بعد أن أنهى وانغ تشين طعامه كان الليل قد غطى القرية، والظلام الكثيف أحاط بكل مكان.
كان من المفترض أن يبدأ في استيعاب دودة غو الكنز من ميراث الضباب، لكن ذاكرته عادت إلى الكتاب الذي وجده بجانب الحجر داخل النعش.
"ذلك الكتاب… لا بد أنه يفسر شيئًا عن حجر الفضاء. يجب أن أقرأه بعناية."
أشعل مصباحًا زيتيًا، جلس في زاوية الغرفة، والتقط الكتاب وبدأ يتصفحه.
عقد حاجبيه وهو يتأمل:
"همم… الصفحات هشة جدًا ومليئة بالغبار. هذا الكتاب قديم للغاية."
الكلمات بدت كملاحظات شخصية لصاحب الميراث.
الاسم المكتوب هو: مو تيان شينغ، المؤسس الأول لعشيرة مو شينغ.
في الصفحة الأولى ظهرت جملة:
"أنا مو تيان شينغ، سيد غو من الرتبة الثالثة، وهذه ملاحظاتي."
الملاحظات الأولى كانت حول ديدان غو عادية في مسارات مثل الرياح، الماء، والأرض، إضافة إلى طرق أساسية للزراعة.
لكن بعد ذلك، بدأ يسجل طرقًا لرفع مستوى الزراعة، وكيفية تجاوز الموهبة من الدرجة D، وأطروحات عن تأسيس عشيرة.
كل هذه بدت عادية جدًا في نظر وانغ تشين.
فهو قرأ الرواية الأصلية مرات عديدة قبل تناسخه، ومع ذكريات الجسد القديم، بالإضافة إلى خبرته من التهام الأرواح واللقاء مع الموقر الطيفي… هذه المعلومات لم تهزه إطلاقًا.
"هذا السيد مو تيان كان طموحًا، أسس عشيرته الخاصة، لكن موهبته أوقفته عند الرتبة الثالثة. حتى عندما عثر على دودة غو قادرة على كسر الحاجز، اختار أن يتركها لأحفاده بدلًا من استخدامها. على كل حال ، العمر كان عائقًا لم يستطع تجاوزه."
أنهى وانغ تشين قراءة القسم الأول، وبدأ يبني صورة عامة عن صاحب الميراث.
لكن فجأة، توقف عند صفحات لفتت انتباهه بشدة.
كانت الكلمات تقول:
"في ليلة مقمرة، وبينما كنت أتجول فوق تل جاو بحثًا عن ميراث أو دودة غو برية ، بدا وكأن الفراغ قد تشقق. اختبأت خلف صخرة أراقب. خرج رجلان من البوابة… يرتديان ملابس غريبة، وكل واحد يحمل أداة تومض بضوء غير مألوف. راحا يتفحصان المكان بعناية، ثم تبادلا كلمات لم أفهمها. لغة عالم الغو واحدة، لكن لسانهما كان مختلفًا. من ملامحهما أدركت أنهما لم يجدا ما يبحثان عنه، فبدا الغضب والاستياء واضحًا على وجهيهما. فجأة، لاحظني أحدهما. اقترب بسرعة، ورفع أداة كروية مضيئة أطلقت شعاعًا نحوي… فقدت وعيي. عندما استيقظت، كان المكان خاليًا منهما، وكل شيء عاد كما كان، ما عدا حجر أزرق غريب يومض بجانبي. لا أعلم إن كان من بقاياهما أو كان هنا منذ البداية. حاولت سنين طويلة معرفة سره لكني فشلت. أعتقد أن رجلاً قويًا من نسلي سيكون جديرًا بكشف أمره. لقد أنفقت ثروتي في البحث عن وحش النجوم القوي. إن كنت تقرأ هذه الملاحظات الآن، فهذا يعني أنك تغلبت عليه ووجدت الحجر والكتاب. حينها، فأنت الوريث الذي يستحق هذا الشغف… وأمل عشيرتي في الإزدهار"
كانت هذه آخر كلمات الكتاب.
أغلقه وانغ تشين بعناية ووضعه جانبًا.
