في أقصى شرق جزيرة الأسلاف على طول حدوده ترتفع سلسلة جبال ذو صخور قاتمة اللون لتشكل جدارا أسودا مهيبا.
رجل غارق في دماءه المتخثرة من منافذ وجهه الخمسة تسلل إلى أحد الكهوف، قبل أن يوقفه حارس موشح بالسواد بوضع سيف على رقبته
" أريد مقابلة زعيمك"
قبل أن يرفع الحارس السيف عن رقبته، رأى الساحر المسموم شخصا يخرج من الجزء المظلم من الكهف
"لا أصدق عيناي الساحر العظيم ني بو ساي بلحمه و شحمه..... ودمه"
لم يكن المتحدث سوى زعيم الظلاميين حاليا و الأمير المخلوع سابقا، ساو يي.
في الماضي تلقى ساو يي إصابة حرجة كادت أن تودي بحياته، و من أجل النجاة لجأ إلى الإستلاء على جسد جديد من خلال تقنية تبادل الأرواح المحرمة، و منفذ هذا السحر كان بالطبع ني بو ساي
رسم ساو يي إبتسامة ساخرة على وجهه مذكرا ضيفه بالقسم الذي كان بينهما.
"إذا إلتقت سبلنا مستقبلا فسنكون أعداءا، أليست هذه كلماتك"
" أنت مدين لي بحياتك و قد حان وقت السداد......"
قاطع السعال المخلوط بالدم حديثه قبل أن يمسح فمه مضيفا
"أنتم خبراء السموم و أنا بحاجة لترياق"
مع كل ذلك النزيف لو كان ساحرا عاديا لتوفي منذ مدة، لكن ثمن ذلك كان باهضا، فالرجل الذي عاش لسنوات عديدة محافظا على شبابه لم يعد معفيا من غدر الزمن فقد كسى الشيب رأسه و ظهرت التجاعيد على وجهه، قوة حياته تضعف و شبح الموت يلوح في الأفق.
"ديني لك تم سداده بكنوزي التي جعلت منك ساحرا عظيما، إذا أردت خدمة مني فعليك الدفع، فلا شيء في هذا العالم بالمجان"
"ما الذي تريده؟"
" كما ترى أنا و رفاقي إستقرينا هنا و كلنا أمل في مقابلة ملكنا يوم زيارته لمدرستك الجديدة، لكن من الواضح أن الإفتتاح سيؤخر لأجل غير مسمى، رغم أنني بالفعل كنت أطوق لرؤية ملكنا العزيز و أعبر له عن مدى شوقي و محبتي،لو أنني فقط أعرف متى سيخرج من القصر لأتمكن من مقابلته"
ساو يي عرض سعره، و ثمن إنقاذ حياة الساحر العظيم هو خيانة ملكه الذي تعهد له بالولاء.
الولاء، هذه الكلمة تعني الكثير ، التضحية بالنفس و تفضيل الموت على الخيانة، لكن في قاموس ني بو ساي هي مجرد كلمة، مجرد حبر على ورق.
" لك ذلك، سأمنحك كل ما تريده"
أجاب الساحر بالقبول، و طبعا لم يتردد زعيم الظلاميين في المساعدة، فاستدعى معالجهم الذي له إطلاع واسع بالسموم، فلا تسنح للمرئ فرصة أن يدين لك ساحر عظيم بخدمة.
بعد فحص بسيط، هز الساحر المعالج رأسه معلنا جهله
"لم يسبق لي أن رأيت أعراضا كهذه، كما أن أعضاءك الداخلية تتضرر بسرعة"
"الوغد اللعين، ذكر أن تأثير السم يزداد وفقا للسن و الجنس"
وجه المعالج شحب و كأنه سمع ما لا يجب أن يسمعه، و سأل في توتر
"السن و الجنس!!، أتقول أنه لا يؤثر في النساء الفتيات ؟"
"أجل، ذلك المأفون سمم فتاتين قبلي لكنهما لا تزالان بتمام العافية"
اتسعت عيون المعالج و قد تأكدت شكوكه، و ما كان ذلك ليمر دون أن ينتبه ني بو ساي الذي انفجر بالصراخ و لا تزال الدماء تتطاير من فمه.
