رواية الممالك السبعة

الفصل 4 : موقف لا يحسد عليه

" عم أكيوشي آسف لقد تأخرت عليك "

تحدث روماف بصوت عالٍ وهو يجري نحو أكيوشي وسط نظرات الطلاب المتجهة نحوه ..

" ماذا كانت السيدة تيشو تريد منك ؟ "

سأل أكيوشي مستغربا من الأمر ..

" لا لا تقلق أيها العم كانت محادثة بسيطة ليس فيها الكثير .. "

" روماف انتظر أريد أن أخبرك بشيء قد قررته الآن "

نادت السيدة تيشو على روماف ، نظر إليها منتظرا وصولها وهو يتساءل عن ماهية القرار التي اتخدته ..

" روماف أنا أقدم لك عرضا بالانضمام لمدرسة السحر ويمكنك قراءة ما تهوى من الكتب حتى تمل .. ولكن ستبدأ من الصفر فإن كنت تريد الالتحاق بهم فيجب أن تثبت نفسك لمعلميك ليطلبوا طلب بترقيتك لهم "

أخبرته تيشو بقرارها مبتسمة في وجهه وسط ذهول من أكيوشي وروماف ، ولكن سرعان ما تتحول ملامحه لابتسامة مليئة بالأمل والسعادة وعينيه أصبحت براقة ..

" بكل سرور أوافق .. آه لكن يجب على العم أكيوشي أن يوافق طالما هو من يرعاني "

رد بحماس ولكن هدأ بسرعة بسبب تذكره أن أكيوشي من يرعاه ويجب أخذ موافقته في البداية ، وفجأة يبتسم أكيوشي ابتسامة خفيفة مغمضا عينيه وناظرا للأسفل ..

" لا مشكلة يا روماف لن أعترض فمدرسة السحر هي أولى خطواتك تجاه تحقيق حلمك "

رد أكيوشي بدون تفكير .. وبرده هذا امتلأ وجه روماف بالسعادة الغامرة وابتسم بشدة لدرجة إغلاق عينيه وأومئ بالإيجاب ..

" حسنا إذا فقد تقرر الأمر سأعلن عنه غدا وأنت موجود في الصباح يا روماف .. لا تتأخر في أول يوم دراسة لك "

وجهت تيشو حديثها لروماف بابتسامة بعد استقبال الموافقة ..

" تحت أمرك يا سيدتي "

رد روماف بوجه مبتسم ابتسامة تحدي ومتحمس لما سيأتي بعد هذا ، وقف الطلاب لا يفهمون ما يجري وما الحديث الدائر بين السيدة تيشو وروماف ..

" حسنا أرجو أن تسمحوا لي بأن أذهب للمكتبة لأقرأ بعض الكتب لأتعلم مهارات جديدة "

تكلم روماف بعد انتهاء حديثهم ويومئان كل من تيشو وأكيوشي بالموافقة ، فانطلق بعدها باتجاه المكتبة وتلاحظه أزامي فتذهب خلفه ، وصل روماف للمكتبة وبدأ برؤية الكتب وأخذ كتابا وجلس وبدأ يتفحصه ..

" إذا فأنت تجلس هنا للتعلم "

تفاجئ أزامي روماف فجأة بهذا الحديث فيظهر على الوجهه المفاجأة ..

" متى أتيتِ إلى هنا ؟!! "

سألها روماف باستغراب ، فتبتسم أزامي ..

" تبعتك من البداية لأني كنت فضولية عما ستفعله "

ردت أزامي على سؤال روماف بدون تردد ، تعجب روماف من إجابة أزامي لكنه ابتسم بعدها وبدأ يقرأ الكتاب ..

" معلمي هل يمكن أن تعلمني مافي الكتاب هذا؟ "

وجهت أزامي هذا السؤال لروماف وسط استغراب منه على وصفها له بـ"معلمي" ..