"رجلان يقتحمان الفراغ… لغة غريبة… أدوات ليست من هذا العالم. هل هم قادمون من عوالم أخرى؟"
اشتعلت الأفكار في رأسه.
كل يوم يمضي في عالم الغو يكشف له أن هناك أسرارًا أكبر بكثير مما ورد في الرواية الأصلية.
أسرار تفوق حتى الموقرين.
"لكن… عن ماذا كانوا يبحثون؟ الحجر مرتبط بهم بالتأكيد. لو كان شيئًا طبيعيًا في هذا العالم لوجدت عنه بعض المعلومات. لماذا لم يقتلوه رغم أنهم قادرون؟ لماذا اكتفوا بإفقاده الوعي؟"
تعمق في التحليل.
"لا شك أنهم كانوا يبحثون عن شخص محدد. استياؤهم يعني أن هذا الشخص غير موجود… أو بالأحرى—"
تسارعت أنفاسه.
"—ليس موجودًا في هذا الزمن!"
ارتعشت عيناه.
"إن كان استنتاجي صحيحًا… الحجر من عالم آخر، والرجلان أيضًا. أما مو تيان فقد كان مجرد حلقة وصل. هل من الممكن… أن الشخص الذي كانوا يبحثون عنه هو أنا؟! تبًا… ما الذي يحدث بحق الجحيم؟!"
بينما غرق في أفكاره، قطع تفكيره طرق خافت على باب الغرفة.
نهض وفتح الباب، ليجد الجد فو ياو أمامه.
انحنى باحترام:
"هذا الصغير لا يستحق شرف حضورك بنفسك، جدي الأكبر."
ابتسم الجد بحنان:
"لا تكن رسميًا. أنت حفيدي، وزيارتك لا تكلّفني شيئًا."
"كلماتك تسعدني يا جدي. تفضل بالجلوس."
دخل فو ياو الغرفة، لكنه وقف أمام النافذة يتأمل البحيرة المضيئة بالنباتات الليلية.
ثم قال:
"أخبرتني الخادمة أنك أنهيت طعامك للتو. لولا ذلك لم أشأ أن أقطع زراعتك. كيف حالك الآن يا حفيدي الصغير؟"
ابتسم وانغ تشين:
"بفضل رعايتك وتوجيهاتك، أنا بخير. السماء أنعمت عليّ إذ جعلتني حفيدك، وأنا ممتن لذلك."
لم تكن هذه مجاملة، بل حقيقة.
في عالمه الأصلي كان يعاني من تفكك أسري وغياب الحنان. أما هنا فقد حصل على اهتمام ورعاية لم يعرفهما من قبل.
رغم قسوة ذكريات وانغ تشين القديم، لكنه أدرك أن تلك القسوة كانت بدافع التقويم لا بدافع الكراهية.
قال فو ياو بصوت أجش:
"دعنا ندخل في الموضوع الذي جئت لأجله."
"بالطبع يا جدي، ما الأمر؟"
صمت الجد للحظة، ثم تابع:
"والدك تساءل عن الشيخ فينغ باي، سيد غو من الرتبة الرابعة. لقد صُدم حين علم أنك قتلته بتلك الطريقة. فينغ باي كان من أقرب أصدقائه، ورفيقًا مخلصًا لعائلتنا. رغم انشغال والدك بالضغوط، إلا أن قتلك له ترك في قلبه استياءً عميقًا. أخبرني يا وانغ تشين، ألا ترى أنك استعجلت بقتل رجل وفيّ دون رحمة؟"
اقترب وانغ تشين، ثم قال بهدوء بعد صمت قصير:
"أخبرتكم أنني حصلت على قوة غامضة من لقاء مصيري."
قال الجد بسرعة:
"نعم، تحدثت عن ذلك الكيان الغريب الذي اخترق عقلك ومنحك قدرات. لكن ما علاقة هذا بمقتل فينغ باي؟"
ارتسمت ابتسامة ملتوية على وجه وانغ تشين:
"هذا الكيان الغامض… كشف لي سرًا خطيرًا عن فينغ باي. عندها لم أتمالك نفسي وقتلته."
اتسعت عينا الجد فو ياو، وحدق في حفيده قائلاً:
"ما هو ذلك السر؟!"