كان الهوبيت يهوون ملء معداتهم ، ويحبون ارتداء الألوان الزاهية الأصفر والأخضر على وجه الخصوص ولا ينتعلون الأحذية ، حيث إن أقدامهم تنمو بها نعال جلدية طبيعية وشعر بني كثيف كالذي ينمو فوق رؤوسهم ، وهو أيضا مجعد . وكانت لديهم أصابع طويلة بنية رشيقة ووجوه طيبة وضحكات عالية صافية ، خاصة بعد تناول وجبة العشاء ، والتي يتناولونها مرتين يوميًا إن تيسر ذلك .

والآن تعرفون ما يكفي لمتابعة ما يجري من الأحداث .

كنت أقول إن أم هذا الهوبيت - ( بيلبو باجنز ) - كانت الجميلة ( بيلادونا توك ) ، واحدة من ثلاث فتيات رائعات للعجوز توك ) ، الذي كان زعيمًا للهوبيت ساكني ضفاف النهر الصغير " الذي يجري عند سفح القل . كان كثيرًا ما يقال بين العائلات الأخرى إنه من المؤكد أن أحد أسلاف آل ( توك ) قد اتخذ جنية " زوجة له ، وكان ذلك بالطبع منافيا للعقل . لكن الحقيقة أن آل ( توك ) كانوا يتحلون بالفعل ببعض الطباع التي لا تتفق مع كونهم من الهوبيت ، وبين الحين والآخر ، كان يرحل أفراد منهم ويقومون بمغامرات ، وكانوا يختفون بالتدريج ، وتتكتم العائلة الأمر ؛ لكن تبقى حقيقة أن آل ( باجنز ) نالوا احترامًا أكثر مما ناله آل ( توك ) ، رغم أنهم كانوا من دون شك أكثر ثراء . لكن ( بيلادونا توك ) لم تقم بأية مغامرات على الإطلاق بعد أن أصبحت زوجة لبانجو باجنز ) ، وبني ( بانجو والد ( بيلبو لزوجته أكثر الحفر رفاهية والتي شاركت بنصيب من أموالها في بنائها سواء في منطقة أسفل التل أو أعلاه أو على ضفاف النهر ، وعاشا فيها حتى آخر أيامهما .

ورغم أنه كان يتصرف تمامًا كنسخة ثانية من أبيه الراضي المستقر ، يبقى محتملاً أن بيلبو ) ، وهو ابن ( بيلادونا الوحيد ، قد حظي بقدر من طباع آل ( توك غير المألوفة ، وأن تلك الطباع كانت فقط في انتظار الفرصة المناسبة لتظهر . لكن الفرصة لم تأت مطلقا إلا بعد أن بلغ بيلبو باجنز ) العقد الخامس من عمره تقريبا ، وكان عندها يسكن الحفرة الجميلة التي بناها في صباح أحد الأيام الهادئة منذ فترة طويلة من الزمن ، حين كان الضجيج أقل والخضرة أكثر ، وكان الهوبيت مازالوا كثيري العيد وفي أوج ازدهارهم ، تصادف أن بطلنا ( بيلبو باجنز ) كان واقفا على عتبة داره بعد تناوله لوجبة الإفطار ، يدخن غليونا خشبيًا طويلاً هائل الحجم ، يصل تقريبا إلى صوف أصابع قدميه المصفف بعناية حين أتي ( جاندالف ) .

جاندالف ) : لو أنكم قد سمعتم فقط ربع ما سمعت عنه علمًا أنني قد سمعت فقط القليل من بين كل ما يُحكى عنه لأعددتم أنفسكم لحكاية استثنانية ، فالحكايات والمغامرات كانت تتناثر في كل مكان حيثما يذهب بصورة لافتة للنظر .

الم يات ( جاندلف إلى التل منذ زمن طويل . في الواقع ، هو لم يأت منذ وفاة صديقه العجوز توك ) ، وأوشك الهوبيت أن ينسوا كيف كان شكله . كان غائبا بعيدًا عن التل وعبر النهر يهتم بشؤونه الخاصة منذ أن كان هؤلاء الهوبيت بنات وصبيانا صغارا . كل ما رآه ( بيلبو ذلك الصباح هو رجل عجوز يمسك بعصاه : كان يرتدي قبعة زرقاء طويلة مدببة ، وعباءة طويلة رمادية اللون ، وحذاء ضخما أسود برقبة ، ووشاحا فضيًا ، ومن فوق الوشاح تتدلى لحيته البيضاء التي تصل إلى ما عد خصره .

- " طاب صباحك ! " قالها ( بيلبو ) وهو يعنيها ، فقد كانت الشمس مشرقة ، والعشب الأخضر يبدونضرّا .

