الفصل المائة والسابع والثلاثون: خشب الروح ودم السيف
____________________________________________
لمح سيد سيف العشب والخشب نظرة فانغ يون، فقال بوجه متصلب يفيض بالعناد: "إن كنت تريد القتال، فليكن. الموت أهون عندي من الخضوع!"
لم يعره فانغ يون اهتمامًا، فقد بات الآن قادرًا على التحكم به كيفما شاء، ولم يكن الأمر سوى مسألة كيفية فرض تلك السيطرة. كان فانغ يون في تلك اللحظة يتأمل في كلمات النظام، مستشعرًا أنها تحمل في طياتها معلومات جمة، ويبدو أنها تمس سرًا عظيمًا.
[دينغ، إن الخشب شيء جيد حقًا. يستطيع المضيف أخذ القليل منه، ولكن لا تفرط في ذلك، وإلا سيعثر عليك الدم.]
استوعب فانغ يون الرسالة في قرارة نفسه، وشكّل حكمًا مبدئيًا على الموقف. ثم التفت إلى سيد سيف العشب والخشب قائلًا: "لقد قلت كلمتك، وأنا أوافق عليها."
في الحال، علت الدهشة وجه سيد السيف! ثم تساءل بحذر شديد: "هل أنت عند وعدك حقًا؟!"
قهقه فانغ يون باستهزاء: "أنا دائمًا عند وعدي، ولكن هل تملك أنت القوة التي تخولك مساءلتي؟"
"أنت!" استشاط سيد السيف غضبًا، لكنه سرعان ما كظم غيظه. فرغم أن الكلمات كانت تثير حنقه، إلا أنها كانت الحقيقة بعينها.
"حسنًا! سيصدقك سيد السيف هذه المرة. فإن تجرأت على نكث وعدك، فلن أتردد في أن أموت معك!"
قال سيد السيف كلماته القاسية تلك، ثم جلس متربعًا على الأرض. وما إن قام بتفعيل قوة مصدره، حتى بدأت قطعة الخشب الكامنة في جسده بالظهور تدريجيًا!
استخدم سيد السيف أصابعه كأنها نصل حاد، وشرع يقطع طرف قطعة الخشب. وفي لحظة، دوت في أرجاء الكهف صرخات مروعة تشبه عواء الأشباح والذئاب!
لم يسبق لسيد سيف العشب والخشب أن قطع ذلك الخشب بنفسه، فقد كان ذلك الشيخ الغامض هو الوحيد الذي أقدم على فعلتها من قبل! وكان الشيخ يتميز بسرعة خاطفة، فلا يدوم الألم سوى للحظة عابرة.
ولهذا ظن سيد السيف أن الأمر يسير، وأن كل ما عليه هو أن يتحمل قليلًا وسيمضي. لكنه لم يدرك الحقيقة المرة إلا في تلك اللحظة التي بدأ فيها بقطع الخشب بنفسه، ليكتشف أن صلابته تفوق كل تصور! لم يكن القطع بطيئًا فحسب، بل كان الألم الذي يخترق روحه عميقًا لا يطاق، لأنه هو من يمزق نفسه بنفسه.
وقف فانغ يون مذهولًا وهو يراقب المشهد. كان سيد السيف في الجهة المقابلة يصرخ بينما يقطع جزءًا من كيانه، يتصبب عرقًا ويرتجف بعنف، وكأنه يمر بعذاب لا يمكن لبشري أن يحتمله.
'حثالة، مجرد حثالة أخرى لا تقوى حتى على تحمل الألم!' فكر فانغ يون باحتقار. وبينما كان ينظر إلى هيئة سيد السيف البائسة التي لا تطاق، تمنى لو أنه يقطع نفسه أمامه! ليريه ما هو الرجل الحقيقي الذي لا يخشى الألم!
استمر العويل لأكثر من عشرة أنفاس، لكنها بدت كأنها نصف قرن من العذاب. وحين تمكن سيد السيف أخيرًا من فصل قطعة الخشب الصغيرة، انهار جسده على الأرض في الحال!
"خذها!" قال سيد السيف وهو يرتجف، ثم قدم قطعة الخشب. كانت عيناه تفيضان بتصميم قاطع وعزيمة لا تلين! لقد دفع ثمنًا باهظًا هذه المرة! فإن تجرأ الطرف الآخر على نكث وعده، فلن يتردد أبدًا في المخاطرة بحياته وخوض معركة حتى الموت!
انطلقت قطعة الخشب في الهواء، فالتقطها فانغ يون بيده. وفي اللحظة التي لامست فيها كفه، شعر على الفور بقوة حياة لا نهائية تتدفق منها! كانت تلك الحيوية غنية كالمحيط، حتى إن روح فانغ يون نفسها ارتجفت من فرط الدفء والراحة التي غمرتها!
