الفصل الثالث

المملكة الكبرى "أدنس"، العاصمة "واتبرا"، داخل قصر عائلة "ديبارا".....

قالت أحد الخادمات لصديقاتها "هل سمعتن هذا؟! السيد "نوا" سوف يعود الى القصر اليوم!"، فردت عليها أحداهن منزعجة "نعم، يستحيل ألا نسمع عن هذا فكل من في القصر يتكلم عن هذا الآن، لقد كانت خمس سنوات من الهدوء كنت أتمنى ألا يستيقظ أبدا، أو يموت في ذاك الحادث ولكن للأسف".

قالت أخرى "أخفضي صوتك، ان سمعك أحد من العائلة فسنكون في مشكلة"، فابتسمت ساخرة وقالت "كأنني وحدي من يشعر بهذا، جميع من في هذا المكان يكره ذاك الشيطان، ألا تتذكرن ما فعل؟!، هذا الفتى هو مجرد وحش لا يمكن ترويضه".

فردت عليها احداهن "معك حق، ولكن يبدو أن حالته لم تتحسن بالكامل فقد سمعت أنه فقد الوعي أكثر من عشر مرات بعد أن استيقظ"، فقالت أحداهن متعجبة "عشر مرات؟!"، فقالت "نعم، يقولون أنه يكون في حالة جيدة ثم يبدأ بالصراخ ويفقد الوعي، ولا أحد يدري لماذا؟".

فقال أحدهن "هذا من شر أفعاله، هو يستحق أكثر من هذا في وجهة نظري، على كل حال، هذا لا يغير حقيقة أنه علينا أن نبتسم في وجهه عندما نراه كما كنا نفعل من قبل، وتمنى أن تنتهي حياته بسرعة لكي يريح والدته المسكينة تلك".

"ما الذي تتحدثن عنه؟!".

التفت الخادمات لذلك الصوت المألوف، فوجدنه كما يتوقعن الأبنة الصغرى لعائلة "ديبارا" (أخت "نوا" الصغرى)، امرة شقراء جميلة، فندهشن منها وقلت "سـ.. سيدة "ماندليين"، منذ متى وأنت هنا؟"، فقالت مبتسمة "منذ دقيتان وخمس عشرة ثانية بالظبط"، فقالت أحداهن مرتبكة "هل سمعت ما قلنا؟"، فقالت مبتسمة "نعم، كل كلمة، وأتوقع رحيلكن غدا "، فسكت الطرفان لفترة ثم قالت أحدى الخادمات حانية رأسها بحزن "كما ترين يا سيدتي"، فابتسمت وقالت "تعلمن أنني أكره أن يتكلم أحد على أخي الأكبر بسوء أكثر من أي شيء، .....قبل أن تغادرن قمن بتنظيف غرفتي فهي لم تنظف منذ ساعة وأنا لا أطيق الجلوس فيها" ثم التفت وسارت مبتعدة...

بعد أن ذهبت، قالت أحدى الخادمات بغضب "لقد أخبرتكن ألا ترفعن أصواتكن أيها الحمقى، نحن الأن لم يعد لدينا وظيفة، تبا لهذا"، فقالت أحداهن مبتسمة "لا تقلقي فالسيدة "ديبارا" لن تسمح بطردنا فهي ألطف أمرة في العالم، أنا سأكلمها فيـ" فقاطعتها وقالت "لا تحاولي حتى، هي ستسامحنا على أي شيء الا هذا، تقبلي الأمر لقد انتهى أمرنا"....

في المساء انتطلقت سيارة فخمة من المشفى تحمل "نوا" ووالدته والسائق ومتجهة الى القصر، قال "نوا" متعجبا "لقد تطورة السيارات بشكل لا يصدق، والأجهزة التي كانت في المشفى أيضا، الأمر وكأنني سافرت في الزمن حقا"، فابتسمت والدته وقالت "أنت لم ترى شيئا بعد، عندما نذهب الي القصر سترى أشياء لن تتخيلها حتى"، فقال "مبتسما "حقا، أنا أتشوق لهذا"، فنظرت اليه وابتسمت وبدأت عيناها تدمع، فنظر اليها مستغربا وقال "أمي؟!، هل هناك خطب ما؟"، فمسحت دموعها بسرعة وقالت مبتسمة "لا، أنا بخير"، فقال "لا، حقا، هل قلت شيئا خاطئا؟"، فابتسمت وقالت "لا بالطبع، أنا فقط....، سعيدة أنك استيقظت"، فابتسم وقال "و أنا سعيد أيضا"، فنظرت اليه ثن بدأت تبكي من جديد، فقال لها "ماذا الأن؟ ماذا حدث؟"، فقالت وهي تبكي "أنا فقط سعيدة للغاية أنا لم أتكلم معك هكذا منذ فترة طويلة، أنا حقا سعيدة أنا لا استطيع أن أكف عن البكاء".

ابتسم ثم وضع يده على كتفها وقال "حسنا، ولكن لا تبكي مجددا، أنا أكره ان اراكي تبكين".

اختلس السائق نظرة اليهما وقال في نفسه "هل أنا أحلم؟!!!، هل هذا هو السيد "نوا" حقا؟!!، ما الذي حدث له بحق ال......، وهل هو يبتسم؟!!، هذه أول مرة أراه يبتسم؟!! أنا لم أره يبتسم طوال فترة عملي هنا كما اتذكر، ما الذي يحدث؟!!!".

