كان الصمت هو سيد الموقف، ضربة واحدة من مفصلة ليان المشبعة بطاقتها أسقطت ما يعرف بساحر مملكة الأنهار العظيم بلا حراك.
سأل متدرب مرة أستاذه، كيف تهزم ساحرا عظيما فأجابه عندما يكون غافلا، و هذا لا يحدث أبدا.
نقطة ضعف الساحر هي بنيته الجسدية، فهم لا يمتلكون الصلابة لتحمل الهجمات المباشرة، و لتغطية هذا الضعف يستخدمون حاجز المانا، لكن الأهم من الحاجز هو سحر الإستكشاف.
على الساحر أن يكون قادرا على إستشعار أي تغير في الطاقة و سماع أي صوت و الإحساس بكل الذبذبات الهوائية، لا يجب لنملة أن تقترب من محيطه دون أن يعرف مكانها، كلما أتقن الساحر الإستكشاف أكثر، إعتمد عليه أكثر.
كل مقاتل يحتاج لأجزاء من الثانية لتنشيط هالته و أجزاء أخرى لتفعيل قانونه، و هذه مدة كافية للساحر لمعرفة نوع الهجوم و إتجاهه و اتخاذ تدابيره.
لكن قديسة جناح اللوتس مختلفة، فهي تفعل قوانينها النابعة من بتلات زهرتها الستة قبل تنشيط هالتها.
الساحر العظيم لم يستشعر شيئا و لم يكن لديه وقت للتجنب أو الدفاع لأن المدة التي احتاجتها ليان لتفعيل قانوني الطيران و السرعة خاصتها كانت صفرا من ثانية.
بقي الجميع يحدق في جسد الساحر العظيم مع الحفرة التي صنعها الإنفجار في وجهه، ليان كانت أكثرهم إستغرابا فرغم أنها وضعت كل قوتها في هجمتها إلا أنها لم تتوقع ما حدث، فجسمها تحرك دون تخطيط مسبق
' من الجيد أنها لم تسخدم هذا الهجوم علي، و إلا كنت سأتلاشى من الوجود'
عبس جين في خوف مع بعض الندم لمنحها المفصلة،و رغم أن جسده يعتبر سلاحا فاتكا، إلا انه لا يزال مجرد شظية زمنية و لا طاقة له بهجوم متفجر بتلك القوة.
" هل إنتهى عملنا، هل أستطيع العودة؟"
الحسناء الشقراء التي جاءت برفقة الساحر العظيم، لم يبدوا عليها الإنزعاج مطلقا، بل على العكس كانت سعيد بنهاية المعركة و راحت تركل جثة الساحر العظيم عدة مرات و هي تكرر سؤالها
" هل أستطيع العودة؟"
" هل أستطيع العودة؟"
أمر غير طبيعي يحدث مع هذه المرأة، بدت عيونها الخضراء خالية من الحياة و كأنها مسلوبة الإرادة.
" إلى أين تريدين العودة؟"
اتسعت عيون جين و ليان في رعب، ليس لأن الجثة التي أصبحت بلا وجه تقريبا تحدثت، بل لأن صوتها الرجالي أصبح فجأة صوتا نسائيا
" أعود، لأبحث عن زوجي"
أجابت الشقراء ببرود
" بالطبع، كان علي توقع ذلك فلا شيء عندك أهم من زوجك المصون"
مع فكه المحطم و صوته الأنثوي، من الأكيد أن الصوت لم يكن صادرا عنه.
ببطئ رفع الساحر العظيم جسده إلا أن طريقة وقوفه كانت غريبة كله أطرافه مرتخية و كأنه دمية ماريونات مربوطة بالخيوط، و خيوطه بالتأكيد في يد صاحبة الصوت.
إلتفتت الجثة في إتجاه جين بالرغم صعوبة معرفة في أي اتجاه ينظر بسبب العيون التي تهشمت و أصبحت حولاء.