" متى أصبحت معلمك ؟ أنتي أكبر مني سنا كما أنني صغير ولست خبير بالسحر أكثر منكِ "

رد روماف على سؤال أزامي الغريب ، ابتسمت أزامي ابتسامة عريضة حتى أظهرت أسنانها وبعدها أوقفت الابتسامة وبدأت ترد عليه ..

" لقد أنهيت كتاب يعتبر أكثر كتاب كنا منزعجين منه لأنه كبير لأنه يجهزك في بداية الطريق كما أنك تعلمت استخدام السحر الذي فيه في أقل من يوم ونحن استغرقنا فترة طويلة حتى نتقنها جميعها "

عادت ملامح روماف الطبيعية بعد حديثها هذا ..

" حسنا سأعلمك معي ولكن لا أريد أن تخبري أحدا بهذا أو بمكان اطلاعي ، اتفقنا؟ "

تومئ أزامي بالموافقة وابتسامة عريضة تعلو وجهها ، بدأ روماف قراءته للكتاب وشرع في شرحه لأزامي وتفاجأت أنه ينظر للصفحة ولا يستغرق فيها سوى ثوانٍ قليلة ويقف ليطبق ما قرأه ..

( بهذه السرعة لن يستغرق أي كتاب وقتا في يده ، يا له من فتى مثير للإعجاب ! )

تنبهر أزامي بما تراه من روماف وفجأة يخبر أزامي أن تنتبه له ..

" لقد تعلمتم إتقان مهارة وتطبيقها ، وأن تستخدموا عنصر واحد لتطبيق هذه المهارة ولم يجرب أحد منكم أن يطبق عنصرين في مهارة واحدة صحيح؟ "

تومئ أزامي بالإيجاب ، فيكمل بعدها روماف ..

" حسنا .. توقعت هذا .. فهذا لا يتعلمه سوى المهاريون في السحر .. حيث أن دمج عنصرين في مهارة واحدة تحتاج إلى تركيز ومهارة جيدة كي لا يؤدي هذا إلى إبطال المهارة السحرية .. فإن من أساسيات السحر هو صفاء الذهن وركوده .. فإن تشتت عن طريق التفكير غير المنتظم لدمج عنصرين فهذا سيؤدي إلى الفشل المؤكد .. "

تعجب أزامي كثيرا بحديث روماف وفهمه لهذه الأمور

( هل هذا حقا الذي أمامي طفل صغير؟ أشعر أنه أكبر مني .. هذا حقا رائع .. إنه معجزة )

" يبدو الأمر حقا صعب ولا يمكن القيام به بسهولة لكن كيف تعرف عن هذا الأمر هل هو مكتوب هنا ؟ "

وجهت أزامي سؤالا لروماف وعليها تعابير التساؤل والفضول ..

" بالطبع لا .. هذا الكتاب لا يمكن أن يكون فيه هذا السحر المتقدم .. إن الأمر فقط أنه جاء في تفكيري وأنا أقرأ الكتاب وهو يتحدث عن العناصر وتسخيرها في السحر .. "

رد روماف عليها ونظراته تشعر أزامي أنه أستاذ في السحر ..

" إذا روماف هل يمكن أنك تستطيع فعلها في هذا العمر الصغير ؟ "

سألت أزامي روماف سؤالا غريبا مما فاجأه هذا ولكن تصبح تعابير وجهه مترددة وقلقة ..

" حسنا .. امممم لم أجربها من قبل لهذا أشك أني أستطيع فعلها في الوقت الحالي "

وهم يتحدثان دخل بوتان فجأة لينصدم بوجود أزامي وروماف أمامه ..

" هااااااااا؟ لماذا أنت هنا ؟!! ألم تذهب بعد ؟ "

صرخ بوتان في وجه روماف لكن لم يهتز روماف مجيبا له بهدوء ..

