تشرق الشمس ثم تغرب، فيتعاقب الليل والنهار، فتمر الأيام.

سرعان ما جاءت عطلة نهاية الأسبوع.

في الأيام الثلاثة الماضية، إزدادت شعبية <مذكرة الموت> قليلًا، وأصبح لديها عدد من المعجبين. كما ظهرت العديد من النقاشات والإشادات في مواقع ومنتديات المانجا.

عند وجود إشادات، هذا يعني بشكل طبيعي وجود إنتقادات، لكنها تقتصر على عدد صغير، مما لم يؤثر على إيفان والمجلة.

بالحديث عن المجلة، بعد طباعة 2000 نسخة إضافية في المرة السابقة، تم طباعة 2000 نسخة من جديد في اليوم التالي، وتم بيع أغلبها، حتى وصلت المبيعات الإجمالية الى 15500 نسخة.

بطبيعة الحال، يبقى هذا الرقم أقل من متوسط المجلات الصغيرة، لكن يمكن القول أن مجلة <الصحراء> حققت بعض الربح الصغير أخيرًا بعد شهور عجاف.

رغم أن الربح يكاد لا يذكر، إلا أنه على الأقل، أعطى جوًا من الإستقرار والتفاؤل لدى موظفي المجلة، الذين كان يحملون قلوبهم بأيديهم خوفًا على مستقبلهم.

خلال هذه الأيام، حافظ إيفان على روتينه اليومي، الذي يبدأ بالجامعة، ثم الرسم بعد العودة الى المنزل، وأخيرًا محاولة الدراسة قليلًا أو تصفح الإنترنت.

اليوم السبت، كان الصباح ربيعي بامتياز.

خرج إيفان من القطار مع حقيبة كبيرة على كتفه، لقد وصل الى محطته أخيرًا. إستنشق بحرية، كان الهواء نقي بعيدًا عن تلوث المدينة.

بعد دخول متجر قريب وشراء بعض الحاجيات، أوقف إيفان سيارة أجرة.

"الى <دار السلام للأيتام> لو سمحت"، جلس في السيارة وأغمض عينيه.

...

"ماورو، مرر لي الكرة"

"سيزار، إذهب للتغطية على تالا بسرعة، لا تدعها تسجل هدف"

"هاي، ماثيو، ما هذه التسديدة! إذهب واحضر الكرة من الطريق"

"هاهاها، لا بد أنه كان متوتر لأنها تمريرة من جيسيكا"

في ساحة بالقرب من الطريق الريفي، ترددت صيحات الأطفال.

كان جزء كبير منهم يلعبون كرة القدم، سواء أولاد أو بنات، بينما هناك من يجلس ويشاهد، أو يقرأ الكتب، أو يلعب ألعاب أخرى...

فجأة توقفت سيارة أجرة على الطريق بجانبهم، وخرج منها شاب وسيم، بسيط الملبس، يحمل حقيبة كبيرة على كتفه.

توقف الأطفال عما بفعلونه ونظروا إليه.

فجأة صاح أحدهم، "جاء الأخ إيفان!"، ثم ركض لاستقباله.

نظر إيفان الى هذا الولد وربت على رأسه بابتسامة، "ماثيو، هل إشتقت الى أخوك؟"

خجل الطفل المسمى ماثيو ونفخ خده، "لا، لقد اشتقت للحلويات التي تجلبها"

"هاهاها شقي"، قرص إيفان خده ثم نظر الى الأطفال الذين يقتربون بحماس.

" مرحبًا أخي إيفان"

"أبتعدوا، أنا وصلت أولًا"

"ماذا جلبت لنا اليوم؟"

"لماذا لم تأتي الأسبوع الماضي؟"

نظر إليهم إيفان بمرح، لقد كان معتادًا على هذا الإستقبال.

رغم أن دار الأيتام هذه تبعد عن سكنه حوالي ساعتين بالقطار، الإ أنه يزورها دائمًا بشكل منتظم، مرتين في الشهر على الأقل. غالبًا في الأعياد أو في نهاية الأسبوع.

كانت دار الأيتام هذه مجرد دار أيتام ريفية صغيرة، تضم حوالي 20 طفل. أما من البالغين، فلم تكن تضم سوى العميد ومربيتين.

لكنهم جميعًا، كانوا بمثابة عائلة.

تنقل إيفان في طفولته بين العديد من دور الأيتام لأسباب مختلفة. وأخيرًا عندما إستقر هنا بعمر الـ11، عرف معنى العائلة.

رغم مغادرته دار الأيتام عمليًا وقانونيًا في سن الـ18، إلا أنه لم ينساهم للحظة، إذ أن أغلب الأطفال هنا كان هو من يغير لهم حفاضاتهم.

بعد إستقبال جميع الأطفال، فتح إيفان الحقيبة الكبيرة وبدأ يخرج الحلويات والشوكولاتة وأكياس البطاطا.

في هذه اللحظة لمعت عيون الأطفال. رغم أن دار الأيتام يتم تمويلها من قبل الدولة، إلا أن التمويل يكفي فقط للدراسة والطعام وبعض الملابس، ولا يكفي لشراء الكماليات إلا نادرًا.

أخيرًا، أخرج إيفان عدة نسخ من مجلة <الصحراء>.

