كان الجميع يحاول إستعاب الذي يحدث هنا، في اللحظة التي كانت ليان ستفتح فمها و تسأل عن سر تحول تان سو إلى هذا الوضع، سبقتها صرخة ميني و هي تشير إلى الجثة الموجودة على لوح التقطيع

" أليس..... هذا هو المبعوث الملكي؟؟"

الوجه المتورم و المحتقن بفعل التعذيب، غير من ملامحه لكن و مع بعض التركيز تبين لهم فعلا أنه المبعوث الملكي، و من الطبيعي أن تنهار ميني فالمبعوث يمثل كلمة الملك و إهانته تعتبر إهانة الملك شخصيا، فما بالك بقتله و التنكيل بجثته.

"الإعدام.......سيتم إعدامنا جميعا"

ندبت لاو ميني حظها و هي تحدق في الجثة المشرحة

" لا داعي للقلق سيكون بخير، هذه ليست أول مرة أقطع فيها جسده"

أمام الجميع حدث أمر أقرب إلى الخيال، الأمعاء التي كانت مبعثرة على الطاولة عادة لمكانها و الجسد الممزق أخذ يصلح نفسه من تلقاء نفسه، الشق الذي امتد من صدر المبعوث حتى بطنه اختفى و كأنه لم يكن موجودا

*آآآه *

صرخ من كان يبدوا كالجثة قبل قليل، مع وجه يقطر من الألم و البؤس، كان يتخبط على الطاولة التي تم تقييده بها كالدجاجة المذبوحة حتى تقوس ظهره لدرجة لا يمكن تصورها، أنفاسه كانت ثقيلة و بطيئة و قد اختلطت مع تأوهاته و صياحه.

بعد دقائق طويلة من التلوي و العذاب، استرجع المبعوث أخيرا أنفاسه ملتفتا إلى جين بعيون دامعة متوسلة

" سيدي أرجوك ، أعفي عني، دعني أرحل و أقسم أنك لن ترى وجهي ثانية"

" بالطبع و لما لا سأطلق سراحك، لكن أجب عن سؤالي أولا......."

على الرغم أن جين كان يعاتب سو قبل قليل لما فعلته بالمبعوث، إلا أنه في اللحظة التي سمع فيها توسلاته اختفى أي تعاطف مسبق، ملامحه أصبحت باردة كالجليد و صوته أصبح يثير الرعب في النفوس

"هل سبق لك و أن استمعت لتوسل العبيد و توقفت عن تعذيبهم؟"

المبعوث الملكي و هو يسمع هذا السؤال، كشفت عيونه عن شيء هو نفسه لم يعلم أنه يمتلكه، إنه الندم، و ما نفع الندم بعد فوات الأوان.

كل شيء بدأ عند محاولته لتجنيد الرجل الذي عرف بإسم المحارب الأقوى، لكن هذا الأخير قلب الطاولة عليه، لم يتناول الحبة الأرجوانية و سحبه إلى الساحرة المجنونة لتجعل منه عبدا له.

و هكذا و طوال الشهور المنصرمة، تذوق المبعوث من كأس العبودية التي سقاها للآخرين، الذل ، المهانة و التعذيب ، كل شيء عاد عليه بشكل مضاعف إنها ما تسمى العاقبة الأخلاقية.

" سو، ما رأيك ألا ترغبين في معرفة حدود حبة الإنعاش التي تناولها "

وجه تان سو أضاء من البهجة، قبل أن يصيبها الإكتئاب، عند سماعها لجين و هو يقترح نفس الأمر على شخص آخر

" ماذا عنك كيرا، جئت كل هذه الطريق لأجله فما قولك؟"

" مهاراتي في التعذيب صدئة و تسليمه إلي سيكون رحمة له، تان سو إنه لك و عندما تملين من تقطيعه أبلغيني لأقطع له تذكرة إلى الجحيم"

فرحا بقرار كيرا لمعت عيون سو و هي تنظر إلى أصدقائها الذين اشتاقت لرؤيتهم و سماع أخبارهم.

"علي التواصل مع رفاقي و معرفة أحوالهم أولا، عزيزي المبعوث على مرحنا أن ينتظر، لا تقلق لن يطول إنتظارك؟"

=========

حدق الجميع في تان سو بإنتظار تفسيرها،مع وجهها الجديد بدت كشخص غريب عليهم، لو لا أن ليان التي لديها إحساس مرهف للهالة أكدت لهم أنها نفسها سو خاصتهم لما صدقوها.

" أولا هل أخبركم كال مينغ عن ....."

