" سلاحي العزيز، هدية زوجي الحبيب، سأنظفك جيدا"
ليان حدقت في السلاح بذهول، لم تتوقع يوما أن تراه على أرض الواقع
" هذا مسدس، سلاح من العالم الآخر"
"و أي سلاح"
حك جين خده المتورم متذكرا ألم الطلقة الضوئية التي أصابته.
" أيتها الشقراء الغبية، ما الذي تصنعينه، فلتقضي عليهم فورا "
جثة الساحر كانت متفحمة بالكامل، و رائحة اللحم المحترق الكريهة التي نثرتها الرياح لا تطاق، و رغم هذا وقفت الجثة على قدميها و بدأت في الصراخ.
" بالفعل يصعب قتل شخص ميت من الأساس"
" فلتقتليهم.......رغم أن سيدي سيحزن عليك يا فتاة فقد كان يتأمل منك الكثير حتى أنه جاء بنفسه لمقابلتك"
عيون ليان اتسعت في غير تصديق
" مستحيل، الملك السماوي هو نفسه............"
-----------------
في الوقت ذاته في فندق مدينة أكواليا
كال مينغ بقي مصدوما لرؤية الضيوف الغير متوقعين،و أكثر ما أدهشه هو طريقة تصرف هان جيان، و الذي وقف بجانب ولي العهد تورا تيان و كأنه تابعه المخلص جعله يعيد كل حساباته
"عفوا!!، ماذا قلت؟"
سأل كال غير مصدق ما يسمعه من فم من يعتبره صديقه و قدوته و مثله الأعلى
"ممالك البشر تتراجع و قريبا جدا ستنهار، فالظلاميون و المطهرين من جهة، و فساد الملوك و جشع النبلاء في جهة أخرى،حان الوقت لتوحيد الممالك الثلاث تحت راية واحدة، و النهوض بالجنس البشري ليحكم عالم ألتانيا بأسره"
بعد الخطاب الحماسي الذي ألقاه هان جيان أشار هذا الأخير إلى ولي العهد و أضاف
"إنه الوحيد القادر على تحقيق هذا الحلم، أنا قد تعهدت بالولاء له، و أسألك بصفتي صديقا لك أن تقف بجانبنا"
كان كال مينغ لا يزال يحاول إستيعاب ماذا يجري، فلو وضع مسألة جيان الذي أحنى رأسه على جنب،لا تزال مسألة اختياره لتورا تيان بالذات غير منطقية، فهو أصلا مجرد نبيل صعد إلى العرش عن طريق الزواج بإبنة الملك، دون ذكر الفضائح الأخرى.
لاحظ من يدعي أنه ولي العهد إرتباكه، فابتسم قائلا
" مينغ، أنت من سلالة تايمينغ و هذا يجعلك شخصا نبيلا، مع ذكائك و مؤهلاتك أرى أنك ستكون أفضل أتباعي"
" و لما عساني أتبعك؟"
"لأني مستعد للتخلي عن شخصية تورا تيان ، و جعلك ملكا على الأنهار اللامتناهية بدلا عنه، فما قولك؟"
تصلب كال مينغ مكانه، ولي العهد يقول أنه سيتخلى عن العرش و يقدمه له على طبق من فضة، لكن ما لفت انتباه كال هو أن ولي لم يقل أنه سيتخلى عن العرش بل قال أنه سيتخلى عن شخصية تورا تيان، و هذا له تفسير واحد
"تجعلني ملكا بالتخلي عن شخصيتك!!، أنت من تكون بالضبط؟"
" أنا ملك الجزر العائمة و الملك المستقبلي لهذا العالم، أنا ........ الملك السماوي"
.
.
بقي كال مينغ متجمدا في مكانه غير مصدق ما يسمعه، فتدخل هان جيان محاولا شرح الحقيقة مستميتا في إقناعه
"تورا تيان الحقيقي توفي منذ سنوات، جنبا لجنب إلى عدة شخصيات مهمة أخرى، مع مرض الملك و في عدم وجود أي وريث ، كانت النزاعات ستوصل مملكة الأنهار إلى حرب أهلية، الملك السماوي تدخل بنفسه و أنقذ المملكة من الإنهيار "
مملكة الأنهار اللامتناهية هي مملكة محتلة من قبل الجزر الطائرة، هذه هي الحقيقة
فكرة أن يتم احتلال مملكة بأسرها بدون حرب و بدون أي مقاومة، و حتى دون أن يلاحظ شعبها ذلك ، أمر لا يتقبله العقل.