'اللعنة!' صُدم فانغ يون تمامًا!
[دينغ، إن ابتلع المضيف نصفها وصقلها في جسده، فسيتمكن من تكوين جسد خشبي سماوي والحصول على أفضل جذر روحي خشبي.]
دوى صوت النظام، ليهتز عقل فانغ يون مرة أخرى من وقع المفاجأة! قطعة خشب قادرة على خلق جذر روحي جسدي للمتدرب، أي شيء مذهل هذا!
إن الجذر الروحي لكل كائن حي يولد معه، وهو قدر محتوم منذ الولادة. ورغم وجود بعض الكنوز في عالم الخلود التي يمكنها تحسين مؤهلات الجذور الروحية، إلا أنها تتضاءل تمامًا أمام قطعة الخشب هذه التي تخلق أفضل جذر روحي خشبي من العدم.
وهذا مجرد جزء ضئيل منها! غمرت الفرحة فانغ يون وهو يخبئ قطعة الخشب بعناية. ثم حدق في سيد سيف العشب والخشب وقال بابتسامة: "لا تقلق، أنا رجل طيب، وسمعتي تسبقني في هذا الأمر." وأضاف: "فكل من قابلني لم يذمني قط."
'اللعنة عليك!' سبّ سيد السيف في قلبه عند سماع ذلك! ولكنه حين رأى أن الرجال الملثمين المحيطين به لا يبدون أي نية للقتل حقًا، ارتاحت أعصابه قليلًا.
استراح سيد السيف لبرهة، ثم نهض وحفز الخشب والدم على الظهور مرة أخرى، وقال: "هيا، انظر بنفسك!"
بعد أن أنهى كلامه، استند بضعف على جدار الصخر ثم استسلم تمامًا للأمر. 'افعلوا ما يحلو لكم! تباً! تباً لكم!' لعن سيد السيف في قلبه، وفي اللحظة التالية أغلق عينيه ببساطة، سامحًا للآخرين بإهانته كما يشاؤون.
في هذه الأثناء، جلس فانغ يون ومجموعة الرجال الملثمين في صفوف متراصة حول سيد السيف، مشكلين ثلاث حلقات تحيط به، وكانت كل العيون شاخصة نحو قطرة الدم تلك!
في البداية، لم يظهر شيء غير عادي. ولكن مع تعمق فهمه، رأى فانغ يون في لحظة خاطفة هيئة مهيمنة وجليلة تتجسد أمامه مرة أخرى! كانت تشبه إلهًا أسمى يمسك بسيف يشق به السماء، ويدمر به الفوضى الأبدية!
انبعث ضغط مرعب ونية سيف شرسة، ليصاب مستنسَخ فانغ يون في لمح البصر! ظهرت على جسده علامات سيوف غامضة، وأخذت تزداد عمقًا شيئًا فشيئًا، حتى كادت تصل إلى العظم!
تفاجأ فانغ يون، بل صُدم! ذلك أن جسده الأصلي ومستنسَخاته يمتلكون قدرة شفاء هائلة، ورغم ذلك، وجد صعوبة بالغة في التئام علامات السيف التي ظهرت على جسده في هذه اللحظة! كان الأمر أشبه بجرح طاوي لا يندمل! لحسن الحظ، ورغم إصابته، فإن مستنسَخاته لا تشعر بالألم!
تقيأ المستنسَخون الدماء تباعًا، بينما انتشرت شقوق السيف في كل أنحاء أجسادهم! كان صوت التكسر والطقطقة يتردد بلا انقطاع! بدت أجساد الرجال الملثمين كأوانٍ خزفية على وشك التشقق والتهشم في أي لحظة!
أثار الصوت فزع سيد سيف العشب والخشب. فتح عينيه بفضول، وفي اللحظة التالية، شهد منظرًا تقشعر له الأبدان!
كان أمامه مئات الرجال الملثمين، جميعهم مضرّجون بالدماء، وتغطي أجسادهم جراح السيوف، ويبدون على وشك الانهيار في أي لحظة! لكن العيون التي كانت تظهر من تحت أقنعتهم ظلت مركزة ومتعصبة! بل إن ابتسامة ازدراء كانت ترتسم على زوايا شفاههم.
امتزجت هيئتهم المأساوية بنظراتهم الباردة والمحتقرة، لترسم مشهدًا غريبًا ومريبًا!
"آه!" ارتعب سيد السيف وتحرك جسده لا إراديًا.
فقال أحد الرجال المضرّجين بالدماء ببرود: "لا تتحرك."
تجمد جسد سيد السيف فجأة. 'تبًا، هؤلاء وحوش! إنهم مجموعة من الوحوش!' ارتعد سيد السيف خوفًا، وأغمض عينيه، وعاد ليمثل دور العاجز المستسلم مرة أخرى.