49 - هزيمة الساحر العظيم أسترو (3)

بسم الله الرحمن الرحيم








..................................................



بإمكان الساحر الخبير ذو مستوى الدوائر المرتفعة أن يخلق كارثة مدمرة بنفس مستوى الزلازل والبراكين بأرجحة من يده فقط.

كان أسترو إنسانا قد وصل لهذا المستوى.


'ذلك الوغد الحقير, أيجرؤ أن يأتي ويظهر أمامي؟'

بالتأكيد في كل تلك اللقاءات السابقة فقد خفّف أسترو من حذره واستخف بعدوه,

ومع ذلك, تبقى حقيقة أن هذا الشخص أمامه قام بإصابته مرتين.


'أيها الوغد, لربما قد هربت مني في تلك المرتين السابقتين.

ولكن... لن يستمر حظك طويلا!'


بدأ الغضب يظهر على لحيته البيضاء وملامح وجهه.

لقد وصل غضبه للدرجة التي جعلت الهواء يتشوّه من حوله.

الساحر العظيم غاضب جدا.


'إذا ظننت بأني سأقع في حيلك وألاعبيك مثل آخر لقائين لنا فأنت تحلم'


بدا الأمر وكأن رأسه سينفجر من شدة غضبه العارم.

ولكن بعكس مظهره الخارجي المضطرب, فقد كان أسترو يفكر بكل هدوء وتركيز.

كان يفكر في الطريقة التي سيقطّع وسيقتل فيها هذا المقنع الذي استهزأ به وجعل منه أضحوكة.


"إطلاااق!"


سيوو!

سيووو!


قبل أن يتمكن أسترو من التفكير بشأن ذلك المقنع الوغد لأكثر من عشر ثواني قام الحراس الملكيون بتشويش أفكاره وأطلقوا سهامهم نحوه.


"آه, هذه الأقزام الصغيرة..."

قام الحاجز الذي صنعه أسترو بصدّ كل الأسهم وإسقاطها.

بالرغم من أن تلك الموجة من الهجمات قد فشلت في إلحاق الأذى بأسترو, إلا أنها قد نجحت في زيادة غضب أسترو أكثر فأكثر.

الآن هو يحدق نحو فرقة الآرتشر بينما يقوم بصكّ أسنانه بشدة.


'لا وقت لديّ للتعامل مع أقزام صغيرة مثلكم!'


لقد افترض أسترو في ذهنه بأن الرجل المقنع هو الأكثر خطورة من بين كل الحراس الملكيين.

وذلك لأن هذا الشخص قد جعل حياته في خطر مرتين.

لقد قام ذلك المقنع بوضع حياة ساحر عظيم ذو سبعة دوائر على المحك.

لربما قد استهان به في اللقاءات السابقة, ولكن الآن لقد نظر إلى المقنع وكأنه تهديد حقيقي.


"العاصفة الثلجية!"

حسم أسترو أمره وقرّر التخلص من تلك الأقزام الصغيرة أولا باستخدام العاصفة الثلجية.

إنه سحر من الدائرة السابعة, وهي أقوى تعويذة ممكنة من تعاويذ عنصر الجليد.


"هذا, اللعنة..."

لقد لاحظ وسمع قائد الحرس ما كان أسترو يتفوّه به.

بدأ القائد وتابعيه بالتراجع مباشرة.


"تراجعوا! تراجعوا! فاليتراجع الجميع! إنه سحر ذو نطاق واسع! ابتعدوا جميعكم!"


ها...

من المفترض بأن الموسم الحالي هو الربيع, ولكن لسبب ما, كان الهواء الذي يتنفسه القائد ويزفره يتحول إلى ضباب أبيض من شدة البرودة.

كان النسيم اللطيف يمر بهم قبل لحظات.

ولكن سرعانما ما بدأت الرياح الربيعية تلك بالتسارع وتحولت إلى عاصفة ذات صوت قوي للدرجة التي تتمزق بها طبلة أذن.

مع تلك الرياح الباردة, تغير الوضع وبدأت حركات الحراس بالتباطؤ.


"اووو... بار..."

تجمد الحراس قبل أن ينهوا كلماتهم الأخيرة.

هذه هي القوة الحقيقية لسحر العاصفة الثلجية, فبعد كل شيء إنه سحر من الدائرة السابعة.


"كوووك!"


لقد تمكّن القائد بالكاد من الهرب من تلك العاصفة الثلجية.

غطّى وجهه بإحدى يديه, لربما كان السبب هو بقاء بعض أتباعه بداخل نطاق تلك العاصفة الرهيبة.

