كيرا الذي استغل انشغال الحارس الشخصي في معركته ضد قديس جناح اللوتس ذهب خلف المبعوث الملكي، تسلل إلى المبنى المتواجد على ضفة النهر.

المبنى هو عبارة عن مستودع خاص، يستخدمه كبار التجار لشحن البضائع النادرة و الغالية، المخصصة لعلية القوم من الأثرياء و النبلاء.

إلا أن البضائع هذه المرة لم تكن ذهبا و لا مجوهرات، و لا حتى أدوات نادرة.

" ما الذي يجري هنا بحق الجحيم؟"

حدق كيرا غير مصدق بعشرات الفتيات الجميلات من مختلف الأجناس، للوهلة الأولى خطر في باله أن عدوه عاد لتجارته القديمة في بيع الرقيق، لكن و مهما دقق النظر فحالة الفتيات الصحية الجيدة، و لباسهن الفاخر و أصوات ضحكاتهن و هن يتسامرن لا تقول أنهن أسيرات.

* آآه*

صوت صراخ فضيع لرجل يتألم بشكل جنوني، جعل الفتيات يجفلن، قبل أن تتذمر فتاة مع أذان الكلب

" تلك السادية لن تغير عاداتها، إذا لم يعد السيد قريبا فسيموت شخص آخر تحت يديها"

"بالتأكيد لا أتمنى حدوث ذلك ثانية، فالموت راحة لهؤلاء الأوغاد"

اكتفى كيرا بهذا القدر ليكمل تسلله متجها صوب مصدر الصراخ،بحركة رشيقة دخل من النافذة و اختبأ خلف أحد الصناديق، وهناك رأى منظرا لن ينساه لبقية حياته.

في منظر تقشعر له الأبدان و يبث الرعب في نفوس أشجع الرجال و يسلب النوم من عيون أي كان.

تم تقييد رجل في الخمسين من أطرافه الأربعة على طاولة مستطيلة صبغت بدماءه المتخثرة الحمراء ، و قد تم شقه جسده طوليا من وسط صدره حتى بطنه حتى ظهرت للعيان أعضاءه الداخلية.

* آآآه*

صراخ الرجل الذي لم يمت بعد كل ما مر به جعل قلب كيرا يسقط في قدمه

'إنه ذلك اللعين،ما الذي يحدث هنا؟'

المشهد الصادم أربك كيرا بالكامل، الرجل الذي جاء خلفه هو نفسه من يتم تشريحه و إخراج ما بجوفه، كما قد سحبت أمعاءه من بطنه مثل ما يسحب الحبل من البئر.

مرارا و تكرارا رأى نفسه يقتله ، رأى نفسه يحطم عظامه و يمزق جسده بخيوطه، لكن ما يراه الآن جعله يدرك أنه حتى في أسوء تخيلاته كان لا يزال رحيما في إنتقامه، و هذا النوع من التعذيب لا يفكر فيه إلا ذو عقل مريض.

تردد صدى أصوات الصراخ المكبوتة و اليائسة عمت الغرفة، فلم يكن المبعوث الضحية الوحيدة فهناك رجلان آخران في حالة مزرية تم تقييدهما على الحائط بتسمير أيديهم ، و كذلك قد تم تكميم أفواههم و قطع جفون أعينهم.

هؤلاء هم المتفرجون يشاهدون من سكات في إنتظار مصيرهم المحتوم.

" هذا كل شيء الآن، لنأخذ إستراحة قصيرة"

أمام طاولة التشريح، تنهدت بطلة القصة و صاحبة المشهد الدموي المرعب، كانت تنهيدة طويلة و عميقة، مثل تلك التي يطلقها المرء بعد إنتهاء يوم شاق من العمل المتواصل

وضعت الفتاة الخنجر الذي يقطر بالدماء على الطاولة، لتنزع القفازات و الكمامة المصبوغة باللون الأحمر، لتكشفملامح وجهها عن عيةن لامعة و إبتسامة عريضة تفيض بشعور المتعة و النشوة و الرضى.

الأكثر غرابة في هذا السيناريو الغير متوقع، و الذي سبب صدمة لكيرا هو أن وجه هذه السفاحة عاشقة التعذيب هو نسخة طبق الأصل لولي عهد المملكة تورا تيان و كأن هذه الفتاة هي أخته التوأم.

