" كيرا، ألا يبدوا لك هذا المحارب مألوفا ؟"
سألت دياني و هي تشير إلى خصمهم، إلا أن كيرا الذي يشعر بالذنب من جر الجميع إلى هذه الفوضى التي أدت بإصابة لاو ميني لم يرد على سؤالها.
ليان رمقته بنظرة خاطفة و كأنها قرأت أفكاره، و بتلويحة من يدها رفرفة بتلة زهرة اللوتس لتسقط على ساق فتاة القوس المصابة،في ثواني تم معالجتها و كأن لا ضرر قد لم بها سابقا.
بتلة الشفاء، واحدة من قدرات هيئتها النادرة قديس جناح اللوتس.
"هل من الصواب عدم التدخل، فليس بمقدورها استخدام ورقتها الرابحة"
سأل شيرو ملمحا لقانون قديس جناح اللوتس الأقوى، الإنعكاس و الذي بمقدوره عكس أي هجمة قانونية أو سحرية على صاحبها، كون من تواجهه محارب يعتمد فقط على جسده و لا يمتلك هجمات يمكن عكسها فهو بالتأكيد الخصم الأصعب.
من سخرية الأقدار أنه لو كان جين بكامل قوته الروحية و السحرية لإختار نزالها بقوته الجسدية فقط بسبب هذا القانون.
"نحن نتحدث عن ليان هنا"
بكل ثقة أجابت ميني، لترتفع أمال الجميع مترقبين نتيجة المعركة.
مرت الثواني بطيئة مع صمت رهيب لا يسمع فيها شيئا، و رغم أنه في الظاهر يبدوا و كأن الخصمان واقفان قبالة بعضهما البعض دون أن يحركا أصبعا واحدا، فهما في الواقع قد بدآ القتال في ذهنيهما و كل منهما يقيس قوة خصمه و يحاول توقع حركته القادمة.
*وووش*
ليان كانت أول من تحرك و بسرعة لم تستطع العين مجاراتها قطعت المسافة الفاصلة بينها و بين جين لترمي بلكمة حادة قطعت الهواء ، حتى بعد أن تفاداها كان لا يزال صوت حفيفها يرن في أذنه، الأجنحة الشفافة على ظهر القديسة و التي تشبه بتلات الزهور ليستا للطيران و حسب بل بإمكانهما مضاعفة سرعتها أيضا.
سقطت الهجمات على جسد جين كأمطار في منتصف الليل، بمقدورك سماعها لكن لا يمكن رؤيتها و بطبيعة الحال لم تستمر المراوغة طويلا قبل أن تصيب هذه الضربات هدفها
" أحسنت ليان، استمري"
صراخ التشجيع لم يؤدي بمفعوله فملامح ليان لم تكن لشخص منتصر، و كذلك ملامح خصمها لم تكن لشخص منهزم
" لا ضرر، كلها ضربات خفيفة"
شدت ليان قبضتها و هي تحاول استرجاع أنفاسها المهدورة، فبالرغم من أنها تمكنت من إصاباته إلا أن خصمها كان يحرك جسده في نفس إتجاه الهجوم مشتتا معظم زخمها.
"ليس سيئا أيتها الجنية، و الآن جاء دوري"
مع إنحاءة بسيطة أخذ جين وضعية الهجوم، و بإستغلال قوة ساقيه و مرونة عضلاته قذف جسده للأمام ليقطع المسافة في لحظة و يرمي بلكمة محطمة للحجارة و الصخور
*بوووم*
إهتزت الأرض بعد دوي إصطدام القبضة بحاجز غريب الشكل و أقصى من الفولاذ
جين تراجع إلى الخلف ملوحا بيده المتورمة حدق في الحاجز و هو ينفخ عليها محاولا تخفيف الألم
"هذا مؤلم..... الطيران، السرعة، العلاج، الدفاع،كم قانونا تمتلكين يا فتاة؟ أمتأكدة انك لست ساحرة !؟"
نظر جين إلى الحاجز الذي تقلص ليصبح بتلة من بتلات زهرة اللوتس، ثم إلى جناحيها اللذان بدورهما على شكل بتلات ، و خدش رأسه متذكرا أن ما استخدمه سابقا لعلاج فتاة القوس هو كذلك نفس الشيء
"بتلات من زهرة اللوتس!!،أهذه هيئة قديس الجناح؟"
"ليس من شأنك؟"
في رمشة عين اختفت ليان من مدى بصره ليرى قبضتها تقع على وجهه، و تماما كالمرة الماضية أدار جين رأسه لتخفيف الضرر إلا أن هذه المرة كانت مختلفة.
قبضة ليان تم لفها بهالتها المميزة، و قبل أن يستوعب الأمر كان جسده يحلق في الهواء بفعل الإنفجار الذي دوى على خده.
لأول مرة،المحارب الأقوى هوى أرضا في قتال متلاحم
على اختلاف الهيئات الروحية تختلف ألوان الهالات المطابقة لها ، من الأزرق لهيئة السلاح، الأحمر لهيئة الوحوش وصولا إلى المانا و لونها اللازوردي.
بالنسبة لليان و تماما كهيئتها الاستثنائية، امتلكت هالة مختلفة عن الجميع، واحدة باللون الأبيض مع ميزة إضافية ألا و هو الإنفجار.
"كيرا، ما كان هذا؟ ،لم أعرف أن ليان تمتلك قانونا هجوميا عدى الإنعكاس؟"
سؤال دياني لم يلقى جوابا من كيرا ، فهذا الأخير استغل انشغال الحارس الشخصي بالمعركة و انطلق مباشرة خلف الهدف الذي جاء من أجله.