لكن ( جاندلف ) نظر إليه من تحت حاجبين كثين ممتدين إلى ما بعد طرف قبعته الكبيرة ، وقال : " ماذا تقصد ؟ هل تتمنى لي صباحا طيبا ، أم تعني أنه صباح طيب سواء أردت هذا أم لا ، أم أنك تشعر بشعور طيب هذا الصباح ، أم أنه صباح يناسب أن تشعر فيه هكذا ؟ "

أجاب ( بيلبو في مرح : " كل هذه الأشياء معًا ! إنه صباح رائع لتدخين غليون مليء بالتبغ في الهواء الطلق . إن كان لديك غليون ، فاجلس معي وسأملؤه لك . لا داعي للعجلة ، فأمامنا اليوم بأكمله . "

وجلس ( بيلبو على مقعد بجانب بابه ، ووضع ساقا على ساق ، ونفخ حلقة جميلة من الدخان الرمادي في الهواء حتى ارتفعت إلى ما فوق التل من دون أن يخترقها شيء .

قال ( جاندالف ) : " رائع ! لكنني لا أملك الوقت لأنفخ حلقات الدخان هذا الصباح . إنني ابحث عمن يشاركني في مغامرة أرتب لها ، ومن الصعب جدا أن أعثر على رفيق . "

- " نعم ، أظنه أمرًا صعبًا جدًا في هذه الأنحاء ، فنحن قوم هادنون ولا نحب المغامرات . تلك المغامرات المزعجة الكريهة تؤخرك عن موعد العشاء لا أدري ما الذي يجنب البعض إليها " قالها السيد ( باجنز ) ، ووضع إبهامه خلف دعامة بنطاله ، ونفخ حلقة أخرى أكبر من الدخان ، ثم أخرج رسائله الصباحية وشرع في قراءتها متظاهرًا بأنه لا يبدي اهتماما بالرجل العجوز ، فقد قرر أنهما يختلفان عن بعضهما ، وأراد منه أن يرحل .

لكن الرجل العجوز لم يتحرك ، بل ظل واقفا مستندا إلى عصاه ويحدق في الهوبيت من دون أن ينبس ببنت شفة ، حتى شعر ( بيلبو ) بعدم الراحة ، وأيضا بقليل من الاستياء

اخيرا قال : " طاب صباحك ! شكرا جزيلاً ، لكننا لا نريد أية مغامرات هنا ! بإمكانك أن تجرب وراء التل أو في الجهة المقابلة للنهر "

وقصد ( بيلبون بهذا أن المحادثة قد انتهت .

قال ( جاندالف ) : " لخطاب صباحك ) منه استخدامات عدة لديك ! الآن تقصد بها أنك تريد أن تتخلص مني ، وأنه لن يطيب صباحك حتى أرحل عنك . "

- " مطلقا ، مطلقا يا سيدي الكريم حسن ، أنا لا أعرف اسمك . "

- " بل نعم ، نعم يا سيدي العزيز . لكنني أعرف اسمك يا سيد ( بيلبو باجنز ) ، وأنت أيضا تعرف اسمي ، مع أنك لا تتذكر أنني صاحب الاسم . أنا ( جاندلف ) ، و ( جاندلف ) هو أنا ، وها أنا أحيا لأرى يوما يقول لي فيه ابن ( بيلادونا توك ) : طاب صباحك ، كأنني أدق الأبواب كبائع متجول "

قال ( بيلبو ) : " ( جاندلف ) ( جاندلف ) يا للعجب ! الساحر التجول الذي أعطى العجوز توك ) الأزرار الماسية السحرية التي كانت تربط نفسها بنفسها ولا تنفك أبدا إلا حين يأمرها ؟ أنت من يحكي الحكايات المدهشة في الحفلات عن التنانين والجوبلين والعمالقة وإنقاذ الأميرات وحظ أبناء الأرامل العاثر ؟ لا تقل إنك ذلك المحترف في الألعاب النارية ، إنني أذكرها كان العجوز ( توك ) يشعلها عشية منتصف الصيف . كانت رائعة و كانت ترتفع في السماء على شكل نباتات الزنبق وأنف العجل والقوطيسوس النارية ، وتبقى معلقة في السماء من الشفق وحتى المساء "

لعلكم قد لاحظتم بالفعل أن السيد ( باجنز لم يكن يحسن الوصف مثلما كان يظن ، وأنه كان مولئا بالأزهار .

أكمل ( بيلبو ) قائلاً : " يا للسماء ، لا تقل إنك ( جاندلف الذي تسبب في اختفاء الكثير من الفتيان والفتيات الهادئين سعيًا وراء المغامرات المجنونة من تسلّق الأشجار إلى زيارة الإلفيين إلى ركوب السفن البحرة إلى شواطئ أخرى ! يا للسماء ! لقد كانت الحياة وقتها حقا ممتع . . أقصد أنك كنت تتسبب في الكثير من الاضطراب في هذه المنطقة حينئذ . اعذرني ، فلم تكن لدي فكرة أنك مازلت تقوم بكل هذا . "

2019/09/21 · 547 مشاهدة · 1203 كلمة
Adk3RAK
نادي الروايات - 2024