واحد من الحراس الذي كانوا يقفون بجوار نطاق الهجمة السحرية كان أبيضا بالكامل.

حتى وجهه لم يكن واضحا ويم يكن بمقدورهم التعرف عليه.


"سيدي..."

إنه حارس آخر كان يزحف على يديه محاولا الخروج من المنطقة المتجمدة بينما يستغيث قائده لمساعدته.

ولكن, وبينما الدمع يسقط من عينيه إذ تجمد مكانه وتجمدت دموعه أيضا.

إنه وضع بائس.

كان القبطان متصلبا في مكانه ويحدق بنظرة فارغة بسبب عدم قدرته على إنقاذ أتباعه.

وفي هذه الأثناء كان هناك ظلال لشيء ما تظهر فوق القائد.


"سيدي! حذاري!"

بالرغم من أن القائد لم يكن متجمدا إلا أنه تصلب مكانه بسبب هول ما حدث.

وبينما كان ينظر إلى الحارس الذي تجمد بينما يستغيث به جاء حارس آخر من خلفه ودفعه بعيدا.


"كوك؟!"

باام!


سقطت قطعة جليدية كبيرة على المكان الذي كان القائد واقفا عليه.

وكان أسفل تلك القطعة حادًا.

إذا سقطت عليه القطعة فلن ينتهي الأمر بسحقه فقط.

المشكلة بأن هذه الأشياء تتساقط من الأعلى بكثرة.


'أهذا هو سحر من الدائرة السابعة...'

وجّه القائد نظرته نحو الأعلى.


"هم!"

بعد أن لاحظ أسترو بأن القائد يحدق نحوه.

شخر أسترو وهو يفكر بنظرة تلك القائد الحقودة الغير مهذبة.

قام أسترو بتحويل نظرته لمكان آخر.


لازال هناك أفراد المعبد المقدس, ولكن مهما فعلوا فإنهم لن يتمكنوا من إيذائه أبدا.

وبعد أن تخلص من تلك الأقزام الصغيرة من قلعة سوليا انتقلت نظرته نحو نينياي والمقنّع الذي يقف بجوارها.


'المانا التي تبقت بداخلي هي.... النصف تقريبا؟

لا بأس, هذا يكفي'

قام أسترو بتضييق عينيه, والآن لديه ما يكفي من المانا ليستخدم تعويذتين من أقوى التعاويذ السحرية في الدائرة السابعة.

وأيضا, لازالت لديه ورقة رابحة أخرى, إنه الدواء الذي أكمله بعد قضائه وقتا طويلا في دراسته وإجراء التجارب عليه.

لم يكن لديه أي مشكلة.


'سأرسلك إلى قبرك'

امتلأت عينا أسترو بنية القتل القوية



***



"هاه, انظري إلى مدى العنف الذي في عينيه"

ارتعشت كتفا رايلي أثناء مشاهدته لتلك العاصفة الثلجية من بعيد.

لقد بدت العاصفة الثلجية قوية للغاية.

بالرغم منه أنه كان بعيدا عنها إلا أن البرد تسلل إلى جسده وارتعش جسده بسبب درجة الحرارة المنخفضة.


بالرغم من رؤيته لذلك السحر وبالرغم من عيون الساحر ذاك الممتلئة بنية القتل إلا أن رايلي لازال هادئا ومسترخيا كعادته.

حولت نينياي رأسها للخلف ثم سألت رايلي.


"مهلا... ما الذي ستفعله الآن؟"

سألته لأن أسترو كان بالفعل بعيدا عنهما وقد كان عائما في الهواء أيضا.

كانت مهارة رايلي كمبارز شيء يدعو للفخر, ولكن بسبب هذه المسافة فإن رايلي سيكون عاجزا عن فعل أي شيء.


"ما الذي تعنيه؟ كل ما أريده هو إنهاء الأمر بأسرع وقت ممكن"

كان رايلي يجيبها بينما يقوم بسلّ السيف من خصره.


"هل استنشقتي نفسا عميقا؟"

"أجل, ولكن..."


أجبرت نينياي نفسها على الإجابة على سؤاله.

ولأن رايلي أخبرها بأن أسترو لن يحاول الهرب بعد الآن فقد قامت بإلغاء التعويذة التي أعدتها مسبقا.


"وبالنسبة للطلقة الكبيرة؟"

طلب رايلي من نينياي بأن تقوم بإعداد طلقة تكون كبيرة بحجمها بشكل مفرط.

ومرة أخرى أجبرت نينياي نفسها على الإجابة على أسئلة رايلي الغريبة.


"إنها جاهزة"

لقد قامت بتجهيز وإعداد تعويذة التأثير الضخم.