"تحدث...... ماذا تعرف عن السم؟"
"سم الجوزاء، يزرع في قلب المرأة لقتل الرجال أو يزرع في قلب الرجل ليقتل النساء... واحد من أسرار تنقية النمو المتكاملة و الأخطر في مجال السموم، التقنية المفقودة سديم السم"
معرفة الظلاميون عن تقنية سديم السم جاءت من السجلات القديمة، حتى أنها كانت مقصدا لهم لسنوات طويلة.
في الحرب الأخيرة، اتصل أحدهم بهم مدعيا إمتلاكه لهذه التقنية و أعلن عن رغبته في الإنظمام إلى صفوفهم ، لكن المتصل المجهول لم يظهر في مكان اللقاء.
نظرات المختص في السموم كانت أبلغ من أي كلام، ني بو ساي فهم أنه لا يوجد ترياق و لاعلاجو عليه فقط إنتظار منيته، و رغم هذا فالغريق يتشبث بقشة و يأبى الإستسلام
" أتقول أنني لن أنجوا، أتقول أنني أنا الساحر العظيم الذي يحسب له ألف حساب سيموت مسموما على يد طفل نكرة"
هذه المرة زعيم الظلاميين ساو يي هو من تولى الحديث، و في نيته معرفة المزيد عن صاحب السم
"أخبرنا عن الذي سممك، إذا أمسكنا به فسيستفيد كلانا"
" لا أعرف بالضبط كيف أصفه، كنت أنظر في عينيه و رغم هذا لم أستشعر وجوده و كأنه فراغ"
" فراغ !!، ماذا عن شيء أبسط كأن تصف ملامحه مثلا "
"لديه شبه بأفراد هان، لو لا معرفتي بهم لظننت أنه إبن لقيط لأحدهم، الإختلاف الوحيدأنه يمتلك عيونا قرمزية".
لم ينهي ني بو ساي كلامه حتى تفاجأ بملامح ساو يي الغاضبة ، كان بوسعه رؤية عروق جبينه تتحرك و يسمع صوت أسنانه تطحن و هو يتمتم
"كان سينضم إلي كان قادما ليقف بجانبي، لكن اللعين منعه عني و استولى على جسده"
الرجل الوحيد الذي لم تحذف حقيقة تاي جين من عقله، كانت الدماء تغلي في عروقه حين عرف أن الشخص الذي اتصل بالظلاميين منذ سنوات مدعيا امتلاكه لتقنية سديم السم لم يكن سوى إبنه الوحيد.
ساو يي لم يستطع كتم غيضه بعد معرفة أن الأقدار سيرت إبنه الذي من صلبه إليه، و هذا المدعو السادس سلبه منه ليجعله حاوية لروحه.
من سخرية الأقدار أن ساو يي الغاضب لسرقة جسد إبنه هو نفسه يسكن جسدا غير جسده.
" أنت تعرفه؟"
سألني بو ساي، لكن ساو يي تجاهله مغيرا الحديث
"أتعرف سبب محاولة قتله لك"
" وما أدراني، المجنون قال أنه سيفني كل ساحر عظيم "
ارتسمت على زعيم الظلاميين إبتسامة ساخرة و قد عرف وجهة غريمه التالية ، التفت إلى أحد قادته ليعطي أوامره الجديدة
"يبدوا أن قدومنا لجزيرة الاسلاف لم يكن عبثا في النهاية، أنت عد للمملكة و اجعل الفارس الأسود يستعد لمقابلة الملك المصون، أما أنا فعلي زيارة عائلتي السابقة"