41 - طقوس الحاكم المفقود

فصل 41 : طقوس الحاكم المفقود

ارتكز غريب على سيفه المهترئ، متعبًا، بينما توجه نحو تابوت حديدي في زاوية الغرفة الغامضة. كانت كلمات ظلّ أسود تتردد في رأسه، همسات تشبه طنينًا لا يتوقف.

تمتم غريب بصوت خافت: "ماذا كان يقصد بالحاكم...؟ عوالم سبعة؟ ما هذا الجنون؟ كم من الألغاز دون أجوبة؟"

مدّ يده المرتجفة نحو التابوت، فوجد داخله كتابًا جلديًا يبدو وكأنه ينبض بالحياة، كما لو كان قلب كائن حي. حين أمسكه، تسارع نبضه فجأة، وكأن الكتاب يتفاعل مع حضوره.

بدأ غريب بتصفح الصفحات بحذر. كانت كل صفحة مليئة برموز ورسوم غريبة، بدت كأنها تتحدث إليه مباشرة، تنبش في ذاكرته المختومة. لم يجد إجابات، بل طقوسًا محظورة لا تمتّ للإنسانية بصلة.

لكن شيئًا واحدًا لفت انتباهه: كل طقس كان موجَّهًا إلى شخص محدد.

الطقس الأول كان مكرّسًا لـ "سيد الصمت، مالك الألسنة". يتطلب طقسه من الكهنة أن يقطعوا ألسنتهم ويضعوها في أوعية حجرية أمام تمثال الحاكم.

> "لا حاجة للكلام عندما ينطق الحاكم."

الطقس الثاني خُصِّص لـ "المقدّس رازاكال الأول". يُجبَر أتباعه على الصراخ باسم الحاكم في صحراء أو كهف مهجور حتى تنزف حناجرهم.

> "لُيطمس صوتك القديم وتُولد كعبد جديد."

أما الثالث، فكان تابعًا لـ "الكاهن الملك زاهوريم"، ويقتضي أن يُذبح عبدٌ كل قمر جديد، ويُكتب بدمه نبوءة جديدة تمجّد الحاكم.

> "يُكتب المجد بالدم... لا بالكلمات."

تجمد غريب عند قراءة هذه الطقوس الوحشية. من هو هذا الحاكم الذي يمارس عليه كل هذا الولاء المطلق؟ هل هو مجرد أسطورة؟ أم حقيقة طُمست تحت ركام الزمن؟

قلب غريب الصفحة التالية، فوجد شيئًا جعله يتوقف عن التنفس.

كانت هناك صورة شبه مكتملة... تشبهه. وتحتها، كلمات محذوفة ومشوشة، لكنها كافية لتُحدث زلزالًا في روحه:

> "ذاك هو الحاكم المفقود،

سيد الفوضى المنبوذ،

خادم النقاء الأول،

قاتل الظلم، وكاسر الأختام...

لقد اختار طوعًا أن يعود حين..."

"...سيحمل الخراب في عينيه، والعدل في..."

لم يستطع غريب إكمال القراءة. الكلمات اختفت من فمه، كأنها سُرقت.

فجأة، بدأ المكان ينهار. جدران الواقع تلاشت، وسقط غريب في فراغ أسود لا قرار له...

---

...

فتح عينيه ببطء.

كان مستلقيًا على سرير داخل غرفة مألوفة، وسيليرا تجلس بجانبه، بينما وقف نورثان عند الباب، ينظر إليه بقلق.

قالت سيليرا بصوت خافت: "هل أنت بخير؟ لقد فقدت وعيك منذ قتال الوحش في مجالي... أسبوعٌ كامل، كنت تهذي بكلمات غير مفهومة."

جلس نورثان بالقرب منه، وقال: "أخبرني بكل شيء... بالتفصيل."

بدأ غريب يسرد ما رآه، متحدثًا عن الكتاب والطقوس، حتى وصل إلى الجزء الذي قرأ فيه وصف الحاكم.

"ثم... وجدت صورة... تشبهني. كانت بجانبها كلمات تقول: ذاك هو الحاكم المفقود، سيد الفوضى المنبوذ، قاتل الظلم، وكاسر الأختام... لقد اختار طوعًا….أن يعود حين تفسد... وسيحمل الخراب في عينيه، والعدل في..."

لكنه لم يستطع إكمالها، تمامًا كما حدث في المرة الأولى.

وقف نورثان فجأة، ملامحه غدت حادة وجدية: "سأتحدث إلى شظايا الأزل بنفسي. لكن الآن، ارتح. غدًا... سأعيد إليك القوة التي خُتمت بداخلك، وسنوسّع وعيك من جديد."

2025/06/05 · 4 مشاهدة · 454 كلمة
Amen
نادي الروايات - 2025