الفصل الثاني

قال الطبيب جالسا على كرسي بجانب سرير "نوا" "اذن أنت لا تتذكر أيام طفولتك أيضا؟"، فقال بنظرة حزينة "لا، فقط ذاك اليوم"، فابتسمت والدته الجالسة بجانبه على السرير وقالت "لا يهم يا ولدي، أن أراك بخير هو كل شيء لي"، فابتسم الطبيب وقال "انت تتعاملين مع هذا الأمر بـ....، ماذا أقول؟ ...، أنت فقط تتقبلينه أكثر من الازم"، فابتسمت وقالت "كل يوم عندما أخلد للفراش أتمنى أن يعود بي الزمن لكي أصلح خطأي مع "نوا"، والآن أخيرا لقد تحقق حلمي وهو لا يتذكر ما حدث بيننا، لذلك أنا لا يمكنني أن أكون أسعد من ذلك"

نظر "نوا" إليها مستغربا وقال "ما الذي تتحدثين عنه يا أمي؟"، فنظرت اليه وابتسمت ووضعت يدها على شعره وقالت "لقد كنت غبية جدا واقترفت شيئا بشعا بحقك، أنا لن أخبرك ما هو ولكن أنا أعدك أنه يستحيل لشيء كهذا أن يحدث مجددا، لذا دعنا لا نتحدث عن هذا الأمر من مجددا، اتفقنا"، ثم نظرت الى الطبيب وقالت "اذن، هل يمكنني أن أخذه معي الآن؟".

قال الطبيب "لا، لقد شاهدت ما حدث بالأمس، أليس كذلك؟، انه ليس مستعدا للخروج بعد، أي ضغط على ذاكرته يمكن أن يفقده الوعي من جديد"

قالت "نعم، أنا أتفهم"، ثم نظرت الي "نوا" وقالت "كما أخبرك الطبيب يا "نوا"، لا تحاول تذكر أي شيء الآن لكيلا نؤذي نفسك".

قال "نوا" "حسنا، ولكن ماذا عن تلك الفتاة التي شاهدتها قبل أن أفقد الوعي، هل أنت متأكدة أنك لا تعرفينها؟"

قالت "لقد أخبرتك من قبل، أنا لا أعرف أي شخص بهذه المواصفات يا ولدي"، فسكت لبرهة ثم قال "وأنا لا أعرفها أيضا، مع أنني عندما رأيتك تعرفت عليك يا أمي وأنا أذكر صورة أبي الراحل وكثير من أقاربي" ثم نظر الى الطبيب وقال "أنا لا أفهم لماذا لا أتذكرها؟".

قال الطبيب "عندما رأيت والدتك لم تتعرف عليها في البداية، أليس كذلك؟"، فقال "نعم"، فسأل "لماذا؟"، فقال "لا أدري، ولكنني كنت أتذكرها وهي صغيرة".

قال "بالضبط، كل الأشخاص الذين قابلتهم بعد سن السابعة عشر لن تتذكرهم لن ذاكرتك محيت بعد ذلك السن، حتى صورتك التي تحملها لأقاربك هي لهم عندما كانوا اصغر بعشرين سنة لذلك لا أريدك أن تتفاجأ عندما تراهم".

فسكت لبرهة ثم قال "لكنني لا أصدق أن عمري 38 سنة، أنا لا أبدو كذلك أبدا، أنا أبدو كما أتذكر نفسي عندما كنت في السابعة عشر"، فقال الطبيب "هذا يعود لسبب لمرض نادر أصابك وأنت صغير مما جعل نموك يتوقف".

قال بحزن "هكذا إذن.....، لكن.....، لخمس سنوات....، أنا كنت نائما لخمس سنوات".

قال الطبيب "نعم"، فقال "ولا يمكنني الا تذكر يوم واحد من حياتي عندما كنت في السابعة عشر"، فقال الطبيب "نعم"، فوضع يده على رأسه وقال "لماذا يبدو هذا كقصة مصورة من نوع ما؟".

ابتسم الطبيب ووالدته ابتسمت أيضا، وقال الطبيب "هذه أول مرة أشهد شيئا كهذا أيضا، أنا لا ألومك"، وقالت والدته "على كل حال أنا لا يهمني أنك ان كنت تتذكر يوما واحدة أو لا تتذكر أي شيء، المهم أن أراك بخير يا ولدي"

جاء صوت مرتفع من الخارج يقول " كيف لا يمكنني أن أدخل ان هذا صديقي بالداخل، لقد كان نائما لخمس سنوات يا رجل!، دعني أدخل".