"لا أصدق أن بعد كل الجهد المبذول و التضحيات التي قدمتها، لا نزال عاجزين عن التخلص منك، و لا تزال مصرا على الوقوف في طريقنا سيد تاي جين، أو ربما تفضل مناداتك بسيد الكرة العظيم "
"تاي !!"
أي شخص في العالم سيتفاجئ بمعرفة أن الشاب عديم الهيئة الروحية و الملقب بأقوى المحاربين هو نفسه الأسطورة من مركز الأطلال و الملقب بسيد الكرة، إلا أن الشيء الوحيد الذي سيطر على عقل ليان هو اسم تاي.
حتى أن أنفاسها اضطربت و شعرت بحمل ثقيل يجثم على صدرها.
مالت الدمية التي كانت ساحرا عظيما إلى الفتاة المضطربة و قد تغيرت نبرتها لتصبح ساخرة
" الهجمة التي لا تقاس سرعتها و الهالة البيضاء المتفجرة، أنت هي إذا قديسة جناح اللوتس المدعوة ليان"
تنكر ليان لم يعد ذو فائدة، فيبدوا أن خصمهم يمتلك معلومات شاملة عنهم،
*هههه
انفجر الصوت في الضحك قبل ان تضيف
"يا لسخرية القدر، جئت تبحثين عن الرجل الذي دمر حياتك فعثرتي على من أنقذها، لكنك عاجزة عن الإنتقام، و عاجزة كذلك عن التذكر"
وجه ليان أصبح مضطربا، رغما عنها رؤية الساحر العظيم الذي كادت أن تموت تحت يديه في الماضي جعلها تتوتر، و فوق الإضطراب الذي اختلج مشاعرها عند سماعها للقب تاي، و زادتها ألغاز صاحبة الصوت تشويشا.
"تبدوا الأمور فوضوية، أليس كذلك ؟"
إبتسامة جين و صوته العميق بطريقة ما جعل ليان تهدأ
" هذا لأننا لا نملك كل قطع الأحجية بعد، و بمجرد أن نحصل عليها جميعا سيتضح كل شيء، ألا توافقينني الرأي سيدة هينتا مورامي، ساحرة مملكة الجزر الطائرة العظيمة"
بتفكير بسيط استنتج جين حقيقة صاحبة الصوت، في النهاية فمن يبحث عنه ليس سوى واحد من السحرة العظماء.
ثلاث شظايا لنفس الشخص، استيقضت في أماكن مختلفة و بقدرات مختلفة، و ثلاثتها بلا ذكريات و لا أحد يعرف عنهم شيئا، لكن هناك شيء واحد عالق في أذهنتهم
// لقد تم حذفنا من الوجود، لقد استخدم ضدنا سحر مقدس ، خصمنا ساحر عظيم //
هذه الكلمات التي حفرت في عقولهم، أصبحت هدفهم و غايتهم في الوجود.
شظية الساحرة سقطت على يد حلفاءه زي يون و نويان في البوابة الشمسية
شظية المغتال في جزيرة الأسلاف، و لإنقاذ فتاة الظل يوشك على إتخاذ قرار مصيري
شظية المحارب، و الذي أخيرا حقق أخيرا مبتغاه و عثر على غريمهم.
" آنسة ليان، أعرف ان هذه الدمية لن تشفي غليلك، لكن مكان الجثث هي تحت الأرض ألا توافقيني الرأي"
" أتذكر ما قاله كيرا عن المبعوث، رؤيته هكذا تجعلني فقط أشعر بالشفقة، سأدفنه و أدفن معه ضغينتي، يجب علي المضي قدما فخصمنا القادم هو سيدها الملك السماوي"
" أحسنت القول"
الساحرة المتحدثة من خلال الدمية البشرية لم يرقها سير الأمور، فبعد أن كانت تحاول التأثير عليهما تم تجاهلها بالكامل، لكن عجرفتها لم تختفي
" خصمكم القادم!؟، يا للتفاءل هل تعتقدان أنكما ستنجوان ؟ و ستواجهاني سيدي......"
