في أقصى الشمال على ضفة النهر.

كيرا الذي تتبع المبعوث الملكي إلى هذا المكان ، إختبا خلف بعض الصخور يتصيد الفرصة.

حتى الساعة لا يعرف كيف تماسك أعصابه و لم يذبح ذلك الوغد داخل السوق، أما الآن و قد وصلوا إلى منطقة نائية فقد اختلف الوضع

"إنه مكان جيد يمكنني قتله و التخلص من جثته دون ان يترك أي أثر، أليس هذا ما تفكر فيه؟"

الصوت العميق الذي رن في أذن كيرا، قارئا أفكاره تسبب في تجميد الدم في عروقه، دون تردد و قبل أن يتبين من خلفه استدار ملوحا بقبضته إلا أنها اخترقت فقط الهواءو لم تصب هدفها

"اوو.... على رسلك أيها القصير، كدت تؤذي هذا الرجل المسكين"

حدق كيرا بالشاب الطويل ، أبيض الشعر ذو الجسد القوي المتناسق، حتى و إن لم يستشعر منه أي هالة فلقب المسكين لا يليق به.

"أنت خادم المبعوث،لن يلومك أحد إذا أنقذت نفسك و ابتعدت"

" كلامك مردود عليك، فقط أخبرهم أنك واجهت حارس المبعوث الشخصي، و لن يلومك أحد"

رفع كيرا حاجبه غير مصدق، كيف لرجل عادي أن يكون حارسا شخصيا

مهما كان الجواب فلن يغير هذا شيئا

*وووش*

لكمة مستقيمة من قبضته اليمنى قطعت الهواء، القصير الذي كان على بعد أمتار قطع المسافة في رمشة ليسدد ضربة مباشرة على أنف خصمه، إلا أن تسديدته تفجرت في الفراغ بعد أن أمال جين رأسه

تبع ذلك لكمة يسارية، و هي الأخرى لم تصب هدفها بعد أن تغير مسارها بلمسة كف من جين

" هجوم مباغت، ليس سيئا، لكن لا تقل أنك تبحث عن نزال عادل و لن تستخدم هيئتك الروحية؟"

لم يرد كيرا، فقط بريق الغضب الذي لمع من عيونه الضيقة أجاب أنه ليس هنا من أجل الحديث.

كيرا أسقط على خصمه وابلا من الهجمات لا يمكن عدها، لكمات مستقيمة و أخرى خطافية استهدفت رأس الخصم و مناطق حيوية من الجسد كالمعدة و الكبد، كذلك ركلات منخفضة هدفت إلى الكاحل و الركبة لتحطيم عظام الساق و إفقاد الخصم توازنه.

من يرى حجم كيرا سيقول قطعا ان قصر قامته هو نقطة ضعفه، و لن يتوقع مطلقا أنه يستغل هذا الأمر لصالحه

في مواجهة من هم أطول منه كيرا كان يلتصق بخصمه أكثر و أكثر، ليسدد ضربات من زوايا منخفضة لا يمكن توقعها.

هذه التقنية التي بذل الدم و العرق لإتقانها جعلته أحد أقوى المقاتلين قريبي المدى و أصعبهم مواجهة.

رغم هذا، و ضد هذا الحارس الشخصي المعروف بالمحارب الأقوى كان هذا الأخير هو الأكثر إبهارا.

و كأنه يقرأ أفكاره و يتوقع كل حركة سيقوم بها خصمه، كل لكمة موجهة إليه إلا و تم تغيير إتجاهها بكف يده أو تجنبها مع أبسط حركة ممكنة.

كل ركلة سددت نحوه إلا و تفاداها برفع قدمه أو القفز خطوة إلى الخلف، إذا كان كيرا هو سيد الهجمات المنخفضة و السريعة فإن جين و بلا منازع سيد التفادي و المراوغة.

في الأخير تراجع كيرا خطوات للخلف لاسترجاع أنفاسه، و يداه لا تزال تشكلان قبضات محكمة إستعدادا للجولة الثانية

" ليس سيئا، أستطيع القول أنك حضيت بمدرب جيد، حان الوقت لتستخدم هيئتك الروحية و إلا......"

" من قال أنني لم أستخدمها"

ببطئ فتح كيرا قبضتيه المغلقتين ليلمع من أطراف أنامله خيوط رفيعة لا تكاد تكون مرئية، ذلك هو تجسيد الهالة حيث يتم تحويلها إلى شيء ملموس.

"تقييد"

ما أن نطق كيرا بالكلمة، حتى تجمد جسد جين الحارس الشخصي في مكانه عاجزا عن أي حركة و الخيوط تلفه كما تلف العنكبوت فريستها.

بنجاح خطته اطلق كيرا تنهيدة طويلة، حدس كيرا أنبأه أن لا يستخف بخصمه فقط لأنه محارب بلا هيئة و كان محقا في ذلك فمهارات خصمه القتالية كانت مرعبة دون ذكر قوته و سرعته التي امتلكها نتيجة التعزيز البدني.