إنه سحر عام من الدائرة السادسة,

ليس له أي عنصر معين.


بكل بساطة إنه عبارة تجميع وضغط المانا بأقصى قدر ممكن ومن ثم إطلاقها على شكل شعاع لتنفجر المانا وتظهر أضواء وأشعة وأصواتا عنيفة.


"هل أنت جاهزة ذهنيا؟"

"..."

لم يكن سؤاله له أي أهمية في هذ الموقف, وبالرغم من هذا سأل هذا السؤال الغريب,

ردت نينياي عليه بالصمت.


"حسنا, جيد"

بدأ رايلي بتجهيز وضعية سيفه ببطء.

وفي نفس اللحظة بدأت المنطقة التي حول أسترو بالتشوه بسبب المانا خاصته.

بدا وكأنه يتجهز لإطلاق سحر من الدائرة السابعة.

لقد كان أسترو متيقظا بالكامل لما حوله.


"لقد مر بعض الوقت منذ أن رميته بكل جدّية"

"...؟"

ظهرت علامات الاستفهام على وجه نينياي عندما سمعت ما قاله.

'يرميه؟ ما الذي سيقوم برميه؟'


"عندما أعطيك الإشارة كل ما أنت بحاجة إليه هو رش تعويذتك للأمام"

"رش تعويذتي؟"

"ما أعنيه هو أنك بحاجة لإطلاقها"


رايلي ضيّق عينيه ليحدد موقع أسترو جيدا.

قام رايلي بتقدير المسافة بينهما ومن ثم اتخذت ساقاه وقفة معينة.

وبعدها قام بإحكام قبضته على السيف.

هدفه وعدوه هو الشخص الذي يعوم في الهواء, أسترو.


"إنه قادم..."

بعد أن سمعت نينياي ما قاله رايلي قامت برفع ذراعها للأعلى.

بعد أن لاحظوا وميضا عند أسترو انطلق طائر ملتهب نحوهم بسرعة فائقة.


'كما توقعت, إنه سحر من الدائرة السابعة...'

تجهم وجه نينياي لأن الهجوم الذي ينطلق نحوهم هو السحر الناري من الدائرة السابعة والذي رأته في الماضي.


'هل بإمكاني التغلب عليه؟'

كانت ساحرة بمستوى ست دوائر.

ولقد كانت المانا تنفد منها بسبب فترة حياتها القصيرة التي تبقت لها.


عندما زمّت نينياي على شفيتها أشار لها رايلي.

"إطلاق!"


ومن بعد أن تكلم رايلي بدأت نينياي تهمس بكلمات التعويذة التي أعدتها.

"التاثير الضخم"

بعد أن ظهر صوتها المنخض والضعيف أصبح شكل نينياي أبيضا تماما.

لم يكن بسبب فقدانها لوعيها, بل كان بسبب الضوء الساطع الذي أنتجته تعويذتها تلك.

ولقد كان يرافق ذلك السطوع القوي صوتا صاخبا أيضا.


'آه...'

كان الأمر مثل الوقوف أمام شلال وسماع صوت المياه الصاخب.

انغلقت واحدة من عيون نينياي بسبب ذلك السطوع القوي.

بقيت نينياي محافظة على وعيها بأعجوبة أمام ذلك الصوت والضوء القويان.

لقد كانت يدها ترتجف بقوة.


'ما الذي سيقوم بفعله الآن؟'

باستخدام عينها الأخرى التي كانت مفتوحة بالكاد فقد نظرت نحو رايلي وشاهدته يتمتم بكلمات متذمرا أثناء تحديقه نحو أسترو.

"رجاء, لا تزعجني أكثر. مُت بطلقة واحدة فقط"


قام رايلي بسحب قدميه على الأرض ومن ثم سحب ذراعه للوراء ورمى السيف الذي كان يحمله في يده.

'ماذا؟'


طرفت نينياي بسرعة مع وجه مليئ بالصدمة.

في وسط أصوات الانفجارات الصاخبة تلك, فقد سمعت صوتا آخر وكأنه يقوم بقطع الرياح.

نينياي راقبت رايلي وهو يرمي بسيفه ولكنها لم تكن قادرة على اللحاق بالسيف بعيونها بعد أن تم رميه.

ولكنها قد لاحظت بأن اللهب الذي كان يقترب منها قد أصبح ضعيفا فجأة.

"والآن, لقد انتهى الأمر... أنا ذاهب"

كانت نينياي تحدق نحو رايلي الذي كان خلفها بيدها المرفوعة للأعلى ولكنها فتحت فمها مصدومة بعد أن أدركت بأن رايلي اختفى في غمضة عين.