قال السائق مبتسما "يبدو أن السيد "نوا" في مزاج جيد اليوم؟"، فانتبه الاثنان له وقالت والدة "نوا" مبتسمة "نعم، هو كذلك"، ثم قالت ""نوا" هل تتذكر العم "كارل"؟"، فقال "لا"، فقالت "هو يعمل لدينا منذ أكثر من عشر سنوات، وأنا أعتبره فردا من العائلة"، فابتسم السائق وقال "شكرا لك يا سيدتي، أنت لطيفة كالعادة ولكن ....، "سيد "نوا" كيف لا تتذكرني؟"، فقالت والدته "لقد تضررت ذاكرته قليلا من الحادث، لهذا لا تكثر الأسالة من فضلك"، قال "هكذا اذن، حسنا أتمنى أن تشفى بالكامل يا سيدي"، فقال "شكرا وأعتذر أنني لا أتذكرك يا عم".

فنظر اليه مستغربا وقال في نفسه "يستجيل أن يكون هذا هو السيد "نوا"!!!، هل شكرني الأن؟!، لقد تغيرت شخصيته بالكامل، هل النوم لخمس سنوات يمكن أن يفعل هذا؟، ولكن....، هذا رائع".

بعد فترة قصيرة وصلت السيارة الى القصر، نزل "نوا" ووالدته من السيارة أمام الباب وقالت "شكرا لك يا "كارل" يمكنك أن تعود الى منزلك الأن"، فقال مبتسما "حسنا"، ثم قال لـ "نوا" "أنا سعيد حقا بعودتك يا سيدي، وأنا أسعد بما عدت عليه"، فقال "شكرا يا عم، وشكرا على أنك أوصلتنا، أراك لاحقا"، ثم اتجه الاثنان للمدخل...

قال "نوا" وهو يسير "أمي؟!"، فانتبهت له وقالت "ماذا يا ولدي؟"، قال "ماذا بـ "عدت عليه"؟، و"ماثيو" أيضا كان يتصرف معي بغرابة عندما كنا في المشفى، ما الذي حدث في الوقت الذي فقدته من ذاكرتي؟ ".

توقفت والدته عن السير ثم استدارت نحوه وأمسكت كتفيه بكلتا يديها وقالت ""نوا" عدني ألا تسألني هذا السؤال مجددا"، فقال "ماذا؟ لماذا؟ من حقي أن أعلم"، فقالت مبتسمة "لم يحدث شيء، أنا لا أتذكر أي شيء حدث خلال تلك السنوات، يبدو أنني فقدت الذاكرة مثلك".

فسكت وهو ينظر اليها، فقالت "عدني ألا تسأل مجددا"، فقال "أعدك"، فابتسمت وقالت "شكرا، الأن لندخل ونحتفل".

طرقت والدته الباب، ففتح الباب وأمامه صفان من الخدم واقفين مبتسمين يحيون "نوا" ويهنؤون والدته، ثم في النهاية تقف اخته "مندليين" مبتسمة ثم ركضت وعانقته وقالت "أخيرا لقد عدت يا أخي"، فقال "مندهشا" "هل هذه أنت يا "ماندي"، لا يصدق، لقد أصبحت امرأة جميلة، من كان ليصدق، أولا "ماثيو" ثم أنت، لماذا أنا هو الوحيد الذي لم يتغير شكله".

فتركته وتراجعت وقالت مستغربة ""ماندي""؟!، هذا هو الاسم الذي كنت تناديني به وأنا صغيرة"، فأمسكتها ولدتها وهمست لها "سأشرح لك هذا لا حقا"، ثم قامو بتناول العشاء وسط دهشة كل من في المنزل من شخصية "نوا" الجديدة التي لم يكن يتوقعها أحد ثم أحس بالارهاق فاصتحبته والدته الى غرفته لينام ثم عادت وشرحت لهم الموقف...

قالت أحد الخادمات مندهشة "لقد فقد الذاكرة؟!"، فقالت والدتها "ليس تماما، ولكن كل ما أريدكم أن تعرفوه هو أن "نوا" لم يعد نفس الشخص الذي تعرفونه جميعا، لقد عاد بالزمن لسن السابعة عشر، لذا هو فالغالب لن يتذكر أي منكم لذا لا تضغطوا عليه، هذا ما قاله الطبيب، هل كلمي واضح؟"، فقالو "نعم سيدتي".

قالت "حسنا، يمكنكم أن تعودوا لأعمالكم الأن" ثم التفتت لـ "ماندليين" الواقفة تنظر اليها بصمت وقالت "ماذا؟ لماذا لا تقولين شيئا؟"، فلم ترد لبرهة ثم قالت "أنا فقط لا أصدق، هل أنت كتأكدة أنها ليست واحدة من ألاعيبه، أنت تعلمين كم يحب أن يكذب"، فابتسمت وقالت "توقفي عن هذا، أنا أعلم أن هذا صعب تصديقه ولكن هذه هي الحقيقة" ثم أمسكت رأسها وبدأ جسمها يرتعش، فأمسكتها "ماندليين" وقالت "هل أنت بخير؟"، فابتسمت وقالت "نعم، ولكنني لم أنم منذ يومين، أنا لم أعد أستطيع أن أقف".

قالت "أنت لم تعودي الى المنزل منذ أن أفاق "نوا"، لابد أن تكوني متعبة" ثم قالمت بمناداة أحد الخادمات وقالت لها أن ترافقها لغرفتها، وظلت واقفة وحدها تفكر "اذن لقد فقدت الذاكرة حقا يا أخي......، ماذا يجب ان أفعل؟"، ثم التفتت وقالت مبتسمة ابتسامة خبيثة "سيكون هذا ممتعا"......



2017/07/08 · 347 مشاهدة · 1135 كلمة
Blazing_heart
نادي الروايات - 2024