" من آداب المكتبة أن يظل صوتك منخفضا .. كما أنني هنا برضا السيدة تيشو لهذا لا أحد يملك الأحقية في التحكم في مكان إقامتي لهذا فلتكمل طريقك الذي كنت تسير فيه .. "

بعد سماع بوتان لحديث روماف اشتعل غضبا بداخله لدرجة أنه سينفجر ويحك أسنانه ببعضها ولكن تدخلت أزامي لتهدئ الوضع ..

" حسنا أعتقد أن هذا يكفي كلاكما .. الأمر لا يستحق كل هذا فلتهدؤوا لأن الأمر إن تطور أكثر من هذا فمن الممكن أن تعاقب بشدة وقد تصل للطرد من المدرسة يا بوتان .. "

حاول بوتان استجماع نفسه وهدأ بعد سماع حديث أزامي ووجه سؤالا لأزامي ..

" إذا لماذا أنتي هنا معه ؟ أعتقد أنه أصغر منكي سنا كيف تعجبين بفتى صغير .. "

لم يظهر على وجه أزامي أي تعابير تفاجؤ بعد سماعها لحديث بوتان وردت عليه ببرود ..

" نعم نعم الآن اذهب لا وقت لدي لمزاحك السخيف "

استغرب بوتان من إجابتها ولكن ذهب وتركهم دون إعطاء أي رد على حديثها ..

" هممم إذا لا أحد من الفتيان يعطيكي إهتماما لهذا أعجبتي بي .. لم أكن أعلم أن حالتك سيئة لهذه الدرجة"

نظرت أزامي لروماف بنظرة مستهجنة لحديثه ومنصدمة ..

" هل ستصدقه يا أيها الأحمق "

صرخت أزامي بعد حديث روماف فابتسم روماف بعدها ..

" حسنا حسنا لقد كنت أمزح فقط لا أكثر "

رد روماف عليها والابتسامة على وجهه ما جعل أزامي تتفاجأ لأنها شعرت أن ابتسامته هذه مختلفة عن غيرها

( في غرفة السيدة تيشو )

( روماف سيماف .. هذا الاسم إن وصل لهم ستكون النهاية .. سيرعبهم أكثر من أي شيء وسيحاولو دفنه بأي طريقة ممكنة .. لا يريدون أن يخرج أي أحد يحمل رائحة سيماف .. البطل الذي هدد وأتعب النظام القائم وهدده بالسقوط .. لم أخبره بكل قصتك يا سيدي .. كان يجب ألا أخبره بكل شيء الآن .. من الجيد أنه لم يسأل من حقن والده بهذه الحقنة المشؤومة .. لنترك الأمر للزمن فهو سيظهر كل شيء له .. )

تحدثت السيدة تيشو في نفسها وهي ممسكة بصورة لعائلة سيماف ..

( في المكتبة )

" لقد انتهينا أخيرا من هذا الكتاب "

تحدث روماف وهو يتنفس الصعداء بعد انهائه الكتاب مع أزامي ..

" لدي سؤال يا روماف .. هل هناك سحر يجعل الشخص يعود بسنه لسن معين ؟ "

سألته أزامي وهي مبتسمة في وجهه ..

" هممم أعتقد أن هناك مثل هذا السحر فقد سمعت عنه قبلا ولكن لم أره بعيني من قبل "

رد روماف عليها فتتحدث أزامي وهي مغلقة عينيها ومبتسمة ابتسامة عريضة ..

" هذا الأمر لا يعرفه سوى الصفوة من السحرة فكيف لك أن تعرفه يا روماف "

ارتبك روماف من حديثها الأخير ولم يستطع الإجابة ، وفجأة يتغير وجه أزامي اللطيف لوجه بارد وجاد ومخيف وتوجه لروماف سؤالا ..

" أنت لست من العامة .. ويبدو أنك تخفي هويتك .. لهذا فلتفصح لي عن هويتك .. من أنت بحق الجحيم؟!!"

توجه أزامي حديثها شديد اللهجة إلى روماف المتعرق والذي وضع في موقف لا يحسد عليه ..

يتبع ...