ابتسمت والدة "نوا" وقالت ناظرة اليه "هل تذكر هذا الصوت؟"، فقال مبتسما "وكيف يمكنني أن أنساه؟!"، ففتح الباب ودخل منه شاب أسمر مفتول العضلات والحارس يحاول منعه فنظر الاثنان إلى بعضهما بصمت لفترة ثم قال "نوا" مندهشا "لا يصدق، هل هذا ماثيو؟"، فقال الشاب "نوا..." ثم بدأت عيناه تدمع، وقال وهو يركض باتجاهه "تبا لك يا صديقي لقد افتقدتك بشدة"، ثم عانقه بقوة فقال "نوا" وهو يختنق "هل تحاول قتلي؟، لا أستطيع أن أتنفس"، فقالت والدته مبتسمة "انه ما يزال مريضا يا "ماثيو"، يكفي هذا".

فتركه "ماثيو" فالتقط أنفاسه وقال "اذن أنت هو فعلاً، يبدوا أنني سافرت في الزمن فعلا، انني اتذكرك وأنت تبدو كغصن شجرة ولكن ما هذا بحق الـ...."، فجلس على السرير فانخفض السرير كثيرا ثم قال متعجبا "هل فقدت الذاكرة فعلا؟!"، فقال "نوا" "نعم، أو أنا لا أتذكر أي شيء بعد 17"، فسكت لبرهة ثم نظر إلى والدته وقال "حقا؟!، هو لا يتذكر ما حدث ذاك اليوم؟"، فاومأت برأسها ثم قالت "دعنا لا نتحدث عن هذا"، فسكت لبرهة ثم قال "حسنا، فهمت" ثم نظر اليه وقال "أنت لا تتذكر أي شيء فعلته بعد السابعة عشر؟".

قال "نعم"، فقال مبتسما "هذه معجزة حقا؟!، حمدا لله"، تعجب الطبيب وقال في نفسه "هو أيضا؟!!، لماذا الجميع سعيدون بفقدانه الذاكرة؟!، أي نوع من الأشخاص كان هذا الشاب؟، وماذا فعل ليجعلهم بهذا الحال؟!!........، من الأفضل ألا أسأل"، ثم قال "سيدة "ديبارا" "هناك بعض الفحوصات اليومية التي يجب أن نقوم بها لنطمئن على صحتة السيد "نوا"، لذا هل يمكنكما الانتظار بالخارج، وما حدث الآن جعلني أطمئن قليلا لأنه رأى أحدا من المستقبل وتقبل الأمر بشكل جيد لهذا يمكنني أن أقوم باستثناء وأجعله يغادر معك ".

ابتسمت والدته ثم وقفت وقالت "شكرا لك" ثم خرجت هي و"ماثيو" برفقتها، ثم قال الطبيب مبتسما لـ "نوا" "سوف اذهب لاحضار الممرضة لتقوم بالفحوصات، هل أنت مستعد للمغادرة؟ لقد جلست معنا افترة طويلة، سنفتقدك"، فابتسم "نوا" وقال "شكرا، لهتمامكم بي كل تلك الفترة"، فابتسم الطبيب ثم خرج من الغرفة...

عم الصمت الغرفة وظل "نوا" يفكر فيما يحدث....

""نوا"، انقذني"

ارتبك "نوا" ونظر حوله متعجبا وقال منزعجا "هذا الصوت من جديد، من الذي يتكلم؟"،

""نوا"، أنا أتألم بشدة، ساعدني أرجوك"

.أمسك "نوا" رأسه بقوة وبدأت تتشكل في ذهنه صورة تلك الفتاة التي رأها من قبل، ولكن هذه المرة كانت مكبلة بالسلسة ومغطاة بالدماء وهي "تقول "نوا" ساعدني" مرار وتكرارا.

سد "نوا" أذنيه وبدأ يصرغ بصوت مرتفع " ساعدوني " ، فأسرعت والدته و"ماثيو" الى الغرفة وتغير وجهها وركضت اليه وعانقته بقوة وهي تبكي وتقول ""ماثيو" نادي أحد الأطباء بصرعة"، فاسرع "ماثيو" الى الخارج وأحضر احد الأطباء فأعطاه مخدرا ليتوقف عن الصراخ ثم بعدها بدقائق هدأ "نوا" وغط في نوم عميق.....

2017/07/05 · 486 مشاهدة · 912 كلمة
Blazing_heart
نادي الروايات - 2024