لم يستطع حمل جميع النسخ التي أرسلتا اليه المجلة بمناسبة نشر عمل الأول، لذلك أحضر 5 نسخ فقط.

"أنظروا ماذا أحضرت لكم"، لوح بالمجلة بيده.

"آه، أخي إيفان، ما هذا الكتاب؟ لا أريده، لا أريد أن أدرس"، قالت أحدى البنات الصغيرات.

فتح إيفان المجلة على الصور وأظهرها لهم، "هل أنتِ متأكدة؟"

إقتربت الفتاة وقالت باستغراب، "هاه؟ لماذا كلها صور"

إقتربت فتاة أخرى وقالت بحماس، "مانجا! هذه مانجا! أخبرني أخي إيفان أنه سيصبح رسام مانجا، أخي، أخي، هل أصبحت رسام مانجا؟"

قال إيفان بفخر، "هاهاها هذا صحيح، لقد نشرت المانجا الخاصة بي في هذه المجلة"

جاء ولد صغير وأخذ المجلة وسأل الفتاة، "جيسيكا، ما هي المانجا؟"

"المانجا هي قصص مصورة... آه لا أعرف كيف سأشرحها... المهم، إنها مثل القصة لكن برسومات"

تركهم إيفان يناقشون ودخل الى مبنى دار الأيتام.

"أيها العجوز، أين أنت؟" نادى إيفان بصوت مرتفع عدة مرات.

بعد عدة نداءات، خرج رجل عجوز في السبعينات من العمر بوجه بشوش ولحية بيضاء مرتبة.

"أيها الشقي، لقد عدت مرة أخرى"، إقترب من إيفان وقال بابتسامة.

حك إيفان مؤخرة رأسه، "هاهاها، سأعود دائمًا"

خرج العميد العجوز وإيفان جنبًا الى جنب وهما يتحدثان مثل الجد وحفيده.

نظر العميد رولاند الى الأولاد وهم مجتمعون يأكلون الحلويات ويقرأون المانجا، وقال بعاطفة، "إيفان، ليس عليك أن تحضر هذه الأشياء في كل مرة تأتي فيها... أعرف أنها مكلفة، فلتدخر أموالك حتى تستطيع الزواج بزوجة جميلة"

"جدي رولاند، سيصاب الأطفال بخيبة أمل إذا لم أحضر شيء، وأيضًا، إنهم عائلتي، لا شيء يغلى عليهم"

"بالمناسبة جدي، لقد وجدت عمل بدخل كبير، لكنه يتطلب جهد كبير، قد أجد صعوبة بالمجيء مستقبلًا، لكن لا تقلق، سآتي على الأعياد بشكل أكيد"

لم يصاب العميد بخيبة أمل، بل على العكس من ذلك، أظهر سعادة واضحة، "من الجيد أن تعمل، من الجيد أن تعمل... إذًا، تبقت الزوجة، العيد المقبل ستأتي معها"

ابتسم إيفان بمرارة، "جدي، ما زلت في العشرين"

تبادلا أطراف الحديث حتى الغداء، ثم بعد الظهر، لعب إيفان مع الأولاد حتى الغروب.

عند الغروب، إستعد إيفان للمغادرة، تجمع الأولاد حوله على أمل منعه من المغادرة، لكن كما يحدث في كل مرة، فشلت محاولتهم.

"يا أطفال، قد أتأخر قليلًا حتى أعود في المرة المقبلة، لذلك لا تفتقدوني.

"بالمناسبة، كل يوم إثنين ستصلكم مجلة الى هنا"

إشترك إيفان باشتراك سنوي في مجلة <الصحراء> لدار الأيتام، حيث ستصلهم مجلة كل أسبوع لمجة عام. كان الإشتراك السنوي مقابل 140 دولار جمهوري فقط، وبإمكانه تعويض سعره من خلال رسم 5 صفحات مانجا.

"أخي إيفان، سأصبح رسامة مانجا مثلك، ثم سأتزوجك" همست جيسيكا بصوت ضعيف، لكن إيفان سمعها بوضوح.

كبح إيفان ضحكته وربت على رأسها، "هاها حسنًا، حسنًا أنا أنتظركِ"

ثم أدار رأسه ورأى ماثيو يحدق به بغضب، إقترب إيفان منه، ضحك وهمس له، "لا تقلق، أنا أمزح فقط..."

الجميع في دار الايتام يعرف أن ماثيو معجب بجيسيكا إلّا جيسيكا نفسها.

بعد ذلك ودعهم إيفان وأوقف سيارة أجرة.

نظر إيفان الى دار الايتام التي تبتعد عن ناظره وتنهد، 'سيبدأ الضغط الحقيقي الآن، سأقضي وقتي كله تقريبًا بالرسم والدراسة، قد لا أستطيع العودة قبل عدة أشهر'

لم شعر إيفان بالضغط سابقًا لأنه كان لديه أكثر من فصل جاهز، لكنه الآن، لا يستطيع التكاسل، سيضطر لإنهاء الفصول وتقديمها اسبوعيًا قبل موعد النشر، أي قبل يوم الإثنين، لذلك، سينشغل بشكل خاص في عطلة نهاية الأسبوع.

'هذه آخر نهاية أسبوع حرة...'

2022/04/21 · 236 مشاهدة · 1050 كلمة
MohLeo
نادي الروايات - 2025