*ها ها ها *

انفجر جين المقيد ضاحكا

"هذه السابقة، لقد تم خداعي..... عادة أنا من أقوم بالخدع"

" كان عليك المغادرة عندما سألتك، الآن سيكون مصيرك نفسه مصير الحارس الشخصي السابق"

منذ سنة واجه كيرا في مجال الأعشاب ساحرا ينتمي لمنظمة التطهير، هذا الساحر كان أحد الذين أسروه و عذبوه في صغره و كذلك الحارس الخاص لتاجر الرقيق الذي أصبح الآن مبعوثا ملكيا.

ببرود تام سحب كيرا قبضته التي شعت بالضوء الأحمر بعد تعزيزها بقوة هالته ليرن صوت أزيز حاد يشبه صوت أسلاك معدنية يتم شدها و سحبها بسرعة لتذبح جسد من تقيده، الغاية من هذا الهجوم لم تكن التقييد بل هي التقطيع، كيرا يهدف إلى تمزيق جسده إلى أشلاء

"هذا يلسع قليلا"

عيون كيرا اتسعت غير مصدقة فشل خيوطه في تمزيق هذا الجسد الفولاذي، و رغم هذا لم يترك المفاجأة تربكه و انتقل مباشرة لهجومه الثاني.

التفت الخيوط حول يده بشكل مخروطي لتتصلب مشكلة رأس رمح من العصور الوسطى.

سحب كيرا يد الرمح إلى خصره ليفلتها مع خطوة الى أمام موجها كل زخمها نحو بطن خصمه المقيد العاجز عن الحركة.

كان الإرتطام قويا كفاية ليطلق دويا مسموعا، و قد رأى عيون خصمه تنقلب إلى بياض .تنفس كيرا أخيرا الصعداء و قد أصبحت الطريق خالية للوصول إلى خصمه

" لا تفرح قبل الوقت"

الصوت العميق المرعب رن في أذنه ، خصمه المقيد وقف ثانية و عيونه القرمزية تفيض بعزيمة القتال و إبتسامته العريضة تسخر من لكمته

*طااااخ *

نطحة من رأس جين نزلت على أنف كيرا، جعلته يعتقد أن مطرقة قد سحقت وجهه كما جعلت الدنيا تدور به لوهلة و عندما استرجع اتزانه كان المنظر الذي في إنتظاره لا يصدق

خيوط هيئة العنكبوت خاصته و التي تعجز السيوف عن قطعها، تم تمزيقها بيدين عاريتين

" يستحيل ان تكون هذه قوة بشري !!"

"إنه دوري"

تماما مثل هجوم لكمة الرمح، استهدف جين بطن كيرا لتهتز كل ذرة في جسده و قد فارقت ساقيه الأرض قبل أن يتسبب زخم اللكمة الجنونية في قذفه عدة أمتار في السماء.

تدحرج كيرا عدة مرات قبل أن يتوقف اخيرا و هوممسك ببطنه و بالكاد يأخذ أنفاسه.

أمال جين رأسه محاولا فهم كيف أن هذا القصير لا يزال محتفضا بوعيه، قبل ان ينتبه إلى الدرع القماشي المنسوج من خيوط العنكبوت الأبيض

" درع جميل، من الممتع رؤية أشخاص يفكرون خارج الصندوق"

معظم المقاتلين يطبقون حرفيا ما جاء في كتب المهارات و الفنون القتالية، نادرا ما يحاول البعض التغيير و التفكير في استخدامات جديدة للهيئة الروحية

" سأريك ما هو أجمل من الدرع"

رفع كيرا جسده المنهك و أشار بقبضته ، الخيوط التي كانت تلف جسده كالدرع اخذت تتموج قبل ان تلتف حول يده لتشكل قفازا ابيض ضخم.

*أيتها النيران الحمراء لبي النداء و حولي أعدائي لرماد*

مع ترنيمة قانون النار لمعت خيوط العنكبوت التي تشكل منها القفاز بشرارة نارية لترسم كرة من الللهب المتفجر

" خذ هذه"

صرخ كيرا، دون أن يعبأ بالمسافة أطلق قفازه الضخم الناري الذي انطلق مثل كرة حديدية خارجة من فوهة مدفع.

جين ضغط بقدمه على الأرض و في نيته المراوغة إلا انه و من العدم ظهر حاجز على شكل درع حربي ضخم ليعترض طريقه، و عندما حاول تغيير اتجاهه رأى خناجر طائرة تستهدفه في النهاية لم يكن أمامه سوى ان يقاطع ذراعيه في محاولة يائسة للدفاع عن اللكمة القادمة

*بووم*

انفجر الهجوم مع موجة صوتية و ارتفعت غيمة من الغبار و الدخان الأسود.

" وصلنا في الوقت المناسب"

تلميذان آخران من تلامذة جين لحقا برفيقهما كيرا، تابو مستخدم الهيىة الروحية الدرع الضخم، و شيرو مستخدم الخناجر.

" ليس سيئا"

"من وسط الدخان كان ظل من تلقى الهجوم لا يزال واقفا على قدميه، و كما يحرر المقاتلون هالتهم لإعلان القتال، أطلق هذا الأخير تعطشا للدم ترتجف له الأبدان

"كلما زاد العدد ، كلما زادت المتعة، فما قولكم؟"


2020/06/11 · 560 مشاهدة · 1165 كلمة
magicien
نادي الروايات - 2024