اتجه شادو و غريب صوب عاصمة ريشة السماء، فمملكة ريشة السماء تقع غرب مملكة ريشة الأرض.
و شادو كان يحاول التسلل إليها هربا من الحرب، لكن الآن اختلف الأمر فهو مع أحد نبلاء المدينة أو هذا ما اعتقده
" سيد غريب ، هل أنت من النبلاء؟"تساءل شادو
"حاليا لا،.....لماذا تسأل"
( حاليا لا، و هل ستصبح نبيلا في المستقبل، كانت هذه الكلمات التي ستخرج من فمه لكنه عاد يحاسب نفسه اختر ألفاظك بعناية شادو ، علي أن لا أغضبه)
" حسنا كون لديك معرفة طبية، و عائلتك تمتلك مطبعة، لذلك اعتقدت أنك شخص ثري"
"معرفتي جاءت من الكتب و بمجهودي الخاص، و أنا لا أمتلك مطبعة، لكن أنوي شراء واحدة حاليا أنا أحمل معي 20 رياشي فضي، هذا أكثر من كافي"
"20 ماذا...... هذه لا تكفي حتى ثمن الطعام....."
" على ذكر الطعام أنا لم آكل شيئا محترما منذ سنوات، اخ .....فقط لو امتلكت بعض كتب الطبخ، حسنا وجهتنا ستكون أحد أفخر المطاعم"
غير مبال برأي شادو اتجه غريب نحو أفخر المطاعم ليجلس على الطاولة و يطلب أفضل ما لديهم، و بالطبع فعيون النبلاء من الزبائن راحت تحدق بالإثنين، دون ذكر شادو الذي كان مصابا و قميصه صبغ بالدم الأحمر.
" عفوا سيدي لكن بالنظر لما ترتديانه ،قد لا يكون هذا المكان مناسبا لكما؟" تحدث النادل محاولا صنع ابتسامة
" هل هناك قانون يشترط اللباس،(و قبل أن يسمع الجواب)إذا فماذا تنتظر تحرك بسرعة"
ارتفعت الهمسات، لتصبح ضجيجا دليلا على استنكار الأغنياء، فكيف يجرؤ العامة على التواجد في نفس المطعم معهم لكن غريب لم يلقي بالا لهم فأخذ أحد السكاكين من الطاولة و راح ينقش عليه
"حتى الكلاب صارت ، تجلس على الكراسي و تطلب الطعام " تحدث أحدهم باستهجان
التفت غريب إلى الصوت فرأى شابا بدينا يرمقهم بنظرات الإزدراء، فما كان منه إلا أن راح يلتفت يمينا و شمالا ثم قال
"هاي ....شادو....أنا لا أرى كلابا في المكان، فكل ما استطعت رؤيته هو ذلك الخنزير"
*طاخ* صوت وقوع طاولة على الأرض
وقف البدين غاضبا، و من خلفه مقاتلان بدروع لامعة ، واضح أنهما حرسه الخاص
" ماذا تنتظران إقذفا هاذين المتشردين خارجا"
" توقفا.....(صاح غريب بهما، و قد حمل سكين الأكل في يده )....ألا ترون أنني لم أتناول حتى طعامي بعد"
و في خطوة ، كان أمام المقاتلان *ووووش* لوح بالسكين لصدريهما، لتقع دروعهما على الأرض و كأنه مزق ورقتين، و سط دهشة المقاتلان ، تحرك غريب في خطوة ثانية ليضع السكين على رقبة البدين
" أنا لم أجرب لحم الخنزير من قبل ، من أين علي أن أبدأ السلخ" و بدأ ينزل حافة السكين علي قميصه ليمزقه حتى وصل إلى معدته، الدموع بدأت تنزل بغزارة من عيني البدين و كل ما تبقى من قوته استجمعه كي لا يبلل سرواله من الخوف.
" أيها السيد الصغير، لا داعي للغضب، اسمح لي بالاعتذرا نيابة عن الشاب و حرسه، وجبتكم ستكون على حسابي"
رجل قوي البنية بلحية سوداء تحدث بصوت هادئ،لكن عيونه كانت تقذف شررا محدقتا بالبدين ،في اعلان صريح ان عليه الانسحاب، فما كان منه الا أن فر هاربا و ذيله بين رجليه ،التفت الرجل إلى النادل مشيرا الى كتف شادو المصاب
" لحوم الوحوش هي أفضل علاج للجروح، بسرعة قدم لهم أفضل ما لديك "
" حاضر سيدي" و بسرعة نفذ النادل الأوامر
أخفض غريب سكينه و عاد لمكانه ليتعبه الرجل الملتحي و بكل لطف سأل
" هل يمانع السيد الصغير بأن أتقاسم الطاولة معكم"
" خذ تستطيع أن تعاين النقش الموجود على السكين ، فلن أرفض طلب السيد قسمت سيد النقوش النارية "
السيد قسمت هو سيد نقش معروف في ريشة السماء و يمتلك نقابة النقش ، لكنه الآن سمعته تراجعت كون أعماله تقارن بسيد النقش الملكي لمملكة ريشة الأرض ، و هي مقارنة غير عادلة، كون الأخير عثر منذ سنوات على أحد الكنوز النادرة التي تسمح بزيادة قوة أي نقش مرسوم بها.
