الفصل الأول

"أوووه، رأسي تألمني"، استيقظ "نوا" وهو ممسك رأسه من الألم ثم نظر حوله فوجد نفسه على فراش أبيض وحوله بعض الأجهزة ثم نظر إلى يده فوجدها معلقة ببغض المحاليل الطبية فنظر إليها بصمت وقال في نفسه "ما هذا؟ أين أنا؟"، ثم أمسك به ونزعه من يده فأصدر الجهاز صوتاً عاليا فنظر إليه مستغربا وفي وقتها فتح باب الغرفة بقوة ودخلت أحد الممرضات ثم وقفت في مكانها نتظر إليه نظرة تحمل كل معاني الدهشة، فنظر إليها أيضا مستغربا وسكت لبرهة ثم سأل "من أنت؟! أين أنا؟" فلم ترد الممرضة لفترة ثم قالت غير مصدقة "أخيراً ...... استيقظت!!!، يا إلهي" ثم ركضت خارجة من الغرفة....

تهافت الأطباء والممرضات على الغرفة ونظرات الدهشة التعجب تعلو وجوههم و"نوا" ينظر إليهم بصمت مستغرباً ما يحدث، دخل مدير المشفى الغرفة ثم أمر كل من فيها بالخروج ثم أغلق الباب خلفهم وسار باتجاه "نوا" ثم جلس على سريره وقال مبتسماً "حمداً لله أنك استيقظت يا بني، لقد فقدنا جميعاً الأمل ولكن ها أنت ذا تعود إلى الحياة مجدداً، لو لم أكن هنا بنفسي أشاهد هذا ما كنت لأصدق أن هذا حدث".

سكت "نوا" وهو ينظر إليه متعجباً ثم قال "ماذا؟ من أنت؟ وكيف وصلت إلى هنا؟"، فسكت الطبيب لبرهة ثم قال "ما هو آخر شيء تتذكره يا بني؟"، فقال مستغربا "آخر شيء؟!" ثم أمسك رأسه متألما وقال "رأسي تألمني بقوة ولكن آخر شيء أتذكره أنني كنت نائما على سريري أمس"، فقال الطبيب مستغرباً "أمس؟!"، فقال "نعم، أخر شيء أتذكر أنني رأيته هو وجه والدتي التي تقبلني قبل أن أنام"، فسكت لبرهة ثم قال "هكذا إذن.....، هل يمكنك إخباري ما هو تاريخ اليوم؟"، فسكت لبرهة ثم قال "بما أن يوم أمس كان أول يوم من السنة الجديدة فهذا معناه أن اليوم هو الثاني من الشهر الأول"، فقال "أي سنة؟" فقال مستغربا "2000م ، من الغريب أنك لا تدري أنها أول سنة من القرن الجديد"، وقف الطبيب وأمسك الصحيفة التي على النافذة واأعطاه إيها وقال له ماهو تاريخ اليوم، فأمسك بالصحيفة وقرأ العنوان واتسعت عيناه من الدهشة، ثم قال "ماهذا؟ هل طبعوا التاريخ بالخطأ؟" فقال "إنه ليس خطأ"، فنظر مجدداً وقال "مكتوب 26/6/2017 ، هل تمزح معي؟ كيف لا يكون هذا خطأ؟".

جلس الطبيب بجانبه وقال "منذ أكثر من خمس سنوات جاء إلينا شاب في الثلاثين من العمر مغطى بالدماء وعلى حافة الموت، ولحسن الحظ استطعنا إنقاذه في أخر لحظة، لكن دخل ذلك الشاب في غيبوبة طويلة إلى أن استيقظ أخيراً"، فسكت "نوا" لفترة وهو ينظر إليه، فقال "نعم، ذلك الشاب هو أنت".