كان مشابها للسراب.

بقيت نينياي على حالها والصدمة والانبهار يملآن وجهها.


".."


شعرت بأن شيئا ما قام بلمس ظهرها قبل أن يغادر رايلي.

نينياي التي كانت تقف بملامح فارغة على وجهها قامت بالتركيز وملاحظة المانا خاصتها.

بطريقة ما, من بدأت المانا تفيض بداخلها ومن ثم توجهت المانا لوحدها ناحية ذراعها اليمنى.


"كووك!"

بدأت المانا تفيض بداخل ذراعها اليمنى, وبعدها شعرت بألم شديد وكأن جسدها كله سينفجر.

لقد نسيت أن تصرخ حتى بسبب ألمها الرهيب.

قامت نينياي بإغلاق عينيها بقوة.


"..."

وبعد أن قامت بفتح عينيها ببطء, كان ضوء أسود من المفترض ألا يتمكن أي شخص من صنعه إلا نينياي يقوم باختراق جسم أسترو.



***


كان هناك ثقب ضخم على جسم رجل عجوز مطروح بجانب مجاري جنوب سوليا.

سقط على الأرض بفم مفتوح وبلا أي علامة من علامات الحياة عليه.

لقد تواجد ثقب كبير على صدره.

كان كبيرا بما يكفي ليمُرر أحدهم قبضته بداخل الثقب.


"فقط, ما الذي حدث للتو..."

على قمة تلك العاصفة الصلجية, راقب حراس قلعة سوليا الملكيون طائرا عملاقا مصنوعا من النيران

ولكن الآن, وبوجه مصدوم وعيون منبهرة.

كل ما رأوه هو جثة أسترو مطروحة أرضا.

حرفيا, كل شيء حدث في لحظة.


"هل... هل مات؟"

سأل أحد الحراس بعد أن نظر إلى الجثة.

إن جثة الساحر العظيم موجودة أمامهم الآن, وهم غير قادرين على تصديق ما يرونه.


"فقط... من الذي فعل هذا؟"


كل ما لاحظوه هو شعاع أسود اللون يخترق ذلك الطائر الناري ومن ثم اخترق صدر أسترو.

قام الجميع بتوجيه نظرتهم نحو مصدر ذلك الشعاع الأسود.


"نين..."

بعد أن اكتشفت بريسيا من الذي قام بإطلاق الشعاع تمتمت باسمها بلا وعي.

"...ياي"


تواجدت فتاة تقف هناك بيد موجهة نحو المكان الذي سقط منه أسترو.

إنها نينياي هي التي أطلقت ذلك الشعاع وأسقطت أسترو.


"..."


لقد بدت مخيفة بسبب الندوب التي حفرت وجهها.

وبنفس الوقت بدت ضعيفة جدا.

ظهرت نسمة رياح خفيفة.

وبدأ جسمها بالوقوع ببطء على الأرض.

"نينياي!"

لم يعرفوا إن كانت قد فقدت وعيها أو فقدت حياتها.

هرعت بريسيا وانطلقت نحو نينياي باللحظة التي بدأت فيها بالسقوط.


"اوو, الأخت الكبرى!"

لحسن الحظ, الطفلة التي كانت بجانبها قد قامت بمساعدتها قبل أن تسقط.

بالطبع لم تكن قوية كفاية لمنعها من السقوط ولكنها كانت كفيلة بإبطاء سقوطها.


"نينياي!"


بريسيا التي هرعت نحو نينياي قامت بإمساكها ومساعدتها بسرعة.

بدَت يد نينياي كالورقة بسبب السحر الذي استخدمته.

لقد انتهت كل القوى التي بداخل جسدها, بدا وكأنه لم يبقى أي ذرة قوة أو مانا بداخلها.

كانت أسوأ من أن يتم وصفها بأنها في حالة مؤسفة فقط.


"السيدة التي من المعبد... هل الأخت نينياي بخير؟"

"..."


سألت الطفلة بريسيا وانتظرت إجابتها بفارغ الصبر.

يبدو بأن بريسيا لم تتمكن من التأكد من الأمر بمجرد النظر إلى وجه نينياي.

لذا وضعت أذنها بالقرب من وجهها لتفحص تنفسها.

وبعد أن تحققت من وضع نينياي اكتشفت بريسيا بأنها...



..................................................................

مسكينة هذي البنت ما شافت خير بحياتها كلها:(

يلا أحسن شي أسترو مات وكفانا شرّه


ترجمة: GhareebGH

2018/07/16 · 2,219 مشاهدة · 1855 كلمة
GhaareebGH
نادي الروايات - 2024