الفصل 1:البحث عن الذات
استيقظ، لكنه لم يعرف ما اسمه. لا وجه في ذاكرته، ولا ماضٍ في داخله، فقط إحساس ثقيل بأنه "كان يجب ألا يكون هنا".
كان الجميع يملكون أسماء… إلا هو.
"أيها الغريب"، هكذا كانوا ينادونه.
لكنه لم يكن غريبًا عن نفسه… بل عن العالم بأكمله.
السماء كانت زرقاء بشكل مطمئن مزيف، والشمس تبتسم بهدوء لا يناسب أي عقل. الأشجار واقفة كأنها تعرف مكانها جيداً، بينما هو... لم يعرف حتى إن كان له مكان. كل شيء بدا طبيعيًا، حتى رأى الرجل يمسك بطفل ويمتص دمه كأنه يشرب ماءً بارداً في يوم قائظ.
لم يصرخ. لم يهرب. فقط نظر إلى يديه.
هل سيفعل مثلهم؟
هل سيبقى بلا اسم، بلا غاية، بلا ذات... إلى الأبد؟
كان يعلم شيئًا واحدًا فقط:
هذا العالم ليس كما يبدو.
ولا هو، كما كان استمر البطل في السير، وقد كانت قدماه تخطو في طريق ضبابي لا ينتهي. كل شيء حوله كان ساكنًا، لكن شيئًا ما في قلبه كان ينبض بالقلق. هو في هذا المكان منذ ساعات أم منذ أيام؟ لا أحد يعرف. أو ربما... لا أحد يهتم.
ثم، في لحظة غريبة، شعر بشيء يراقبه. لم يكن الصوت هو ما جذب انتباهه أولاً، بل كان ذلك الإحساس الحارق في رأسه، كأن أحدًا قد اقترب منه ليتنفس على عنقه. تردد قليلاً، ثم التفت.
شخصية غريبة كانت تقف في الظلال، متلثمة الوجه، تنبعث منها هالة من الغموض. كان شعرها أسود طويلًا، وعينيها تلمعان كما لو كانت ترى ما وراء الظلام. تقدمت نحوه بخطوات هادئة، لكن البطل شعر وكأن الأرض تهتز تحت قدميه.
"أنت هنا... أخيرًا."
أجاب البطل بصوت ضعيف: "من أنت؟"
ابتسمت الشخصية الغامضة ابتسامة خافتة، وحركت يديها في الهواء كما لو كانت تتلاعب بحقائق الكون نفسه. "اسمي ليس مهمًا الآن. ولكنك... أنت. أنت بحاجة لفهم شيء قبل أن تستطيع المضي قدمًا."
"ماذا تفعل هنا؟ وما هذا المكان؟" سأل البطل، وهو يضغط على عقله ليجمع بعض الأفكار.
الظل، أو الشخص، تقدم خطوة أخرى، ثم قال: "هذا المكان ليس مكانًا... هذا هو مكان بين الأماكن. وكل شيء هنا هو مجرد انعكاس لذاتك. والآن، حان الوقت لأن تعرف من أنت."
ابتسم البطل بسخرية: "أنا لا أعرف من أكون حتى، كيف يمكنني معرفة من أنا هنا؟"
"ستكتشف ذلك... ولكن فقط إذا كنت مستعدًا للقبول بالحقيقة. هذا العالم، كما تراه، لا يتبع المنطق. إنه يتركك تفقد نفسك، إلى أن تقبل بأنك جزء من الفوضى. أنت هنا لأنك عالق بين شيء... بين من كنت، ومن ستصبح."
ثم، في حركة مفاجئة، رفعت الشخص الغامض يديها في الهواء وفتح الباب الذي لم يكن موجودًا من قبل، وكأنه لم يكن سوى خيال. كان الباب يشع بألوان غريبة، تعكس مشاهد متغيرة بسرعة؛ مدن تتحطم، أشخاص يسقطون، ومخلوقات ترفرف في السماء.
"عبر هذا الباب... ستجد الجواب." قالت الشخصية، وعيناها تتسعان بشكل غريب.
ولكن البطل تردد، شعر بشيء غريب في قلبه، وكأن العقبة أمامه كانت أكبر من مجرد باب. ربما كانت الحقيقة أكبر مما يمكنه تحمله.
هل يثق في هذا الكائن الغريب؟ أم سيظل يبحث عن نفسه في هذا العالم الذي لا منطق له؟
"افعلها، أو ستظل غريبًا... للأبد."
في تلك اللحظة، شعر بشيء غريب يتنقل في جسده، كأنه تحول طفيف ولكن قوي. قد يكون هذا هو الفهم الأول... أو بداية تحول لا يمكن التراجع عنه.
أخذ نفسًا عميقًا، وقرر المضي قدمًا.
رض أن يكون.