" لا أصدق هذا ، بعد كل ما مررنا به لا يزال خلف المبعوث"
تذمرت ميني، قبل أن يقوم تابو بتوضيح الأمر
" أنت مخطأة، هو خلف المبعوث لكن ليأخذه كرهينة و يجبر حارسه على التراجع"
بما أن كيرا قرر تصحيح الوضع على طريقته، قرر رفاقه أن يثقوا في قراراته، أما دياني فعادت تسأل ثانية
"ذلك الإنفجار السابق، هل هو قانون؟"
" هذا ليس قانونا إنه......."
"حمقاء"
قبل أن يكمل شيرو كلامه، و يجيب بالقول أن هالتها المتفجرة كانت موجودة حتى قبل حصولها على زهرة جناح اللوتس ، تفاجأ بصراخ جين الغاضب و الذي توجه مباشرة نحو ليان، هذه الأخيرة ظنت انه سيرد عليها الهجمة فشكلت من فورها حاجز البتلة.
لتتفاجأ بأن خصمها تفادى الحاجز بطريقة ما ليقف قبالتها ممسكا بيدها و راح يتفحصها بعناية
" أيتها الحمقاء هل أنت مجنونة ؟، كيف تنفذين هجمة كهذه دون أداة مساعدة"
سحبت ليان يدها في عجالة و راحت تشاجر متمتمتا و محرجة
" ما ..... ما.....ما الذي تفعله؟"
عاد جين ليمسك بيدها و هو يأمر بحزم
" اخرسي و ابقي هادئة، أنا لست عدوكم لقد كنت فقط أحاول قياس قوتكم، و بالتأكيد لن أسمح لأفضل طباخة في العالم أن تؤذي يديها"
احدى شظايا جين و التي كانت تمتلك قواه السحرية واجهت الساحرة العظيمة زي يون و خطيبها نويان، و هذا الأخير ذكر مهارة ليان في الطبخ و عندما تحطمت الشظية انتقلت معرفتها إلى أقرب شظية لها.
رفعت ليان حاجبها مستغربة كيف لهذا الغريب في الأرض البعيدة أن يعرف الكثير عنها، كانت لتسأله لكن الشعور الدافئ في يدها و الذي لسبب مجهول جعل مشاعرها تضطرب كذكرى جميلة كانت غائبة عن بالها.
بسرعة سحبت يدها و قد اكتست خدودها النضرة حمرة كالكرز الناضج.
"يداي لن تتضررا بهذه البساطة"
"من أين بإعتقادك تأتي تلك الإنفجارات ألا تعلمين أن الهالة البيضاء هي طاقة غير مستقرة"
" ما الذي تهذي به، لقد استخدمت هذه الهجمة مئات المرات من قبل"
" هذا عندما كانت هيئتك عديمة الشكل و طاقتك ضعيفة، أما و قد تم تشكيلها لجناح اللوتس و ارتقيتي لعالم الإنصهار فقد تغير الوضع، ، انظري لقد ارتد الهجوم عليك و تورم معصمك."
" أنا بخير، و معصمي أستطيع علاجه"
"المشكلة ليست في الإصابة، إرتداد الطاقة يتسبب في أضرار لخطوط الطول بالجسم و يدمر النقاط الزوالية، و هذا النوع من الإصابات لا ينفع معه حتى سحر العلاج"
"آنت من أين لك أن تعرف كل هذا عني؟"
"المبعوث يمتلك معلومات مفصلة عنكم، و بالنسبة للهالة البيضاء..... فأنا لا أتذكر"
تنهدت ليان و لسبب مجهول شعرت انه صادق و لا ينوي ضررا فسألته
"ما العمل إذا مع هالتي المتفجرة؟"
"مستقبلا يجدر بك استخدام سلاح و تحرير هالتك من خلاله، بما أنك تجيد استخدام قبضتك فهذا سيكون مناسبا"
جين أخرج من مكعبه سلاحا يعرف باسم المفصلة الحديدية، و هي عبارة عن قطعة معدنية بها فتحات للأصابع و نتوءات قتالية.
و هذا النوع من الأسلحة الخاص بالعصابات بالتأكيد ليس ما يفضله الفتيات، و لن يجول في خاطر أحدهم مطلقا تقديمه كهدية لفتاة.
"شكرا"
عيون البقية تحولت إلى نقاط و هم يحدقون في ذهول مع عقول فارغة
" ما الذي يحدث هنا؟، هل أهداها مفصلة حديدية"
"لماذا ليان العنيفة مع الرجال عادة، تقبلت هديته ؟"
"لماذا أساسا أصبح الوضع هكذا، ألم يكونا يتقاتلان قبل لحظات..... "
أصاب الجميع الإرتباك و راحوا يحدقون ببعضعهم البعض متسائلين عن نوايا من يعرف بلقب المحارب الأقوى.
لحسن الحظ ليان أفاقت سريعا لإعادة الوضع لمجراه الطبيعي، غير أنها بدل إستعمال قبضتها هذه المرة تحاول التفاهم معه عن طريق التحاور
" نحن نعلم عن الحبوب الأرجوانية، إذا وضعت ثقتك بنا فنعدك أننا سنجد العلاج و ستتحرر أخيرا من قبضة المبعوث"
في نظر ليان فإن جين هو أحد ضحايا مشروع الدمى، فرجل مثله يستحيل أن يقبل بخسيس كالمبعوث الملكي سيدا عليه لولا سقوطه في فخ الإدمان .
الحصول على مضاد للحبوب الأرجوانية لديه الأولوية القصوى في خطة كال مينغ
"أعتقد ان هناك سوء تفاهم، أنا لست مدمنا و لست عبدا للمبعوث ، في الحقيقة إنه عبدي و أنا سيده "
.....
.....
.....
"........ عفوا، هل قلت أنك سيده !؟........"
=====
صورة سلاح المفصلة