فلم يرد "نوا" فأكمل الطبيب "يبدو أن ذاكرتك تضررت أثر ذلك الحادث، ..... أخبرني ماهو اسمك بالكامل؟"

فسكت لبرهة ثم قال "نوا ماكس ديبارا"، فقال "جيد، وما هو عمرك؟"، قال "17"، فسكت لبرهة ثم قال "17؟ هل أنت متأكد؟" ، فقال "نعم".

دخلت سيدة كبيرة في السن شعرها أبيض و ترتدي ملابس أنيقة من الباب ووقفت تنظر اليه مندهشة و بدات الدموع تتساقط من عينيها ثم ركضت إليه وعانقته وهي تبكي وهو ينظر اليها مستغربا ويقول في نفسه "من هذه المرأة؟"، ثم أمسكت يديه بقوة وقالت مبتسمة "هذا أسعد يوم في حياتي"، فنظر إليها متعجبا ثم قال "أنت تشبهين أمي، حتى صوتك مثلها تماما"، فسكتت لبرهة ثم قالت "أنا والدتك يا نوا؟ عندما أخبروني أنك استيقظت كنت سأفقد الوعي من الصدمة، أخبرني هل أنت بخير؟"، فسكت وهو ينظر إليها ثم نظر إلى الطبيب فقال الطبيب واضعا يده على كتفها "سيدة "ديبارا" هل لي بكلمة معك على انفراد؟".

فنظرت اليه وقالت "ماذا؟"، ثم نظرت إلى "نوا" ووقفت وذهب معه الى خارج الغرفة.

قال الطبيب "في البداية أنا أهنئك على أن ولدك استيقظ لقد كانت هذه معجزة بكل معنى الكلمة، ولكن ....، يبدو أن ذاكرته تضررت اثر ذاك الحادث، عندما سألته عن عمره أخبرني أنه في السابعة عشر من العمر، هل تفهمين ما أعني؟ يبدو أن ذاكرته عادة لتلك النقطة، أنا لم أرى شيئا كهذا من قبل ولم أكن أعلم أنه ممكن حتى ولكن ليس هناك شك في الأمر، أخر شيء هو أول يوم من هذا القرن يبدو أنه كان مهما جدا بالنسبة له لذلك علق في ذاكرته بطريقة ما، باختصار لقد عادت ذاكرة ولدك في الزمن، جسمه جسم رجل في الثلاثين من عمره وعقله عقل مراهق في السابعة عشر من عمره".

سكتت السيدة لفترة وهي تنظر اليه بصمت، فقال "أعلم أن هذا كان مفاجئا ولكنني أخبرتك بهذا لكيلا ترهقيه في أن يتذكر فهذا قد يضره في هذه المرحلة بشدة لذلك ..."، بدأت الدموع تنهمر من عينيها بشدة وهي تبتسم وتقول "هل ما تقوله صحيح؟"، فتعجب من ردة فعلها ثم قال مرتبكا "ن- نعم!"، فمسحت دموعها وقالت مبتهجة "حمدا لله، لقد تم منحي فرصة أخرى، أنا لن أكرر ذاك الخطأ مجددا" ثم دخلت الغرفة وجلست بجانب "نوا".

قال "نوا" أنت نشبهين أمي كثيرا ولكن أمي تبدو شابة أكثر"، فابتسمت وقالت ممسكة يديه "أنا والدتك يا صغيري، أنت كنت نائما منذ مدة طويلة، ويبدو أنني كبرت قليلا في تلك الفترة"، فسكت وهو ينظر اليها ثم سمع صوتا داخل يقول "نوا .... أنقذني" واستمر هذا الصوت في التكرار فأمسك رأسه وبدأ يصرخ من الألم ولم يعد يسمع الا اصوات الاقدام التي بدأت تملأ الغرفة وبدأت تلك الأصوات تتلاشى الى أن عم الصمت وظهرت صورة فتاة جميلة تبتسم له وتقول "نوا، لا تقلق سأكون دوما معك"، ثم فقد الوعي....

2017/06/26 · 339 مشاهدة · 830 كلمة
Blazing_heart
نادي الروايات - 2024