حتى كال مينغ و مع كل قدراته التحليلية وجد صعوبة في تصديق الأمر
" ما الذي تقوله؟، هذا مستحيل ؟، هل يخفي وجهه من خلال قناع الوهم، حتى و لو بإمكان القناع خداع الكثيرين لكن يستحيل للساحر العظيم هودو أن ينخدع به"
" الساحر العظيم الذي ذكرته توفي قبل سنتين، في الماضي و خلال الحرب على البوابة الشمسية تعرض لإصابة خطيرة ، و بقي يعاني منها حتى يوم وفاته"
قبل أكثر من سنة، كانت هناك حادثة هزت مملكة النجمة السماوية، جنود مملكة الأنهار الذين يحتلون البوابة الشمسية يختطفون الأطفال بمساعدة من الظلاميين، و آخر ضحاياهم كانت إبنة الساحر العظيم سي مار.
هذا الأخير أعلن يومها ، أنه في حالة لم يتم معاقبة المختطفين و تخلي مملكة الأنهار عن مدينة البوابة الشمسية فإنه سينظم لجيش النجمة السماوية و يعلن الحرب عليهم.
و المفاجأة كانت أن نفذت مملكة الأنهار كل طلباته دون تردد أو مناورة، و انسحبت فعلا من المدينة التي احتلتها لقرابه خمسة عشر سنة.
إنصياع مملكة الأنهار كان غريبا بعض الشيء، لكن مع حالة ملكهم الصحية و مشاكل الخلافة ظن الجميع أنهم يهادنون لإصلاح البيت الداخلي.
كال مينغ اليوم إكتشف الحقيقة المخفية، و هي أنهم لا يمتلكون أي قوة من الأساس و ليس منذ اليوم بل منذ وفاة ساحرهم العظيم أي منذ سنتين.
" ماذا عن ليان؟، هل مسألة النسب حقيقية، أم أنك استدرجتها لتجنيدها هي الأخرى؟"
" هدفي الأساسي هو أنت، بالنسبة لليان و قضية النسب فحتى لو جاءت نتيجة التحقيق سلبية، هي ستصبح إحدى أميرات مملكة الأنهار"
بطلب من تورا تيان تم استدعاء ليان إلى مملكة الأنهار، للإشتباه في أنها الأميرة المفقودة،لكن الهدف من إحضارها ليس التحقق من نسبها بل لغاية أخرى
أشار الملك السماوي إلى كال مينغ و أضاف
" تنصيبها أميرة سيسهل علي هيكلة القصر الملكي، من أجل تمهيد الطريق لك نحو أن تصبح الملك مستقبلا"
"يمهد الطريق لي!؟، لأصبح ملكا !"
سأل كال، ليس لأنه لم يفهم المغزى من كلامه، بل لأنه لا زال يصعب عليه تصديق ما يحدث
"كما أخبرتك سابقا، بمقدوري جلب أي واحد من أتباعي و جعله يلعب دور تورا تيان، لكن مملكة تجارية كهذه تحتاج إلى شخص ذو مواهب فريدة لإدارتها و لا أفضل منك لذلك، حتى أنني خلقت الظروف المناسبة لكتابة قصة صعودك على العرش....."
أراد الملك السماوي ان يشرح لكال مينغ خطته التي ستوصله إلى عرش الملك ، إلا أن صاحب العقل الفذ و الذي جمع سريعا كل الخيوط، قاطعه بالقول
"تورا تيان هو الشرير الذي سيوصل المملكة إلى الهلاك، و أنا كال مينغ هو البطل الذي سينقذها"
مستنبطا كامل الخطة من بعض التلميحات، أطلق العبقري تنهيدة طويلة و أضاف
" بما أنك ستتخلى عن لعب دور تورا تيان، فسيتم قريبا إعلان وفاته، و وفقا للقانون الذي يمنع النساء من الجلوس على العرش فعلى أرملته المسكينة إبنة الملك الوحيدة إختيار رجل يشاركها هموم الحكم، لكن من سيمتلك الجرأة لفعل ذلك و المملكة على شفا الحرب ضد الأوريس، بسبب تجارة زوجها السابق المحرمة.
و هنا يأتي دوري، أنا سليل العائلة العريقة و مستشار الأميرة الجديدة ليان،الذي أثبت كفاءته و مهارته في تسيير شؤون المملكة و كسب ثقة الشعب و النبلاء على حد سواء، بعد أن استخدم علاقاته مع الأوريس لإيقاف الحرب"