عيون الجميع اتسعت في إندهاش، مهما كان المرء قويا فبدون درع الهالة يستحيل أن يتحمل جسده الحرارة العالية فما بالك بعمود من النيران الحارقة
لكن كل شيء أصبح واضحا عندما تجلى الدخان ليجدوا جين مدثرا بمعطف من جلد الوحوش.
" الوغد لقد نجى بفضل معطفه الغريب"
" إنه بديل درع الطاقة خاصتي، لكنه يجعلني أتعرق بشدة "
سخر جين و أعاد المعطف إلى مكعبه الفضائي،بينما صر تابو على أسنانه كما شد قبضته على ترسه الضخم الذي بدأ يشع بالضوء الأزرق قبل ان يطلق تلك الهالة في شكل هجوم موجة طاقوية أخدت نفس شكل ترسه.
انفجر هجوم الهالة على جسد جين مجبرا إياه على التراجع عدة خطوات إلى الخلف
"هاجموا دون تفكير فأنا من سيتولى الدفاع عنكم"
انطلق كل من مالك هيئة العنكبوت و مستخدم الخناجر كالبرق، خيوط كيرا كانت الأسرع و راحت تتموج مثل السوط لتلتف حول يده، قبل التعامل مع ذلك كان شيرو يلوح بخنجره و قد صنع قوسا مضيئا مستهدفا رقبة الحارس الشخصي.
جين تفادى بصعوبة الهجوم القاتل و رد بلكمة مباشرة إلا أن قبضته اصطدمت بحاجز شتت هجمته.
كما يستخدم السحرة حاجز المانا للدفاع، بمقدور تابو استخدام هالة ترسه للغاية نفسها .
تابو يدافع، كيرا يعيق و شيرو يهاجم مع وجود هكذا تناسق تم حصر جين في الزاوية و تعطيل قوته البدنية التي هي نقطة قوته الوحيدة.
إلا أنه في اللحظة التي رأو فيها إبتسامته الساخرة أدركوا خطأ اعتقادهم
جين جذب مع كل قوته الخيوط التي تقيد ذراعه و التف حول نفسه ساحبا بذلك جسد كيرا الصغير إلى الهواء و قاذفا إياه نحو شيرو ليطير الإثنان بعد إصطدامهما إلى الخل فلحسن حظهما أن تابو استخدم ترس الهالة و خفف من سقوطهما.
"تشكيلكم ينقصه شخص رابع، مقاتل مع هجمات بعيدة المدى كرامي سهام مثلا"
لم يكن بمقدور الشبان الثلاثة دحض هذه الحقيقة فحتى هم شعروا أن وضعه كان ليكون أفضل في وجود زميلتهم لاو ميني صاحبة هيئة القوس.
لكن الآن عليهم تدبر الأمر بمفردهم و بسرعة قبل أن يتوقف هذا المحارب ذو القوة الجنونية من قياس قوتهم و يصبح جادا.
شيرو الذي استعاد توازنه راح يمدد جسده و يحرك كتفيه قبل أن يشير بخنجره إلى خصمه مستفزا
" علي الإعتراف، من المذهل أ ن يتمكن محارب بدون هيئة من الوقوف ضد ثلاثة مقاتلين، لكن بلا قوانين فلا فرصة لديك"
*تسك، تسك*
مع صوت الأزيز، سطعت شرارت برقية على جسد شيرو، و في اللحظة الموالية إختفى من مجال بصره
'خطوة البرق'
همس جين و قد أدرك أن خصومه قرروا مواجهة القوة بالسرعة.
خنجر شيرو مزق الهواء و حتى مع إمالة رأسه قطعت خصلة من شعره الأبيض ، مع بعض التركيز كان لا يزال بمقدوره رؤية الهجمات و تفاديها،و رغم أ ن البرق الذي راح يلسع جسده أبطأ من حركته، لكن جسده الفولاذي بمقدوره تحمل هذا النوع من الهجمات.
