داخل جناح وانغ تشين، خيّم السكون على كل زاويا الغرفة.

جسده ممدد على فراشه، ملامحه هادئة وكأنه غارق في نوم عميق. فجأة، ارتعشت أطرافه، وانفتحت عيناه بعنف، فجلس منتفضًا وهو يلهث.

«لقد عُدت إلى جسدي مجددًا!»

نظر حوله بحدة. الغرفة صامتة، والظلام الخفيف يغمرها بينما كانت الشمس تودع الأفق لتسلم الليل زمام الحكم بسكونه الهادئ.

نهض سريعًا، وفتح الباب، فوجد الخادمة الشابة جالسة بالقرب، تترقب أوامره.

«يا فتاة، كم مضى منذ خروج جدي ووالدي من هنا؟»

انحنت الخادمة احترامًا وقالت:

«سيدي الشاب، لم يمر سوى نهار واحد. وقد أمرني الشيخ الأكبر أن أسلّمك هذا الصندوق، لكني لم أجرؤ على طرق الباب خشية مقاطعة زراعتك. انتظرت حتى تستدعيني بنفسك.»

انعقد حاجبا وانغ تشين بدهشة، وتمتم في نفسه:

«عشر ساعات فقط؟ بينما قضيت في الفضاء ثلاثة عشر يومًا كاملة! إذن... الوقت هناك يمر أسرع بكثير. ممتاز! يمكنني قضاء شهور كاملة في صقل الروح بينما لا تمر هنا سوى أيام قليلة.»

ابتسم بخفة ، أخذ الصندوق، وأمر بإحضار طعام وشراب، ثم عاد إلى غرفته.

لم يهتم بإضاءة المصابيح رغم أن ضوء المساء كان خافتًا. كان بإمكانه استدعاء دودة غو لإضاءة المكان بسهولة او حتى إشعال بعض الشموع، لكنه أحب الأجواء المظلمة.

وضع الصندوق جانبًا، وتقدم نحو النافذة المطلة على البحيرة الشاسعة المكسوة بالنباتات المائية المضيئة، التي تومض بألوان متعددة في مشهد ساحر ليلاً. لكن نظرته اخترقت الأفق وتجاوزت السماء نفسها، وكأنه يحدق فيما وراء النجوم والكواكب.

«فانغ يوان... الموقر الطيفي... الفضاء الشاسع... ما الذي ورّطتموني فيه بحق الجحيم؟! كل ما أردته كان أن أنهي حياتي بسلام... لكن يبدو أن القدر اختار لي طريقًا آخر!»

تنهد بعمق:

«مهما كانت حياتي هنا جيدة ومليئة بالمزايا... فلن أعيش عبدًا في مخططات الآخرين.»

اشتعلت الحماسة في قلبه من جديد. لم يعد هو "مهاب" من الأرض، ولا حتى وانغ تشين الشاب المدلل، بل شخص جديد... بطل ساخط يرفض الخضوع لأي قدر مفروض.

زفر بسخرية:

«تبًا لكم جميعًا! إن كان لا بد لي أن أعيش هنا... فستسير حياتي وفق قواعدي الخاصة فقط.»

طرق خفيف على الباب قطع شروده.

«ادخلي.»

فتحت الباب فتاة يافعة، جمالها الفاتن لا يُخطئه النظر، وجسدها يفيض بالأنوثة وهي تدفع عربة صغيرة محملة بأصناف الطعام.

قالت بخجل:

«الطعام، أيها السيد الشاب... هل تأمرني بأي شيء آخر؟»

في الماضي، كان هذا المشهد كفيلًا بإشعال رغبات وانغ تشين، لينتهي الأمر سريعًا فوق السرير. لكن هذه المرة، اكتفى بابتسامة خافتة وصوت هادئ:

«اتركيه هنا... واخرجي.»

لم يعد في مزاج للألاعيب الصبيانية. رغم الحرمان الذي عاناه في عالمه السابق، فإن ما مر به من مواقف جعل قلبه يبرد أمام هذه التفاهات. لأول مرة، أصبحت أولوياته أوسع بكثير من الملذات العابرة.

---

في القارة الوسطى – أرض هو الخالدة.

كان فانغ يوان جالسًا في كهف على جبل دانغ هون، يتأمل وضعه بعد تدمير مبنى اليانغ الحقيقي. جسده الذي تحوّل إلى زومبي أضعف قدراته العقلية، وشتّت أفكاره، لكنه لم ينحنِ لليأس قط.

دخلت الصغيرة هو وبصحبتها تاي باي يون شينغ، الذي كان وجهه مفعمًا بالحزن والاعتذار. كان هذا الرجل يقدّر الإخلاص أكثر من أي شيء، وما حلّ بفانغ يوان جعله يشعر وكأن قلبه يُمزق.

جلس بجواره وتنهد بأسى:

«أشعر بالخجل... لم ينقذ الأخ الأصغر حياتي فحسب، بل يجبرني الآن على سماع كلمات عزاء منه!»

كان يرغب في تعويضه بأي طريقة بعد إنقاذه له أثناء انهيار المبنى، لكن العجز كان يخنقه.

مد فانغ يوان ذراعه وربت على كتفه قائلاً بهدوء:

«القدر لا يمكن التنبؤ به. معظم الأمور في الحياة لا تسير كما نشتهي. صحيح أنني أصبحت زومبي، لكنني لا أزال عالقًا بين الحياة والموت. مقارنة بالأموات... وبالشمس العملاقة ... حالنا أفضل بكثير. لا داعي للوم نفسك، يا أخي الأكبر، بل كن سعيدًا.»

لكن تاي باي لم يقتنع. تحرك بحماس:

«لماذا لا تدعني أجرّب غو الرجل كما كان من قبل؟ ربما نعيدك كما كنت!»

وقف بالفعل، جاهزًا لاستخدام دودة غو الثمينة، لكن فانغ يوان أوقفه بسرعة:

«أيها الأخ الأكبر، أنت تعلم جيدًا أن غو الرجل تعيد الشخص إلى حالته الأصلية خلال فترة محدودة فقط. لقد فات الأوان منذ زمن، ولن ينفع الأمر الآن. لا تهدر جوهرك الأخضر الثمين على محاولة عبثية.»

حاول تاي باي إقناعه مرارًا، لكن دون جدوى. ازداد حزنه، بينما ظل فانغ يوان ثابتًا كالجبل، يواجه قدره ببرود وعزيمة لا تلين.

2025/08/27 · 15 مشاهدة · 659 كلمة
EL7zrd
نادي الروايات - 2025