خدشت تان سو رأسها قبل أن تهمس بآخر كلمة

" فصيلتي"

"كونك حورية بحر"

أجابت دياني، و أومأ البقية بالإيجاب

" فقط من أجل التحديد، هل أنت حورية أم سايرن ؟"

لم يستطع شيرو إلا أن يتساءل، بعد رؤيتها تستمتع بالتعذيب و ملامح النشوة تغمر وجهها ، تحطم حلمه الرومانسي عن الحوريات و حلت محله قصة دو باي المرعبة عن مخلوقات السايرن التي تغري البحارة بصوتها لتلتهمهم.

" سايرن!!، لم أسمع عنها من قبل ماذا تكون؟"

" دعك من ذلك، إنها فقط النسخة الخاصة بدو باي عن حوريات البحر"

"اششش، أخفض صوتك، لما بإعتقادك أرتدي هذا الوجه "

أغلقت سو فم شيرو بكلتا يديها، فالمكان يعج بالفتيات الأسيرات و قد تسمعهم إحداهن، واضح أنها تريد إخفاء هذه الحقيقة بالذات

"قبل حتى إنضمامي إلى المعهد تعرضت لإصابة شديدة منعتني من العودة إلى شكلي الأصلي،لمدة طويلة اعتقدت أنني سأعيش كبشرية لبقية حياتي، إلا أن أعلن مزاد الهاوية عن حصوله على دواء أسطوري يعرف بحبة الإنعاش، إذا لم تفارق الروح الجسد، فبمقدورها ترميم العظام التي تحولت إلى مسحوق و تجديد الأعضاء المدمرة، لقد بعت كل كنوزي و عملت جاهدة بلا توقف لضمان أني أمتلك المال الكافي لشرائها و فعلا تمكنت من الحصول عليها إلا أن هناك من كان يخطط للحصول على الحبة لنفسه و دون ان يدفع مقابل"

تنهدت سو و من ثم راحت تشرح كل شيء عن الدواء

"حبة الإنعاش هذه ليست دواءا عاديا، إنها مزيج بين الطب و السحر ،و هي لن تذوب في المعدة بل تنتقل آنيا إلى عالمك الروحي و تستقر هناك، بمجرد أن قمت بتنشيطها عالجت إصابتي القديمة كما تم تنقية جسدي من كل الشوائب،و رغم ذلك كان لا يزال بها من الطاقة العلاجية ما يكفي لإنقاذي في حالة إصابة حرجة و إقتربي من الموت"

كان الجميع مذهولا بوجود دواء كهذا، إنه شيء لا يصدق و يشبه الأساطير، و لو لم يرو بأعينهم كيف تجدد جسد المبعوث بعد تشريحه لما صدقوا بوجوده، و هنا كان السؤال

"لكن كيف وصلت الحبة إلى يد المبعوث؟"

" العالم الروحي ليس منيعا كما تعتقد، هناك مقاتلين و سحرة بمقدورهم إختراقه "

سأل شيرو، ليجيبه كيرا الذي كانت لديه تجربة مماثلة، رفيق دياني المدعو ديكل لديه قدرة مشابهة و نيرانه البنفسجية بمقدورها الوصول إلى العالم الروحي و مهاجمة الهيئة الروحية في معقل دارها.

"أصبت، بعد المزاد مباشرة تم أسريو قامت ساحرة روحانية مع أداة سحرية بإختراق عالمي الروحي و إنتزعت الحبة مني"

تان سو عادت لا إراديا إلى تلك الذكرى المؤلمة، في تلك الغرفة المظلمة الباردة لا أحد سمع صوت صراخها بسبب الألم الذي لا يتحمله مخلوق،و ذلك السراج غريب الشكل المزخرف بالجماجم يسحب روحها عن جسدها عنوة ليقع جسمها إلى الأرض و قد عاد إلى حالته الأصلية و أصبح نصفها السفلي سمكة.

صوت تان سو ارتجف هذه المرة و هي تكمل سرد روايتها

" لو كنت بشرية مثلكم لإنتهى الأمر بي ميتة لا محالة، لكن حقيقتي كشفت و تمأسري و ختم قواي"

صرت تان سو على أسنانها و تغيرت ملامح وجهها قبل أن تضيف

" الكائن الأسطوري، سليلة المنقذة، آخر الحوريات، .... ألقاب، ألقاب، ألقاب، الأوغاد جعلوا مني دمية للإستعراض ، و نسجوا عني عشرات القصص السخيفة و كل هذا بهدف ترسيخ فكرة أنني جئت هنا لإختيار الملك المستقبلي، لولا جين لبقيت دمية لهم إلى الأبد"

قصة تان سو التي لا تصدق تركت الجميع مصدومين، الفتاة عانت الأمرين في الفترة التي غابت فيها عنهم.

2020/06/21 · 560 مشاهدة · 1051 كلمة
magicien
نادي الروايات - 2024