*بوووم*
دوى إنفجار جديد على وجه جثة الساحر العظيم، و يبدوا أن أجزاء الثانية التي ربحتها ليان من تفعيل قوانينها أصبحت نقطة حسم في المعركة.
الساحرة العظيمة التي تمرغت في التراب حتى و إن لم يكن ذلك جسدها الحقيقي ، فالإهانة التي شعرت بها جعلتها تخرج عن طوعها ،فأشعلت فتيل أقوى تعويذاتها النارية
بعض التعويذات تكون قوية جدا حتى أنها ضررها قد يرتد على مستخدمها، و لذلك يتشارك السحرة قواهم لتنفيذها، لكن الجثث ليست بحاجة للقلق من الضرر المرتد.
الهجوم الناري تكثف ليصنع كرة ضخمة و كأنها شمس مصغرة حلقت باتجاه القديسة.
أيا كان سيرى هذه الشمس فستهرول أقدامه لا إراديا ليفلت بجلده، لكن ليس قديسة جناح اللوتس مع قانونها القادر على قلب الموازين و ردع أي هجوم
# إنعكاس#
مع إبتسامة المنتصر، لمعت بتلة من بتلات زهرة اللوتس لتتضخم صانعة حاجزا بلون وردي فاتح.
اللحظة الثانية لحظة إلتقاء الشمس مع الزهرة رسمت منظرا سرياليا إختلطت فيه كل الألوان و كأن الشمس تحتضن بلطف بحرا زهري اللون.
بعد ثواني كل تلك الأضواء و الألوان إختفت، قبل أن يرتد الهجوم منعكسا على شكل عمود ناري إنطلق بشكل أفقي و بسرعة لا يمكن تفاديها.
*بوووم
*آآآآه
صوت الإنفجار المهول لم يتمكن من تغطية صوت الصراخ الفظيع للساحرة العظيمة، بالرغم أن هذا ليس جسدها الحقيقي، فالألم الذي إنتقل إليها من خلال الإرتباط الروحي بجثة ساحر مملك الأنهار كفيل بترك ندبة على روحها.
" أعلم أنه مجرد جثة، لكن طبق الإنتقام هذا ليس سيء المذاق"
عندما اكتشفت ليان أن ساحر مملكة الأنهار متوفي أصابها الإحباط، إلا أن حرق جثة من قام يوما بحرقها منحها بعض العزاء.
" الأجواء أصبحت حارة هنا"
صوت جين جعل ليان تلتفت، لتتفاجأ بمظهر المحارب القوي الرث.
قميصه كان ممزقا، و الكدمات كانت تغطي جسده و وجهه، بإختصار مظهره مطابق لشخص تم ركل مؤخرته للتو و بقسوة.
"لقد هزمتك إمرأة،و تسمي نفسك بالمحارب الأقوى"
سخرت ليان ، بينما تجاهلها جين
" لقد استخدمت مطرقة لكسر بيضة، كشفك لورقتك الرابحة كان خطأ"
بدورها ليان قامت بتجاهل ملاحظته
" هل تساهلت معها لأنها جميلة"
"أكره الإعتراف بهذا لكن هي من تساهلت معي،أو بالأحرى كنت محظوظا لأن سلاحها الذي يطلق هجمات ضوئية......"
صمت لحظة ثم أضاف و هو عاجز عن التعبير
" أصبح متسخا"
الشقراء الغامضة، كانت جالسة على إحدى الصخور في كل هدوء و لا كأنه توجد معركة طاحنة أمامها، في يدها كان السلاح الذي ذكره جين و قد راحت تنظفه و بكل عناية بقطعة قماش
"سلاحي العزيز، هدية زوجي الحبيب، سأنظفك جيدا"