"يبدو أنك لا تحب تضييع الوقت، لذلك لندخل في صلب، ما مدى قوة نقوشك مقارنة بنقوش ريشة الارض"
ابتسم غريب و نظر إلى شادو مشيرا له بأن يعطيه خنجره، اغتم شادو من نظرة غريب فهو تسلل إلى المملكة بطريقة غير شرعية و صديقه الآن يريد أن يكشفه بكل بساطة، لكن تحت نظرات صديقه الحازمة أخرج خنجره و أعطاه إياه
" هذا خنجر بنقش ابتدائي من مملكة ريشة الأرض، ركز طاقتك في سكين المطبخ و حاول قطعه "
نفذ السيد قسمت ما طلبه غريب، و كونه سيد قتال من المستوى الرابع فإن السكين بدأ في اللمعان بشدة ليهوي على الخنجر، بكل سلاسة ، و كأنها قطعة زبدة. في حين كان شادو يبكي دما على خنجره الوحيد.
"بالطبع لن يكون قطعه بهذه السهولة لو أنني ركزت طاقتي على الخنجر، لكن يمكن أن تعرف أي نوع من النقوش هو"
" نقش متوسط، يتأثر بطاقة مستخدمه...... إنه أكثر من مذهل" عيون قسمت لمعت فرحا، فلم يعتقد أنه سيرى على نقش كهذا في مطعم
" ما رأيك أن تعمل معي....... كن مساعدي و ستحصل على ما تريد ، بالطبع إذا وافق معلمك "
أدرك أن قسمت يحاول أن يسأله بطريقة غير مباشرة عن معلمه، ففتى في 15 لا يعقل أنه تعلم هذا النقش بمفرده.
" معلمي قد توفي منذ مدة، لكن أنا لا أستطيع أن أصبح مساعدك ، فأنا ساغادر بمجرد أن تنتهي أعمالي في المدينة، لكن لنعقد إتفاقا سآخذ نسبة صغيرة عن كل سلاح يوسم بنقشي، و بالطبع سأمنحك سر هذا النقوش المتوسطة و نقشا دفاعيا من النوع العالي.......... وأحتاج لدفعة مسبقا"
" لا بأس أنا موافق ( أخرج بطاقات مالية و قدمه له ) ، اعتبرها عربونا لشراكتنا"
قسمت شخص وطني بطبعه، و الشيء الذي كان يقض مضجعه ليس مقارنته بسيد نقش ريشة الأرض، بل هي فكرة أن بعد أن تنتهي هذه المملكة من حربها الأهلية، قد تحاول السيطرة على النزاعات الداخلية التي ستحدث مستقبلا بإنشاء حرب ضدهم، خصوصا و أن أسلحتهم صارت أكثر قوة، من البداية كان عازما على الموافقة على شروطه مهما كانت.
ما أن أتم قسمت كلامه حتى ترك مائدته و ذهب للتحضير لصفقة العمر
"غريب حظك بالفعل رائع، لقد خرجت بصفقة مذهلة"
" حظ، لقائي بك كان حظا، لكن هذه الصفقة لا علاقة لها بالحظ، سبق و أن خططت لهذا ،فانا كنت اعرف انه سيتناول غداؤه في هذا المطعم"
" لقد ذكرت أن معلمك قد توفي أسف لهذا"
" المعلم الذي ذكرته في الحقيقة كان طبيبا و منحني كل معرفته في مجاله، النقوش أخذت مبادئها عن والدتي ، ثم حالفني الحظ فمعلمي ترك مجموعة من الكتب نادرة التي وسعت آفاقي ....... اضطررت لأكذب على قسمت و إلا فلن يصدق أنني وصلت الى هذا المستوى عن طريق الكتب و حسب .
دعنا من هذا الآن احتاجك في أمر مهم، كيف حال كتفك الآن "
" أفضل حالا، إصابتي لا تضايقني"
" جيد فأنت ستكون رفيقي للصفقة التالية، لديك جسد عضلي قوي، ربما علينا العمل على وجهك"
" تعمل على وجهي ما معنى هذا..............."
ابتسامة خبيثة ارتسمت على غريب