل تغيرات الطاقة في مكان محدد، من خلالها يمكن عرض صور فراغية لكل ما حدث في وقت سابق، بإختصار هي بمثابة كاميرة المراقبة.

أشع القرص بضوء خافت قبل أن تظهر صورا متتالية في غاية البشاعة أربكت الناظرين إليها.

رسمت الدماء خطا أحمر على الأرض، و من يعرف باسم الساحر العظيم ني بو ساي يجر ضحيته المدرجة بالدماء و المقيدة بالسلاسل إلى قبو سري تحت الأرض

" إنه..... جياو مين...... تلميذ ني بو ساي"

تحدثت تشوي من خلف يدها التي كممت بها فمها كي لا تصرخ من دهشة و فضاعة ما تراه

" لا أصدق..... كيف يفعل هذا بتلميذه؟"

" تشوي، استفيقي هل نسيتي هدفنا.... هل نسيتي أخاك؟"

على غرار تشوي سول لم تتفاجأ، على العكس نظراتها الباردة تقول أنها كانت تتوقع أمرا مشابها فهي الأخرى لديها تجاربها الخاصة مع النبلاء و شاكلتهم.

عندما كشفت حقيقة الأوريس للجميع، سعى الملك هان تسو لتهدئة الوضع بإعلان الصلح و السعي لتوطيد العلاقات مع من كانوا يلقبونهم بالأمس بأعداء البشرية، و بالمزامنة ألقى اللوم على بعض من قادة الجيش المتعصبين و الذين كانوا مصرين على إسترجاع جزيرة الأسلاف دون التفكير في الثمن.

كملك كان عليه الرضوخ لطلبات ضباط جيشه خشية أن يجروا المملكة إلى الإنقلاب و حتى الحرب الأهلية .

و كخاتمة لهذه الرواية التي ألفت خصيصا كي تجعل من هان تسو الملك المثالي، لم تعد الخسارة في الحرب الأخيرة بالهزيمة التامة.

فقد توفي القادة المتعصبين الذي جروا المملكة لحروب لا طائلة منها وتم نفي ما تبقى من أتباعهم، مما منح فرصة للملك الوقور ، بين قوسين، أن يوقف هذه العداوة التي لا سبب لها.

لكن و للأسف ظهر الظلاميون مع خططهم لتدمير المملكة فأصبحت الأولية هي التصدي لهم، و تأجيل الصلح مع الأوريس لأجل غير مسمى.

قادة الجيش الذين دفعوا حياتهم ثمنا لولائهم،تم خيانتهم بأسوء طريقة و أصبحت سمعتهمو فخرهم الذي لا يملكون غيره كميراث لأبنائهم، هو الثمن لإستمرار سلالة هان على عرشها.

أخ لي تشوي الأكبر هو واحد من هؤلاء القادة، في البداية قيل أنه وقع أسيرا لدى الأوريس و بعدها قيل أنه خائن منشق خالف الأوامر العسكرية و هرب خوفا من العقاب، و أخيرا أصبح أحد المتعصبين الذين تم نفيهم.

بإختصار كلما تغير الوضع تغيرت التهمة الموجهة له و لأمثاله من القادة النزهاء لتتناسب مع مصلحة الملوك و النبلاء الشخصية.

كل ما قيل عن أخ لي تشوي سابقا لا يمت شيئا بالحقيقة، ذنبه أنه رفض قتل المدنيين العزل و عقابه كان ختم قوته و حرمانه من العودة لوطنه و عائلته.

تذكير تشوي بأخيها مفعوله مثل السحر، و تخطت سريعا خيبتها من الساحر العظيم الذي يعتبره السحرة مثالهم الأعلى و قدوتهم.

في النهاية ما حدث مع أخيها الأكبر من ظلم، سيجعل أرق البشر ينسون عطفهم.

2020/01/08 · 806 مشاهدة · 985 كلمة
magicien
نادي الروايات - 2024