المفاجأة جعلته يجفل و يكشف عن غير قصد مكانه لتلتقي عيونه مباشرة بالفتاة السادية التي تلعب دور الجراحة

"كيرا !!، هذا فعلا أنت "

اتسعت عيون كيرا في إستغراب، الفتاة التي تمتلك وجها مطابقا لتورا تيان و التي كانت مستمتعتا بتمزيق و إخراج ما في جوف ضحيتها، اكتشفت أنه يتجسس عليها و بدلا من الغضب كانت فرحة برؤيته و قد تعرفت عليه.

خرج كيرا من مخبئه، و قبل حتى أن يسأل من أين لها أن تعرفه؟

قفزت عليه لتجذبه إلى صدرها و تحضنه بكامل قوتها.

"لقد اشتقت إليك كثيرا يا فتى ، هل ازداد طولك مؤخرا ؟"

التمتع بعناق سيدة جميلة هو حظ ما بعده حظ، و أي شاب سيتمنى أن يكون مكانه و سيحسده، لكن ليس كيرا فملامح النشوة و السرور التي كانت على وجهها قبل قليل هي مثل كابوس مرعب علق بذهمه وسيطارده في أحلامه لليالي ممتابعة.

جسد كيراكان يرتعش لكن ليس بسببها، بل لأن حاسته العنكبوتية أنبأته بإقتراب كارثة أعظم.

" كيرا، ما الذي يحدث هنا؟؟"

صوت دياني الهادئ كان مثل سيف قاطع سقط حده على رقبة كيرا، في ثانيتها قفز دافعا من احتضنته بعيدا و راح يبرر نفسه

" أنا لم أفعل شيئا، أنا حتى لا أعرف من تكون؟"

" اووو، أنت لم تفك عقدة لسانك و حسب، بل تمكنت من إيقاع العملاقة الجميلة في حبالك أيضا"

عقدة اللسان هي إشارة لماضي كيرا عندما كان صامتا لا يتحدث ، و هي معلومة لا يفترض أن يعرفها شخص غريب، كما أنها بسهولة عرفت جنس دياني، كل هذا جعل كيرا حائرا من أمرها.

في هذه اللحظة وصل جين، و كذلك بقية مجموعة النجمة السماوية.

و بالطبع نفس ملامح الذهول ارتسمت على وجوههم من فضاعة المشهد، حتى أن لاو ميني استفرغت ما في جوفها.

" ميني اللطيفة، لا تزالين رقيقة القلب كما عهدتك.... تابو، شيرو لقد ازددتما وسامة عن ذي قبل"

بينما كانت طبيبة التشريح ترحب بهم، كانوا جميعهم حائرين من شبهها الكبير بتورا تيان و من ترحيبها الحماسي و كأنها تعرفهم.

عيون الفتاة وقفت عند ليان قبل ان تنهمر بالدموع و تقفز عليها و تحضنها

"ليان....... ليان...... لقد افتقدت كثيرا"

"مستحيل هذه أنت؟؟، لكن كيف؟"

ليان هي الوحيدة التي تعرفت على الفتاة الغامضة، لكن البقية بدى كأن عليهم أن ينتظروا مرور عاصفة البكاء لسماع شرح ما يحدث هنا، استغل كيرا الأمر لتوضيح سوء التفاهم مع دياني

" هذا تماما ما حدث معي"

استمر صوت بكاء لدقائق، لكنها فجأة توقفت و السبب هو نية القتل المرعبة التي أطلقها المحارب الأقوى

" ما الذي كنت تفعلينه بالمبعوث ؟"

ارتجف جسد طبيبة التشريح عند سماع صوت جين، فأخفضت نبرتها متصنعة البراءة

" لقد كنت أحاول التحقيق معه، و تحمست قليلا..... عزيزي"

"أتسمين العبث بأحشاء الآخرين حماس أنت بالفعل سادية مجنونة"

" آسفة، عزيزي"

"تان سو ، توقفي عن مناداتي بعزيزي"

*تاااااان سوووو*

صرخ الجميع في ذهول، بالنسبة لكيرا فقد تذكر أخيرا أين رأى تلك التعابير الغريبة، إنها نفسها صديقتهم الساحرة و المعروفة معروفة بطبعها السادي و حبها للرؤية الدماء.

بقي السؤال الأهم لماذا الساحرة من المعهد التي اختفت منذ أكثر من سنة و التي جاؤوا خلفها تقف أمامهم بوجه غير وجهها


2020/06/21 · 539 مشاهدة · 970 كلمة
magicien
نادي الروايات - 2024