إلا ان الوضع سرعان ما تغير ثانية مع تدخل كيرا و خيوط النار تقيد رجله و تحرقها في الآن ذاته
*بوووم*
لكم جين خصمه البرقي السريع، و تماما مثل المرة الماضية ترس الهالة الخاص بتابو صد ضربته
"الآن"
صرخ تابو، و ضرب ترسه على الأرض فقفز رفيقاه مبتعدين
//أيتها الأرض لبي النداء و اخسفي بالأعداء//
تشققت الأرض تحت أقدام جين و غاصت في الحفرة التي صنعها قانون الأرض.
عيون جين لم تبالي بقدمه العالقة بل كانت تبحث عن مقاتل البرق الذي أخذ من الغبار المتصاعد ستارا ليستهدف عنقه مثل العادة
' هذا أوضح مما ينبغي ، هناك امر خاطئ '
شيرو لم يهاجم لكنه تعمد الظهور أمامه، و حدس جين أنبأه أنهم يخططون لأمر ما و قبل أ ن يتبينه، كان الأذى الذي يخشاه قد تمكن منه
" سهم! "
من لامكان سهم لا تقاس سرعته و لم يترك خلفه صوتا يسمع، لمع من وسط حاجز الغبار، ليخترق جسد هدفه و تتناثر الدماء في الهواء .
آخر ما توقعه جين أ ن يكون بالفعل هناك رامي سهام يتربصه في الخفاء، و يتمكن من تسديد هجوم قاتل نحو عنقه.
في هذا الوضع المتشدد، كان الوقت يمر سريعا أثناء الهجوم إلا انه أصبح بطيئا و هم ينتظرون نتيجة هجوم السهم الصامت للتلميذة الرابعة ، حاملة القوس لاو ميني التي وصلت أخيرا و ليس آخرا.
"الصمت، القانون المفضل لدى المغتالين أليس كذلك؟"
خصمهم الذي يفترض به انه تعرض لإصابة حرجة و قد اخترق السهم عنقه، كان يسأل عن السر خلف السهم الذي لم يسمع صوته.
عندما أبعد جين يده عن رقبته تبين أن عنقه بخير، و أن الدماء التي تناثرت جاءت من كف يده الذي صد السهم بها في آخر لحظة.
إنتزع المحارب أبيض الشعر السهم من كفه و كأنه لا شيء و قد تغيرت الأجواء من حوله، جين قرر أن يصبح جادا
" كان هذا وشيكا، الآن حان دوري.... هياااا"
مع صرخته الحماسية سحب جين رجله من الحفرة التي أسقطه فيها تابو سابقا لتتطاير الحجارة، الحركة الموالية كانت آخر شيء توقعوه
جين امسك حجرين من الحجارة المتطايرة و أرجح يده للخلف، و تماما كالمقلاع قذف الحجر الأول في وجه تابو
*طاخ*
صد تابو الحجر بترسه منقذا وجهه، إلا انه شعر أ ن ذراعه تخدرت و هو يصدها و كأن ما أصابه هو قذيفة مدفع و ليس حجرا.
'اللعنة أ ي قوة وحشية هذه.....الحجر الثاني! ، أين رماه ؟'
ارتجف جسد تابو و هو يتوقع من سيكون المستهدف بالحجر الثاني، لكن حتى قبل أن يحذرهم رن في أذنه صراخ الفتاة مستخدمة القوس
" آآآه "
سماع صوت الفتاة التي كانت مختبأة في إحدى الأشجار أربك الجميع، حتى شيرو الذي كان بالقرب من خصمه التفت إلى مصدر الصوت
"خصمك أمامك ، فأين تنظر؟"
أي خطأ صغير وسط المعركة بمقدوره أن يكلف صاحبه الكثير، و خطأ شيرو هذه المرة هو خطأ قاتل.
في مواجهة نية القتل الخانقة و التي ارتفعت كموجة هائجة لا هوادة فيها، جسد شيرو أصبح مشلولا تماما كضفدع في مواجهة أفعى .
..... إنه الموت يحدق به....
" مؤ.....مؤلم..... صدري.... يؤلمني"
// أسبق لك ان رأيت أحدا ينتزع قلب مقاتل من عالم الإنصهار من صدره بيدين عاريتين//
كلام الجاسوسة عين السماء رن في أذنه و كأنها تحدثه في الحين، هذه الذكرى جعلت العرق البارد يجتاحه.
ببطئ أنزل شيرو عينيه إلى صدره ليرى الدماء تتدفق بجنون كالشلال، قبضة خصمه إخترقت صدره و قبضت بقوة على قلبه لتنتزعه
.
.
.
.
.
.
" شيرو.......شيرو، تحرك أيها الأحمق"
و كأن الغشاوة زالت عن عينه، شيرو وجد نفسه ملفوفا بالخيوط و جسده كان يحلق في الهواء بسبب كيرا الذي قام بسحبه.
كذلك خلف كيرا يقف تابو بترسه يحمي ميني التي تضررت ساقها من الهجوم السابق.
رغم هذا فتنفس شيرو لم يكن منتظما و جسده كان لا يزال يرتجف ، غير مستوعب ما يحدث تلمس صدره ليجد سليما و قلبه لا زال في مكانه و لا يزال ينبض.
'أي تعطش للدماء هذا؟'
شيرو أ درك حقيقة أن ما رآه ليس وهما و لا مهارة ، إنها ما يعرف با لتعطش للدم ، شيء لا يكتسبه سوى من خاض عددا لا يحصى من المعارك الدموية.
أما بالنسبة لحا ملة القوس لاو ميني التي تم رميها بالحجارة، فحالها لم يكن أفضل من حاله فعجزها عن الوقوف لا يعود لإصابة ساقها بل لرؤية نفسها جثة هامدة و قد صنعت الحجارة التي قذفها بها ثقوبا كالجبنة السويسرية، و محاولة تابو للتخفيف عنها لم تجدي نفعا.
عند مواجهة خصم يفوقك قوة فإن الخبرة هي من ستمنح المقاتل الشجاعة للمواصلة.
نقص خبرتهم و عدم خوض نزالات حتى الموت هي نقطة ضعفهم و الخصم تمكن من استغلال هذه النقطة لزرع الرعب في قلوبهم و تدمير عزيمتهم و الآن و رغم أن العدو يقف بثبات أمامهم أجسادهم تشنجت.
" أهذا كل ما لديكم ؟، يبدوا أ ن مدربكم لم يكن جيدا كما ظننت"
تغيرت الأجواء فجأة على ذكر المدرب، ليس فقط شيرو حتى الفتاة ميني تغيرت النظرة في عينيها و وقفت على قدميها
" آسفة على تخاذلي، أعدكم أن سهامي ستخترقه هذه المرة"
"خدعة جميلة، لكن تعطشك للدماء ليس سوى نسمة عابرة أمام غضب سيدي"
تحدث كيرا و تبعه شيرو و من ثم تابو
" أن تكون مقاتلا فيعني أنك مستعد لأن تقتل أو يتم قتلك،فلا تظن أننا نخشى الموت"
" هاجموا بلا تردد، و دعوا الدفاع علي"
رغم أن ذكرياتهم قد تغيرت،فإن الولاء المتجذر في قلوبهم لم يتأثر،الفتيان الأربعة وقفوا في وجه الخطرمع عزيمة لا تنثني.
موقفهم جعلت شفاه جين تنحني عن ابتسامة إعجاب، و راح يمدح نفسه دون علم
"لدي الآن فضول أكبر لمقابلة معلمكم،و أيضا........هااااا"
توقف جين وسط حديثه و تأوه مستغربا، بسبب الظل الضخم الذي ظهر فوقه من العدم و قام بتغطيته
*بووم*
مع سقوط الجسم المتسبب في الظل، اهتزت الأرض و تراجع جين إلى الخلف محاولا تبين ماهيته.
"أقدام!!...... عملاق!!"
"عملاقة، ألا تميز عيونك المرأة من الرجل؟"
ما سقط فوقه و كاد أ ن يسحقه لم تكن سوى العملاقة القادمة من مركز الأطلال دياني.
"تراجعوا، سأتولى أنا أمره"
المتحدث هذه المرة كانت فتاة مع صوت جميل و وجه أجمل، حلقت مع جناحين شفافين و قد ارتفع شعرها القرمزي متموجا في الهواء
" عملاقة و جنية، من سيأتي بعدكما ....... فتاة ظل!؟"
أ طلق جين نكتة ساخرة قبل المواجهة ، جاهلا أن المعركة المحتدمة ستكون مع المرأة التي يحبها.